الخصائص النقويّة (1)

الخصائص النقويّة (1)

كتب ابن الصبّاغ المالكي في ( الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة:259 ـ ط الغري ): قال ابن الخشّاب في كتابه ( مواليد أهل البيت عليهم السلام ): وُلِد أبو الحسن عليّ ( الهادي ) العسكري في رجب سنة 214 من الهجرة. أمّا نسبه فهو عليّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام... وأمّا كنيته فابوالحسن لا غير، وأمّا ألقابه: فالهادي والمتوكّل والناصح والمتّقي والمرتضى والفقيه والأمين والطيّب، وأشهرها الهادي...
قُبض أبو الحسن عليّ الهادي عليه السلام بـ « سُرّ مَن رأى » في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة 254 هـ ودُفن في داره بـ « سرّ من رأى » وله يومئذٍ من العمر أربعون سنة، وكان المتوكّل العبّاسي قد أشخصه من المدينة النبويّة سنة 243 هـ، وكانت مدّة إمامته ثلاثاً وثلاثين سنة.
وكتب السيّد محمّد بن عبدالغفّار الهاشمي الحنفي في ( أئمّة الهدى:136 ـ ط القاهرة ) يقول: لمّا ذاعت شهرته ( أي الإمام الهادي عليه السلام ) استدعاه الملك المتوكّل من المدينة المنوّرة؛ حيث خاف على مُلكه وزوال دولته إليه، بما للهادي من علمٍ كثيرٍ وعملٍ صالحٍ وسداد رأي وقول حقّ، فأسكنه بدار مُلكه بالعراق في عاصمته ( سامرّاء ). وأخيراً دس له السمّ، فتُوفّي منه سنة 254 هـ، وكان عمره إذ ذاك أربعين سنة، ومدّة إمامته ثلاثين سنة.
قال الشبلنجي الشافعي في ( نور الأبصار بمناقب آل النبي المختار:224 ـ ط العثمانية بمصر ): يُقال بأنّه مات مسموماً، والله أعلم.
وكتب محمّد خواجه پارساي البخاري في ( فصل الخطاب ـ على ما في: ينابيع المودّة لذوي القربى للشيخ القندوزي الحنفي:386 ـ ط إسلامبول ): كان أبو الحسن الهادي عابداً فقيهاً إماماً، قيل للمتوكّل: إنّ في منزله أسلحةً يطلب بها الخلافة! فوجّه إليه رجالاً هجموا عليه فدخلوا داره فوجدوه في بيته وعليه مِدرعة من شَعر ( أي قميص )، وعلى رأسه الشريف ملحفةٌ من صوف، وهو مستقبل القبلة وليس بينه وبين الأرض بساطٌ إلاّ الرمل والحصى، وهو يترنّم بآياتٍ من القرآن في الوعد والوعيد، فحملوه إليه على ألبسته المذكورة...
وفي ( تاريخ بغداد 56:12 ـ ط السعادة بمصر ) كتب الحافظ الخطيب البغدادي: أخبرني الأزهري، حدّثنا أبو أحمد عبيدالله بن محمّد المقري، حدّثنا محمّد بن يحيى النديم، حدّثنا الحسين بن نديم قال: إعتلّ المتوكّل في أوّل خلافته فقال: لئن بَرِئتُ لأتصدّقنّ بدنانير كثيرة. فلمّا برئ جمع الفقهاء فسألهم عن ذلك، فاختلفوا، فبعث إلى عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى ابن جعفر فسأله، فقال: « يتصدّق بثلاثةٍ وثمانين ديناراً »، فعجب قومٌ من ذلك، وتعصّب قومٌ عليه، وقالوا: تسأله يا أمير المؤمنين مِن أين له هذا، فردّ الرسول إليه فقال: « في هذا الوفاء بالنَّذْر؛ لأنّ الله تعالى قال: « لَقَد نَصَرَكمُ اللهُ في مَواطنَ كثيرة » [ التوبة:25 ]، فروى أهلها جميعاً أنّ المواطن في الوقايع والسرايا والغزوات كانت ثلاثةً وثمانين موطناً، وأنّ يوم حُنَين كان الرابعَ والثمانين » ( رواه أيضاً: الصفوري البغدادي في: نزهة المجالس 226:1 ـ ط القاهرة، وسبط ابن الجوزي في: تذكرة خواصّ الأمّة:374 ـ ط الغري، والمولوي محمّد مبين الهندي الحنفي في: وسيلة النجاة:400 ـ ط لكهنو ).
وكتب الشبلنجي الشافعي في ( نور الأبصار:153 ـ ط مصر ): عن الأسباطي قال: قَدِمتُ على أبي الحسن عليّ بن محمّد في المدينة الشريفة من العراق، فقال لي: ما خبرُ الواثق عندك ؟ فقلت: في عافية، وأنا أقرب الناس به عهداً، وهذا مقدمي من عنده وتركتُه صحيحاً، فقال: إنّ الناس يقولون إنّه قد مات. قال الأسباطي: فلمّا قال لي: إنّ الناس يقولون إنّه قد مات، فهمتُ أنّه يعني نفسَه، فسكتُّ ثمّ قال: ما فَعَل ابن الزيّات ؟ قلت: الناسُ معه والأمر أمره، فقال: أما إنّه شؤم عليه! ثمّ قال: لابدّ أن تجري مقادير الله وأحكامه ـ يا جبران ـ، مات الواثق وجلس جعفر المتوكّل، وقُتل ابن الزيّات، فقلت: متّى ؟! قال: بعد مخرجك بستّة أيّام.
قا الأسباطي: فما كان إلاّ أيّامٌ قلائل حتّى جاء قاصد المتوكّل إلى المدينة، فكان كما قال. ( رواه ابن الصبّاغ المالكي في: الفصول المهمّة:261 ـ ط الغري ).
وفي ( ينابيع المودّة للشيخ سليمان القندوزي الحنفي 14:3 ـ ط العرفان ببيروت ): نقل المسعودي ( في: مروج الذهب ) أنّ المتوكّل أمر بثلاثةٍ من السباع، فجيء بها في صحن قصره، ثمّ دعا الإمام عليَّ النقيّ ( الهادي )، فلمّا دخل أغلق باب القصر، فدارت السباع حوله وخضعت له وهو يمسحها بكُمّه، ثمّ صعد إلى المتوكّل وتحدّث معه ساعة، ثمّ نزل ففعلت السباع معه كفعلها الأوّل حتّى خرج، فأتبعه المتوكّل بجائزة.
فقيل للمتوكل: إنّ ابن عمّك يفعل بالسباع ما رأيت، فافعَلْ بها ما فعل ابن عمّك، قال: أنتم تريدون قتلي! ثمّ أمَرَهم أن لا يُفشوا ذلك.
وكان من كلماته النورانيّة قوله:
ـ مَنِ اتّقى اللهَ يُتّقى، ومَن أطاعَ اللهَ يُطاع.
ـ مَن أطاع اللهَ لم يُبالِ بسَخط المخلوق.
( رواهما: با كثير الحضرمي في: وسيلة المآل في مناقب الآل:213 ـ من نسخة المكتبة الظاهريّة بدمشق ).

نقلاً من موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام