تفسير ست سور

تفسير ست سور0%

تفسير ست سور مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 481

تفسير ست سور

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله حبيب الله الشريف الكاشانيّ (قدس سره)
تصنيف: الصفحات: 481
المشاهدات: 52264
تحميل: 3540

توضيحات:

تفسير ست سور
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 52264 / تحميل: 3540
الحجم الحجم الحجم
تفسير ست سور

تفسير ست سور

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ومن أقلقه مهمّ معجز فليقل «يا الله ويا رحمن ويا رحيم» عقيب صلاة العصر من يوم الجمعة إلى الغروب، ثمّ يسجد ويطلب حوائجه من قاضيها.

وخواصّهما الظاهريّة أكثر من أن تحصى.

وأمّا الباطنيّة فكثيرة أيضا :

منها : أنّه لو أخذ عددهما بالبسط التزبيريّ مع ملاحظة الواو العطفيّ من دون بسط يطابق عددهما مع عدد «هو إله حليم ساتر العيب أوّاب».

ومنها : أنّه لو أخذ عدد «يا رحمن» يطابق عدد «يا ربّ حسيب حيّا» وهو مطابق مع عدد «سيّد معبود عليّ» ؛ فلو بسط العبارة الأولى بالبسط التكسيريّ المقلوبيّ يظهر في بعض السطور «بحر سحاب» ليدلّ على أنّ قطرات سحاب رحمته كالبحر، وفي بعضها «حيّ برّ سابح» ليدلّ على أنّه القائم بنفسه، الراحم بعباده، السابح السائر في سفائن بحور رحمته، وفي بعضها «يا حبيب يا حاسر»، وفي بعضها «يا سحيب بارّ حيّ»، وفي بعضها «يا حيّ حريّ».

ومنها : أنّه لو بسط «الرحيم» بالتزبيريّ ثمّ بالبخسيّ ثمّ بالتخلّصيّ ثمّ بالأوّل يظهر من بعض السطور «كاف لأهل فدا» إشارة إلى أنّ الرحمة الرحيميّة خاصّة بالمؤمنين الّذين يشرون أنفسهم وأموالهم ابتغاء وجه الله، مضافا إلى قوله تعالى :( أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ ) (١) .

ومنها : أنّ عدده مطابق مع «يا هو ويا سامع الدعاء».

ومنها : أنّ عدده موافق مع «يا هو جبّار مجيب».

ومنها : أنّه لو أخذ عدده الصغير يوافق عدد «جاد واحد ودود».

__________________

(١) الزمر : ٣٦.

٤١

المرصد الثاني : في كشف الحجاب عن معانيهما

فنقول : هما من الأوصاف المشبّهة، وفيهما معنى المبالغة، وهي في «الرحمن» أبلغ لكثرة مبانيه، وهي دالّة على كثرة المعاني على ما قاله الشيخ البهائيّ والقاضي البيضاويّ.

وبالجملة : هما مأخوذان من الرحم، ومنه يؤخذ الرّحم لمنبت الولد.

قال الكفعميّ في «المصباح» : الرحمة لغة رقّة القلب وانعطاف يقتضي التفضّل والإحسان، ومنه الرّحم لانعطافها على ما فيها.

ونقل عن المرتضى رحمه الله أنّه قال : ليست الرحمة عبارة عن رقّة القلب والشفقة، إنّما هي عبارة عن الفضل والإحسان والإنعام.

قال : فعلى هذا يكون إطلاق لفظ الرحمة عليه تعالى حقيقة، وعلى الأوّل مجازا.

ونقل عن أحمد بن فهد رحمه الله أنّه قال : إنّ رقيق القلب من الخلق يقال له رحيم، لكثرة وجود الرحمة منه بسبب الرقّة، وأقلّها الدعاء للمرحوم والتوجّع له، وليست في حقّه تعالى كذلك، بل معناها إيجاد النعمة للمرحوم وكشف البلوى عنه(١) .

أقول : الرحمة لها معان كثيرة على الاشتراك ؛ تختلف باختلاف المواضع :

فمنها : «النعمة» كما قال :( وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ) (٢) .

__________________

(١) مصباح الكفعميّ : ٣١٧.

(٢) الأنبياء : ١٠٧.

٤٢

ومنها : «الرزق» كما قال :( ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ ) (١) .

ومنها : «النفع» كما قال :( وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ ) (٢) .

ومنها : رقّة القلب، كما قال : «لن يرحموكم».

