ابن تيميه الجزء ٢

ابن تيميه0%

ابن تيميه مؤلف:
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 492

ابن تيميه

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: حبيب طاهر الشمري
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: الصفحات: 492
المشاهدات: 141173
تحميل: 3928


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 492 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 141173 / تحميل: 3928
الحجم الحجم الحجم
ابن تيميه

ابن تيميه الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ أخي ووزيري وخليفتي في أهلي وخيرَ مَن أترك بعدي يقضي دَيني ويُنجز موعودي، عليُّ بن أبي طالب(1) .

* محدوج بن زيد الذهليّ: يحيى بن عبد الحميد الحمّانيّ، عن قيس بن الربيع، عن سعد الخفّاف، عن عطيّة العوفيّ، عن محدوج بن زيد الذُهْليّ(2) : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين المسلمين، ثمّ أخذ بيد عليّ فوضعها على صدره ثمّ قال: يا عليّ، أنت أخي، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي.

يا عليّ، ينادي مُنادٍ من عند العرش: يا محمّد، نِعمَ الأبُ أبوك وهو إبراهيم، ونعم الأخُ أخوك وهو عليّ(3) .

* ليلى الغِفاريّة(4) : قالت: كنت أخرج مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مغازيه، فأُداوي الجرحى وأقوم على المرضى، فلمّا خرج عليّ إلى البصرة خرجتُ مه، فلمّا رأيت عائشة واقفة دخلني شيء من الشكّ، فأتيتها فقلت لها: هل سمعتِ مِن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فضيلة في عليّ؟ قالت: نعم، دخل عليٌّ على رسول الله وهو مع عائشة وهو على فُرَيش لي وعليه جَرْد قطيفة، فجلس بينهما، فقالت له عائشة: أما وجدتَ مكاناً هو أوسع لك من هذا؟ فقال النبيّ: يا عائشة، دعي أخي، فإنّه

____________________

(1) شواهد التنزيل 1: 373 / 516.

(2) في أسد الغابة 5: 71 / 4679: محْدوج بن زيد الهُذَليّ، «مختلف في صُحبته». وفي تذكرة الخواصّ 29: مجدوح - آخره حاء - الباهليّ.

(3) مناقب الكوفيّ 1: 360 / 224، مختصر تاريخ دمشق 17: 313 مع زيادة.

(4) صحابيّة مضت ترجمتها.

٤١

أوّل الناس بي إسلاماً، وآخر الناس بي عهداً عند الموت، وأوْلى الناس بي يوم القيامة(1) .

- حُذيفة بن أسِيد(2) : عن أبي الطُّفَيل، عن حُذيفة بن أسِيد قال: أخذ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد عليّ بن أبي طالب فقال: أبْشِر وأبشر، إنّ موسى دعا ربّه أن يجعل له وزيراً من أهله هارون، وإنّي أدعو ربّي أن يجعل لي وزيراً من أهلي، عليّ أخي، أشدُدُ به ظهري وأُشرِكُه في أمري(3) .

وله شاهد من حديث أسماء: عن حصين بن عبد الرحمان، عن أسماء بنت عميس قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أقول كما قال أخي موسى( رَبّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي... مِنْ أَهْلِي ) (4) عليّاً أخي(5) .

- عن الحرث بن حصيرة عن القاسم بن جُنْدَب قال: سمعت رجلاً من خثعم يقول: سمعتُ أسماء بنت عُمَيس تقول: سمعتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: اللّهم إنّي أقول كما قال أخي موسى:

اللّهم اجعلْ لي وزيراً من أهلي، عليّاً أخي، أُشْدُدْ به أزْري، وأشْرِكْه في

____________________

(1) مختصر تاريخ دمشق 17: 308.

(2) صحابيّ مضت ترجمته.

(3) شواهد التنزيل 1: 368 حديث 510.

(4) طه: 25 - 29.

(5) نفسه، 370 حديث 512.

٤٢

أمري - إلى قوله: بصيراً(1) .

* أمّ سَلَمة: عن محمّد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن سلمة، عن أبيه، عن أمّ سلمة قالت: سمعتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ: أنت أخي وحبيبي، فمَن أرادك أرادني(2) .

* يزيد بن شراحيل كاتب عليّعليه‌السلام ، قال: سمعت عليّاً يقول: حدّثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا مُسِندُه إلى صدري، فقال: أيْ أخي، ألم تسمع قول الله عزّ وجلّ:( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ) (3) ؟! أنت وشيعتُك، وموعدي وموعدُكمُ الحَوْض(4) .

أحاديث المؤاخاة عن طريق أهل البيتعليهم‌السلام :

أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام :

عن محمّد بن عبد الله بن الحسن ويحيى بن عبد الله، عن أبيهما عن جدّهما، عن عليّ بن أبي طالب قال: لما خطب أبوبكر قاام أُبيّ بن كعب يوم الجمعة، وكان أوّلَ يومٍ من شهر رمضان، فقال - وخطبته طويلة نذكر منها ما

____________________

(1) مناقب الكوفيّ 1: 362 / الحديث 225 و 1: 406 / الحديث 277، تفسير فرات / الحديث 346، 347، شواهد التنزيل 1: 370 / الحديث 511.

