أثر القرآن الكريم على النفوس

•   عن ابن عباس ، أن الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقرأ عليه القرآن ، فكأنه رق له ، فلبغ ذلك أبا جهل ، فأتاه فقال : يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا .قال : لم ؟ قال : ليعطوكه ، فإنك أتيت محمداً لتعرض ما قبله !

• قال : قد علمت قريش أني من أكثرها مالا .

• قال فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له .

قال : وماذا أقول ؟ فوالله ما منكم رجل أعرف بالاشعار مني ، ولا أعلم برجزه ولابقصيده مني ، ولا بأشعار الجن ، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا ، ووالله إن لقوله الذي يقوله حلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه ، مغدق أسفله ، وإنه ليعلو ولا يعلى ، وإنه ليحطم ما تحته .

قال : لايرضى عنك قومك حتى تقول فيه .

قال : قف عني حتى أفكر فيه .

فلما فكر قال : إن هذا إلا سحر يؤثر يأثره عن غيره ، فنزلت : { ذرني ومن خلقت وحيداً وجلعت له مالا ممدوداً وبنين شهوداً .. } الآيات . [ المدثر : 11] .

•   عن ابن عباس ـ أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش وكان ذا سن فيهم ، وقد حضر المواسم فقال : إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأياً واحداً ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قول بعضكم بعضا . فقيل : يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقوم به ، فقال : بل أنتم تقولون وأنا أسمع . فقالوا نقول كاهن ؟ فقال : ما هو بكاهن رأيت الكهان ، فما هو بزمزمه الكهان ، فقالوا : نقول مجنون ، فقال : ما هو بمجنون ولقد رأينا الجنون وعرفناه هو بحنقه ولا تخالجه ولا وسوسته ،

قالوا : نقول شاعر ؟ فقال : ما هو بشاعر قد عرفنا الشعر برجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر . قالوا : فنقول هو ساحر ؟ قال : ما هو بساحر قد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثه ولا بعقده . قالوا فما نقول يا أبا عبد شمس ؟ قال : والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لمغدق ، وإن فرعه لجنى فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل ، وأن أقرب القول لأن تقولا هذا ساحر ، فتقولوا هو ساحر يفرق بين المرء ودينه ، وبين المرء وأبيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وعشيرته فتفرقوا عنه بذلك فجعلوا يجلسون للناس حتى قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلاحذروه إياه وذكروا لهم أمره وأنزل الله في الوليد : { ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدوداً وبنين شهوداً } الآيات . وفي أولئك النفر الذين جعلوا القرآن عضين { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون } [ الحجر : 92] .

 

درجة الحديث عند أهل العلم :

صححه الحاكم وأقره الذهبي .
غريب القصة :

رق له : أي لان ومال إليه .

رجزه : الرجز بحر من بحور الشعر معروف ، ونوع من أنواعه يكون كل مصراع منه مفردا وتسمى قصائده أراجيز واحدها ارجوزة فهو كهيئة السجع إلا أنه في وزن الشعر ويسمى قائله راجزا كما يسمى قائل بحور الشعر شاعراً ( النهاية 2/199) .

    طلاوة : أي رونقا وحسنا ، وقد تفتح الطاء ( النهاية 3 /137) .

     مغدق : الغدق المطر الكبار القطر ، والمغدق مغفل منه ( النهاية 3 / 345) .

     يؤثر : أي ليس هذا القرآن إلا سحرا ينقله عن غيره من البشر .

 الفوائد والعبر :

1-   اعتراف مشركي قريش بما في كتاب الله من الإعجاز مع كوني من أهل اللغة .

2-   أثر القرآن الكريم على النفوس .

3-   نشاط الكفار في الباطل .

4-   الحجود وإنكار المعروف وعدم شكر النعمة .

5-   جواز مجادلة المشركين ، وإقامة الحجة عليهم .

القوانين التشريعية في القرآن انعكاس للحياة الواعية القرآن وأثره في تغذية الروح هل يختلط القرآن باللحم والدم؟