ابن تيميه الجزء ٢

ابن تيميه0%

ابن تيميه مؤلف:
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 492

ابن تيميه

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: حبيب طاهر الشمري
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: الصفحات: 492
المشاهدات: 141175
تحميل: 3929


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 492 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 141175 / تحميل: 3929
الحجم الحجم الحجم
ابن تيميه

ابن تيميه الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريّ، جاء في ترجمته: محمّد بن المنكدر بن عبد الله بن الهُذَير بن عبد العُزّى من بني تَيْم بن مُرّة، قوم أبي بكر، كان المـُنكدر خال عائشة.

روى عن: أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزّبير، وعبيد الله بن أبي رافع، وعروة بن الزبير، ومحمّد ابن كعب القُرَظيّ، وأبي أيّوب الأنصاريّ، وأبي هُريرة، وسعيد بن المسيّب، وحُمران مولى عثمان، وسَفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأسماء بنت عُمَيس، وعائشة...

روى عنه: جعفر بن محمّد الصادق، وسفيان بن عُيينة، وسفيان الثّوريّ، وشُعبة بن الحجّاج، وعليّ بن زيد بن جُدعان، ومالك بن أنس، ومحمّد بن مسلم ابن شهاب الزّهريّ، ومصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، وأبو حنيفة، وهشام ابن عروة، ومَعمَر بن راشد، وأبو معشر، ومحمّد بن إسحاق بن يَسار، وعبد العزيز بن أبي سَلَمة الماجِشون، وأسامة بن زيد الليثيّ، والحجّاج بن أرطاة... وثّقه إسحاق بن راهوية، وابن عُيينة، والحُمَيدي، وأبو حاتِم وابن حبّان.(1)

____________________

= ورجال صحيح مسلم 164، وحلية الأولياء 2: 146، والجرح والتعديل 8 / الترجمته 421، وتهذيب الكمال 26: 503.

(1) الجرح والتعديل 8 / الترجمة 421، وتاريخ الدارميّ ترجمة 749، وثقات ابن حبّان 5: 350. وقال العجليّ: تابعيّ ثقة رجل صالح تاريخه 414 / 1506. وهو غير متّهم في روايته الحديث لما علمت من نسبه!

٤٢١

وعن عمرو بن مرزوق(1) ، عن شعبة بن الحجّاج، عن الأعمش، عن أبي عبد

____________________

(1) تاريخ البخاريّ الكبير 6 / الترجمة 2677، والمعرفة والتاريخ للفسوي 1: 225 و 2: 76، 213، وتاريخ خليفة 478، وطبقاته 228، والكنى للدّولابي 2: 26، وتاريخ أبو زرعة الرازي 406، والجرح والتعديل 6 / الترجمة 1456، وطبقات ابن سعد 7: 305، وتهذيب الكمال 22: 224 / 446...

روى عن: مالك بن أنس، وأبي إدريس صاحب أنس، وعبد العزيز بن الماجشون، وشعبة بن الحجّاج، وحمّاد بن زيد، وحماد بن سَلَمة وزهير بن معاوية، وزائدة بن قُدامة، وحرب بن شدّاد...

روى عنه: البخاريّ، وأبو داود، وأبو زرعة الرازيّ، وأبو حاتم محمّد بن إدريس الرازيّ، ويعقوب بن سفيان الفارسيّ، ويعقوب بن شيبة السّدوسيّ، ومحمّد بن بشّار بُنْدار...

قال أبو زرعة: سمعت أحمد بن حنبل، وقلت له: إنّ عليّ بن المديني يتكلّم في عمرو بن مرزوق؟ فقال: عمرو بن مرزوق رجلٌ صالح لا أدري ما يقول عليّ. الجرح والتعديل 6 / الترجمة 145.

وعن أحمد بن حنبل قال: كان عفّان يرضى عمرو بن مرزوق، ومن كان يُرضي عفّان؟! المصدر نفسه. وجاء في ترجمة عفّان: عفّان بن مسلم بن عبد الله الصفّار، كنيته أبو عثمان، مولى زيد بن ثابت الأنصاريّ من أهل البصرة. سكن بغداد. مات سنة عشرين ومائتين. البخاريّ الكبير 7: 72، والبخاريّ الصغير 2: 342، والجرح والتعديل 7: 165، وتاريخ بغداد 2: 269، والثقات لابن حبّان 5: 377 / 2786.

وذكره العجليّ قال: ثبت صاحب سنّة. تاريخ الثقات 336 / 1145.

وقال عبد الله بن محمّد بن الفضل الأسديّ: قال أحمد بن حنبل لابنه صالح حين قدِمَ البصرة: لِمَ لم تكتب عن عمرو بن مرزوق؟ فقال: نُهيتُ. فقال: إنّ عفّان كان يرضى عَمْراً، ومن كان يُرضي عفّان؟ نفس المصدر، وقال أبو عُبيد الله الحُدّانيّ عن أحمد بن حنبل: ثقة مأمون فتّشنا عمّا قيل فيه فلم نجدله أصلاّ. تهذيب الكمال 22: 227. =

٤٢٢

الرحمان السُّلَمي(1) ، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «اطلبوا الشّمس

____________________

= وقال محمّد بن عيسى بن السّكن الواسطيّ: سألت يحيى بن معين عنه فقال: ثقة مأمون صاحب غزوٍ وقرآن وفضل، وحَمِده جدّاً. نفس المصدر. وقال أبو زرعة: سمعت سليمان بن حرب، وذكر عمرو بن مرزوق فقال: جاء بما ليس عندهم فحسدوه. الجرح والتعديل.

قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث عن شعبة. طبقاته 7: 305.

(1) طبقات ابن سعد 6: 172، والمصنّف لابن أبي شيبة 13 / 15782، وتاريخ الدوري 2: 301، وتاريخ خليفة 273، وطبقاته 153، وتاريخ البخاري الكبير 5 / الترجمة 118 و 9 الترجمة 835، وتاريخ الثقات 503 / 1990، و 253 / 793، والمعارف 528، والمعرفة ليعقوب 1: 219 / 220، ومواضع عدّة من الجزء الثانيّ، والثالث والجرح والتعديل 5 / الترجمة 164، وثقات ابن حبّان 5: 9، ورجال صحيح مسلم 90، وأنساب السمعاني 7: 112...

وهو: عبد الله بن حَبيب بن رُبَيّعة - بالتصغير - أبو عبد الرحمان السُّلَميّ الكوفيّ القارئ، ولأبيه صحبة.

روى عن: عليّ بن أبي طالب، وحذيفة بن اليمان، وعمر بن الخطاب، وسعد بن أبي وقّاص، وأبي موسى الأشعريّ! وأبي الدّرداء، وأبي هريرة. وفي قول: وعن عبد الله بن مسعود، وعثمان بن عفّان.

روى عنه: إبراهيم النخعيّ، وإسماعيل بن عبد الرحمان السّدّيّ، وحبيب بن أبي ثابت، وسعيد بن جبير، وعطاء بن السائب، وأبو إسحاق السّبيعي، وأبو البَخْتر الطائي، وعلقمة بن مَرْثَد...

قال العجليّ: أبو عبد الرحمان السلَميّ المدنيّ من أصحاب عبد الله - بن مسعود - ثقة، وكان يُقرئ في زمان عثمان، وعَرضَ على عليّ بن أبي طالب.

تاريخ الثّقات 503 / 1990. وقال النّسائيّ: ثقة. تهذيب الكمال 14: 409. مات سنة أربع وسبعين. ثقات ابن حبّان 5: 9. وقيل غير ذلك.

٤٢٣

فإذا غابت فاطلبوا القمر...»(1) الحديث.

وعن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّعليهم‌السلام ، عن جابر عبد الله الأنصاريّ، قال: صلّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوماً صلاة الفجر، ثمّ انفَتَلَ وأقبل علينا يحدّثنا، فقال: «أيّها النّاس، من فقد الشّمس فليتمسّك بالقمر ومن فقد القمر فليتمسّك بالفرقدين. قال: فقمت أنا وأبو أيّوب الأنصاريّ، ومعنا أنس بن مالك، فقلنا: يا رسول الله، ومن الشّمس؟ قال: أنا، فإذا هوصلى‌الله‌عليه‌وآله ضرب لنا مثلاً، فقال: إنّ الله تعالى خلقنا وجعلَنا بمنزلة نجوم السّماء، كلّما غاب نجم طلع نجم، فأنا الشّمس فإذا ذهب بي فتمسّكوا بالقمر. قلنا: فما القمر؟ قال: أخي ووزيري وقاضي دَيْني وأبو ولدي في أهلي: عليّ ابن أبي طالب. قلنا فمن الفرقدان؟ قال: الحسن والحسين. ثمّ مكث مليّاً، وقال: فاطمة هي الزُّهرة، وعِتْرتي أهل بيتي هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفترقان، حتّى يردا عليّ الحوض».(2)

فهذه الأحاديث صريحة في وجوب طاعة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وطاعة عترته أهل بيته، وقد عرّف عترته، وأنّهم عليّ، وفاطمة، والحسن والحسين:؛ لا ما تقوّله ابن تيميه من أنّهم عموم بني هاشم! فعموم بني هاشم أفضل من عموم غيرهم إلاّ أنّ فيهم مَن لا يصلح للإمامة والاستخلاف ؛ وحديث الكساء حيث منع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أحداً أن يشرك عليّاً وزوجته وابنيه:، وشرك نفسه الزكيّة معهم، وفي رواية:

____________________

(1) فرائد السمطين للجوينيّ 2: 16 - 17.

(2) أمالي الطّوسي (ت 460 هـ) 516 - 517.