(2) مناقب الكوفيّ 1: 368 / 232.

(3) البيّنة: 7.

(4) تفسير الحبريّ 541 / 9؛ البرهان 4: 489؛ المناقب للخوارزميّ 187، كفاية الطالب 246، الدرّ المنثور 6: 379.

٤٣

يناسب المقام -: أوَ لَستم تعلمون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل موته جَمَعنا في بيت فاطمة ابنته فقال: ألا وإنّ الله أوحى إليّ أن أتّخذ عليّاً أخاً؛ اتّخذْ كموسى هارون أخاً(1) ، واتّخذْ ولدَه ولداً، فقد طهّرتُهم كما طهّرتُ وُلْدَ هارون، ألا إنّي ختمتُ بك النبيّينَ فلا نبيَّ بعدك(2) .

- عن جعفر - الصادق - عن أبيه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ: إنّ الله أمرني أن أُواخيك، فأت أخي في الدنيا والآخرة(3) .

- كتب معاوية إلى الإمام عليّعليه‌السلام : يا أبا الحسن، إنّ لي فضائل كثيرة، وكان أبي سيّداً في الجاهليّة! وصرتُ ملكاً في الإسلام، وأنا صِهْر رسول الله، وخال المؤمنين. فقال عليّ: أبِالفضائلِ يفخرُ علَيّ ابنُ آكلة الأكباد؟! ثمّ قال: اكتبْ يا غلام:

محمّدٌ النبيُّ أخي وصِهْري

وحمزةُ سيّدُ الشهداءِ عمّي

وجعفرٌ الذي يُمسي ويُضحي

يطيرُ مع الملائكةِ ابنُ أمّي

وبنتُ محمّدٍ سَكَني وعرسي

مَسُوطٌ لحمُها بدمي ولحمي

وسبطا أحمدٍ وَلَدايَ منها

فأيّكُمُ له سَهمٌ كسهمي؟!

سبقتُكمُ إلى الإسلام طُرّاً

صغيراً ما بلغتُ أوانَ حِلمي

فقال معاوية: أُخفُوا هذا الكتاب، لا يقرأه أهل الشام، فيميلونَ إلى ابن

____________________

(1) كذا في المصدر، ولعلّها: كما اتّخذَ موسى هارونَ أخاً.

(2) مناقب الكوفيّ 1: 258 / 142.

(3) نفسه 1: 250 / 139، ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام من تاريخ دمشق 1: 117 / 138.

٤٤

أبي طالب!(1)

الحسن بن عليّعليهما‌السلام

أخرج الدولابيّ بسنده: خطب الحسنُ بن عليٍّ الناسَ حين قُتل عليّ، فحَمِد اللهَ وأثنى عليه، ثمّ قال: لقد قُبِض في هذه اللّيلة رجلٌ لم يَسبِقْه الأوّلون، ولا يُدركُه الآخرون، وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعطيه رايته، ويقاتل جبريل عن يمينه وميكائيلُ عن يساره، فما يَرجِع حتّى يفتحَ اللهُ عليه، وما ترك على ظهر الأرض صفراءَ ولا بيضاء إلاّ سبعَمائة درهم، فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله؛ وهو: عليّ بن أبي طالب حبيب رسول الله وأخوه!(2)

- عن عبد الله بن ثُمامة قال: سمعت عليّاً يقول: أنا عبد الله وأخو رسول الله، ولم يقلها أحَدٌ قَبلي، ولا يَقولُها أحدٌ بعدي إلاّ كذّاب(3) .

- عن حُكَيم بن سعد(4) قال: سمعت عليّاً على هذا المنبر يقول أكثر من ألف مرّة: أنا عبدُ الله وأخو رسول الله، لا يقولها بعدي إلاّ كاذب(5) .

* زيد بن عليّ: عن يحيى بن مساور، عن أبي الجارود، عن زيد بن عليّ

____________________

(1) مختصر تاريخ دمشق 18: 77.

(2) الذّرّية الطاهرة، الدُّولابيّ 109 / الحديث 114 و 117.

(3) مختصر تاريخ دمشق 17: 315.

(4) حُكَيم مصغّراً، من رجال البخاريّ في كتاب (الأدب المفرد)، والنسائيّ كما في (تهذيب التهذيب: 2: 453).

(5) مناقب الكوفيّ 1: 385 / 255.

٤٥

قال: أقْبَلَ رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله معه عمّاه حمزةُ والعبّاس، وعليٌّ وعقيل وجعفر يعالجون حائطاً لهم، فقال النبيّ لعمَّيه: اختارا. فقال حمزة: اخترتُ جعفراً. وقال عبّاس: اخترت عقيلاً. فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : الحمدُ لله، إخترتُ عليّاً(1) .

* جعفر بن محمّد، عن أبيه - محمّد الباقرعليه‌السلام - قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ: يا عليّ، أنت أخي ووصيّي ونَصيحي وصفيّي وخالص أمّتي، وسَأُنبّئك بما يكون فيها مِن بعدي(2) .

