دراسةحول صوم عاشوراء

عاشوراء في اللغة:

عاشوراء علي ـ وزن فاعولاء ـ ممدوداً ومقصوراً، مجرداً عن لامالتعريف، هو اليوم العاشر من المحرّم، ويقال التاسع منه، وهو اءسماءسلامي لم يعرف في الجاهلية. وهو مشتق من العشر الذي هو اءسمللعدد المعين، وقيل اءنّه معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم. وقيل ماخوذمن العِشر ـ بالكسر ـ في اوراد الاءبل تقول العرب: وردت الاءبل عشراً اءذاوردت اليوم التاسع، وقيل: هو في الاصل: صفة لليلة العاشر لانّه ماخوذمن العشر الذي هو اءسم الفعل، واليوم مضاف اءليها، فاءذا قيل: يوم عاشوراءفكانه قيل يوم الليلة العاشرة.عاشوراء وجذورها التاريخية:

يظهر من بعض الروايات ان عاشوراء ممّا عرّفه الله لبعضالانبياء: كما في حديث مناجاة موسي(ع) وقد قال: يارب لِم فضّلت اُمةمحمّد(ص) علي سائر الاُمم؟ فقال الله تعالي:.. فضّلتهم لعشر خصال.. وعاشوراء...حكم صوم عاشوراء

تارة الكلام في حكمه قبل نزول صوم رمضان واُخري: حكمهبعدلك.

اما الاوّل: فقد اختلف فقهاؤنا في انّه هل كان واجباً ام لا؟ فعنالمحقق النجفي في الجواهر، والمحقق القمّي فيالغنائم والسيّدالطباطبائي في المدارك.، هو الاوّل، كما ان ذلك هو مفاد روايتنا ايضاًفعن الباقر(ع) كان صومه قبل شهر رمضان، فلمّا نزل شهررمضانتُرك.

وامّا باقي المذاهب الاءسلاميّة، فعن ابي حنيفة، اءنّه كان واجباً، واكثراهل السنّة علي عدم الوجوب ـ كما عن النووي ـ وللشافعي قولان،ولاحمد روايتان وبعض فقهائنا اكتفي بنقل الخلاف من دون ترجيحجانب من الاءختلاف كالعلاّمة الحلّي في التذكرة والمنتهي، والمحققالسبزواري في الذخيرة.

الامر الثاني: حكمه بعد نزول صوم رمضان فهو مختلف فيه روايةوراياً عند الفريقين: اما عندنا: فالروايات علي طائفتين منها ما تنهي عنالصوم في يوم عاشوراء وانّه صوم متروك او منهي عنه او انّه بدعة وماهويوم صوم، او انّه صوم الادعياء او ان حظ الصائم فيه هو النار، او انالنبي(ص) ما كان يصومه.

وطائفة اُخري معارضة لها، وان صومه كفارة سنّة، او ان النبي(ص)كان يامر الصبيان بالامساك.

واما روايات العامّة: فهي ايضاً عندهم مختلفة ففي بعضها انّه ما كانالنبي(ص) يصوم يوم عاشوراء او انّه لم يامر به بعد نزول صوم رمضان كمافي البخاري ومسلم وسائر السنن. وبعضها: تفيد الاءستحباب والتاكيدعليه، وقد جمعها الهيثمي في زوائده وضعّف وناقش في كثير مناسانيدها.تفصيل البحث في الروايات:

اما الموافقة ـ من رواياتنا ـ فهي تسع:

1 ـ صحيحة زرارة، عن الباقر(ع) كان صومه قبل شهر رمضان فلمانزل شهر رمضان ترك.

2 ـ رواية زرارة عن الباقر والصادق8: لا تصم في يوم عاشوراءولكن في السند تامل.

3 ـ رواية الحسن بن علي الوشاء، عن الباقر(ع): صوم متروك بنزولشهر رمضان، والمتروك بدعة وهو قوي سنداً عند المجلسي الاوّل.