٤٢٤

استأذن جبريلعليه‌السلام أن يدخل معهم فأذن له النبيّ ؛ فلم يشركهم بهذه الكرامة إلاّ نبيّ وسفير الله تعالى إلى نبيّه. ونزلت آية التطهير بهم ودعا لهم النبيّ بكلّ خير وأعلن يومئذ أنّهم أهل بيته دون غيرهم ولقد استمرّ رسول الله ستّة أشهر بعد نزول آية التطهير يمرّ على بيت عليّعليه‌السلام ويرفع صوته وذلك إذا خرج إلى صلاة الفجر ويقول: الصّلاة رحمكم الله( إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1) .(2)

وفي النّهاية لابن الأثير: «خلّفت فيكم الثقلين ؛ كتاب الله وعِتْرتي». عترة الرجل: أخَصُّ أقاربه. وعِتْرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : بنو عبد المطّلب. وقيل: أهل بيته الأقربون، وهم أولادهُ وعليّ وأولاده.(3)

فأخصُّ أقاربه يدخلُ فيهم عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين:، ويخرج منهم الأبعدون ؛ فيكف بمَن لا يمسّه برحم؟! وعلى قول بني عبد المطّلب فعليّ منهم بدأ شرفهم لسابقته وعلمه وجهاده، وغيره لا.

وعلى لفظ «أهل بيته الأقربين» فقد عرّفهم ابن الأثير فكفانا.

أضف إلى ذلك نزول آية التطهير فيهم، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي»، يعني هؤلاء هم أهل بيتي لا غيرهم!

____________________

(1) الأحزاب: 33.

(2) ما نزل من القرآن في عليّ: ابن مردويه 301 ح 475، نور الأبصار: 226، الشرف المؤبّد 6 - 8 و 12 - 13، أنساب الأشراف 1: 353.

(3) النهاية ابن الأثير 3: 177.

٤٢٥

وكما ذكرنا: أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في الأمور الخطيرة يعيد القول ويذكّر أمّته بما أوجب الله تعالى عليها لئلاّ تنسى، ولئلاّ يظهر مَن يقلّب الأمور ويُموّه الحقائق ؛ فإنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكّرهم بعترته في حصاره للطّائف: عن عبيد الله بن موسى، عن طلحة ابن جبر، عن المطّلب بن عبد الله، عن مصعب بن عبد الرحمان، عن عبد الرحمان ابن عوف قال: لما افتتح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكّة، انصرف إلى الطّائف، فحاصرهم تسع عشرة أو ثمان عشرة فلم يفتحها، ثمّ ارتحل رَوْحةً أو غَدوةً، فنزل ثمّ قال: «أيّها النّاس إنّي فرطٌ لكم فأوصيكم بعترتي خيراً، وإنّ موعدَكُمُ الحَوْضُ، والذي نفسي بيده لَيُقيمَنّ الصلاةَ ولَيُؤتُنّ الزكاة أو لأَبعثَنَّ إليهم رجلاً منّي أو كنفسي، فليضربنّ أعناق مقاتلتهم ولْيَسبَينَّ ذراريهم». قال: فرأى النّاس أنّه أبو بكر أو عمر، فأخذ بيد عليّ فقال: «هذا»(1) .

وكلامنا عليه مثل ما سبق من أحاديث، فقد أوصى بعترته خيراً، ووصيّتهصلى‌الله‌عليه‌وآله واجب تأديتها، ثم نصب من العترة عَلَماً أقامه مقام نفسه، وهو عليّ ابن أبي طالب ولذا أقرّ أبوبكر بالحقّ فيما كبُر على ابن تيميه أن يقرّ بما اقرّبه أبوبكر وهو سَلَفُه! قال مَعقِل بن يسار المُزنيّ(2) : سمعتُ أبا بكر يقول لعليّ بن

____________________

(1) المصنّف: ابن أبي شيبة (ت 235 هـ) 8: 543 / 2. والفرط: دليل القوم أو الذي يتقدّمهم بحثا عن الماء والكلأ.

(2) معقل بن يَسار: يكنّى أبا عليّ، من أصحاب النبيّ. (تاريخ الثّقات للعجليّ 434 / 1607. وفي التهذيب (10: 235): وكان ممّن بايع تحت الشجرة.

٤٢٦

أبي طالب: عِتْرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .(1)

حديث السفينة

وأمّا قوله: «مَثلُ أهل بيتي مَثلُ سفينة نوح» فهذا لا يُعرف له إسناد صحيح.

جوابه: عن عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن أبي إسحاق عن حنش بن امعُتَمِر، أنّه سمع أبا ذرّ الغفاريّ يقول: سمعت رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوحٍ في قوم نوح: من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك، ومَثَلِ باب حطّة في بني إسرائيل»(2) .