- عن جعفر بن محمّد، عن أبيه: أنّ عليّاً قام فقال: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يقولها غيري إلاّ كذّاب. قال: فقالها رجل فخَبَطَه الشيطان!(3)

- محمّد بن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه قال: افتقد رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً، فاغتمّ لذلك غمّاً شديداً، فلمّا رأت ذلك خديجة قالت: يا رسول الله، أنا أعلمُ لك علمَه. فشدّت على بعيرها، ثمّ ركبت فلَقِيت عليَّ بن أبي طالب، فقالت له: اركبْ وائْتِ رسول الله؛ فإنّه بك مغتمّ. فقال: ما كنت لأجلس في مجلس زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بلِ امضِ فأخبري رسولَ الله، فإذا هو قائم يقول: اللّهم فرّجْ غمّي بأخي عليّ، فإذا بعليّ قد جاء، فتعانقا. قالت خديجة: ولم أكن أجلس إذا

____________________

(1) نفسه، 1: 417 / 288.

(2) نفسه، 409 / 281.

(3) نفسه، 372 / 237.

٤٦

كان رسول الله قائماً، قالت: فما افترقا متعانقَين حتّى ضربتا علَيّ قدماي(1) .

- عن سالم بن أبي الجَعْد(2) قال: قال عليّ على رؤوس الناس: لأَقولنّ كلمةً لم يقلها أحد قَبلي ولا يقولها أحد بعدي إلاّ كذّاباً: أنا عبدُ الله وأخو رسوله(3) .

____________________

(1) مناقب الكوفي 1: 363 / 226. ورواه مرسلاً الطبريّ في بشارة المصطفى 7: 216 - طبعة الغريّ. ورواه مُعاذ بن جبل كما في الحديث (703) في تفسير سورة الإنشقاق من تفسير فرات الكوفيّ.

(2) ذكره العجليّ في الثقات: سالم بن أبي الجَعْد الغَطْفانيّ: كوفيّ، تابعيّ، ثقة.

حدّثنا قبيصة بن عُقبة، عن سفيان، عن منصور قال: قلت لإبراهيم إنّك إذا حدّثتَ بجزءٍ وسالم ابن أبي الجَعْد يتمّ؛ قال: كان سالم يكتب وأنا لا أكتب. (تاريخ الثقات، للعجليّ 173 / 496).

وذكره ابن حِبّان في ثقاته: سالم بن أبي الجَعْد مولى أشْجَع، وأبو الجَعْد اسمُه رافع مولى غَطْفان، يروي عن ابن عمر وجابر وأنس؛ روى عنه منصور والأعمش، عداده في أهل الكوفة، مات سنة سبعٍ أو ثمانٍ وتسعين في ولاية سليمان بن عبد الملك، وهم إخوة ستّة: سالم وعُبيد وعِمران وزياد ومسلم وعبد الله بنو أبي الجعد. (الثقات، لابن حبّان 2: 186 / 1435) وفي رجال البرقيّ 5: من خواصّ أمير المؤمنين من مُضَر: سالم وعُبيدة وزياد بنو أبي الجَعْد الأشْجَعيّون.

وذكره ابن داود في خواصّ أمير المؤمنين. رجال ابن داود 166 / 660. وينظر في الطبقات الكبرى، لابن سعد 6: 200، وتاريخ البخاريّ الكبير 4: 107، الجرح والتعديل، للرازيّ 4: 782، 785.

(3) مناقب الكوفيّ 1: 364 / 227. وقريب منه رواه بسندَين آخَرين: أبو بكر بن أبي شيبة في الحديث «16 و 21» من باب فضائل عليّعليه‌السلام من كتاب الفضائل تحت الرقم «12128 و 12133» من كتاب المصنَّف لابن أبي شَيبة 1: 62. قال عبد الله بن نُمَير (الهمدانيّ أبو هِشام الكوفيّ، ثقة. تُوفّي سنة تسع وتسعين ومائة. (طبقات خليفة 293 / 1329). وترجمته في التهذيب 16: 225 / 3618) عن الحارث بن حَصِيرة - تأتي ترجمته - قال: حدّثني أبو سليمان الجُهَنيّ (يعني زيد بن =

٤٧

- عن الحارث بن حَصِيرة(1) ، عن رجلٍ من الأزْد قال: سمعتُ عليّاً

____________________

= وَهب) قال: سمعتُ عليّاً على المنبر وهو يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله، لم يَقُلها أحد قَبلي ولا يقولها أحد إلاّ كذّابٌ مُفترٍ. العلاء بن صالح التيميّ، كوفيّ ثقة. (المعرفة والتاريخ 3: 132، التهذيب 22: 511 / 4572) عن المِنهال: المِنهال بن عَمرو الأسديّ، كوفيّ ثقة. (تاريخ الثِّقات 442 / 1643). وذكره الطوسيّ في أصحاب الحسين، وعليّ بن الحسين، والباقر والصادقعليهم‌السلام : (رجال الطوسيّ 79، 91، 101) وذكره البرقي في أصحاب السجّاد (رجال البرقيّ 8)، عن عبّاد ابن عبد الله، عبّاد بن عبد الله الأسديّ، كوفيّ تابعيّ ثقة. (تاريخ الثِّقات 247 / 765)، قال: سمعتُ عليّاً يقول: أنا عبدُ الله وأخو رسوله وأنا الصدّيق الأكبر، لا يقولها بعدي إلاّ كذّاب مُفترٍ، ولقد صلّيت قبل الناس بسبع سنين. (المصنّف، لابن أبي شيبة 7: 498 / الحديث 21 من فضائل علي، سُنن ابن ماجة 1: 44 / 120.