وبالجملة ؛ إطلاق الرحمة على «الله» بالمعاني الاول شائع، وبالمعنى الأخير غير ذائع، فالقول بأنّ إطلاق «الرحمن» على «الله» تعالى مجاز بلا حقيقة بعيد، والاشتراك يدفعه، فتأمّل.

فلذا قيل : هي ـ أي «الرحمة» ـ إذا استعملت في «الله» عبارة عن برّه وإحسانه، وفي العباد عبارة عن رقّة القلب.

فظهر أنّ إطلاق «الرحمة» على الحقّ ليس مجازا، لكن «الرحمن» اسم خاصّ به تعالى لا يطلق على غيره، لأنّه قائم مقام «الله» لقوله :( ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ ) (٣) فلذا قيل : «الرحمن» علم لا صفة. و «الرحيم» غير خاصّ به، لإطلاقه عليه وعلى غيره.

وبينهما فرق آخر وهو أنّ «الرحمة» الرحمانيّة عامّة وسعت كلّ شيء، وهي على ما قاله الطبرسيّ إنشاؤه إيّاه وخلقهم وإعطاء الوجود به و «الرحمة» الرحيميّة خاصّة بالمؤمنين، فلذا قال :( وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ) (٤) وهذا معنى ما روي من أنّ «الرحمن» اسم خاصّ بصفة عامّة

__________________

(١) الإسراء : ٢٨.

(٢) يونس : ٢١.

(٣) الإسراء : ١١٠.

(٤) الأحزاب : ٤٣.

٤٣

«والرحيم» اسم عامّ بصفة خاصّة(١) .

وفي المجمع عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّ لله عزّ وجلّ مائة رحمة، وإنّه أنزل منها واحدة إلى الأرض فقسّمها بين خلقه ؛ بها يتعاطفون ويتراحمون، وأذخر تسعا وتسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة(٢) .

وفيه أيضا : إنّ الله قابض هذه إلى تلك فيكملها مائة يرحم بها عباده يوم القيامة.

والأخبار في وفور رحمته الرحيميّة لعباده ؛ سيّما لامّة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم في الدنيا والآخرة كثيرة متواترة.

فائدتان :

الاولى : قال العلّامة الطبرسيّ في مجمع البيان : إنّما قدّم «الرحمن» على «الرحيم» لأنّ «الرحمن» بمنزلة الاسم العلم بحيث لا يوصف به إلّا الله.

أقول : وتقديم «الرحمن» على «الرحيم» إنّما هو لعموم فيه، وفي قوله : «سبقت رحمته غضبه » دلالة عليه ؛ إذا الرحمة الرحيميّة للمؤمنين عذاب وغضب للكافرين، وما قيل من أنّ الرحمة الرحمانيّة إنّما هي في الدنيا والرحيميّة في الاخرى، فلذا قدّم «الرحمن» على «الرحيم» لتقدّم الاولى على الثانية ليس بوجيه، لما قاله الطبرسيّ من أنّ وجه خصوص «الرحيم» بالمؤمنين هو ما فعله بهم في الدنيا من التوفيق، وفي الآخرة من الجنّة

__________________

(١) مصباح الكفعميّ : ٣١٧، المقام الأسنى : ٢٩.

(٢) الصراط المستقيم ٣ : ٦٩، الطرائف ٢ : ٣٢٢، نهج الحقّ : ٣٧٤.

٤٤

والإكرام وغفران الذنوب والآثام.

فظهر من كلامه رحمه الله أنّ الرحمة الرحيميّة ليست خاصّة بالآخرة، إلّا أن يقال إنّ ما يصدف المؤمن في الدنيا من النعم المتواترة هو بالرحمة الرحمانيّة، وإلّا يلزم تخصيص تلك الرحمة بالكفّار، وهو بعيد.

الثانية : نقل الكفعميّ في «المصباح» و «الرسالة الواضحة» عن السيّد المرتضى رحمه الله أنّ «الرحمن» يشترك فيه اللغة العربيّة والعبرانيّة والسريانيّة، و «الرحيم» مختصّ بالعربيّة(١) .

أقول : ولفظ الجلالة أيضا يشترك فيه العربيّة والسريانيّة، وقال بعض : هو سريانيّ معرّب.

قال الطبرسيّ رحمه الله : وما حكي عن تغلب أنّ لفظة «الرحمن» ليست بعربيّة، وإنّما هي ببعض اللغات مستدلّا بقوله تعالى :( وَمَا الرَّحْمنُ ) (٢) إنكارا منهم لهذا الاسم، فليس بصحيح، لأنّ هذه اللفظة مشهورة عند العرب، موجودة في أشعارها.