محاكمة السند:

عبد الله بن عبد القدّوس التميميّ السعديّ، أبو محمّد الرازيّ. روى عن جابر الجُعفيّ، وسليمان الأعمش.. حُكيَ عن محمّد بن عيسى أنّه قال: هو ثقة. (الكامل لابن عديّ 2: 137). وقال البخاريّ: هو في الأصل صدوقٌ إلاّ أنّه يروي عن أقوام ضِعاف.

استشهد به البخاريّ، وروى له الترمذيّ. قال أبو أحمد بن عَدِيّ: عامّة ما

____________________

(1) مختصر تاريخ دمشق 18: 28.

(2) كتاب الفضائل - فضائل الحسنين: أحمد بن حنبل، حديث «55»، المعارف: ابن قتيبة: 252، تفسير ابن كثير 4: 114 ذيل آية المودّة، المستدرك على الصحيحين: 3: 150، المعرفة والتاريخ 1: 538، علل الدار قطنيّ 6: 226، المعجم الأوسط: الطبرانيّ 6: 186 / 5386 المعجم الصغير 1: 22، مناقب ابن المغازليّ 133 حديث 175.

٤٢٧

يرويه في فضائل أهل البيت!(1)

إذن: العلّة في خَدْشِ ابن تيميه في سند حديث السفينة وقوله: لا يصحّ! هو كثرةُ ما يرويه ابن عبد القدّوس من فضائل العترة، وهو غيضٌ من فيضِ فضائلهم:. قد وثقه ابن عدي وحكم البخاريّ بصدقه، واستشهد به، وروى له الترمذيّ.(2)

وأمّا الأعمش: فهو سليمان بن مهران الأعمش، أخرج له الجماعة. ذكره العجليّ، قال: ثقة، كوفيّ، كثير الحديث وكان عالماً بالقرآن رأساً فيه...(3) .

وذكره يحيى بن معين فقال: ثقة(4) . قال: قال أبو معاوية الضرير: حفظتُ عن الأعمش ألفاً وستمائة.(5) وقال: هذه الأحاديث حفظتها من في الأعمش.(6)

قال يحيى: وكان عند وكيع عن الأعمش ثمانمائة. قلت - أي الدّوريّ - ليحيى: كان أبو معاوية أحسنهم حديثاً، عن الأعمش؟

قال: كانت عند الأحاديث الكبار العالية عنده.(7)

____________________

(1) الكامل: ابن عديّ 2: 137.

(2) تهذيب الكمال: المزّيّ 15: 243 / 3397.

(3) تاريخ الثّقات: العجليّ (182 - 261) 204 / 619.

(4) تاريخ يحيى بن معين (158 - 233 هـ) 1: 221 / 1433 ؛ والجرح والتعديل: الرازي 2: 3 / 96.

(5) تاريخ يحيى بن معين 276 / 1827 ؛ وتاريخ بغداد 5: 246.

(6) تاريخ يحيى بن معين 1: 276 / 1830.

(7) نفسه 1: 276 / 1828 ؛ وتاريخ بغداد 5: 246.

٤٢٨

وذكره ابن حبّان في الثّقات.(1)

وترجم له المزّيّ ترجمة ضافية جاء فيها: رأى أنس بن مالك، وأبا بكرة الثقفيّ.

وروى عن: أنس بن مالك، وحبيب بن أبي ثابت، وأبي وائل شقيق بن سلمة الأسديّ، وعامر الشّعبيّ، وعطاء بن أبي رَباح، وعطيّة العَوْفيّ، وعكرمة مولى ابن عبّاس، وأبي إسحاق عمرو بن عبد الله السّبيعيّ، وقيس بن أبي حازم، وأبي الزّبير محمّد بن مسلم المكّيّ، والمِنهال بن عمرو، وأبي صالح مولى أمّ هانئ، وسالم بن أبي الجعد، وخيثمة بن أبي خيثمة البصريّ...

روى عنه: أبان بن تغلب، وإبراهيم بن طهمان، وأسباط بن محمّد القرشيّ، وإسرائيل بن يونس، وحفص بن غياث، وحمزة بن حبيب الزيّات، وسفيان الثّوريّ، وسفيان بن عُيَينة، وشريك بن عبد الله النّخعيّ، وشعبة بن الحجّاج، وزياد ابن عبد الله البكّائيّ، وعبد الله بن عبد القدّوس الرازيّ، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن نمير، وعبيد الله بن موسى، وأبو نُعيم الفضل بن دُكين، وفُضيل بن مرزوق، ووكيع بن الجرّاح، ويحيى بن سعيد القطّان، وأبو إسحاق السبيعيّ - وهو من شيوخه - وأبو عَوانة، وأبو معاويةَ الضّرير....(2)

قال البخاريّ، عن عليّ ابن المدينيّ: له نحو ألف وثلاثمائة حديث.(3)

____________________

(1) الثقات لابن حبّان 2: 184 / 1421.

(2) تهذيب الكمال: المزّيّ 12: 76 - 83 / 2570.

(3) نفسه 12: 83.