(1) الحارث بن حَصِيرة الأزديّ، كوفيّ ثقة. (تاريخ الثِّقات، للعجليّ 102 / 230). وذكره البرقيّ في أصحاب الصادقعليه‌السلام ، وقال: روى عنه عليّ بن الحَكم: عليّ بن الحَكم، بصريّ! لا بأس به. (تاريخ الثِّقات 346 / 1181). ابن سعد: عليّ بن الحَكَم البُنانيّ، من أنفسهم، ويُكنّى أبا الحكَم، وكان ثقةً له أحاديث، تُوفّي سنة إحدى وثلاثين ومائة. (الطبقات الكبرى 7: 190 / 3209). ابن داود، والأردبيليّ: عليّ بن الحَكَم الكوفيّ، ثقة جليل القدَر. (رجال ابن داود 243 / 1025، جامع الرّواة 1: 575 / 4617).

وسَعْدان بن مسلم، ذكره الطوسيّ في أصحاب الصادقعليه‌السلام (رجال الطوسيّ 206 / 64). وفي (رجال ابن داود 171 / 686): سعدان بن مسلم، واسمه: عبد الرحمان، أبو الحسين العامريّ مولى أبي العلاكُرْز بن حفيد العامريّ من عامر بن ربيعة، عُمِّر طويلاً.

وفي (جامع الرّواة 1: 357 / 2874) ذكر له ترجمة مطوّلة وسمّاه كما في رجال ابن داود، ولكنّه قال: أبو الحسن - من غير ياء -، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام ، وعُمِّر طويلاً). وذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة، قال: الحارث بن حَصِيرة، من الأزْد من أنفسهم. روى عنه سفيان الثوريّ. (الطبقات الكبرى 6: 325 / 2500، والتقريب 1: 140). =

٤٨

يقول على المِنبر: أنا عبدُ الله وأخو رسول الله، لم يَقُلها أحدٌ قَبلي ولا يقولها أحد بعدي إلاّ كذّاب!

فقال رجل: أنا أقول كما قال: أنا عبدُ الله وأخو رسول الله، فضُرِب به فاحتمله أصحابه.

قال الأزْديّ: فتبعتُهم حتّى بلغوا به دارَ عمّار فقالوا: ما تريد منّا؟ فقلت: إنّي واللهِ ما أُريد منكم إلاّ أن تُخبروني، هل كان صاحبكم يُصيبه هذا قبل اليوم؟ فقالوا: لا واللهِ، ما أصابه هذا قطّ حتّى تكلّم بهذه الكلمة(1) .

- عن المسعوديّ، عن الحارث بن حصيرة، عن زيد بن وَهْب الجُهَني قال: كنت مع عليّ في الرَّحْبة فقال: لأَتكلّمنّ اليوم بكلامٍ لا يتكلّم به بعدي إلاّ مفترٍ كذّاب: أنا عبد الله وأخو رسوله.

فقال رجل من غلطفان: واللهِ لأَقولنّ كما قال هذا الكذّاب!:

أنا عبد الله وأخو رسوله.

____________________

= وذكره الطوسيّ في أصحاب الصادقعليه‌السلام ، قال: الحارث بن حَصِيرة أبو النعمان الأزديّ، كوفيّ تابعيّ. (رجال الطوسيّ: 178 / 227).

وفي جامع الرّواة 1: 172 / 1395: الحارث بن حَصِيرة أبو النعمان الأزْديّ كوفيّ تابعيّ. روى عن الأصبغ بن نُباتة من خواصّ أمير المؤمنين: (رجال البرقيّ: 5، رجال ابن داود 60 / 201، رجال الطوسيّ 34، طبقات ابن سعد 6: 247 وقال العجليّ عنه: ثقة. تاريخ الثقات 71): «إنّ مستقى العلم مِن بيتِ آلِ محمّد».

(1) مناقب الكوفيّ 1: 366 / 230. وذكره ابن أبي شيبة في (المصنَّف 7: 497 / الحديث 16 - من فضائل عليّ بن أبي طالب، عن زيد بن وهب، وآخره: إلاّ كذاب مفتر).

٤٩

فواللهِ ما لبث أن صُرع يَضطربُ جُنوناً!.(1)

* الحسن البصريّ: بأسانيد عن أشعث بن سوّار قال: سبّ عَدِيُّ بن أرطاة(2) عليّاً وهو على المِنبر، فبكى الحسن البصريّ وقال: لقد سُبّ اليوم رجل، إنّه لأخو رسول الله في الدنيا والآخرة(3) .

- عن يونُس بن عبيد قال: كنت إلى جنب الحسن، وعديّ بن أرطاة يخطب، فذكر عليَّ بن أبي طالب فسَبَّه ووقع فيه، فلمّا قضينا قال الحسن: ما لَه قاتَلَه الله؟! واللهِ إنّه لأَخو رسول الله في الدنيا والآخرة(4) .

- أبو البَخْتريّ الأنصاريّ(5) ، قال: صعد عليّ بن أبي طالب المنبر فقال: أيّها

____________________

(1) مناقب الكوفيّ 1: 386 / 257. ورواه عبد الله بن نُمَير ومالك بن مُغْول عن الحارث كما في الحديث (16) من باب فضائل عليّ من كتاب الفضائل من المصنّف، لابن أبي شيبة 12: 12 / 12128؛ وخصائص النسائيّ / الحديث (66)؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 316؛ وابن عَدِيّ في كامله 2: 187 - ترجمة الحارث بن حصيرة.

(2) عَديّ بن أرطاة الفَزَاريّ، عامل عمر بن عبد العزيز على البصرة، قُتل سنة اثنتين ومائة. (تهذيب الكمال 19: 522 / 3882).

(3) مناقب الكوفيّ 1: 375 / 241.

(4) نفسه، 384 / 252.

(5) قال ابن سعد: واسمُه فيما ذكر عليّ بن عبد الله بن جعفر: سعيد بن أبي عِمران. وقال غيره: سعيد ابن جُبير، وهو مولى لبني نَبْهان من طيّء. الطبقات الكبرى 6: 292.

وقوله: سعيد بن جُبير، تصحيف كما سترى، وإنّما سعيد بن جُبير غيره، وهو الوالبيّ، قتله الحجّاج لأنّه كان يأتمّ بعليّ بن الحسين. شُعبة عن عمرو بن مُرّة قال: لمّا كان يوم الجَماجم، أراد القرّاء =

٥٠

الناس، لأَقولنّ مقالةً ما قالها قبلي ولا يقولها بعدي إلاّ كاذب: أنا عبدُ الله وأخو نبيّه.

فقالوا: إنّما أنت ابنُ عمِّه، فقال: إنّي لم أقُلْه حتّى سمعتُه يقوله - أي سمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول بأُخوّته لعليّ - وورثتُ نبيَّ الرحمة، ونكحتُ سيّدةُ نساء هذه الأُمّة، وأنا خيرُ الوصيّين.

فقال رجل من بني عَبْس: مَن لا يُحسن أن يقول مثل هذا؟! فلم يَرجِع إلى أهله حتّى جُنّ! فأتوا قومه يسألونهم: هل رأيتم به عرَضاً قبل هذا؟ فقالوا: ما رأينا به عرَضاً قبل هذا(1) .

____________________

= أن يُؤمِّروا عليهم أبا البَخْتَريّ، فقال: أنا رجل من الموالي فأمِّروا رجلاً من العرب، فأمَّروا جَهْم ابن زَحْر الجُعفيّ. (الطبقات الكبرى 6: 292، تاريخ خليفة 221).

وذكره خليفة بن خيّاط في الطبقة الثانية، قال: أبو البَخْتريّ الطائيّ، اسمُه سعيد بن فَيْروز. ويقال: ابن عِمران، مولىً. لهم، قُتل مع ابن الأشعث بدير الجَماجم سنة اثنتين وثمانين. (طبقات خليفة 260 / 1107، تاريخ خليفة 221).

وفي تاريخ يحيى بن معين 1: 265، والكنى والأسماء، للدولابيّ 1: 126: اسمه: سعيد. وذكره العجليّ في ثقاته قال: سعيد بن فَيْروز، تابعيّ، ثقة، فيه تشيّع. (تاريخ الثقات، للعجليّ 187 / 560).

(1) مناقب الكوفيّ 1: 384 / 253.

قال ابن حبّان: سعيد بن فَيروز الطائيّ، مولىً لم، أبو البَخْتريّ، وقد قيل: سعيد بن أبي عِمران، عداده في أهل الكوفة، يروي عن ابن عبّاس وابن عمر. قُتل بالجماجم سنة ثلاث وثمانين. وقد قيل: سعيد بن عُبيد، مولى بني نبهان. (الثقات، لابن حبّان 2: 173 / 1342). =

٥١

- شريك، عن مسروق، عن أبي خالد، عن زيد بن عليّ، عن آبائه قال: قال عليّ: شكوت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حسد الناس إيّاي، فقال: أما ترضى على أنّك أخي ووزيري، وأوّل أربعة يدخلون الجنّة: أنا وأنت والحسن والحسين، وذريّتنا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرّيتنا، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا(1) ؟!

* عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام : بسند عنه عن آبائه عن أميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليلةَ عُرج بي إلى السماء، حَمَلني جبرئيل على جناحه الأيمن فقيل لي: مَنِ استَخلَفْتَه على أهل الأرض؟ فقلت: خيرُ أهلها لها أهلاً: عليَّ بن أبي طالب، أخي وحبيبي وصهري. فقيل لي: يا محمّد، أتُحبّه؟

____________________

= ذكره البرقيّ في أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، من أهل اليمن. قال: أبو البَخْتريّ سعيد بن فَيْروز. رجال البرقيّ 6.

وذكره ابن داود، قال: أبو البَخْتريّ سعيد بن فَيْروز من خواصّ أصحاب أميرالمؤمنينعليه‌السلام رجال ابن داود، القسم الأوّل 170 / 683.

حمّاد بن سلَمة قال: أخبرنا عطاء بن السائب أنّ أبا البَخْتريّ وأصحابه، كان أحدهم إذا سمع ثناءً عليه عرَض له عُجْبٌ في قلبه، ثَنى منكبيه وقال: خَشِعتُ للهِ. وربّما قال حمّاد: ثنى ظهره. (الطبقات الكبرى 6: 292).

