ومن كلام له عليه السلام يجري مجرى الخطبة

[ وفيه يذكر فضائله عليه السلام قاله بعد وقعة النهروان ]

فَقُمْتُ بِالاْمْرِ حِينَ فَشِلُوا (1) وَتَطَلَّعْتُ حِينَ تَعْتَعُوا (2) وَمَضَيْتُ بِنُورِ اللهِ حِينَ وَقَفُوا، وَكُنْتُ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً، وَأَعْلاَهُمْ فَوْتاً (3) فَطِرْتُ بِعِنَانِهَا (4) وَاسْتَبْدَدْتُ بِرِهَانِهَا (5) كَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّكُهُ الْقَوَاصِفُ، وَلاَ تُزِيلُهُ الْعَوَاصِفُ.
لَمْ يَكُنْ لاِحَدٍ فيَّ مَهْمَزٌ، وَلاَ لِقَائِلٍ فيَّ مَغْمَزٌ (6) الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَهُ، وَالْقَوِيُّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مَنْهُ، رَضِينَا عَنِ اللهِ قَضَاءَهُ، وَسَلَّمْنَا له أَمْرَهُ.
أَتَرَاني أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ؟ وَاللهِ لاَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ فَلاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ. فَنَظَرْتُ في أَمْرِي، فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي، وَإِذَا الميِثَاقُ في عُنُقِي لِغَيْرِي.

---------
1 . فَشِلُوا: خاروا وجَبُنوا، وليس معناها أخفقوا كما نستعملها الآن..
2 . تَعْتَعُوا: ترددوا في كلامهم من عِيّ أوحَصَر..
3 . الفوْت: السبق..
4 . طِرْتُ بعِنَانِها: العنان للفرس معروف، وطاربه: سبق به..
5 . اسْتَبْدَدْتُ بِرِهَانِها؛ الرهان: الجعل الذي وقع التراهن عليه، واستبددت به: انفردت به..
6 . لم يكن فِيّ مَهْمَزٌ ولا مَغْمَزٌ: لم يكن فِيّ عيبٌ أُعاب به، وهو من الهمز: الوقيعة، والغمز: الطعن..