٤٢٩

وقال عليّ ابن المدينيّ: حفظ العلم على أمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ستّةٌ: فلأهل مكّة عمرو بن دينار، ولأهل المدينة ابن شهاب الزّهريّ، ولأهل الكوفة أبو إسحاق السّبيعيّ، وسُليمان بن مهران الأعمش...(1) .

قال عاصم الأحْوَل: مرّ الأعمش بالقاسم بن عبد الرحمان فقال: هذا الشيخ أعلم النّاس بقول عبد الله بن مسعود. (تهذيب الكمال 12: 85).

وقال أحمد بن حنبل: أبو إسحاق والأعمش رجلا أهل الكوفة.(2)

وقال زهير بن معاوية: ما أدركت أحداً أعقل من الأعمش والمغيرة.(3)

وقال يحيى بن معين: كان جرير إذا حدّث عن الأعمش، قال: هذا الدّيباج الخسروانيّ.(4)

وقال شعبة: ما شفاني أحد في الحديث ما شفاني الأعمش.(5)

وقال عبد الله الخُرَيبيّ: سمعت شعبة إذا ذكر الأعمش، قال: المـُصحَف المـُصحَف!(6)

____________________

(1) نفسه 12: 84.

(2) تهذيب الكمال 12: 85.

(3) نفسه ؛ وتاريخ بغداد 9: 9.

(4) تهذيب الكمال 12: 86 ؛ و تاريخ بغداد 9: 10، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسويّ 2: 678، والجرح والتعديل: 4 / الترجمة 630 وزاد: وهو أستاذ أهل الكوفة.

(5) تهذيب الكمال 12: 86 ؛ و تاريخ بغداد 9: 10.

(6) تهذيب الكمال 12: 86 ؛ و تاريخ بغداد 9: 11.

٤٣٠

وقال عمرو بن عليّ: كان الأعمش يسمّى المصحف من صِدقه.(1)

وقال عبّاس الدّوريّ، عن سهل بن حليمة: سمعت ابن عُيينة يقول: سبق الأعمش أصحابه بأربع خصال: كان أقرأهم للقرآن، واحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض، وذكر خصلة أخرى.(2)

ويطول الكلام عن الأعمش وما قيل فيه ؛ فنكتفي بما ذكرنا.

أبو إسحاق السبيعيّ واسمه عمرو بن عبد الله. وقد ذكرنا في ترجمة الأعمش: أنّ أبا إسحاق من شيوخه وقد حدّث كلّ واحد منهما عن الآخر ؛ ممّا يُظهر فضلهما وثقتهما.

ذكره العجليّ، قال: «كوفيّ»، تابعيّ، ثقة.

قال: وروى أبو إسحاق السّبيعيّ عن ثمانية وثلاثين من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

حدّثنا أبي: عبدُ الله، قال: كان أبو إسحاق يقول لإسرائيل: الزم هؤلاء الثلاثة، فإنّهم أصحاب علم وفصاحة: عبد الملك بن عمير، والأعمش وسِماك بن حرب.(3)

وترجم له في التهذيب: عَمرو بن عُبيد... أبو إسحاق السّبيعيّ الكوفيّ الهمدانيّ.

ذكر شريك عن أبي إسحاق أنّه وُلِدَ لسنتين بقيتا من خلافة عثمان.

____________________

(1) تهذيب الكمال 12: 87 ؛ وتاريخ بغداد 9: 11.

(2) تهذيب الكمال 12: 85 ؛ وتاريخ بغداد 9: 9.

(3) تاريخ الثّقات: العجليّ 366: 1272.

٤٣١

روى عن: أنس بن مالك، وأسامة بن زيد بن حارثة، والبراء بن عازب، والأشعث بن قيس الكندي، وجرير بن عبد الله البجلي، وحُبشي بن جنادة، وزيد بن أرقم، وسعيد بن جبير، وسليمان بن صُرَد الخزاعيّ، وصعصعة بن صوحان، وعامر بن شراحيل الشّعبي، وعبد الله بن الزبير بن العوّام، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطّاب، وزيد بن يُثيع، والحارث بن عبد الله الأعور، وعبد خَير الهمدانيّ، وعديّ بن ثابت الأنصاريّ، وعبد الرحمان بن أبي ليلى، وعديّ بن حاتم الطائيّ، وعطاء بن أبي ربَاح، وعِكرمة مولى ابن عبّاس، وعليّ بن أبي طالب، وعمرو بن ميمون الأودي، وقيس بن أبي حازم، وكُميل بن زياد، ومجاهد بن جبر المكّي، وأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين، ونافع مولى ابن عمر، والنّعمان بن بشير، وأبي بُردة بن أبي موسى الأشعري...(1)

روى عنه: أبان بن تغلب، وأبو شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي، والحسن ابن صالح بن حَيّ، وسفيان الثوريّ، وهو أثبت النّاس فيه، وسفيان بن عُيينة، وسليمان الأعمش، وشريك بن عبد الله، وشعبة بن الحجاج، وفضيل بن مرزوق، و فطر بن خليفة، وقتادة بن دِعامة، ومالك بن مِغوَل، ومسعر بن كدام، ومنصور بن المعتمر، وموسى بن عقبة، وأبو بكر بن عيّاش، وأبو حمزة الثّمالي، وحمزة بن حبيب الزّيّات...(2)

____________________

(1) تهذيب الكمال 22: 102 - 108 / 4400.

(2) تهذيب الكمال: 108 - 110.

٤٣٢

قال أحمد بن حنبل: أبو إسحاق ثقة.(1)

وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة.(2)

وكذلك قال النسائي.(3)

وقال أبو حاتم: ثقةٌ، وهو أحفظ من أبي إسحاق الشّيباني، ويشبه الزّهري في كثرة الرواية واتّساعه في الرّجال.(4)

وقال أبو داود الطّيالسي: قال رجل لشعبة: سمع أبو إسحاق من مجاهد؟ قال: ما كان يصنع بمجاهد! كان هو أحسن حديثاً من مجاهد، ومن الحسن وابن سيرين.(5)

حنش بن المعتمر الكنانيّ الكوفيّ:

قال العجليّ: تابعيّ، كوفيّ، ثقة.(6)

وفي التهذيب: روى عن عُلَيم الكنديّ، وعليّ بن أبي طالب، وأبي ذرّ الغفاريّ.

روى عنه: أبو إسحاق السبيعيّ، وأبو صادق وسماك بن حرب...

____________________

(1) تهذيب الكمال 22: 110 ؛ والجرح والتعديل: 6 / الترجمة 1347.

(2) تهذيب الكمال 22: 110 ؛ والجرح والتعديل: 6 / الترجمة 1347.

(3) نفسه.

(4) نفسه.

(5) نفسه.

(6) تاريخ الثقات للعجليّ 136 / 347.

٤٣٣

قال أبو داود: حنش بن المعتمر ثقة.

قال عبد الرحمان بن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: هو عندي صالح.

روى له أبو داود، والتّرمذيّ، والنّسائي في خصائص عليّ وفي مُسنده.(1)

أبو ذرّ الغفاريّ: لا حاجة للحديث عنه لجلالته...

هذا هو سند الحديث الذي قال عنه شيخ الإسلام: لا يُعرف له إسنادٌ صحيحٌ.

وبنفس السند، عن حنش الكنانيّ قال: سمعت أبا ذرّرضي‌الله‌عنه يقول وهو آخذ بباب الكعبة: مَن عرفني فأنا مَن عرفني ومَن أنكرني فأنا أبو ذرّ سمعتُ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه مَن ركبها نجا ومَن تخلّف عنها غرق».(2)

ولن نستغرق في الكلام على أسانيد الحديث من طُرقه الأخرى بعد أن ثبت لنا صحّة سند الحديث السابق ؛ فحقّ القول وبطل ما كانوا يفترون.

وعن عليّ بن زيد، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «مَثَل أهل بيتي مَثَل سفينة نوح: من ركب فيها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، ومن قاتَلَنا في آخر الزمان فكأنّما قاتل مع الدجّال».(3)

____________________

(1) تهذيب الكمال 7: 432 / 1556، والجرح والتعديل: 3 / الترجمة 1297.

(2) المعارف: ابن قتيبة (ت 276 هـ) 252، والمستدرك على الصحيحين 3: 163 / 4720.

(3) المعرفة والتاريخ للفسويّ 1: 296، ومناقب الإمام عليّ: ابن المغازليّ الشّافعيّ: 134 حديث 177، وميزان الاعتدال، حديث 1826.

٤٣٤

وعن أبي سلمة الصّائغ، عن عطيّة - العوفيّ - عن أبي سعيد الخدريّ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «إنّما مَثَلُ أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح: من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق. وإنّما مَثَلُ أهل بيتي فيكم مَثَلُ باب حطّة في بني إسرائيل: من دخله غُفِر له».(1)

و لحديث السفينة عن ابن عبّاس، وأبي ذرّ، طرق أخرى.(2)

ونظير حديث السفينة، ما ذكره القاضي عياض من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «معرفةُ آلِ محمّدٍ براءةٌ من النّار، وحبُّ آلِ محمّدٍ حَوازٌ على الصِّراط، والولاية لآلِ محمّدٍ أمانٌ من العذاب».(3)

قال القاضي: قال بعض العلماء: معرفتهُم هي معرفةُ مكانتهم من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإذا عَرَفهم بذلك عرفَ وجوبَ حقّهم وحُرمتهم بسببه.(4)

أهل البيتعليهم‌السلام أمان لأهل الأرض:

وبسنده أخرج الحاكم مستدركاً على الشّيخين:

عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله «النّجوم أمانٌ لأهل الأرض من

____________________

(1) المعجم الصغير للطبرانيّ 2: 22.

(2) انظر المعرفة والتاريخ: الفسويّ (ت 277 هـ) 1: 296، المعارف: ابن قتيبة: 86، عيون الأخبار، له 1: 211، حلية الأولياء 4: 306، الصواعق المحرقة: ابن حجَر: 184، و 234، الخصائص الكبرى: السيوطي 2: 266، تاريخ الخلفاء، له 573، ينابيع المودّة 28.

(3) الشفا: القاضي عياض 31.

(4) نفسه.

٤٣٥

الغرق، وأهلُ بيتي أمانٌ لأمّتي من الاختلاف. فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس».

قال: هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه.(1)

ووقع الذي حذّر منه رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فظهر أكثرُ من ناصبيّ يعبدُ الله بعداوتهم! فكان مسلسل المآسي الذي ما زلنا نتجرّع غصّته وأثره السيِّئ، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.

وبسندٍ عن أبي عاصم، قال: حدّثنا موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة ابن الأكوع، عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «النجوم أمانٌ لأهل السماء، وأهلُ بيتي أمانٌ لأُمّتي».(2)

وقعة الجمل

قال ابن تيميه: وأمّا الحديث الذي رواه وهو قوله لها: «تقاتلين عليّاً وأنتِ

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين 3: 162 / 4715. والمعرفة والتاريخ: يعقوب الفسويّ 1: 538 و 296.

(2) مناقب الإمام علي: محمّد بن سليمان الكوفي (القرن الرابع)، 1: 828 / 667. والأمالي الخميسيّة: المرشد بالله (ت 499 هـ) 1: 155، والمعجم الكبير: الطبرانيّ (ت 360 هـ) 7: 25، وجواهر العقدين، للسمهوديّ: 95، وموضّح أوهام الجمع والتفريق: الخطيب البغداديّ 2: 402، وكنز العمّال 12: 101. والأمالي للطوسيّ 2 / 252 باب 48، والمعرفة والتاريخ 1: 538، وفرائد السمطين 2: 241 باب 47.

٤٣٦

ظالمة». قال: فهذا لا يُعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة... بل هو كذب قطعاً، فإنّ عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال، وإنّما خرجت بقصدِ الإصلاح بين المسلمين وظنّت أنّ في خروجها مصلحةً للمسلمين، ثمّ تبيّن لها فيما بعد أنّ تركَ الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتّى تبلّ خمارها، وهكذا عامّة السّابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزبير وعليّ رضي الله عنهم أجمعين.(1)

قال: (و أمّا قوله): وخالفت أمر الله في قوله تعالى:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنّ وَلاَ تَبَرّجْنَ تَبَرّجَ الْجَاهِلِيّةِ الْأُولَى ) (2) ؛ فهي رضي الله عنها لم تتبرّج تبرّج الجاهليّة الأولى، والأمر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحةٍ مأمورٍ بها كما لو خرجت للحجّ والعُمرة...، فعائشة اعتقدت أنّ ذلك السفر مصلحةٌ للمسلمين...(3) .

قال: وأمّا قوله: خرجت في ملأٍ من الناس تقاتل عليّاً على غير ذنبٍ فهذا كذِبٌ عليها فإنّها لم تخرج لقصد القتال ولا كان أيضاً طلحة والزبير قصدهما القتال لعليّ...(4)

قال: (وأمّا قوله) إنّ عائشة كانت تأمر بقتل عثمان وتقول: اقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً، ولما بلغها قتلُه فرحت بذلك ؛ فيقال له: أوّلاً: أين النقل الثابت عن

____________________

(1) منهاج السنّة: ابن تيميه 2: 185.

(2) الأحزاب: 33.

(3) منهاج السنّة: ابن تيميه 2: 186.

(4) منهاج السنّة: ابن تيميه 2: 186.

٤٣٧

عائشة بذلك، ويقال ثانياً: إنّ المنقول عن عائشة يكذّب ذلك ويُبيّن أنّها أنكرت قتْله وذمّت مَن قتله.

ويقال ثالثاً: هب أنّ واحداً من الصحابة، عائشة أو غيرها، قال في ذلك كلمةً على وجه الغضب لإنكاره بعضَ ما يُنكرُ، فليس قولُه حجّة! ولا يقدح في إيمان القائل ولا المقول له ؛ بل قد يكون كلاهما وليّاً لله تعالى، من أهل الجنّة، ويظنّ أحدُهما جوازَ قتْل الآخر بل يظنّ كفرَه! وهو مخطئ في هذا الظنّ...(1) .