4 ـ عن الصادق(ع) اما انّه صوم يوم ما نزل به كتاب ولا جرت به سنّةاءلاّ سنّة ل زياد بقتل الحسين بن علي(ع).

5 ـ رواية عبدالملك عن الصادق(ع): امّا يوم عاشوراء فيوم اُصيب فيهالحسين صريعاً بين اصحابه واصحابه صرعي حوله ـ عرات ـ افصوم يكون في ذلكاليوم، وما هو يوم صوم.. فمن صامه او تبرّك به حشره الله مع ل زياد ممسوخ القلب،مسخوط عليه....

وهي ضعيفة السند عند البعض.

6 ـ رواية جعفر بن عيسي قال: سالت الرضا(ع) عن صوم عاشوراء،

وما يقول الناس فيه؟ قال: عن صوم ابن مرجانة تسالني؟ ذلك يوم صامهالادعياء لمقتل الحسين، وهو يتشاءم به ل محمّد ويتشائم به اهل الاءسلام ولا يُصامولا يتبرّك به.. فمن صامها او تبرّك بها لقي الله تبارك وتعالي ممسوخ القلب وكانحشرُه مع الذين سنّوا صومها والتبرك بها. وقد عبّر المجلسي الاوّل عنالحديث بالقوي.

وقال المجلسي الثاني ذيل الرواية: امّا صوم يوم عاشوراء فقداختلفت الروايات فيه والاظهر عندي، ان الاخبار الواردة بفضل صومهمحمولة علي التقيّة، واءنّما المستحب الاءمساك علي وجه الحزن اءلي العصر،لا الصوم... وبالجملة الاحوط ترك صيامه مطلقاً.

كما استظهر العلاّمة الطعّان من عبارة فمن صام او تبرّك، اءن ماهيةالصوم ونفس الاءمساك اءلي الغروب بنيّة الصوم مورد الكراهة عند ائمةاهل البيت...

7 ـ رواية زيد النرسي، عن الصادق(ع) مَن صامه كان حظّه من صيامذلك اليوم حظ ابن مرجانة ول زياد و... قلت ـ الراوي ـ وما كان حظّهممن ذلك اليوم؟ قال: النار اعاذنا الله من النار، ومن عمل يقرّب من النار.

وقد وصفها المجلسي الاوّل بالحسن كالصحيح.

8 ـ رواية ابن ابي غندر، عن الصادق(ع) فاءن كنت شامتاً فصم، ثم قال: اءنل اُمية عليهم لعنة الله ومَن اعانهم علي قتل الحسين(ع) من اهل الشام نذروا نذراً اءنقُتل الحسين، وسلم مَن خرج اءلي الحسين(ع) وصارت الخلافة في ل ابي سفيان انيتخذوا ذلك اليوم عيداً لهم يصوموا فيه شكراً ويفرِّحون اولادهم، فصارت في لابي سفيان سنّة اءلي اليوم في الناس، واقتدي بهم الناس جميعاً فلذلك يصومونهويدخلون... ان الصوم لا يكون للمصيبة ولا يكون اءلاّ شكراً للسلامة.واءن الحسين اُصيب يوم عاشوراء فان كنت فيمن اُصيب به فلا تصم وان كنتشامتاً ممن سرّك سلامة بني اُمية فصم شكراًلله.

وهذه الروايات المانعة، واءن كان بعضها ضعيفة ولكن استفاضتهاووجودها في الكتب المعتبرة، وموافقتها لسيرة المتشرّعة واصحابالائمة من عدم صيامهم ـ بل وللائمة: ـ ممّا يخرجها عن الضعفاءضافة اءلي اعتبار سندها عند عند الشيخ الطوسي، حيث اءنّه جمع بينهاوبين الروايات المجوّزة، وهذا الجمع دليل علي الاءعتبار السندي، واءضافةاءلي وثاقة الحسين بن علي الهاشمي ـ الذي قد يرمي' بالاءهمالوالمجهولية.روايات الجواز:

1 ـ عن الكاظم(ع): صام رسول الله(ص) يوم عاشوراء، وهذه الروايةواءن كانت موثّقة عند المجلسي ولكن حملها لمحقق القمّي عليالتقية.

