الشيخ الحسن الحلي المعروف بالعلامة الحلي

اسمه وكنيته ونسبه(1)

الشيخ أبو منصور، الحسن بن يوسف بن علي بن مُطهّر الحلّي الأسدي المعروف بالعلّامة الحلّي.

 

ولادته

ولد في السابع والعشرين من شهر رمضان 648ﻫ بمدينة الحلّة في العراق.

 

مكانته العلمية

لم يتّفق لأحد من العلماء قبل الشيخ الحلّي أن لُقّب بـ«العلّامة»، فهو أوّل من أحرز هذا اللقب، وقد انتزعه من إعجاب العلماء بمعارفه.

فقد تألّق ذكره(قدس سره) في الآفاق، وسطع نجمه في سماء العلم، وسمت مكانته بين العلماء، ومن هنا يكون لقبه ذاك بمثابة وسام علمي، يشير ـ بوضوح ـ إلى منزلته العلمية الرفيعة.

وممّا يُذكر أنّه قد نال هذا اللقب الفاخر بعد مناظرة مشهورة له في مجلس السلطان الجايتو خُدابنده، إذ كشفت تلك المناظرة عن ذهن وقّاد، وعلم زاخر، وفهم وافر، ودقّة مدهشة، واستحضار غريب، وعلى أثر ذلك مُنح هذا اللقب ارتجالاً، ثمّ ما لبث أن لازمه واختصّ به.

 

من أقوال العلماء فيه

1ـ قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره) في رجاله: «شيخ الطائفة وعلّامة وقته، وصاحب التحقيق والتدقيق، كثير التصانيف، انتهت رئاسة الإمامية إليه في المعقول والمنقول».

2ـ قال الشهيد الأوّل(قدس سره) في إجازته لابن الخازن: «الإمام الأعظم الحجّة أفضل المجتهدين جمال الدين».

3ـ قال الشيخ الحرّ العاملي(قدس سره) في أمل الآمل: «فاضل عالم، علّامة العلماء، محقّق مدقّق ثقة ثقة، فقيه محدّث متكلّم ماهر، جليل القدر، عظيم الشأن، رفيع المنزلة، لا نظير له في الفنون والعلوم العقليات والنقليات، وفضائله ومحاسنه أكثر من أن تُحصى».

 

مناظراته

ممّا امتاز به(قدس سره) أنّه درس عند بعض علماء المذاهب الأُخرى، فخالطهم وحاججهم احتجاجاً علميّاً هادئاً، فاطّلع على ما عندهم من جهة، وعرّفهم بما عنده من جهة أُخرى.

فاستمرّ في مناظراته معهم على إدراك وتثبت ودقّة وبصيرة؛ حتّى فرضت مكانته العلمية نفسها على مخالفيه، فلم يتعدّوه إلّا بعد الثناء عليه والإقرار بفضله وفضيلته.

ولا بُدّ من مثل العلّامة الحلّي أن يُناظِر ويناظَر، ويُناقِشَ ويُناقَش، ولا بُدّ إلى مثله تُوجّه الأسئلة، ومن مثله تُنتَظر الأجوبة، ومن هنا نُقل أنّ له احتجاجات كثيرة، بعضها رُويت، وبعضها كتبها هو بنفسه.

وكان من رائعات مناظراته ما ذكره الشيخ محمّد تقي المجلسي(قدس سره) في شرح من لا يحضره الفقيه (روضة المتّقين) في قصّة خلاصتها: أنّ السلطان الجايتو المغولي غضب على إحدى زوجاته فطلّقها ثلاثاً، ثمّ ندم فسأل العلماء، فقالوا: لا بُدّ من المُحلّل.

فقال: لكم في كلّ مسألة أقوال، فهل يوجد هنا اختلاف؟ قالوا: لا.

فقال أحد وزرائه: في الحلّة عالِم يُفتي ببطلان هذا الطلاق، فاعترض علماء العامّة، إلّا أنّ الملك قال: أمهِلوا حتّى يَحضُر ونرى كلامه، فأحضره، فكان من العلّامة الحلّي أن دخل وقد أخذ نعليه بيده وجلس، فسُئل عن ذلك، فقال: خِفتُ أن يسرقه بعض أهل المذاهب، كما سرقوا نعل رسول الله(صلى الله عليه وآله).

فقالوا معترضين: إنّ أهل المذاهب لم يكونوا في عهد رسول الله، بل وُلدوا بعد المئة من وفاته فما فوق، فقال(قدس سره) للملك: قد سمعتَ اعترافهم هذا، فمن أين حصروا الاجتهاد فيهم، ولم يجوّزوا الأخذ من غيرهم ولو فُرض أنّه أعلم؟! سأل الملك: ألم يكن واحد من أصحاب المذاهب في زمن النبي(صلى الله عليه وآله)؟ ولا في زمن الصحابة؟ قالوا: لا.