أقول : وجه عدم الصحّة إنّما هو نفي المسمّى وإنكاره لا الاسم. فليتأمّل.

خاتمة :

قالت الصوفيّة: العبد مكلّف بالتخلّق بمقتضى مفهوم اسمه، لأنّ الأسماء تنزل من السماء، فمن كان اسمه «عبد الله» ينبغي عليه أن يتخلّق بجميع الصفات الكماليّة حتّى يتجلّى الله فيه بجميع أسمائه وصفاته. قال

__________________

(١) مصباح الكفعميّ : ٣١٧.

(٢) الفرقان : ٦٠.

٤٥

صلّى الله عليه وآله وسلّم : خير الأسماء «عبد الله» و «عبد الرحمن»(١) . وقال الله تعالى :( لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ ) (٢) ويؤيّده :( وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى ) (٣) .

مظهر اسم أعظم است آن شاه

بحقيقت يكى است عبد الله

ومن كان اسمه «عبد الرحمن» ينبغي عليه أن يتخلّق بالرحمة الواسعة، ومن كان اسمه «عبد الرحيم» ينبغي أن يتخلّق بالرحمة الرحيميّة.

دوستان را به لطف بنوازد

دشمنان را به قهر بگدازد

وعلى ذلك قس سائر الأسماء.

وهنا تفاصيل ذكرت في المفصّلات، والحمد لله حقّ حمده.

__________________

(١) الخصال ١ : ٢٥٠.

(٢) الجنّ : ١٩.

(٣) الأنفال : ١٧.

٤٦

الفصل الثاني

في بعض ما يتعلّق بقوله تعالى( الْحَمْدُ لِلَّهِ )

وفيه مقامات.

المقام الأوّل : في إعرابه وما يتعلّق به

فنقول : كان «الحمد» في الأصل مصدرا لفعل يجانسه فزحف العامل وبقي معموله مرفوعا بالعامل المعنويّ وهو الابتدائيّة ؛ كما هو اللغة المشهورة، بل ادّعى الطبرسيّ على ذلك إجماع القرّاء، أو منصوبا على المصدريّة للمحذوف كما نقل عن الشواذّ، والمختار الأوّل، لإفادة العموم في «الحمد» لجميع الخلق، بخلاف الثاني لما فيه من تخصيصه بالمتكلّم فقط ؛ قاله الطبرسيّ أيضا.

وفيه نظر، لأنّ لزوم التخصيص مختصّ بما لو قدّر «أحمد الحمد» على صيغة التكلّميّ الفرديّ، وأمّا لو قدّر «نحمد» فلا يضرّ العموم، وتخصيص الأوّل بالتقدير كما صنعه رحمه الله تخصيص بلا مخصّص وهو قبيح، فالأحسن أن يقال : ترجيح الرفع فيه إنّما هو إنساء الفعل المحذوف، فكأنّه لم يحذف، بل «الحمد» مبتدأ، فعدم ارتكاب الحذف أولى لمجازيّة الحذف،

٤٧

بل أقول : القول بالحذف هنا منويّا ومنسيّا غير حسن، لأنّ الفعل دالّ على التجدّد والحدوث، وكون «الحقّ» محمودا في زمان دون آخر غير مرضيّ، بل كان محمودا في أزل الآزال وهو الكبير المتعال.

وما قاله الحكيم أيضا في حواشي «البهجة» عند خطبة الجلال السيوطيّ وهي «أحمدك اللّهمّ على نعمك وآلائك ...» : فلمّا كان هذا الكتاب من النعم المتجدّدة ناسب أن يؤتى فيه بما يدلّ على الجدّيّة، هذا بخلاف «كتاب الله» العزيز، فإنّه قديم لم يحدث ولم يتجدّد، فالاسميّة به أنسب، غلط في مذهبنا الإماميّة، لأنّ القرآن عندنا حادث، ليس بقديم، للأدلّة والبراهين الّتي ذكرناها في علم الكلام، وهنا أبحاث كثيرة لا يسعها المقام.

ولو قلنا أنّ القول بالحذف وجعل «الحمد» مبتدأ أحسن، لما فيه من الدلالة على أنّ حمده تعالى مصاحب لجميع الأزمنة ؛ محقّقة كانت أم مقدّرة، سواء كان في الأزل أم في الحدوث، يعني : أنّه كان محمودا حيث ما كان حامد وحيث كان، لكان حسنا لكنّه غير محتاج إليه.