زُهير بن حرب قال: حدّثنا عليّ بن ثابت عن شَريك عن عطاء بن السائب قال: كان أبو البَخْتريّ يستمع النوح ويبكي. (المصدر السابق).

عن شعبة قال: سألتُ الحكم بن عُتبة عن زاذان فقال: أكثِر. قال: وسألتُ سلَمَة بن كُهيل فقال: أبو البَخْتريّ أعجبُ إليَّ منه. (المصدر السابق).

(1) مناقب الكوفيّ 1: 389 / 262.

٥٢

فقلت: نعم يا ربَّ العالمين. فقال لي: حُبَّه، ومُرْ أمّتك بحبِّه(1) .

حديث العشيرة

وهو من الأحاديث المشتهرة المتواترة التي آخى فيها رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاًعليه‌السلام .

عن ابن عبّاس عن عليّ بن أبي طالب قال: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (2) دعاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا عليّ، إنّ الله أمرني أن أُنذِر عشيرتي الأقربين - والحديث طويل فيه: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عليّاً أن يصنع طعاماً ويدعوَ بني عبد المطّلب، فلمّا أكلوا وشربوا - أراد رسول الله أن يكلّمهم، بَدرَه أبولهب إلى الكلام فقال: ما سَحَرَكم صاحبُكم - لمّا رأى من بَركة رسول الله في الطّعام - فتفرّق القوم ولم يكلّمهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: الغدَ يا عليّ، إنّ هذا الرجل سبقني إلى ما قد سَمِعتَ من القول فتفرّق القوم قبل أن أكلّمهم، فعُدَّ لنا طعاماً بمِثْلِ ما صنعتَ، ثمّ اجمعهم إليّ. قال: ففعلت، ثمّ جمعتهم، ثمّ دعاني بالطعام فقرّبته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتّى ما لَهم بشيء حاجة، ثمّ قال: أسقِهم. فجِئْتُهم بذلك العسّ، فشربوا حتّى رُوُوا منه جميعاً، ثمّ تكلّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا بني عبد المطّلب، إنّي والله ما أعلمُ شابّاً في العرب جاء قومَه بأفضلَ ممّا قد جئتُكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا

____________________

(1) شواهد التنزيل 1: 358 / 488.

(2) الشعراء: 214.

٥٣

والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوَكم إليه، فأيّكم يُوازرُني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟ قال ك فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت: أنا يا نبيّ الله، أكون وزيرَك عليه، فأخذ برقبتي ثمّ قال: إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.

قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتُطيع(1) ! عن الأصبغ بن نُباتة قال: سمعتُ عليّاً يقول: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي ثمّ قال: يا أخي، قولُ الله تعالى( ثَوَاباً مِنْ عِندِ اللّهِ ) (2) أنت الثواب(3) .

- عن ربيعة بن ناجذ(4) أنّ رجلاً قال لعليّعليه‌السلام : يا أميرالمؤمنين، بِمَ وَرِثتَ ابنَ عمّك دون عمّك؟ فقال عليّ: هاؤم - ثلاث مرّات - حتّى اشرأبّ الناس ونشروا آذانهم. ثمّ قال: جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بني عبد المطّلب منهم رهطه... فصنع

____________________

(1) تاريخ الطبريّ 2: 62 - 63؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 311؛ مسند أحمد 1: 111؛ والفضائل له 91؛ تفسير الحِبَريّ 348؛ الخصائص للنسائيّ، 86؛ تفسير الطبريّ 19: 74؛ شواهد التنزيل 1: 420 - 424؛ تفسير ابن كثير 3: 351؛ شرح نهج البلاغة، للمعتزليّ 3: 254؛ الكامل في التاريخ 2: 41؛ كنز العمّال 15: 115؛ السيرة الحلبيّة 1: 286؛ علل الشرائع، للصدوق 1: 170؛ سعد السعود 105 - 106؛ ينابيع المودّة 105.

(2) آل عمران: 195.

(3) شواهد التنزيل 1: 138.

(4) ربيعة بن ناجذ الأسديّ الكوفيّ: سمع عليَّ بن أبي طالب، وورد الأنبار في صحبته، روى عنه أبو صادق الأزْديّ، وقيل: إنّ أبا صادق هو ربيعة. (تاريخ بغداد 8: 420 / 4530. طبقات ابن سعد 6: 247 / 2234). وذكره البرقيّ في أصحاب عليّ من أهل اليمن، وسمّاه ربيع من غير هاء. (رجال البرقيّ 6). وذكره العجليّ فقال: تابعيّ ثقة كوفيّ. (تاريخ الثقات 159).

٥٤

لهم مُدًّا من طعام، فأكلوا حتّى شبعوا وبقيَ الطعام كما هو كأنّه لم يُمَسّ. قال: ثمّ دعا بغمر فشربوا حتّى رُووا، وبقيَ الشراب كأنّه لم يُمس ولم يشربوا. قال: ثمّ قال: يا بني عبد المطّلب، إنّي بُعِثتُ إليكم بخاصّة وإلى الناس بعامّة، وقد رأيتم من هذا الأمر ما قد رأيتم، فأيّكم يُبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقم إليه أحد، فقمتُ إليه، وكنتُ أصغرَ القوم، قال: فقال: اجلس. قال: ثمّ قال ثلاث مرّات، كلُّ ذلك أقوم إليه فيقول لي: اجلس، حتّى كان في الثالثة، فضرب بيده على يدي، قال: فبذلك وَرِثتُ ابنَ عمّي دون عمّي(1) .

