ذكرى وفاة خديجة (سلام الله عليها)

  شذى الهدى

تمرّ بنا لحظات من الجمود الفكري بحيث تتوارد الأفكار وتزدحم , ولكن لا تجد أمامها منفذاً يمكن أن تخرج للضوء من خلاله ، وحينها لا نملك سوى أن نجتر ماضينا ونعود إليه ؛ لنذكّر به ونأمل من خلاله أن نحصل على الأجر نفسه ولو بإعادة ما مضى . وفي هذه الأيام تمر علينا ذكرى وفاة السيدة الطاهرة خديجة الكبرى (عليها السّلام) , والتي ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قوله في حقها : (( اشتاقت الجنة إلى أربع من النساء ؛ مريم وآسية , وخديجة وفاطمة بنت محمّد (صلّى الله عليه وآله) )) .

كان بودّي أن أكتب وأكتب حول شخصية هذه الجليلة , ولكن لم أجد القدرة على الإمساك بالقلم لأخطّ شيئاً مما يعتمل في نفسي ، فإلى سيدتي اُقدّم اعتذاري لاُعيد ما سبق أن قدّمته في ذكراها العام الماضي .

إنّها مَن بلغها السّلام من الربِّ الجليل العلي الأعلى على لسان نبيه الأكرم الأمجد أبي القاسم محمّد (صلوات الله عليه وعلى آله) .

إنها والدة القاسم , إنها اُمّ الكوثر .
إنها خديجة (سلام الله عليها) , مَن قام هذا الدين على أموالها وتضحياتها العظيمة .
تمر علينا الليلة العاشرة من شهر رمضان الكريم ذكرى وفاة مولاتنا خديجة (سلام الله عليها) , فهل تمر هكذا كغيرها من الذكريات , أم نقف قليلا ً أمام سيرتها العطرة نستلهم شيئاً من آثارها ؟!
هناك الكثير في حياة اُمّ المؤمنين (سلام الله عليها) يستحق تأمله وتدبّره , ولكنني رأيت أن أختار هذا الموقف لخديجة (سلام الله عليها) وهي على فراش الموت , تُرى ماذا كانت آخر كلماتها ووصاياها ؟
تذكر الروايات أنه لما حضر خديجةَ (سلام الله عليها) الموتُ كان من ضمن حديثها لزوجها الرسول (صلّى الله عليه وآله) أن اعتذرت منه عن تقصيرها في حقّه ! سبحان الله ! خديجة مَن ضحّت بأموالها وحياتها وعلاقاتها الاجتماعية في سبيل هذا الدين الذي أتى على يدي زوجها (صلوات الله عليه) حتّى أنفقت جميع ما تملكه , ولم يبق لديها سوى فراش واحد تفترشه هي والنبي (صلوات الله عليهما) تعتذر بأنها مقصّرة في حقِّ هذا الزوج !
سبحان الله ! يا مولاتي , إذاً ماذا نقول نحن ؟! وما مدى تقصيرنا في حق أزواجنا إذا قسناه بنظرتك الحكيمة المحلقة دوماً في الفردوس الأعلى ؟!
إنها مجرد همسة تبعث بها خديجة (سلام الله عليها) لكلِّ النساء المؤمنات قبل أن تودّع هذه الدنيا الفانية , تطلب (سلام الله عليها) منّا أن نتواضع دوماً لأزواجنا ، ومهما قدّمنا لا بدّ أن نشعر بأننا مقصّرين في حقهم ؛ فحق الزوج على زوجته عظيم وعظيم ، إنه يكاد يصل لدرجة العبودية .
أو ليس النبي (صلّى الله عليه) وآله قد قال في معنى الحديث : (( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها )) ؟

اللهمَّ أعنّا على أداء حقوق أزواجنا , ووفّقنا لمرضاتهم بحقِّ من أكرمتها بأن كانت أوّل مَن آمن بنبيك الحبيب خاتم الأنبياء (صلّى الله عليه وآله) . اللهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد , واغفر لاُمّنا خديجة (سلام الله عليها) , وارزقنا مجاورتها في جنان الخلد يا أرحم الراحمين .

ـــــــــــــــــــــ
(*) تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المقال قد اُخذ عن شبكة أنصار الحسين (عليه السّلام) , مع مراجعة وضبط النص (موقع معهد الإمامين الحسنين) .