ونقل عن بعض كسر «الدال» ولا وجه له إلّا الاتّباع والمجاورة للام من الجلالة إن قلنا بجواز ذلك مطلقا، وأمّا لو منعناه مطلقا أو قلنا بجواز الاتّباع للثاني في حركة الأوّل خاصّة لتبادر اتّباع هذا دون العكس، فلا، وكذا لو منعنا اتّباع المعرّب للمبنيّ للاختلاف بين حركتهما أو قلنا بتخصيص الاتّباع مع الضعف في كلمة واحدة ؛ كما قاله الطبرسيّ رحمه الله.

ونقل عن ابن جنّي أنّه قال : في كسر «الدال» وضمّ «اللام» هنا دلالة شديدة على شدّة ارتباط المبتدأ بالخبر، لأنّه اتّبع فيهما ما في أحد الجزءين

٤٨

ما في الجزء الآخر، وجعل بمنزلة الكلمة الواحدة.

وبالجملة ؛ وعلى كلّ التقادير الأظهر أنّ «اللام» فيه للجنس وهو مطلق الحقيقة أي حقيقة الحمد وجنسه لله. ويؤيّده عدم جواز الاستثناء فيقال : الحمد لله إلّا حمد فلان ؛ إذ هو محمود كلّ حامد، وحمد دونه حمد له.

وفي الكافي : عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه قال : يقول الله لعبد من عبيده يوم القيامة : أشكرت فلانا. فيقول : بل شكرتك يا ربّ. فيقول : لم تشكرني إذ لم تشكره، ثمّ قال عليه السلام : أشكركم لله أشكركم للناس(١) إلى آخره.

وقيل : «اللام» للاستغراق، ويظهر من بعض كلمات أصحابنا عدم الفرق بينه وبين الجنس، لكن الفرق هو أنّ الجنس طبيعة واحدة، فلا يجوز الاستثناء دون الاستغراق، فيجوز عنه الاستثناء ؛ كما في قوله :( إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ) (٢) الآية.

وقيل : «اللام» للعهد، قال المقداد على ما نقل عنه الكفعميّ : ليست بعهديّة، لعدم تقدّم معهود، وفيه نظر، لأنّ المراد «بالحمد» هو الحمد المعهود عند الله اللائق بجلاله.

قال إبراهيم الكفعميّ في «الرسالة الواضحة» : قد يمكن أن يكون في كلام عليّ عليه السلام : لو شئت أن أوقر بعيرا من قوله «الحمد لله» لفعلت. فإنّ الحمد هو الثناء، والثناء يكون بإثبات الكمال تارة وسلب النقص

__________________

(١) الكافي ٢ : ٩٩.

(٢) العصر : ٢ ـ ٣.

٤٩

اخرى، وتارة الاعتراف بالعجز إدراكه، وتارة بإثبات الكمال والتفرّد، دلالة على أنّ «اللام» في «الحمد» للجنس.

أقول : هذا الأثر لا يمحّض «اللام» للجنسيّة، لأنّ ذلك يشمل الاستغراق الحقيقيّ أيضا، فلا دلالة. فليتأمّل.

وأمّا قوله تعالى( لِلَّهِ ) فظرف متعلّق بالفعل المحذوف وهو «حقّ» أو «استقرّ» أو «خصّ» أو نحو ذلك ممّا يناسب المقام على ما اختاره الطبرسيّ، لأنّ الأصل في الجمل، الفعليّة، فتقدير الفعل أولى.

وقيل : الاسم مقدّر وهو «مستقرّ» أو «خاصّ» أو نحوهما.

ويؤيّده أيضا : ما أسلفناه من أنّ حمده تعالى غير متجدّد، بل هو قديم، فهو المحمود في أزل الآزال والمتفرّد بالجمال والكمال، فعدم تقدير الفعل الموضوع للحدث أولى. لكنّ الأقوى عندي جواز الوجهين عند عدم وقوع الحذر في كلّ مواضع، والفعل بعد الموصول، والاسم بعد إمّا وإذ المفاجاتيّة، وهذا التفصيل مختارنا في «المصابيح».

فائدة :

نقل الطبرسيّ رحمه الله عن الشواذّ ضمّ «اللام» من «لله» تبعا «للدال» وفتح الدال وكسر اللام، ونقل عن سيبويه أنّ الأصل في هذه «اللام» الفتح، لأنّ الحرف الواحد لا حظّ له في الإعراب، ولكنّه يقع في أوّل الكلمة ولا يبتدئ بساكن، فاختير له الفتح، لأنّه أخفّ الحركات، إلّا أنّهم كسروها لأنّهم أرادوا أن يفرّقوا بين لام الملك ولام التوكيد، إذا قلت المال لهذا أي في ملكه، وأنّ المال لهذا أي هو هو، وإذا أدخلوا هذه «اللام» على مضمر ردّوها

٥٠

إلى أصلها وهو الفتح، لأنّ اللّبس قد ارتفع، وذلك لأنّ ضمير الجرّ مخالف لضمير الرفع.

