مِن فضائل زيارة الحسين عليه السلام

مِن فضائل زيارة الحسين عليه السلام

روى ابن قولويه في ( كامل الزيارات:265 / ح 1 ـ الباب 88 ) بإسناده عن الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام، عن عمّته العقيلة المكرّمة زينب عليها السلام، عن أمّ أيمن، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، عن جبرئيل عليه السلام ـ في ضمن حديثٍ حول مقتل الإمام الحسين عليه السلام ومدفنه ـ قال: وتَحفُّه ملائكةٌ من كلّ سماءٍ مئةُ ألفِ مَلَك في كلّ يومٍ وليلة، ويصلّون عليه، ويطوفون عليه، ويسبّحون الله عنده، ويستغفرون اللهَ لِمَن زاره، ويكتبون أسماءَ مَن يأتيه زائراً من أمّتك متقرّباً إلى الله تعالى وإليك بذلك، وأسماءَ آبائهم وعشائرهم وبلدانهم، ويُوسِمون في وجوههم بِمِيسَمِ نور عرش الله: هذا زائرُ قبرِ خير الشهداء، وابنِ خيرِ الأنبياء. فإذا كان يومُ القيامة سطع في وجوههم من أثر ذلك المِيسم نورٌ تُغشى منه الأبصار، يَدُلّ عليهم ويُعرَفون به.
ثم قال جبرئيل: وكأنّي بك يا محمّد بيني وبين ميكائيل، وعليٌّ أمامَنا، ومعنا من ملائكة الله ما لا يُحصى عددهم، ونحن نلتقط من ذلك الميسم في وجهه من بين الخلائق، حتّى يُنجيَهمُ الله مِن هول ذلك اليوم وشدائده، وذلك حكم الله وعطاؤه لمَن زار قبرَك يا محمّد، أو قبرَ أخيك، أو قبر سِبطَيك، لا يُريد به غير الله عزّوجلّ.
وروى الديلمي في (إرشاد القلوب:441 ) عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال للحسين عليه السلام: « يزورُكم طائفة من أمّتي تريد بِرّي وصِلتي، إذا كان يومُ القيامة زُرتُها في الموقف، وأخذت بأعضادها فأنجيتُها من أهواله وشدائده ».
وفي تفسيره المعروف بـ ( تفسير فرات الكوفي:171 / ح 219 ) روى فرات عن جعفر بن محمّد الفَزاري مُعَنْعِناً ـ عن الإمام الصادق عليه السلام قال: « كان الحسين مع أمّه تحمله، فأخذه النبيّ صلّى الله عليه وآله وقال: لعَنَ الله قاتلك... أمَا تَرضَين أن تكون الملائكة تبكي لابنكِ ويأسفَ عليه كلُّ شيء ؟! أما ترضين أن يكون مَن أتاه زائراً في ضمان الله، ويكونَ مَن أتاه بمنزلة مَن حَجَّ إلى بيت الله الحرام واعتمر، ولم يَخلُ من الرحمة طَرفةَ عين، وإذا مات مات شهيداً، وإن بقي لم تزل الحفَظَة تدعو له ما بقي، ولم يزل في حفظ الله وأمنه حتّى يفارق الدنيا ؟»! .
وروى أبو عبدالله الشجري في فضل زيارة الحسين عليه السلام، بإسناده عن الإمام الحسن بن عليّ عليهما السلام قال: « كنّا مع أمير المؤمنين عليه السلام أنا وحارث الأعور، فقال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: يأتي قوم في آخر الزمان يزورون قبر آبنيَ الحسين، فمَن زاره فكأنّما زارني، ومَن زارني فكأنّما زار اللهَ سبحانه وتعالى، ألا مَن زار الحسين فكأنّما زار اللهَ في عرشه ». ( فضل زيارة الحسين عليه السلام:38 / ح 10 (.
وعن محمّد بن مسلم ـ في حديثٍ طويل ـ قال: قال لي أبو جعفر محمّد بن عليّ ( الباقر ) عليه السلام: « هل تأتي قبر الحسين عليه السلام ؟ »، قلت: نعم، على خوف! فقال: « ما كان مِن هذا أشدَّ فالثوابُ فيه على قَدْر الخوف، ومَن خاف في إتيانه آمَنَ اللهُ روعتَه يوم القيامة، يوم يقوم الناس لربّ العالمين، وانصَرَفَ بالمغفرة، وسلّمت عليه الملائكة، وزاره النبيّ صلّى الله عليه وآله ودعا له، وانقلب بنعمةٍ من الله وفضلٍ لم يَمسَسْه سوء، واتّبع رضوان الله » ( كامل الزيارات:126 / ح 5 ـ الباب 45 (.
وبإسناده عن الحلبي، روى ابن قولويه عن الإمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام ـ في حديث طويل، قال: قلت: جُعِلتُ فداك، ما تقول فيمن ترك زيارة الحسين عليه السلام وهو يَقْدِر عليها ؟ قال: « أقول إنّه قد عَقّ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وعَقَّنا، واستخفّ بأمرٍ هو له. ومَن زاره كان الله له من وراء حوائجه، وكفى ما أهمّه مِن أمر دنياه، وإنّه لَيجلب الرزق على العبد، ويُخْلف عليه ما أنفق، ويغفر له ذنوب خمسين سنة، ويرجع إلى أهله وما عليه وِزرٌ ولا خطيئة إلاّ وقد مُحِيَت من صحيفته، فإن هَلَك في سفره نزلت الملائكة فغسّلته وفتحت له أبواب الجنّة، ويدخل عليه رَوحُها حتّى يُنشَر، وإن سَلِم فُتح له الباب الذي يَنزل منه الرزق، ويُجعَل له بكلّ درهمٍ أنفقه عشرة آلاف درهم، وذُخِر ذلك له، فإذا حُشِر قيل له: لك بكلّ درهم عشرة آلافِ درهم، وإنّ الله نظر لك وذخرها لك عنده » ( كامل الزيارات:127 / ح 2 ـ الباب 46 (.