2 ـ رواية القداح عن الباقر(ع): صيام عاشوراء، كفارة سنة، وهيمجهولة عند المجلسي.

3 ـ رواية كثير النوي، لزقت السفينة يوم عاشوراء....

وهي ضعيفة السند. وحُملت علي التقية، واءن البركات المذكورة فيهامن اكاذيب العامّة.

4 ـ رواية مسعدة بن صدقة، عن علي(ع): صوموا العاشوراء، التاسعوالعاشر فاءنّه يُكفّر ذنوب سنة.

وهي ضعيفة السند ومحمولة علي التقية.

5 ـ رواية حفص بن غياث: كان رسول الله(ص) كثيراً ما يتفل يومعاشوراء في افواه اطفال المراضع من ولد فاطمة3 من ريقه ويقول: لاتطعموهم شيئاً اءلي الليل...

وهي ضعيفة السند قاصرة الدلالة.

6 ـ رواية الزهري عن الاءمام زين العابدين (ع): اما الصوم الذي صاحبهفيه بالخير... صوم عاشوراء.

وهي ضعيفة سنداً ـ تعرضنا للبحث عن الزهري في كتابنا منهجيّةالبخاري في صحيحه، ومحمولة اءلي التقية كما صرّح بذلك المجلسيان،وان الاخبار في ذم الصوم ـ وانّه يوم تبرّكت به بنو اُمية لعنهم الله، بقتلهمالحسين(ع) كثيرة.

7 ـ رواية الجعفريات كان علي(ع) يقول: صوموا يوم عاشوراء....

لكن في اعتبار كتاب الجعفريات كلام، وقد ضعفه المحقق النجفيفي الجواهر.

8 ـ رواية الصدوق: فمن صام ذلك اليوم غُفر له ذنوب سبعين سنة.

ولكنّها ضعيفة السند، ومعارضة باقوي منها.الاحاديث من طريق السُنّة:

فهي كثيرة ويظهر عليها التهافت والتعارض، مما الجا الشرّاحوالمحشِّين ـ للصحاح والسنن ـ اءلي استخدام التاويلات والتمحّلات معالغض عن الاءشكالات.

1 ـ اءن النبي(ص) قال يوم عاشوراء: اءن شاء صام

2 ـ كان رسول الله(ص) امر بصيام يوم عاشوراء فلمّا فرض رمضان كانمن شاء صام ومن شاء افطر.

3 ـ كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسولالله(ص) يصومه فلما قدم المدينة وامر بصيامه فلما فرض رمضان ترك يومعاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه.

4 ـ قال(ص): انا احق بموسي منكم، فصامه وامر بصيامه.

5 ـ امر النبي رجلاً من اسلم ان اذِّن في الناس ان مَن كان اكل فليصمبقية يومه، ومَن لم يكن فليصم يوم عاشوراء.

6 ـ صيام عاشوراء احتسب علي الله ان يكفّر السنّة التي قبله.واورده ابن عدي في الضعفاء.

7 ـ عن ابي اءسحاق: ما رايت احداً كان مر بصيام عاشوراء من عليوابي موسي.

وابو اءسحاق: رمي بالتدليس وباءفساده حديث اهل الكوفة.

8 ـ عن جابر بن سمرة كان رسول الله(ص) يامرنا بصيام عاشوراء..فلما فرض رمضان لم يامرنا به ولم ينهنا عنه...

وواضح عدم الدلالة علي الرجحان ولا الاستحباب... مع الغض عنالاءشكال في السند ـ بجعفر بن ابي ثور.

9 ـ عن قيس كنّا نصوم يوم عاشوراء.. قبل ان ينزل علينا صومرمضان والزكاة فما نزلا لم نؤمر بهما ولم نُنْه عنهما وكنّا نفعله.