فقال العلّامة: ونحن نأخذ مذهبنا عن علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وهو نفس رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأخوه وابن عمّه ووصيّه، ونأخذ عن أولاده(عليهم السلام) من بعده، فسأله الملك عن الطلاق بالثلاث، فأجابه العلّامة: باطل؛ لعدم وجود الشهود العدول.

وجرى البحث بينه وبين العلماء حتّى ألزمهم الحجّة جميعاً، فتشيّع الملك ألجايتو، وخطب بأسماء الأئمّة الاثني عشر في جميع بلاده، وأمر فضُربت السكّة بأسمائهم(عليهم السلام)، وأمر بكتابتها على جدران المساجد والمشاهد.

قال الشيخ آقا بزرك الطهراني: «وفي عصر العلّامة الحلّي استبصر السلطان خدابنده وتشيّع، وضرب النقود باسم الأئمّة(عليهم السلام) عام 708ﻫ».

وأُعطيت بعض الحرّيات الدينية التي كان العبّاسيون يمنعونها، وفي عصره أيضاً عادت الحلّة إلى مكانتها العلمية القديمة، فازدهرت فيها المدارس بعدما عانت من الاضطهاد مدداً طويلة.

 

من أساتذته

أبوه الشيخ يوسف، خاله الشيخ جعفر بن الحسن المعروف بالمحقّق الحلّي، الشيخ يحيى الحلّي المعروف بابن سعيد الحلّي، الشيخ محمّد بن محمّد الطوسي المعروف بالخاجة نصير الدين، الشيخ علي بن عيسى الأربلي، الشيخ محمّد بن نما الحلّي، السيّد عبد الكريم بن أحمد بن طاووس، السيّد أحمد بن موسى بن طاووس، السيّد علي بن موسى بن طاووس، الشيخ ميثم البحراني، الشيخ أحمد بن عبد الله الواسطي، الشيخ حسن الصنعاني، الشيخ سالم السوداوي.

 

من تلامذته

ابنا أُخته السيّد عبد المطّلب الأعرج الحسيني والسيّد عبد الله، السيّد حسين بن محمّد العلوي الحسيني الطوسي، الشيخ الحسين بن إبراهيم الأسترآبادي، الشيخ محمّد بن محمّد الرازي البويهي، السيّد مهنّا بن سنان المدني الحسيني، الشيخ إبراهيم بن الحسين الآملي، الشيخ علي بن أحمد المرندي، نجله الشيخ محمّد، السيّد محمّد الحلّي.

 

نجله

الشيخ محمّد المعروف بفخر المحقّقين، قال عنه السيّد مصطفى التفريشي(قدس سره) في نقد الرجال: «من وجوه هذه الطائفة وثقاتها وفقهائها، جليل القدر، عظيم المنزلة، رفيع الشأن، حاله في علوّ قدره وسموّ رتبته وكثرة علومه أشهر من أن يُذكر».

 

من مؤلّفاته

تذكرة الفقهاء (14 مجلّداً)، منتهى المطلب في تحقيق المذهب (10 مجلّدات)، مختلف الشيعة في أحكام الشريعة (9 مجلّدات)، تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية (5 مجلّدات)، قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام (3 مجلّدات)، نهاية الإحكام في معرفة الأحكام (مجلّدان)، إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان (مجلّدان)، خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، الأدعية الفاخرة المنقولة عن الأئمّة الطاهرة(عليهم السلام)، كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين(عليه السلام)، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، القواعد الجلية في شرح الرسالة الشمسية، تنقيح قواعد الدين المأخوذة عن آل ياسين، تحصيل السداد في شرح واجب الاعتقاد، إيضاح الاشتباه في ضبط تراجم الرجال، الجوهر النضيد في شرح كتاب التجريد، تبصرة المتعلّمين في أحكام الدين، الألفين الفارق بين الصدق والبين، مبادئ الوصول إلى علم الأصول، منهاج الكرامة، الأسرار الخفية في العلوم العقلية، تلخيص المرام في معرفة الأحكام، أجوبة المسائل المهنائية، الرسالة السعدية، المستجاد من كتاب الارشاد، نهج الحق وكشف الصدق، الباب الحادي عشر، لُب الحكمة.

 

وفاته

تُوفّي(قدس سره) في الحادي والعشرين من المحرّم 726ﻫ، ودُفن بجوار مرقد الإمام علي(عليه السلام) بالنجف الأشرف.

ـــــــــــــــــــ

1ـ اُنظر: إرشاد الأذهان 1/ 23.