فائدة أخرى :

قد عنونوا في الكتب النحويّة أنّ للام الجارّة معاني كثيرة :

أوّلها : «الاستحقاق» وهو يتحقّق إذا وقعت «اللام» بين الوصف والذات ؛ كما في «الحمد لله» و «العزّة لله»، وفي حكمه الاختصاص ؛ كما في قوله : «الجنّة للمؤمنين» والملك ؛ كما في قوله :( لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) (١) ويشابه الملك التمليك، كقولك «وهبت لك هذا» والفرق بينهما هو الفرق بين الفعل والانفعال. فتدبّر.

قيل : «اللام» في قوله :( جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً ) (٢) شبه التمليك.

وثانيها : «التعليل» ويسمّى بالعلّة والسبب ومن أجله أيضا ؛ كما في قوله :( إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ ) (٣) واللام في قوله :( لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ) (٤) تعليليّة متعلّقة بقوله :( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ ) والقول بأنّها متعلّقة بقوله :( فَجَعَلَهُمْ ) نظرا إلى أنّ السورتين في مصحف أبيّ سورة واحدة منقول عن بعض، وعن آخر تعلّقها بمحذوف وهو «أعجبوا».

وثالثها : «القسم» كما في قوله :( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) (٥) .

__________________

(١) آل عمران : ١٨٩، المائدة : ١٧ و ١٨ و ١٢٠، النور: ٤٢،الشورى : ٤٩، الجاثية : ٢٧، الفتح : ١٤.

(٢) الشورى : ١١.

(٣) الإنسان : ٩.

(٤) قريش : ١.

(٥) الحجر : ٧٢.

٥١

ورابعها : «الصيرورة» وهي لام العاقبة ؛ كما في قوله :( لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا ) (١) إلى آخره.

وخامسها : «الغرض» كما في قوله( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) (٢) ذكره بعض كالكفعميّ، وهو كالتعليل ظاهرا.

وبالجملة ؛ أقسام اللامات كثيرة لا يليق ذكرها [بهذا] الموجز.

خاتمة :

قال القرّاء : وصل الميم من «البسملة» باللام من «الحمد» مستحبّ، ويرقّق اللام من( لِلَّهِ ) إذا قدمته الكسرة، ويفخّم إذا سبقته الفتحة أو الضمّة.

قال الطبرسيّ رحمه الله : إنّما تغلّظ لام «الله» إذا تقدّمته الضمّة أو الفتحة تفخيما لذكره، وإجلالا لقدره، وليكون فرقا بينه وبين ذكر اللات.

أقول : الترقيق والتفخيم معمولان في اللام أيضا، وهما غير واجبين عند الفقهاء، والظاهر أنّ القرّاء يوجبونهما. فليتأمّل.

المقام الثاني : في فضيلة الحمد لله والشكر له، وكيفيّة ذلك

على ما يظهر من الأخبار

فنقول : إنّ الله عزّ وجلّ قد حمد نفسه في مواضع كثيرة، ومواقع غير محصيّة، فيجب علينا شكره وحمده ؛ إذ هو المنعم الحقيقيّ، وهو الّذي أسبغ علينا من نعمه المتظاهرة، وآلائه المتواترة، ومننه المتعاقبة، ووجوب

__________________

(١) القصص : ٨.

(٢) الذاريات : ٥٦.

٥٢

شكر المنعم ممّا حكم به العقل الكامل، ولا يخفى أنّ فائدة الحمد ليست عائدة إليه تعالى، بل إلى العبد ؛ إذ به يزيد الله نعمه عليه، فلذا قال :( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) (١) فلك الحمد يا من له في كلّ نفس من الأنفاس، وخطرة من الخطرات منّا منه منن لا تحصى، وفي كلّ لحظة من اللحظات نعم لا تنسى، وفي كلّ حال من الحالات عائدة لا تخفى.

وفي الكافي : عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ما فتح الله على عبد باب شكر فخزن عنه باب الزيادة(٢) .

أقول : ويؤيّده قوله تعالى :( لَأَزِيدَنَّكُمْ ) ويعضده أيضا : ما فيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من أعطي الشكر أعطي الزيادة.