ولكن لم يفهم منه الرجحان اضف اءلي' الاءشكال السندي.

10 ـ اءن عمر ارسل اءلي الحارث بن هشام ان غداً يوم عاشوراء فصموامر اهلك ان يصوموا.

والحديث مرسل ولم ينسبه اءلي النبي(ص) اضف اءلي انّه ليس بمشرّع.

11 ـ عن ابي غطفان، حين صام النبي(ص) يوم عاشوراء، امرنابصيامه... فاءذا كان العام المقبل صمنا التاسع.

وهي فضلاً عن ضعف السند بيحي بن ايوب تنافي ماورد عنالبخاري من انّه ترك صوم عاشوراء بعد ما فرض رمضان.

12 ـ ان النبي (ص) كان يصوم يوم عاشوراء.

وهي مرسلة ومفادها الاءستمرار. وهي تنافي ما ورد من انّه(ص) لميصوم يوم عاشوراء.. وقد اورد الهيثمي قرابة ثلاثين حديثاً في صومعاشوراء وضعّف اكثرها.

13 ـ دخل الاشعث علي ابن مسعود وهو يطعم، فقال: اليوم عاشوراء،فقال: كان يُصام قبل ان ينزل رمضان فلمّا نزل رمضان تُرك فادن وكُل.

وفي نص خر عن ابن مسعود، انّه قال: فلمّا فرض شهر رمضاننسخه، ثم قال: اقعد فقعدت فاكلت.التعليقات العامّة علي الروايات:

1 ـ قال العيني: قوله تصومه في الجاهلية، يعني قبل الاءسلام وكانرسول الله يصوم، اي قبل الهجرة...

قال: هذا الكلام غير موجّه، لان الجاهلية اءنما هي قبل البعثة فكيفيقول: واءن النبي(ص) كان يصومه في الجاهلية، ثم يفسّره بقوله: اي قبلالهجرة، والنبي(ص) اقام نبياً في مكة ثلاث عشر سنة، فكيف يُقال: صومهكان في الجاهلية.

2 ـ قال جواد علي: ... ويظهر انه خبر صيام قريش يوم عاشوراء هوخبر متاخر، ولا يوجد له سند يؤيّده، ولا يعقل صيام قريش فيه وهم قوممشركون وصوم عاشوراء هو من صيام يهود، وهو صيام كفارة واءستغفارعندهم، فلم تستغفر قريش ويصومون هذا اليوم؟ وماذا فعلوا من ذنبليطلبوا من لهتهم العفو والغفران....

3 ـ قال العسقلاني: افادت تعيين الوقت الذي وقع فيه الامر بصيامعاشوراء، وقد كان اول قدومه المدينة، ولا شك ان قدومه كان في ربيعالاوّل، فحينئذٍ كان الامر بذلك في اوّل السنة الثانية، وفي السنة الثانيةفرض شهر رمضان، فعلي هذا لم يقع الامر بصيام عاشوراء اءلاّ في سنةواحدة، ثم فوّض الامر في صومه اءلي راي المتطوع....

4 ـ وقال القسطلاني فعلي هذا ـ ترك يوم عاشوراء ـ لم يقع الامربصومه اءلاّ في سنة واحدة وعلي تقدير القول بفرضيّته فقد نسخ ولم يروعنه اءنّه عليه الصلاة والسلام جدّد للناس امراً بصيامه بعد فرض رمضان،بل تركهم علي ماكانوا عليه من غير نهي عن صيامه...

هذه التقارير وعشرات امثالها، اءن دلّت علي شيء، لدلّت عليالتهافت والتناقض بين الروايات وعدم الاءنسجام فيما بينها، الامر الذيالجا الشرّاح اءلي هذه التمحّلات.راء الفقهاء في صوم عاشوراء:

اما فقهاء العامّة فهم علي القول بالاءستحباب رغم مخالفة ابن مسعودوابن عمر في ذلك وقولهما بالكراهة.

قال زين الدين الحنفي: قد روي عن ابن مسعود وابن عمر ما يدلعلي ان اصل اءستحباب صيامه زال.

وقال الشوكاني: كان ابن عمر يكره قصده بالصوم.

واما فقهاء الاءمامية: فعن البعض: القول بالحرمة، كالمحدّثالبحراني والمجلسي، ويميل اءليه السيد الخونساري في جامعالمدارك والنراقي في المستند والطعّان في رسالته.

وعن الشيخ الاُستاذ، الوحيد الخراساني، علي الاحوط الوجوبي لايكون جائزاً. وعن جمع خر: القول بالكراهة وهو راي اكثرالمتاخّرين.

وعن ثالث: باءستحباب الامساك اءلي العصر ـ مع انّه ليس هو الصومالاءصطلاحي ـ وهذا قول العلامة الحلّي، والشهيد الاوّل، والثاني: فيالدروس والاءمساك، والسبزواري في الذخيرة، والمستند عندهم صحيحةعبدالله بن سنان عن الصادق(ع) ما قولك في صومه؟ فقال لي: صمه منغير تبييت، وافطره من غير تشميت ولا تجعله صوم يوم كاملاً وليكناءفطارك بعد صلاة العصر بساعة علي شربه من ماء فانّه في مثل هذا الوقتمن ذلك اليوم تجلّت الهيجاء علي ل رسول الله(ص).

ورابع: بالاءستحباب مطلقاً كالصدوق في الهداية. والمحقق في نكتالنهاية والخونساري في المشارق، والخوئي في المستند مع اصرار منهفي ذلك.

وخامس: بالاءستحباب مع قصد الحزن... وهو الراي المشهورعندنا كما هو قول الشيخ الطوسي في كثير من كتبه، والشيخ المفيد.وابن البراج، وابن زهرة، والصهرشتي وابن ادريس ويحيي بن سعيد،والمحقق الحلي في الشرائع، والرسائل التسع، والعلاّمة في المنتهيوالاءرشاد، والسبزواري في الكفاية والمحقق النجفي في الجواهر...نص بعض الكلمات:

1 ـ قال المحدّث البحراني وبالجملة فاءن دلالة هذه الاخبار عليالتحريم مطلقاً، اظهر ظاهر لكن العذر لاصحابنا فيما ذكروه من حيثعدم تتبع الاخبار كَملاً، والتامّل فيها.. فتحريم صيامه مطلقاً من هذهالاخبار اظهر ظاهر.

2 ـ وقال المجلسي: وبالجملة: الاحوط ترك صيامه مطلق.

3 ـ وقال الخونساري: وجزم بعض متاخري المتاخرين بالحرمةترجيحاً للنصوص الناهية.. والظاهر ان هذا اقرب...

4 ـ وقال الطعّان: تصريح الائمة بعدم قبول ذلك اليوم لماهية الصيامويكون نفس الصوم موجباً للحشر مع ل زياد وسائر ماهو مذكور منالمهالك.

5 ـ وقال الشهيد الثاني: والندب من الصوم وصوم عاشوراء عليوجه الحزن قال: اشار بقوله علي وجه الحزن اءلي ان صومه ليس معتبراًشرعاً بل هو اءمساك بدون نيّة الصوم لان صومه متروك كما وردت بهالرواية وينبّه علي قول الصادق(ع): صمه من غير تبييت وافطره من غير تشميتوليكن فطرك بعد العصر، فهو عبارة عن ترك المفطرات اشتغالاً عنها بالحزن والمصيبة،وينبغي ان يكون الاءمساك المذكور بالنيّة لانّه عبادة.موقف الايادي الاثيمة من عاشوراء:

ثم ان ايادي بني اُمية ومرتزقتهم وضعوا اكاذيب في فضل يومعاشوراء وبركته، ما تقشعر منه الجلود: فحكم علماؤُهم عليها بالوضعوالكذب.

