الزيدية

التعريف :

إحدى الفرق الإسلامية الشيعية تبلورت كفرقة في أوائل العصر العباسي في القرن الثاني الهجري، واتخذت من زيد بن علي الشهيد (رضوان الله تعالى عليه) رمزاً لتحركها وانتسبت إليه.

وتبنت منهجاً عقائدياً وفقهياً كان حصيلة جهود أعلام المذهب على اختلاف طبقاتهم، اعتماداً على قواعدهم الاجتهادية، وتأثرت أصولياً بالمعتزلة، وفقهياً بالمذهب الحنفي.

 

عوامل الظهور :

1 ـ كان لثورة زيد بن علي الأثر البالغ في نفوس المسلمين، وتعدّ الدعامة الأساسية التي اعتمدت عليها الزيدية، واستقطبت الجماهير وارتكزت على تراث هذه النهضة الضخم، واعتبروها رصيدهم الفكري والسياسي في التحرّك والتغيير.

2 ـ غيرّت الثورات والانتفاضات الشيعية التي أعقبت ثورة زيد ـ كثورة يحيى، وعيسى، والحسين بن علي الفخي، ومحمد بن القاسم بن علي، ويحيى بن الحسين بن القاسم الرسي ـ مجرى التاريخ، فقد بذل قادة الانتفاضات مهجهم، وجاهدوا لنشر العدل وأشعلوا فتيل الثورة، وكسحوا الظلم والفساد، فكان لدمائهم الزكية الأثر البارز في ترسيخ روح الثورة، ومقاومة الطغيان، وتثبيت الفكر، والروح الثورية الزيدية في كُلّ البقاع التي وصلت إليها رسل انتفاضاتهم ونهضتهم.

3 ـ الدوافع السياسية والعقائدية كانت الركيزة الأساسية للمذهب الزيدي، والنافذة التي اطلّ من خلالها على المجتمع الإسلامي، وحاول التغيير والإصلاح ويظهر ذلك من خطب وبيانات الشهيد زيد بن علي بن الحسين (رضوان الله تعالى عليه)، فتراه يبوح بين آونة وأخرى ،ويبين أسباب التحرّك والثورة، كما في قوله (رضوان الله تعالى عليه) : ( إنما خرجت على الذين أغاروا على المدينة يوم الحرّة، ثُمّ رموا بيت الله بحجر المنجنيق ) ، وفي خبر آخر يقول إنما خرجت على الذين قاتلوا جدّي الحسين (عليه السّلام). وفي أخرى يصف مسيرته ونهضته بأبيات من الشعر حين دخوله على هشام :

شـرده الخوف وأزرى به   كذاك من يكره حر الجــلاد
منخرق الكفين يشكو الجوى   تنكثه أطراف مــرو حداد
قد كان في الموت له راحة   والموت حتم في رقاب العباد
إن يـحـدث الله لـه دولة   يترك آثار العدا كـالرمــاد

 وقد انتخب زيد الشهيد طريق الكفاح والنضال، وإحياء الشريعة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوطين النفس على الشهادة والقتل في سبيل القيم والمبادئ.

4 ـ سوء السياسة التي انتهجها ملوك بني أمية وبني العباس، ومطاردتهم للبيت العلوي وأتباعهم، وملاحقتهم للذرية الطاهرة من أبناء الأئمة أينما وجدوا، وتهاونهم بالأمور الدينية، وطعن المعارضين عن طريق لصق التهم الكاذبة بهم، دفع أعلام الهاشميين وقيادات الأمّة إلى الثورة والتصدي، وتوجيه الأمّة في نضالها المرير لمواجهة الظلم والإرهاب الأموي والعباسي.

 

النشأة والتطور :