وفيه عنه عليه السلام : ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه وحمد الله ظاهرا بلسانه فتمّ كلامه حتّى يؤمر له بالمزيد(٣) .

أقول : قوله «فعرفها» إلى آخره، مخفّفا أي علم وعقد بقلبه أنّها من عند الله ويسمّى ذلك بالحمد الباطنيّ الجنانيّ.

قوله «وحمد الله ظاهرا» إلى آخره، إشارة إلى الحمد اللّسانيّ الّذي يظهر باللسان بقوله مثلا «الحمد لله» ونحوه. ولعلّ ذلك معنى قوله تعالى :( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) (٤) أي : أظهرها بلسانك موافقا لما عقدت عليه.

قوله «حتّى يؤمر» إلى آخره، متعلّق بقوله «ما أنعم الله» إلى آخره.

__________________

(١) إبراهيم : ٧.

(٢) الكافي ٢ : ٩٥.

(٣) الكافي ٢ : ٩٥.

(٤) الضحى : ٤.

٥٣

وفيه أيضا : عنه عليه السلام قال : شكر النعمة اجتناب المحارم، وتمام الشكر قول الرجل : الحمد لله ربّ العالمين(١) .

أقول : وقوله «تمام الشكر» أي ما يتمّ به بحيث لو فقد لنقص كنقصان البدن بلا رأس، وهذا معنى ما روي بأنّ «الحمد رأس الشكر»(٢) .

وفيه : عنه عليه السلام : شكر كلّ نعمة عظمت أن تحمد الله(٣) .

وفيه : عن أبي بصير قال : قلت له عليه السلام : هل للشكر حدّ إذا فعله كان شاكرا؟ قال : نعم. قلت : ما هو؟ قال : يحمد الله على كلّ نعمة عليه في أهل ومال(٤) .

وفيه : عنه عليه السلام : ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال : الحمد لله إلّا أدّى شكرها(٥) .

وفيه أيضا : عنه عليه السلام قال : ما أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه إلّا أدّى شكرها(٦) .

أقول : فيه إشارة إلى الشكر الباطنيّ، وهو المراد بأداء الشكر، لكنّه ناقص أيضا إلّا مع ضميمة الحمد باللسان، وكذا الظاهري ناقص إلّا بضميمة الباطنيّ.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٩٥.

(٢) مجموعة ورّام ٢ : ١٠٦.

(٣) الكافي ٢ : ٩٥، الخصال ١ : ٢١.

(٤) الكافي ٢ : ٩٥.

(٥) الكافي ٢ : ٩٦.

(٦) الكافي ٢ : ٩٦.

٥٤

وفيه : عن حمّاد بن عثمان قال : خرج أبو عبد الله عليه السلام من المسجد وقد ضاعت دابّته، فقال : لئن ردّها الله عليّ لأشكرنّ الله حقّ شكره. قال : فما لبث أن اتي بها، فقال : الحمد لله. فقال قائل له : جعلت فداك، أليس قلت لأشكرنّ حقّ شكره؟ فقال : ألم تسمعني قلت : الحمد لله(١) .

أقول : قد يظنّ البادئ بذلك الحديث اتّحاد الحمد والشكر، وليس كذلك، لأنّ ذلك من مواضع الاجتماع، وسيجيء التفصيل.

المقام الثالث : في التفرقة بين الحمد والشكر والمدح على طريق الإجمال

فنقول : الحمد اللغويّ هو الثناء بالجميل الاختياريّ على قصد التبجيل مطلقا، والمراد بالحمد الاختياريّ الأفعال الحسنة الّتي تنشأ من المحمود على طريق اختياره، أي بحيث لو أراد تركها لقدر، كذا قيل. وفيه نظر، لعدم شمول ذلك المحامد الربّانيّة الّتي بها يحمد صفاته الذاتيّة هي عين الذات، لأنّه قد حقّق في مقامه أنّ تلك الصفات لا يمكن نفيها عنه تعالى ؛ إذ في نفيها يلزم نفي الذات، فصفاته تعالى موجبة ؛ قاله بعض.

أقول : وفيه أنّه إذا ثبت كون الصفات عين الذات، فالجميع ذات واحدة على سبيل التحقّق، فيصدق أن يقال : العلم هو الله مثلا، فالقول بإيجاب الصفات مستلزم لإيجاب الذات، وقد حقّقنا في علم الكلام خلافه، فلذا قيل : إنّ الاختياريّ معناه المنسوب إلى الفاعل المختار، فالمراد بالجميل الاختياريّ الفعل الحسن الّذي كان فاعله مختارا، وبذلك يدفع ما قيل من أنّ

__________________

(١) الكافي ٢ : ٩٧.

٥٥

التعريف مخدوش ؛ إذ الحمد على حسن زيد وشجاعته مثلا خارج منه ؛ إذ هما من الصفات اللازمة، لأنّ المراد بالجميل الاختياريّ ما كان صاحبه مختارا، وزيد فاعل مختار في سائر أفعاله.

ويمكن أن يقال إنّ الاختياريّ ليس وصفا للجميل، بل هو للثناء، ومن ذلك يخرج حمد المكره في حمده. فليتأمّل.

والحمد الصناعيّ هو الشكر اللغويّ المعبّر عن فعل يلوح عن تعظيم المنعم لنعمته مطلقا، وهو الحمد المذكور في الأخبار السابقة.

والمراد بالنعمة : الأفعال الحسنة المتعدّية بالغير ؛ فالشجاعة ليست بنعمة لغير الشجاع، وأمّا له فنعمة، لأنّها من جانب الله، وكذا الوجود ونحوه ممّا أعطانا الله.

وأمّا الشكر الصناعيّ ؛ عبارة عن صرف العبد جميع ما أنعمه الله في بدنه، وفي ماله في موضعه ؛ فاللسان للذكر والأقوال الحسنة، والعين للنظر إلى الصنائع وحفظها من النظر إلى المحارم، والقلب لله فكذلك، والمال للإنفاق، وغير ذلك، فلذا ورد من «أنّ شكر النعمة اجتناب المحارم ...» إلى آخره.

والمدح هو القول المنبئ عن عظم حال الممدوح مع القصد إليه ؛ قاله الطبرسيّ.

ولا يشترط كون الممدوح مختارا عاقلا، فلذا قيل : الحمد لا يكون إلّا لمن يعقل، والمدح يكون له ولغيره.

ونقل عن المقداد أنّه قال : الحمد صفات الكمال الاختياريّ، والمدح ذكر الكمال مطلقا. انتهى.

٥٦

ويؤيّد عدم الشرطيّة، قولهم : مدحت اللؤلؤ لصفاتها، ومدحت الفرس لسرعة مشيه، لكن كثيرا ما يستعمل في العاقل المختار.

ومنه :

كريم متى أمدحه أمدحه والورى

معي وإذا ما لمته لمته وحدي

ومنه يظهر تقابل المدح مع اللوم، لكنّه ليس بوجيه ؛ إذ هو مقابل الهجاء.

قال الكفعميّ : الحمد والمدح إخوان ؛ لأنّ الحمد مقلوب المدح.

أقول : ذلك بالبسط التكسيريّ بالصدر المؤخّر.

وبالجملة ؛ قد ظهر ممّا سبق أنّ بين الشكر اللغويّ والحمد الصناعيّ ترادف، وبين الحمد والمدح عموم مطلق ؛ إذ كلّ حمد مدح لا بالعكس. وقد علمت، وبين الحمد اللغويّ والشكر الصناعيّ عموم من وجه، لإفراد الحمد في قوله تعالى :( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ) (١) لعدم سبق نعمة، وإفراد الشكر في قوله :( اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً ) (٢) إذ المتبادر من العمل، العمل بالجوارح كالصلاة ونحوها، واجتماعهما في قوله :( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ ) (٣) انتهى.

فائدة :

قد خطر ببالي انتفاء الحمد الصناعيّ في كلّ ما نسب إلى الله ؛ لأنّ لفظة

__________________

(١) الإسراء : ١١١.

(٢) سبأ : ١٣.

(٣) إبراهيم : ٣٩.

٥٧

«الله» قد وضع للذات الجامع لجميع الصفات الكماليّة، فلا يخلو من معنى الوصفيّة، وقد حقّق في مقامه أنّ تعليق الحكم بالوصف مشعر بعلّيّة المأخذ له، يعني : علّة وجود الحكم، هو الوصف العارض للمحكوم عليه.

فإذا قيل : أكرم العبّاد لا غيرهم، يفهم أنّ علّة الإكرام هي العبادة واتّصافهم بها، وقولك : «الحمد لله» أي الحمد خاصّ له لا يستحقّه غيره، لأنّه هو المستجمع للصفات، فعلّة الحمد هي الاستجماع المذكور. ويؤيّده قولهم هذا كدعوى الشرّ بالبيّنة والبرهان، فعلى هذا لا يمكن أن يقال : الحمد صناعيّ ؛ إذ الصناعيّ على ما قلتم حمد كان علّته النعمة، وقد حقّقنا أنّ العلّة غيرها، وحينئذ يلزم استعمال المشترك في معنييه على فرض الاجتماع. فليتأمّل.

خاتمة :

قد علمت أنّ الحقّ تعالى هو المنعم فيجب شكره وحمده، ولا يخفى أنّ الشكر لا يتحقّق ولا يؤدّي إلّا بمعرفة المشكور ليشكر بما يناسب حاله، فشكر الحقّ غير ممكن إلّا بمعرفته، فهي واجبة على كلّ مكلّف، وطريقها إثبات وجوده تعالى أوّلا بالعقل، ثمّ توحيده تعالى بأقسامه ثانيا، ثمّ صفات الكمال والجمال والجلال له ثالثا، ولجميع ذلك تفاصيل مذكورة في المفصّلات، وسيجيء بعضها إن شاء الله عن قريب، والحمد لله.

٥٨

الفصل الثالث

في تفسير قوله تعالى( رَبِّ الْعالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ )

وفيه مراصد وخاتمة.

المرصد الأوّل : في إعرابه

فنقول : القراءة المشهورة المعمولة بها جرّ «الربّ» ليكون بدلا لقوله «لله» بدل المطابق، ويحتمل كونه صفة له، واختاره الطبرسيّ أيضا، وفيه نظر ؛ إذ المطابقة المعتبرة بين الموصوف والوصف مفقودة هنا، لتعريف الأوّل دون الثاني، لأنّ «الربّ» صفة مشبّهة، وإضافتها لفظيّة، وهي لا تكتسب التعريف.

والقول بأنّ معنى «الربّ» ماض، فالإضافة معنويّة ؛ كقوله( فاطِرِ السَّماواتِ ) (١) إلى آخره، مخدوش للزوم ذلك عدم كونه تعالى ربّا ومربّيا للعالم في الحال والاستقبال، بل الربّ من صفات الذات إن عني به السيّد، ولو عني به المدبّر لخلقه فمن صفات الفعل، فلا يصحّ أيضا نفي تدبيره في سوى الماضي، إلّا أن يراد من التدبير : التدبير التقديريّ لا التكوينيّ. فليتأمّل.

__________________

(١) الأنعام : ١٤.

٥٩

ويمكن أن يجاب ـ بل هو المتعيّن ـ بأنّ أسماء الله تعالى معارف كلّها في نفسها لا بواسطة، ألا ترى أنّه قال الطبرسيّ «اللام» في الجلالة مزيدة للتفخيم والتعظيم، ومن زعم أنّها للتعريف فقد أخطأ ؛ لأنّ أسماء الله تعالى معارف. انتهى.

فعلى هذا لا ضير في كون «الربّ» مجرورا لكونه نعتا للربّ، وممّا يؤيّد تعريفه عدم استعماله في غيره تعالى بدون الإضافة، بل هو ممّا يخصّ به تعالى عند إضافته «للعالمين».

وممّا يؤيّد النعتيّة : ما روي عن زيد بن عليّ عليه السلام أنّه قرأ رب العالمين بفتح «الباء» نظرا إلى قطع الوصفيّة ونصبه للمدح مفعولا، ولا يجوز القطع في غير الوصف، بل هو ممّا يقطع وينصب على المفعوليّة إن لم يكن منصوبا، ويرفع على تقدير المبتدأ إن كان منصوبا أو مجرورا.

قال الطبرسيّ : ومن نصب رب العالمين فإنّما ينصب على المدح والثناء، كأنّه لمـــّـا قال( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) استدلّ بهذا اللفظ على أنّه ذاكر لله، فكأنّه قال : أذكر ربّ العالمين، فعلى هذا لو قرأ في غير القرآن «ربّ العالمين» مرفوعا على المدح أيضا لكان جائزا على معنى هو ربّ العالمين. انتهى.

وبالجملة ؛ لا ينبغي أن يقرأ «الربّ» إلّا مجرورا سواء كان بدلا أم صفة.

واختلف في العامل فيه، بل في كلّ تابع ؛ فقيل : العامل هو العامل في المتبوع، ونسبه الأزهريّ إلى الجمهور، ونقل نسبته إلى سيبويه عن بعض، وذلك غير مطّرد لتخالفه في نحو «يا زيد العالم» إذ يلزم دخول الياء على المحلّى باللام، وهو ممنوع إلّا فيما استثني، إلّا أن يقال بقاعدة الاغتفار المعروف فلا ضير، وحذف العامل في البدل خاصّة، قول نادر بل ضعيف

٦٠