1 ـ فقد رووا: من وسّع علي عياله يوم عاشوراء، وسّع الله عليه سائرسنته، فحكم عليه ابن الجوزي وابن تيميّة بالوضع.

قال ابن الجوزي: تمذهب من الجهال يمذهب اهل السنّة، فقصدواغيظ الرافضة، فوضعوا احاديث في فضل عاشوراء.

2 ـ حديث الاعرج عن ابيهريرة: اءن الله عزّ وجل افترض علي بنياءسرائيل صوم يوم في السنة، يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من المحرّمفصوموه.. فاءنّه اليوم الذي تاب الله فيه علي دم.. والحديث طويل.

قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يشك عاقل في وضعه، ولقد ابدع مَنوضعه وكشف القناع ولم يستحي واتي فيه المستحيل...

3 ـ حديث اءبراهيم الصائغ عن ميمون بن مهران: من صام يومعاشوراء، كتب الله له عبادة ستين سنة.

قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع بلا شك.

وقال ابو حاتم: هذا حديث باطل لا اصل له.

وقال الذهبي: حبيب بن ابي حبيب كان يضع الحديث، قاله ابنحبان وغيره... روي: مَن صام عاشوراء وذكر حديثاً طويلاً موضوعاً فيه:اءن الله خلق العرش يوم عاشوراء. فانظر اءلي هذا الاءفك.

4 ـ حديث من اكتحل بالاثمد.. قال العيني: وهو حديث موضوعوضعه قتلة الحسين(ع).

وقال احمد: الاكتحال يوم عاشوراء لم يُرو عن رسول الله فيه اثر وهوبدعة.موقف اهل البيت::

وقد عارض ائمة اهل البيت: هذا التيار الظالم، وهذه الاءشاعاتالكاذبة بقوّة من خلال اءعطائهم للناس تعليمات خاصّة في ذلك اليوم،حيث امروا الناس بترك السعي يوم عاشوراء، وامروهم ان يجعلوا ذلكاليوم يوم حزن، وان من سمّاه يوم بركة يحشر مع يزيد.

1 ـ ففي رواية الرضا(ع): مَن ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء، قضيالله له حوائج الدنيا والخرة، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعلالله يوم القيامة يوم فرحه وسروره، وقرّت بنا في الجنة عينه، ومَن سمي يوم عاشوراءيوم بركة وادّخر لمنزله فيه شيئاً لم يبارك له فيما ادّخر، وحشر يوم القيامة مع يزيدوعبيدالله وعمر بن سعد لعنهم الله في اسفل درك من النار.كيف يجتمع النسيء مع صوم عاشوراء؟

هنا امر لابدّ من اءثارته، وهو ان الجاهلية كانت تؤخّر المحرم اءليصفر تارة، ويجعلون صفراً مع ذي القعدة محرماً تحرّجاً من توالي ثلاثةاشهر محرّمة. فلم يحصل توافق بين اسم الشهر ـ محرم ـ ونفسه اءلاّ في كلاثني عشرة سنة مرّة اءذا كان تاخير محرم علي حساب ونظام محفوظ.

وامّا ان كان بمعني اءنساء حرمة المحرم اءلي صفر، ثم اءعادتها مكانهافي العام المقبل كما هو المعروف والمشهور في تفسير النسيء، فيكونالمعني اءن صفر هو المحرّم عندهم. وان الصوم في العاشر من صفر كانهو المتداول عند الجاهلية وعليه فكيف يجتمع مع اءدّعاء ان قريشاً كانتتصوم يوم عاشوراء من المحرم، والنبي(ص) ايضاً كان يتابعهم فيذلك.عاشوراء عيد الاُمويين:

اءن الذي يعرف من خلال التتبع وتصريح المؤرّخين ـ فضلاً عننصوص الروايات والاحاديث ـ هو ان الاُمويين هم الذين اعلنوا منعاشوراء بعنوان عيد وذلك للتغطية علي الجريمة البشعة والمجازرالاءنسانية التي ارتكبوها بشان اهل البيت رسول الله(ص) الامر الذي كانيذلُّهم كل يوم عاشوراء حتّي صار مثلاً علي الالسن: اذل من اُمويبالكوفة يوم عاشوراء.تصريحات للمؤرّخين:

1 ـ المقريزي: لما كان الخلفاء الفاطميّّون بمصر كانت تعطّلالاسواق في ذلك اليوم ـ عاشوراء ـ ويفعل فيه السماط العظيم المسمّيسماط الحزن وينحرون الاءبل، وظل الفاطميون يجرون علي ذلك كلايّامهم فلمّا زالت الدولة الفاطمية اتّخذ الملوك من بني ايوب يوم عاشوراءيوم سرور يُوسعون فيه علي عيالهم ويتبسّطون في المطاعم، ويتّخذونالاواني الجديدة، وسنّها يكتحلون ويدخلون الحمّام جرياً علي عادة اهلالشام التي سنّها لهم الحجاج في ايام عبدالملك بن مروان ليرغموا بذلكاناف شيعة علي بن ابي طالب(ع) الذين يتّخذون يوم عاشوراء يوم عزاءوحزن علي الحسين بن علي(ع) لانّه قتل فيه.

وقد ادركنا بقايا ممّا عمله بنو اُميّة من اتّخاذ عاشوراء يومسروروتبسّط.

2 ـ ابو الريحان: وكانوا يعظّمون هذا اليوم ـ عاشوراء ـ اءلي ان اتّفق فيهقتل الحسين(ع) واصحابه وفعل به وبهم ما لم يفعل في جميع الاُمم باشرارالخلق من القتل بالعطش والسيف والاءحراق وصلب الرؤوس واجراءالخيول علي الاجساد فتشائموابه فامّا بنو اُمية فقد لبسوا فيه ما تجددوتزيّنوا واكتحلوا وعيّدوا واقاموا الولائم والضيافات، واطعموا الحلاواتوالطيبات وجري الرسم في العامّة علي ذلك ايّام ملكهم وبقي فيهم بعدزواله عنهم.

3 ـ الكراكجي: ومن عجيب امرهم دعواهم محبّة اهل البيت: معما يفعلون يوم المصاب بالحسين(ع) من المواظبة علي البر والصدقةوالمحافظة علي البذل والنفقة والتبرّك بشراء ملح السنّة، والتفاخربالملابس المنتخبة والمظاهرة بتطيّب الابدان والمجاهرة بمصافحةالاءخوان، والتوفّر علي المزاورة والدعوات والشكر من اسباب الافراحوالمسرّات، واءعتذراهم في ذلك بانّه يوم ليس كالايام وانّه مخصوصبالمناقب العظام ويدّعون ان الله عزّ وجل تاب فيه علي دم، فكيف وجبان يقضي فيه حق دم فيتّخذ عيداً ولم يجزان يقضي حق سيّد الاوّلينوالخرين محمّد خاتم النبيين(ص) في مصابه بسبطه وولده.

4 ـ السيد الشريف الرضي يصف هذا الامر في نظم شعري:

كانت متم بالعراق تعدّهااُموية بالشام من اعيادها

جعلت رسول الله من خصمائهافلبئس ما ادّخرت ليوم معادها

نسل النبي علي صعاب مطيّهاودم النبي علي رؤوس صعادها

وفي نهاية المطاف نقول: نحن اءلي جانب المحدّث البحراني والعلامّةالمجلسي والسيّد احمد الخونساري والشيخ الاُستاذ وكل من يستشم منهالميل اءلي القول بالحرمة بعدما عرفت الروايات الذامّة والناهية، ولحنالتعبير فيها وبعد ما عرفت انّه كان مثاراً لاءهتمام الحزب الاُموي واذنابهمتغطية علي ماساة كربلاء الحسين(ع).

اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت وتابعتعلي قتله.