1 ـ اتخذت الفرقة الزيدية من زيد الشهيد رمزاً لتحرّكها، وعملت على الاقتداء بنهجه، وسيرته في النهوض والثورة بوجه الحكام المستبدين، فكان زيد إماماً لهم، انتسبوا إليه وسموا باسمه، ولم يكن زيد مفكراً كلامياً غارقاً في البحوث الكلامية، بل كان رجلاً ثورياً له صلة بتفسير القرآن، وجمع الروايات وعظة الناس، وهدايتهم إلى الطريق المستقيم. فزيد لم يقم بالثورة كي يوجد مذهباً مقابلاً للتشيع الذي يتبناه الأئمة المعصومون (عليه السّلام)، وإنما بذل دمه الزكي لأجل إصلاح الأمّة، وإعادة الحق المغتصب، نقل الزنوزي : إنّ زيد بن علي كان دائماً يفكر في الانتقام والأخذ بثأر جده الحسين (عليه السّلام) ،ومن هذه الجهة توهم بعضهم أنّه ادّعى الإمامة، وهذا الظنّ خطأ لأنّه كان عارفاً برتبة أخيه، وكان حاضراً في وقت وصية أبيه، ووضع أخيه في مكانه وكان متيقناً إنّ الإمامة لأخيه، وبعده للصادق (عليه السّلام).

2 ـ فتح باب الاجتهاد المطلق من قبل فقهاء المذهب، كان من العوامل الأساسية التي ساعدت كثيراً على انتشار المذهب الزيدي، وتطوره فكان باب الاختيار من المذاهب الأخرى باجتهادهم وتمكنهم على اخذ ما يتفق مع منطق مذهبهم وأصولهم، ومن هنا نرى إنّ جملة من أصولهم متحدة أو متقاربة مع جملة الأصول التي قررها فقهاء الإسلام.

ويمكن أن نقول أنّ من العوامل المهمة التي ساعدت على نضج المذهب الزيدي وازدهاره وتبلوره، هي بقاء الفكر الزيدي منفتحاً على جميع المذاهب الإسلامية، يأخذ منها ويستند عليها، ويواكب حالة الإصلاح والتجديد في المجتمع.

3 ـ تشعبت الفرقة الزيدية إلى عدّة فرق، وقد اختلف المؤرخون في عددها، فعدّهم الأشعري ستّ فرق، وهي الجار ودية، والسليمانية، والبترية، والنعيمية، وفرقة يتمأون من أبي بكر وعمر، ولا ينكرون رجعة الأموات قبل يوم القيامة، وأخرى تولوا أبا بكر، وعمر، ولا يتبرؤون ممن برئ منهما ،وينكرون رجعة الأموات، ويتبرؤون ممن دان بها، وهم اليعقوبية، وحصرهم المسعودي بثماني فرق وهي الجارودية، والمرئية، والابرقية، واليعقوبية، والعقبية، والابترية، والجريرية، واليمانية.

وذهب نشوان الحميري إلى رأي ثالث، فقال الزيدية ثلاث فرق، بترية، وجريرية، وجارودية.

4 ـ استطاع رجال الزيدية إقامة دول لهم في اليمن، وطبرستان، والمغرب، حيث قادوا فيها انتفاضات ناجحة، كان لها الدور الفعال والمؤثر في تغيير الأوضاع السياسية، والاجتماعية، والفكرية وتربع المذهب الزيدي على شؤونها الدينية والإدارية، وقد استمر حكمهم في بلاد اليمن إلى سنة 1383 هـ حيث أزاحهم العسكريون وأقاموا الجمهورية، وفي طبرستان استمرّ حكمهم من سنة 250 هـ وحتى سنة 360 هـ ولا تزال لهم فيها آثار وقبور تزار، وفي المغرب شيدوا دولة عظيمة حكم فيها الادارسة، بقيادة إدريس بن عبد الله المحضّ، حيث تمتّ له البيعة فيها سنة 172 هـ وخلع طاعة بني العباس وتمّ له الأمر، ولم تستقر دولة الادارسة، بسبب منازعة الخوارج لهم برئاسة عبد الرزاق الخارجي الصفري، إلى أن انتهت عام 323 هـ.

 

اهم الافكار والمعتقدات :

1 ـ قالوا إنّ الإمامة رئاسة عامة، وتعدّ من افرض الفرائض تأتي عن طريقين :

أولهما : التعيين، ولا تكون الإمامة إلاّ في أهل البيت.

وثانيها : الترشيح ومعناه أن يختار من آل البيت ممن تتوفر فيه شروط الإمامة من أولاد الحسن والحسين (عليهما السلام) على السواء.

2 ـ أنكروا على الذين حاربوا أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وقالوا أنّه (عليه السّلام) كان مصيباً في حربه مع طلحة والزبير وغيرهما، وان جميع من حاربه وقاتله كان على خطأ، وجب على الناس محاربتهم.

3 ـ اشترطوا في الإمام أن يكون شجاعاً وقالوا : ليس بإمام من جلس في بيته، وأرخى ستره ،وثبط، بل الإِمام من قام من آل البيت، يدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وجاهد على ذلك فاستشهد ومضى، وقام آخر بعده يدعو إلى ما دعا إليه إلى أن تنقضي الدنيا.

4 ـ جوّزوا مبايعة إمامين في إقليمين، بحيث يكون  كُلّ واحد منهما إماماً في إقليمه، ما دام جامعاً لأوصاف الإمامة.

5 ـ فسروا التوحيد بأنّه عدم شرك الغير بالله تعالى وليس المراد به الوحدة العددية التي تتركب بها الأعداد، ومعرفة الله على وجهين إثبات ونفي، فالإثبات هو اليقين بالله، والإقرار به، والنفي هو نفي التشبيه عنه تعالى، وأنّ الله واحد ليس كمثله شيء كما أنّه ليس بجسم، ولا له حدود ولا أقطار، ولا يجوز عليه النقل من مكان إلى مكان، ولا من حال إلى حال، وأنّه سميع بصير لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وأنّه واحد في ذاته لا قسيم له ولا صلة، وواحد في أفعاله لا شريك له فلا قديم غير ذاته ولا قسيم له في أفعاله.

6 ـ قالوا في الوعد والوعيد أنّه الله لا يخلف ما وعده، ومعنى الوعد إخبار بالثواب، فلا يجوز خلف الوعد على الله، والوعيد إخبار بالعقاب، والله قادر على ما يشاء من معرفة ،وقادر على تعذيب خلقه ممن عصى وأذنب لأنّه لو لم يعذّب من وعده بالعذاب من أهل الكبائر لأنّها مخالفة لوعد الله لقوله تعالى: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)، واثبتوا الشفاعة للمؤمنين من أهل الجنة، برفعهم درجة إلى أعلى منها.

7 ـ وحكموا على مرتكبي الكبائر من المسلمين بالفسق، وقالوا بالمنزلة بين المنزلتين فشارب الخمر، وفاعل الزنا، والسارق، لحقوق الناس يسمون فساقاً، أي لا كفرة، ولا مؤمنين، بل هم في درجة بين الكفر والإيمان. وليس بمؤمنين، لأنّ المؤمن في الشريعة يجب مدحه، وتعظيمه بخلاف الفاسق، فإنّه لا يجوز مدحه لأنّ الشرع ورد فيه تعظيم المؤمن وذمّ الفاسق، ولا يسمون كفاراً حيث أنّ الأحكام تعاملهم معاملة المؤمنين من جواز مناكحتهم، وموارثتهم، ودفنهم في مقابر المسلمين. كما أنهم حكموا على مرتكب الكبيرة إذا مات، وهو مصرّ عليها فهو خالد في النار، لا يخرج منها باستثناء الأطفال لأنّهم غير مكلفين.

8 ـ قالوا بقبح التكليف بما لا يطاق، وإنّ فعل العبد غير مخلوق فيه، والمعاصي الصادرة من العباد ليست بقضاء الله سبحانه، ولا يطلق على الباري عزّ وجل أنّه يضلهم.

9 ـ قالوا بحجية القياس، والاستحسان، والإجماع، بما هو دون كونه كاشفاً، عن قول المعصوم وحجية قول الصحابي وفعله.

10 ـ اعتقدوا بإمامة علي، والحسنين، بالنصّ الجلي وقالوا إنّ تقدّم غيرهم عليهم كان خطأ وباطلاً.

 

أبرز الشخصيات :

1 ـ زيد بن علي بن الحسين (رضوان الله تعالى عليه).

2 ـ زياد بن أبي زياد المنذر الهمداني أبو الجارود (زعيم الجارودية).

3 ـ سليمان بن جرير الرقي (زعيم السليمانية).

4 ـ الحسن بن صالح بن حي (زعيم الصالحية).

5 ـ كثير النوا البتري (زعيم البترية).

6 ـ نعيم اليمان (زعيم النعيمية).

7 ـ يعقوب بن داود (زعيم اليعقوبية).

8 ـ يحيى بن زيد بن علي (107 ـ 125 هـ).

9 ـ محمد بن عبد الله بن الحسن (الملقب بالنفس الزكية 100 ـ 145 هـ).

10 ـ الحسن بن زيد بن محمد (الداعي الكبير).

11 ـ الحسن بن علي بن الحسن (الاطروش 230 ـ 304 هـ).

12 ـ الحسن بن القاسم (الداعي إلى الله).

13 ـ إدريس بن عبد الله المحض.

14 ـ احمد بن عيسى بن زيد بن علي.

15 ـ القاسم الرسي.

16 ـ يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي (الإمام الهادي إلى الحق المبين).

17 ـ أحمد بن يحيى بن المرتضى (المهدي لدين الله).

18 ـ محمد بن إبراهيم (ابن الوزير 775 ـ 840 هـ).

19 ـ محمد بن إسماعيل (ابن الأمير 1099 ـ 1186 هـ).

 

الانتشار ومواقع النفوذ :

ـ انتشرت الزيدية في العراق، وبالأخص، في مدينة البصرة موطن الفرق الإسلامية.

ـ تمكنوا من تأسيس دولة في اليمن، قادها أئمة كلهم من أبناء القاسم، إلى أن أقصيت الزيدية عن الحكم في اليمن، بحلول الجمهورية في سنة 1382 هـ.

و امتدّ نفوذهم إلى جرجان، والديلم وفي سنة 250 هـ أسسوا في طبرستان دولة على منهج زيد الثائر وكان أئمتها بين داع وإمام حتى سنة 360 هـ. 6 ـ وفي سنة 172 هـ استطاع إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى أن يبثّ دعوته في المغرب، ويؤسس دولة الادارسة، وضرب السكة باسمهم، واستمر حكمهم حتى سنة 323 هـ.

 

أحداث ووقائع :

ـ دخل زيد على هشام بن عبد الملك وقد احتشد المجلس بأهل الشام فقال هشام : ما يصنع أخوك البقرة ؟

فغضب زيد حتى كاد يخرج من أهابه وقال : سمّاه رسول الله الباقر وأنت تسميه البقرة ؟! لشدّ ما اختلفتما، لتخالفه في الآخرة، كما خالفته في الدنيا، فيرد الجنة وترد النار، فانقطع هشام عن الجواب، وبان عليه العجز، ولم يستطع دون أن صاح لغلمانه : اخرجوا هذا الأحمق المائق، فأخذ الغلمان بيده فأقاموه.

ـ عن خالد بن صفوان قال سمعت زيد بن علي يقول : ( أيها الناس عليكم بالجهاد، فإنّه قوام الدين، وعمود الإسلام، ومنار الإيمان، واعلموا أنّه ما ترك قوم الجهاد قط إلاّ حقروا وذلوا، ثُمّ قرأ الفاتحة إلى قوله (الصراط المستقيم) وقال الصراط المستقيم هو دين الله وسنامه، وقوامه الجهاد، ثُمّ ذكر ما نزل من القرآن في فضل الجهاد من أول القرآن إلى أخره ).

 

من ذاكرة التاريخ :

ـ ومن روائع ما نقل التأريخ ما جاء في رسالة زيد بن علي الشهيد (رضوان الله تعالى عليه) إلى علماء الأمّة قبيل خروجه نذكر قبساً منها : ( ... يا علماء السوء، انتم أعظم الخلق مصيبة، وأشدّهم عقوبة، إن كنتم تعقلون ذلك بأنّ الله قد احتجّ عليكم بما استحفظكم إذ جعل الأمور ترد إليكم، وتصدر عنكم. الأحكام من قبلكم تلتمس، والسنن من جهتكم تختبر. يقول المتبعون لكم انتم حجتنا، بيننا وبين ربنا وبأي منزلة نزلتم من العباد هذه المنزلة. فو الذي نفس (زيد بن علي) بيده لو بينتم للناس ما تعلمون، ودعوتموهم إلى الحقّ الذي تعرفون لتضعضع بنيان الجبارين، ولتهدم أساس الظالمين، ولكنكم اشتريتم بآيات الله ثمناً قليلاً، و أدهنتم في دينه، وفارقتم كتابه ).

ـ لما قتل زيد بن علي (رضوان الله تعالى عليه) خرج ابنه يحيى حتى نزل المدائن، فبعث يوسف بن عمر في طلبه، فخرج إلى الري ثُمّ إلى نيشابور من خراسان، فسألوه المقام بها فقال : بلدة لم ترفع فيها لعلي (عليه السّلام) راية لا حاجة لي في المقام بها. ثُمّ خرج إلى سرخس وأقام بها عند يزيد بن عمر التميمي ستة أشهر، حتى مضى هشام بن عبد الملك لسبيله، وولي بعده الوليد بن يزيد، فكتب إلى نصر بن سيّار في طلبه فأخذ ببلخ، وقيده وحبسه، فقال عبد الله بن معاوية، بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (رضوان الله تعالى عليه) لما بلغه ذلك :

أليس بعـين الله ما يفعلونه   عشية يحيى موثق بالسلاسل
كلاب عوت لا قدّس الله سرّها   فجئن بصيد لا يحلّ لآكــلِ

وكتب نصر بن سيّار إلى يوسف بن عمر يخبره بحبسه، وكتب يوسف إلى الوليد، فكتب إليه بأن يحذّره الفتنة، ويخلي سبيله، فخلى سبيله، وأعطاه الفي درهم، وبغلين، فخرج حتى نزل الجوزجان، فلحق به قوم من أهلها، ومن الطالقان زهاء خمسمائة رجل، وبعث إليه نصر بن سيّار سالم بن أحوز فاقتتلوا اشدّ قتال ثلاثة أيام، حتى قتل جميع أصحاب يحيى، وبقي وحده فقتل عصر يوم الجمعة سنة 125 هـ وله ثماني عشرة سنة وبعث برأسه إلى الوليد إلى المدينة فوضع في حجر أمه ريطة، فنظرت إليه وقالت (شردتموه عني طويلاً، وأهديتموه إلي قتيلاً، صلوات الله عليه، وعلى آبائه بكرة وأصيلا).

 

خلاصة البحث :

ـ الزيدية من الفرق الإسلامية الشيعية، تبلورت كفرقة في العصر العباسي، واتخذت من زيد الشهيد (رضوان الله تعالى عليه) رمزاً لتحرّكها وانتسبت إليه، وأسس منهجها الأصولي والفقهي اعتماداً على رأي أعلامها في الاقتباس من المذاهب الأخرى.

ـ ثورة زيد بن علي الشهيد (رضوان الله تعالى عليه) كان لها الأثر الكبير في نفوس المسلمين، وبالأخصّ اتباع المذهب الزيدي، حيث اعتبروا هذه الثورة رصيدهم الفكري والسياسي.

الانتفاضات التي تلت ثورة زيد (رضوان الله تعالى عليه)، والتي قادها أبناؤه وأتباعه، كقيام يحيى وعيسى، والحسين بن علي الفخي، ومحمد بن القاسم بن علي، وأمثالهم غيروا مجرى التأريخ في البلدان التي انتفضوا فيها كاليمن، وطبرستان، والمغرب وتولوا زمام أمورها السياسية والدينية مدة طويلة من الزمن.

ـ طرحت الزيدية أفكاراً ومعتقدات ميزتها عن غيرها من الفرق الإسلامية، فقالت بإمامة زيد بن علي (رضوان الله تعالى عليه)، واستحقاق الإمامة بالفضل والطلب، لا بالوراثة مع القول بتفضيل الإمام علي (عليه السّلام)، وتنقسم الزعامة الدينية عندهم إلى أربع طبقات هي : طبقة المؤسسين، وطبقة المخرجين، وطبقة المحصلين، وطبقة المذاكرين. وفتحوا باب الاجتهاد المطلق، ورجعوا في استنباطهم الشرعي إلى الكتاب والسنة، ثُمّ الاستحسان والمصالح المشتركة في القياس.

ـ انتشرت آراء الفرقة الزيدية في العراق، واليمن وطبرستان، والمغرب، وأسسوا دولاً حكمت تلك البلدان مدّة طويلة من الزمن.

ـ من ابرز شخصياتهم الدينية والسياسية زيد بن علي الشهيد، رمز المذهب وإمامه، وزياد بن أبي زياد المنذر الهمداني أبو الجارود (زعيم الجارودية من الفرق الزيدية)، وسليمان بن جرير الرقي (زعيم السليمانية)، ويحيى بن زيد ومحمد بن عبد الله بن الحسن (النفس الزكية)، والحسن بن علي بن الحسن (الاطروش)، وإدريس بن عبد الله المحضّ، والقاسم الرسي وأمثالهم.