مناظرة بين الزمزمي والألباني في معاني نصوص الصفات

(السؤال) :

هل بين النبي – صلى الله عليه وسلم – معاني نصوص الصفات ؟

 

( الجواب ) :

وقد أجبت عن هذا السؤال : بأن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – لم يبين معاني نصوص الصفات اكتفاء ببيان القرآن ، لان البيان المحتاج إليه في آيات الصفات موجود في ” القرآن ” . وهو قوله تعالى : ( ليس كمثله شئ ) وقوله تعالى : ( ولم يكن له كفؤا أحد ) . فقال الألباني : معنى هذا الكلام أن النبي ” كتم ” معاني آيات الصفات ! فقلت : لا تقل ” كتم ” لان كتمان العلم مذموم في الشرع ، إذ الكتمان في اصطلاح الشرع هو ” البخل بالعلم على المحتاج إليه ” . وآيات الصفات لم يكن بالناس حاجة إلى بيان معنى لها زائد على المعنى الذي بينه “القرآن” (۱).

إذ لو حدثهم النبي – صلى الله عليه وسلم – بما يزيد على المعنى الذي بينه ” القرآن ” لقصرت عقولهم عن فهمه ، وكان فتنة لهم . كما قال ( سيدنا ) علي – كرم الله وجهه – : ” حدثوا الناس بما يفهمون ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله ؟ ! ” رواه البخاري ( ۱ / ۲۲۵ فتح ) .

فلأجل هذا . . نقول : ” إن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يبين معاني آيات الصفات ” . ولا نقول ” كتم معانيها ” لأنه لا حاجة بالناس إلى بيان معانيها . والكتمان في اللغة أعم من الكتمان في الشرع ، لان الكتمان في اللغة يطلق على عدم البيان مطلقا ، وفي الشرع لا يكون عدم البيان كتمانا إلا بالقيد الذي ذكرته . ولا يخفى أن هناك مسائل لم يبينها النبي – صلى الله عليه وسلم – للعلة التي ذكرتها . . . منها : مسألة ” القرآن ” التي وقع فيها جدال كبير معلوم (۲) .

—————————————–
(۱) وذلك مثل قوله تعالى (أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) الزمر : ۵۶ ، فجميع الناس حتى في هذا العصر يفهمون أن معناها هو : يا حسرتي على ما فرطت في حق الله أو في أمره . وقد أولها بمثل هذا أيضا السلف الصالح ، قال الحافظ ابن جرير وهو من السلف في تفسيره ( جزء ۲۴ / ۱۹ ) : ” وقوله ( على ما فرطت في جنب الله ) يقول : على ما ضيعت من العمل بما أمرني الله به وقصرت في الدنيا في طاعة الله ” اه‍ ونقل الحافظ ابن جرير ذلك عن جماعة من السلف وهم مجاهد والسدي وقتادة . فهذا ما يفهمه جميع المسلمين والعقلاء حسب أساليب العربية ولا يحتاج الانسان أن يبين بعد تلاوته لهذه الآية الكريمة أنه هل أثبت الله لنفسه جنبا في هذه الآية أم لا ؟ ! وهل له جنب أم ليس له ؟ ! لكن العجب العجاب أن ترى المجسمة يثبتون له سبحانه وتعالى عما يقولون جنبا بل يقولون – زائدين على ذلك – إنه ولو لم يذكر إلا جنبا واحدا في كتابه فليس معنى ذلك أنه ليس له جنب آخر ! ! كما يقول ذلك ابن قيم الجوزية في كتابه ” الصواعق المرسلة ” انظر مختصر الصواعق ( ۱ / ۳۳ ) .
وأقول : كبرت كلمة تخرج من أفواههم وسطرتها أيديهم ! !
(۲) أي أن مسألة خلق القرآن هل هو مخلوق أم لا مع أنها من مسائل العقيدة وليست من مسائل الطهارة مثلا بلا شك ! ! قد وقع فيها تنازع كبير مشهور ؟ ومع ذلك لم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن القرآن مخلوق أو غير مخلوق ! ! إذ لا حاجة وقتئذ لها .
المصدر : مناظرة بين الزمزمي والألباني | محمد الزمزمي بن الصديق ، حسن بن علي السقاف | الأولى | ۱۴۱۴ – ۱۹۹۳ م || دار الإمام النووي – عمان – الأردن.