قال: ويقال رابعاً: إنّ هذا المنقولَ عن عائشة من القدح في عثمان إن كان صحيحاً، فإمّا أن يكون صواباً أو خطأً، فإن كان صواباً لم يُذكر في مساوي عائشة وإن كان خطأً لم يُذكر في مساوي عثمان، والجمع بين بُغض عائشة وعثمان باطل ؛ وأيضاً فعائشة ظهر منها من التألّم لقتل عثمان! والذمّ لقتلِته وطلب الانتقام منهم ما يقتضي الندم على ما ينافي ذلك... ؛ وأيضاً ما ظهر من عائشة وجمهور الصّحابة وجمهور المسلمين من الملام لعليّ، أعظم ممّا ظهر منهم من الملام لعثمان، فإن كان هذا حجّة في لوم عثمان، كان حجّة في لوم عليّ وإلاّ فلا...(2) .

قال: وما يذكرونه من القدح في طلحة والزبير، ينقلب ما هو أعظم منه في حقّ عليّ ؛ فإن أجابوا عن ذلك بأنّ عليّاً كان مجتهداً فيما فعل وإنّه أولى بالحقّ من طلحة والزبير ؛ قيل: نعم، طلحة والزبير كانا مجتهدين وعليّ وإن كان أفضل

____________________

(1) نفسه: 188.

(2) منهاج السنّة: ابن تيميه 2: 190.

٤٣٨

منهما، لكن لم يبلغ فعلُهما بعائشة ما بلغ فعلُ عليّ!! فعليّ أعظم قدراً منهما ولكن إن كان فعل طلحة والزبير معها ذنباً، ففعلُ عليّ أعظم ذنباً فَتقاوَم كبر القدْر وعِظَم الذنب(1) .

قال: فإن قالوا: هما أحوجا عليّاً إلى ذلك لأنّهما أتيا بها، فما فعله عليّ مضاف إليهما لا إلى عليّ ؛ قيل: وهكذا معاوية، لمّا قيل له: قتلت عمّاراً وقد قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «تقتلك الفئة الباغية» قال: أوَ نحنُ قتلناه؟ إنّما قتله الذين جاؤوا به حتّى جعلوه تحت سيوفنا، فإن كانت هذه الحجّة مردودةً فحجّةُ مَن احتجّ بأنّ طلحة والزبير فعلا بعائشة ما جرى عليها من إهانة عسكر عليّ لها واستيلائهم عليها مردودة أيضاً، وإن قُبلتْ هذه الحجّة ؛ قُبلتْ حجّة معاويةرضي‌الله‌عنه !(2)

جوابنا:

كشف الرجل عن صفحة نفسه وأنّه ناصبيّ و...، فلو أنّه اكتفى بتسويغ خروج عائشة وطلحة والزبير، والتمس لهم المعاذير في ذلك ؛ وإن كانت مهلهلةً إذ هي أوهنُ من بيت العنكبوت!

لكان ذلك أفضل له وأستر، لكنّه كذب في تكذيب الحقائق الثابتة وخاض مناضلاً لقلب الأمور لتبرئة ساحة المذنبين وقد أقرّوا بذنبهم! ودافع عن النّاكثين والخوارج وأسقط ذنبهم على أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ، بل وذهب إلى القول بأنّ

____________________

(1) نفسه: 195.

(2) نفسه: 196.

٤٣٩

ذنبه أعظم من ذنبهم!

والحديث معه يفرض علينا أن نتحدّث عن حرب الجمل بشكلٍ وافٍ ليكون القارئ على بيّنة، ولضيق المجال فنذكر الضروريّ منها إجمالاً.

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يحذّر عائشة:

قال: وأمّا الحديث الذي رواه وهو قوله لها: «تقاتلين عليّاً وأنت ظالمة»، كذب قطعاً! وعلّل ذلك أنّها لم تقاتل! ولم تخرج لقتال وإنّما خرجت لطلب الإصلاح...

نقول: لقد حذّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عائشة من خروجها، وأمرُهصلى‌الله‌عليه‌وآله مطاعٌ لا يجوز عصيانه، وقد عصته أمّ المؤمنين، وعصاه الزّبير - وسنذكر خبره -

وهذه بعض الآثار في ذلك:

- أبو نُعيم الفضل بن دُكين، حدّثنا عبد الجبار بن الورد، عن عمّار الدُّهنيّ، عن سالم بن أبي الجعد، عن أمّ سلمة رضي الله عنها قالت: ذكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خروج بعض أمّهات المؤمنين، فضحكت عائشة فقال: انظري يا حُميراء أن لا تكوني أنت» ثمّ التفت إلى عليّ فقال: «إنْ ولِيتَ من أمرها شيئاً فارفِق بها».(1)

ما أبينَها من حجّةٍ وما أصدقَه من دليلٍ على خروجها على عليّ محاربةً لا مُصلحةً كما زعم! وإلاّ فلِمَ استَبَقصلى‌الله‌عليه‌وآله الزمنَ وذكر ما سيكون، ولِمَ حذّر عائشة دون غيرها في الخروج على عليّعليه‌السلام ، وطلب من عليّ الرِّفق بها، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين: الحاكم 3: 129 / 4610.

٤٤٠