مِن معاصي القلب

 معاصي القلب: هي صفاته المذمومة وأخلاقه الرديّة التي تخالف الصفات الحميدة.. فضدُّ التوبةالإصرار، وضدّ الشكر الكفران، وضدّ الصبرالجزع، وضدّ الزهد الحِرص، وضدّ الرضى السُّخْط، وضدّ التسليم الاعتراض والحسد، وضدّ الإخلاص الرياء والنفاق، وضدّ الحكمة الحُمق، وضد الشجاعة التهوّر والجبن.

 

في الحسد

وهو منشعبٌ من الشُّحّ، فإنّ البخيل مَن بَخِل بما في يديه على غيره، أمّا مَن يبخل بنعم الله وهي في خزائن الله على عباد الله فشُحُّه أعظم!
والحسود: هو الذي يَشُقُّ عليه إنعام الله تعالى على عبدٍ من عباده، بمالٍ أو علمٍ أو محبّةٍ في قلوب الناس، أو حظٍّ من الحظوظ، حتّى أنّه لَيُحبّ زوال تلك النعمة عن ذلك العبد وإن لم تنتقل إليه! وهذا منتهى الخبث، ومن هنا قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « إيّاكم والحسد، فإنّه يأكل الحسنات كما تأكل النارُ الحطب » ( جامع الأخبار للسبزواري:451 / ح 1266 ).
والحسود: هو المعذَّب الذي لا يُرحَم، ولا يزال في عذابٍ دائم، حيث يرى ويسمع بالنِّعم تتوافد على الناس فيعتصر لذلك قلبُه ألماً معترضاً على قِسَم الله تبارك وتعالى.

 

في الرياء

وهو الشِّرك الخفي، وهو أحد الشِّرْكَين، إذ هو طلب المنزلة في قلوب الخَلق لنوال الجاه والحشمة. وحبُّ الجاه من الهوى المُتَّبَع، وفيه هلك أكثر الناس، وقد ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله: « ثلاثٌ مُهلِكات: شُحٌّ مُطاع، وهَوىً مُتّبَع، وإعجاب المرء بنفسه » ( الخصال للشيخ الصدوق:84 / ح 11 ـ باب الثلاثة )، كذلك ورد عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قوله: « يُجاء بعبدٍ يوم القيامة قد صلّى فيقول: يا ربّ، صلّيتُ ابتغاءَ وجهك، فيُقال له: بل صليّتَ ليُقال: ما أحسنَ صلاةَ فلان! اذهبوا به إلى النار. ويُجاء بعبدٍ قد تعلّم القرآن فيقول: يا ربّ، تعلّمتُ القرآن ابتغاء وجهك، فيُقال له: بل تعلّمت َ ليُقال: ما أحسنَ صوتَ فلان! اذهبوا به إلى النار. ويُجاء بعبدٍ قد قاتل فيقول: يا ربّ، قاتلتُ ابتغاء وجهك، فيُقال له: بل قاتلتَ ليُقال: ما أشجعَ فلاناً! اذهبوا به إلى النار. ويُجاء بعبدٍ قد أنفق ماله فيقول: يا ربّ، أنفقتُ مالي ابتغاءَ وجهك، فيُقال له: بل أنفقتَه ليُقال: ما أسخى فلاناً! اذهبوا به إلى النار » ( بحار الأنوار 301:72 ـ 302 / ح 44 ).

 

في العُجب

والكِبْر والفخر، وذلك داءٌ عُضال وهو نظر العبد إلى نفسه بعين العِزّ والاستعظام، ونظرُه إلى غيره بعين الاحتقار، ونتيجة ذلك تظهر على اللسان، بأن يقول المعجَب بنفسه: أنا وأنا، كما قال إبليس: « أنَا خيرٌ منه » [ الأعراف:12 ]. وعلامة العُجب والكبر التقدّم والتعالي في المجالس والتصدّ فيها، وفي المحاورة الاستنكاف من أن يردّ.
والمتكبّر إن وُعِظ أنِف، وإن وعَظَ عَنُف. وكلُّ من رأى نفسه خيراً من أحدٍ من خلق الله فهو متكبّر، بل ينبغي أن يعلم أنّ الخيرَ مَن هو خيرٌ عند الله في الدار الآخرة، وذلك غَيبٌ موقوفٌ على الخاتمة. ولا يخرج الكِبر من قلب المتكبّر حتّى يعترف بأنّ الكبير مَن هو كبيرٌ عند الله، يومَ يمتاز الخَلق في عرصات القيامة.. قال أبو عبدالله الصادق عليه السلام: « وقع بين سلمان وبين رجل كلام، فقال لسلمان: مَن أنت وما أنت ؟! فقال له سلمان: وأمّا أوّلي وأوّلُك فنطفةٌ قَذِرة، وأمّا آخِري وآخِرُك فَجِيفةٌ مُنْتَنة، فإذا كان يومُ القيامة ووُضِعتِ الموازين، فَمَن ثَقُل ميزانُه فهو الكريم، ومَن خفّ ميزانه فهو اللئيم » ( معاني الأخبار:207 ـ 208 ).