وروى الشيخ الكليني في ( الكافي 589:4 / ح 8 ) بإسناده عن حنّان بن سَدير عن أبيه قال: قال أبو عبدالله ( الصادق ) عليه السلام: « يا سدير، تزور قبر الحسين عليه السلام في كلّ يوم ؟ » قلت: جُعِلتُ فداك، لا. قال: « فما أجفاكم! فتزورونه في كلّ جمعة ؟ »، قلت: لا. قال: « فتزورونه في كلّ شهر ؟ »، قلت: لا. قال: « فتزورونه في كلّ سنة ؟ »، قلت: قد يكون ذلك. قال: « يا سدير، ما أجفاكم للحسين عليه السلام! أما علمتَ أنّ للهِ عزّوجلّ ألفَي ألفِ مَلكٍ شُعثٍ غُبرٍ يبكون ويزورون لا يَفتُرون! وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين عليه السلام في كلّ جُمُعةٍ خمس مرّات، وفي كلّ يومٍ مرّة ؟ »، قلت: جُعلتُ فداك، إنّ بيننا وبينه فراسخَ كثيرة، فقال لي: « إصعدْ فوق سطحك، ثمّ تلفّتْ يَِمنةً ويَسرة، ثمّ ترفع رأسك إلى السماء، ثمّ تنحو نحو القبر وتقول: السلامُ عليكَ يا أبا عبدالله، السلامُ عليكَ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه. تُكتَب له زَورة، والزورةُ حَجّةٌ وعُمرة ».
قال سدير: فربّما فعلتُ ذلك في الشهر أكثرَ من عشرين مرّة.
وروى ابن قولويه في ( كامل الزيارات:144 / ح 1 ـ الباب 57 ) أنّ الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال: « مَن زار الحسين عليه السلام مُحتسِباً، لا أشِراً ولا بَطِراً، ولا رياءً ولا سمعة، مُحِّصت عنه ذنوبه كما يُمحَّص الثوب بالماء فلا يبقى عليه دَنَس، ويُكتَب له بكلّ خطوةٍ حجّة، وكلّما رفع قَدَماً عُمرة ».
كذلك جاء في ( كامل الزيارات:130 / ح 2 ـ الباب 47 ) بإسناده عن كرّام أنّه قال للإمام الصادق عليه السلام: جُعلتُ فداك، إنّ قوماً يزورون قبر الحسين عليه السلام فيُطيّبون السُّفَر! فقال عليه السلام: « أمَا إنّهم لو زاروا قبور أمّهاتهم وآبائهم ما فعلوا ذلك! ».
وفي كتابه ( المزار الكبير:492 ) روى الشيخ محمّد بن جعفر المشهدي بإسناده عن أبي محمّد الحسن بن علي العسكري عليه السلام أنّه قال: « علامات المؤمن خمس: صلاةُ إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختّم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهرُ بـ: بسم الله الرحمن الرحيم ».
تلك هي زيارة أربعين سيّد الشهداء الحسين بن عليّ صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين الطيّبين، وتلك هي فضائل زيارته، كما هي فضائل شهادته؛ فقد كان له عند الله تعالى شأنٌ من الشأن، فأصبح الشفاء في تُربته، واستجابة الدعاء تحت قبّته، والغرّ الميامينُ من الأئمّة من ذريّته، سلامُ الله عليه وعليهم.
وقد أحاطه الشرف الإلهيّ من جميع جوانبه، إذ كانت حياته الطيّبة كلُّها طاعةً لله وعبادة، وغمراً في معارف الله تعالى وأنواره، ومِسكاً عابقاً من التقوى والخُلقِ السامي الرفيع، والمُثل العليا والسُّنن الشريفة الزاكية.. حتّى باع نفسَه القدسيّة لله جَلّ وعلا، وعرج إلى المقام الأعلى، حيث لا يَلحقُ النبيَّ وآلَه لاحق، ولا يَفوقُهم فائق، ولا يسبقُهم سابق، بل لا يطمع في إدراكهم طامع، فَهُم في مراقي الإعجاز، وآفاق القُرب، بما هو فوق تصوّر الخَلْق. ومن هنا نقول مخاطبين الباري عزّوجلّ في الزيارة الجامعة الكبيرة: « اَللّهمَّ إنّي لو وجدتُ شفعاءَ أقربَ إليك مٍِن محمّدٍ وأهلِ بيتهِ الأخيار، الأئمّةِ الأبرار، لَجعلتُهم شُفعائي، فبِحقّهِمُ الذي أوجبتَ لهم عليك، أسألُك أن تُدخلَني في جملة العارفين بهم وبحقِّهم، وفي زمرةِ المرحومين بشفاعتِهم، إنّك أرحمُ الراحمين، وصلَّى الله عليه محمّدٍ وآله الطاهرين ». ( عيون أخبار الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق 277:2 (.