ومن خطبة له عليه السلام عند خروجه لقتال أهل البصرة

[وفيها حكمة مبعث الرسل، ثمّ يذكر فضله ويذم الخارجين] قال عبدالله بن عباس ؛: دخلت على أَميرالمؤمنين صلواتالله عليه بذي قار وهو يخصِف نعله (1) فقال لي: ما قيمة هذا النعل؟ فقلت: لا قيمةَ لها! قال: والله لَهِيَ أَحَبُّ إِليَّ من إِمرتكم، إِلاّ أَن أُقيم حقّاً، أَوأَدفع باطلاً، ثمّ خرج عليه السلام فخطب الناسفقال: [حكمة بعثة النبي]
إنَّ اللهَ سُبحانَه بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً، وَلاَ يَدَّعِي نُبُوَّةً، فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ (2) وَبَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ، فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ (3) وَاطْمَأَنَّتْ صِفَاتُهُمْ..
(استقامت قناتهم) تمثيل لاستقامة أحوالهم..
[فضل عليّ] أَمَا وَاللهِ إنْ كُنْتُ لَفِي سَاقَتِهَا (4) حَتَّى تَوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا (5) مَا عَجَزْتُ،وَلاَ جَبُنْتُ، وَإِنَّ مَسِيرِي هذَا لِمثْلِهَا، فَلاَنْقُبَنَّ (6) الْبَاطِلَ حَتَّى يَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْجَنْبِهِ..
[توبيخ الخارجين عليه] مَالي وَلِقُرَيْشٍ! وَاللهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِينَ، وَلاَقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ، وَإِنِّي لَصَاحِبُهُمْ بِالاْمْسِ، كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ الْيَوْمَ!

---------
1. يَخْصِفُ نَعْلَهُ: يَخْرزها..
2 . بَوّأهُمْ مَحَلّتَهم: أنْزَلَهُمْ منزلتهم..
3 . القناة: العود والرمح، والمراد به القوة والغلبة والدولة، وفي قوله:
4 . الساقَةُ: مؤخّر الجيش السائق لِمُقَدّمه..
5 . ولّتْ بحذافيرها: بجملتها وأسرها..
6 . نَقَبَ: بمعنى ثَقَبَ، وفي قوله: (لاَنْقُبَنّ الباطلَ) تمثيل لحال الحق مع الباطل كأن الباطل شيء اشتمل على الحق فستره، وصار الحق في طيّه، فلابد من كشف الباطل وإظهار الحق..