ولحسّان بن ثابت أشعار يذكر فيها أخوّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام ، منها شعره في ردّ الشمس على عليّعليه‌السلام بدعاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :

يا قومُ مَنْ مِثلُ عليٍّ وقد

رُدّت عليه الشمسُ من غائبِ

أخو رسولِ الله وصهرُه

والأخُ لا يُعدَلُ بالصاحبِ(2)

وفي إعطاء الراية لأميرالمؤمنينعليه‌السلام قال حسّان:

وكان عليٌّ أرمدَ العينِ يبتغي

دواءً، فلمّا لم يُحِسَّ مُداويا

شفاهُ رسولُ الله منه بتَفْلةٍ

فَبُوركَ مَرْقِيّاً وبُوركَ راقيا

وقال: سأُعطي الرايةَ اليومَ صارماً

كَمِيّاً مُحبّاً للرسولِ مُواليا

يُحبُّ إلهي والإلهُ يُحبُّهُ

بهِ يَفتَحُ اللهُ الحُصونَ الأوابيا

____________________

(1) تاريخ الطبريّ 2: 63 - 64؛ مسند أحمد 1: 257 / 1375.

(2) ينابيع المودّة 138.

٥٥

فأصفى بها دونَ البريّةِ كلِّها

عليّاً، وسَمّاهُ الوزيرُ المُؤاخيا(1)

* المبيت على فراش النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

لما أراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الهجرةَ إلى المدينة خلّف عليَّ بن أبي طالبعليه‌السلام بمكّة، لقضاء ديونه وأداء الودائع التي كانت عنده، وأمره ليلةَ خرج إلى الغار - وقد أحاط المشركون بالدار - أن ينام على فراشه، ففعل ذلك عليّعليه‌السلام ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى جبرئيل وميكائيل: إنّي آخيتُ بينكما، وجعلت عُمْر أحدكما أطول من الآخر، فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة، فأوحى الله تعالى إليهما: أفلا كنتما مثل عليّ بن أبي طالب؟! آخيتُ بينه وبين محمّد، فبات على فراشه يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة؛ إهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه. فنزلا، فكان جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل ينادي: بخٍ بخٍ، مَن مثلك يا عليّ بن أبي طالب! يباهي الله تبارك وتعالى بك الملائكة! فأنزل الله على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو متوجّه إلى المدينة في شأن عليّعليه‌السلام :( وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّهِ ) (2) .(3)

____________________

(1) كفاية الطالب 98؛ مناقب ابن المغازليّ 189؛ عمدة القاري 16: 216.

(2) البقرة: 207.

(3) الفصول المهمّة 33؛ تذكرة الخواصّ 41؛ كفاية الطالب 239 عن الكشف والبيان - تفسير الثعلبيّ - 2: 126.

فمِن الملائكة آخى سبحانه بين الملكين الكريمين، ومن البشر آخى بين النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّعليه‌السلام ، ففاق عليٌّ الملكين في هذه المكرمة والمزيّة؛ إذ تعلّق الملكان بالحياة، لكنّهعليه‌السلام شرى نفسه فداءً للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبذا علا عليٌّعليه‌السلام .

٥٦

- وذكر ابن سعد المؤاخاة، قال: عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ، عن أبيه قال: لمّا قَدِم رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين المهاجرين بعضهم فبعض، وآخى بين المهاجرين والأنصار، فلم تكن مؤاخاة إلاّ قبل بدر، آخى بينهم على الحقّ والمؤاساة، فآخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين عليّ بن أبي طالب(1) .

وذكر ابن الجوزيّ المؤاخاة، قال: آخى بين عليّ بن أبي طالب وبين نفسهصلى‌الله‌عليه‌وآله (2) .

لقد ائتمّ ابنُ تيميه بابن الجوزيّ فجعله مداره في إنكار حديث ردّ الشمس، وأعرض عن الجمع الجمّ من ثقات وعدول رجال الحديث المتقدّمين؛ فهلاّ فعل مثل ذلك في حديث المؤاخاة، فاقتفى أثر ابن الجوزيّ الذي أثبت حديث المؤاخاة بين النبيّ والوصيّعليهما‌السلام ؟!

( فَإِنّهَا لاَ تَعْمَى‏ الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَي الْقُلُوبُ الّتِي فِي الصّدُور ) (3) .

المزّيّ: وهو معاصر لابن تيميه، ذكر المزّيّ المؤاخاةَ من غير توقّف، قال: وروى قولهعليه‌السلام : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» جماعةٌ من الصحابة، وهو من أثبت الآثار وأصحّها، رواه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : سعد بن أبي وقّاص، وابن عبّاس، وأبو سعيد الخدريّ، وجابر بن عبد الله، وأمّ سلمة، وأسماء بنت عميس، وجماعة يطول ذكرهم، وروينا من وجوه عن عليّ أنّه كان يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله،

____________________

(1) الطبقات الكبرى، ابن سعد 3: 22.

(2) المنتظم، لابن الجوزيّ 3: 74.

(3) الحجّ: 46.

٥٧

لا يقولها أحدٌ غيري إلاّ كذّاب.

وقال أبو عمر: آخى رسول الله بين المهاجرين بمكّة، ثمّ آخى بين المهاجرين والأنصار بالمدينة، وقال كلّ واحد منها لعليّ: أنت أخي في الدنيا والآخرة. وآخى بينه وبين نفسه، فلذلك كان هذا القولُ وما أشبهُه مِن عليّ(1) .

نختم كلامنا في المؤاخاة بكلام أحد المعاصرين، وهو الأستاذ عبد الفتّاح عبد المقصود، وقال: «إنّ عليّاً كان منه الظلَّ اللاّصق، لم ينأ عنه ولم يبعد إلاّ كما أرسله محمّد ليكون له على أعدائه عيناً أو لرجاله طليعةً، حتّى في بدء ذلك الوقت الذي أخذ رسول الله يكوّن فيه ملكه الصغير، ويربط بين المهاجرين والأنصار بالمدينة، لم يفته أن يؤثر بإخائه عليّاً دون الباقين. آخى بين صحبه الخارجين من ديارهم معه وبين أصحاب البلدة الذين آووا، فتخيّر أن يكون عليّ أخاه في دين؛ لم يؤاخ أبا بكر، ولم يؤاخ عمر، ولم يؤاخ حمزة أسده وأسد الله، ولكنّه اصطفى لهذه الأخوّة المعنويّة بعد أخوّة الدم فتاه الربيب، فآثره على كلّ حبيب بعيدٍ وقريب»(2) .

____________________

(1) تهذيب الكمال، للمزّيّ 20: 483.

(2) الإمام عليّ بن أبي طالب، عبد الفتّاح عبد المقصود 73.

٥٨

آية الولاية «التصدّق حال الركوع»

تكذيب نزول آية الولاية في أمير المؤمنينعليه‌السلام

قال ابن تيميه: وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى، أنّ هذه الآية:( إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (1) ، نزلت في عليّ لما تصدّق بخاتمه في الصلاة، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل(2) .

لم يُسمِّ ابن تيميه هذا البعض من الكذّابين الذي افترى حديث نزول الآية الشريفة في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لنتبيّن حاله، فلعلّنا نوافق ابن تيميه في حكمه على هذا البعض بالكذب فنتّقي حديثه!

ولا نجد من المناسب أن نقف كثيراً عند دعواه في تكذيبه الحديث، فهي نفسها في تكذيبه كلّ حديث فيه فضيلة من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام . وما أيسرها من دعوى: هو كذب بإجماع أهل العلم بالنقل! من غير تكلّف في ذكر بعض أهل الإجماع.

وجوابنا وبالله التوفيق: إنّ دعوى الإجماع كاذبة، وإنّما الإجماع منعقد على

____________________

(1) المائدة: 55.

(2) منهاج السنّة 1: 156، و 4: 2.

٥٩

نزول الآية المباركة في أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، يرويه الشيعيّ الإماميّ، والزيديّ، كما يرويه المالكيّ والحنفيّ والشافعيّ والحنبليّ، وطرقه تنتهي بأميرالمؤمنين، وابن عبّاس، وأنس بن مالك، وعمّار بن ياسر، وأبي ذرّ، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ، وأبي رافع مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، ومحمّد الباقر بن عليّ زين العابدينعليهما‌السلام ...

وهذه بعض طُرق الحديث: عن حبّان، عن الكلبيّ، عن أبي صالح عن ابن عبّاس، في قوله تعالى:( إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) . قال: نزلت في عليّ خاصّة(1) . وفي قوله تعالى:( وَمَن يَتَوَلّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالّذِينَ آمَنُوا فَإِنّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (2) قال: عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (3) .

____________________

(1) تفسير الحبريّ 260، وتفسير فرات 38، مناقب أمير المؤمنين، للكوفيّ 1: 175 / 85.

(2) المائدة: 56.

(3) تفسير الحبريّ 261؛ وتفسير فرات 38. عن محمّد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال: أقبل عبد الله بن سلاّم ومعه نفر من قومه ممّن قد آمنوا بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا: يا رسول الله، إنّ منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدِّث دون هذا المجلس، وإنّ قومنا لمّا رأونا آمنّا بالله ورسوله وصدّقنا رفضونا، وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يواكلونا ولا يناكحونا ولا يكلّمونا، فشقّ ذلك علينا. فقال لهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :( إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) . ثمّ إنّ النبيّ خرج إلى المسجد والناس بين قائمٍ وراكع، وبصر بسائل فقال له النبيّ: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم، خاتماً من ذهب - ربّما في الرواية تصحيف إذ الذهب محرّم على الذكور؛ [ ولعلّ ذلك كان قبل التحريم، قال الذهبي: إنّما حرّم الذهب في أواخر الأمر - المستدرك على الصحيحين 3: 257 ] ويرد الخبر تارةً بلفظ: =

٦٠