كيف تصبح شخصية ناجحة ومؤثرة

إذا أردت أن تكون شخصية جذابة:

نصادف أحياناً في حياتنا أناس يملكون علينا عواطفنا وننبهر بهم ،أينما اتجهوا تلتف الأنظار نحوهم ، يتمتعون بشخصيات جذابة تؤثر فيمن يخالطونهم ، وكل منا يتمنى أن يمتلك مثل هذه الشخصية .

وفي كل شخص منا رغبة في الاستئثار ونيل إعجاب الآخرين واستحسانهم ، والاستحواذ على ثنائهم، وهناك أناس يبدو عليهم أنهم من ذوي الشخصية المحبوبة و قد تحظى بإعجاب الناس ، ولكن مثل هذا الإعجاب يتبدد كالدخان في الهواء ، إذا لم يسانده جمال الروح ، واهم عنصر في جمال الروح هو الجاذبية والحضور، وبالطبع هناك مقومات أساسية لتلك الشخصية الجذابة و أهمها:

 

أولاً – في المظهر :

لأن الشكل أول ما يجذب العين ، ويكون بمثابة تذكرة المرور إلى القلوب لذا كان لا بد من أن نضعه في بداية أولوياتنا .. وأن نوليه القدر الكافي من الاهتمام ، وبطبيعة الحال أنا لا أعني هنا الخلقة فليس بمقدورنا تغييرها ، لكن أقصد الشكل الذي نظهر به أمام الناس.فكم رأينا أناسا دميمي الخلقة ..ولكنهم ينالون إعجاب الجمهور ..وتبحث العيون عنهم ..وإذا جلسوا في مكان تتجه إليهم القلوب والأبصار ..ذلك أنهم اهتموا بجمال المظهر والجوهر .فكان في مظهرهم الأناقة ..وفي جوهرهم النقاء والصفاء .

ونعني بجمال المظهر :

1-الأناقة وحسن الهندام..بحيث ترى أنهم يلبسون مما يوافق مزاج الناس وحسهم الجمالي ..من حيث تناسق الألوان ..ومن حيث طبيعة اللباس ..وبساطته ..

2-الاهتمام بالنظافة الشخصية كالأظافر والشعر والثياب والجسم.. والعناية بالشكل..والإنسان بطبعه يميل لقبول النظيف وينفر من الأوساخ

3- الحرص على وضع عطر هادئ وجميل، لأن أغلب العطور الفواحة تسبب الصداع وتثير عند البعض الحساسية وبالتالي تشعر من تجالسهم بالضيق، إضافة إلى أن العطور الفواحة – فضلاً عما ذكر – لا تصلح للمجالس والأماكن المغلقة .

والعطر احد معالم الشخصية الجذابة المهمة ..

4-علينا أن ندرك أنه ليس شرطاً أن يرتدي أحدنا أغلى الملابس ويبتاع أثمن العطور ليحقق هذه الغاية ، لكن يتم ذلك من خلال الاهتمام بالتناسق بين ألوانها حتى وإن اتسمت بالبساطة ورد بالأثرتصبح شخصيه ناجحه ومؤثرةكونوا كالشامة بين الناس)

5-حاول أن تبدو مبتسماً هاشاً باشاً ، فالابتسامة تعرف طريقها إلى القلب ولا تتعارض أبداً مع الوقار ، على العكس تماماً من الضحك ..والابتسامة مجهودها بسيط ولكن مفعولها في القلوب كبير ..وزمنها قصير ولكن مفعولها باق ومديد .

الابتسامة الصادقة تعبر عن شخصية سوية، بينما التجهم وهو تعبير عن شخصية مريضة من الحقائق التي لاحظها العاملون في حقل العلاج النفسي أن هناك علاقة كبيرة بين بعض الحركات التي تظهر على قسمات الوجه وبين السلامة النفسية أو المرض مثل تقطيب الجبين وزم الشفاه وتقليص الجفون ونحو ذلك .

ويضيف العلم قائلاً: عندما يبتسم الإنسان تشترك في وجهه ثلاث عشرة عضلة، ولكن في حالة عبوسه تقوم بالعمل سبع وأربعين عضلة!!

فالمتبسم يريح وجهه ..والعابس يرهق عضلات وجهه…!!

ويذهب العلماء المختصون إلى أن الشخص المبتسم يتمتع أيضًا بنبض سليم ومتزن وأن الابتسامة تساعد على تخفيف ضغط الدم وتعتبر وقاية من أمراض العصر.

يقول الإمام ابن عيينه: [والبشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين وجه طليق وكلام لين].

 

ثانياً – في المجالسة :

عندما تجلس مع أحد حاول بقدر الإمكان أن :

1-تتوجه إليه بكل اهتمامك ولا تتشاغل بالنظر إلى الأرض ، ولا تحرص على الالتصاق به، فقد يكون معك ما ينفره منك، وقلل من الحركة والالتفات فهي دليل انك متضايق من مجالسته ، وانتبه لكل حركاتك لأنك قد تغفل وتقوم ببعض العادات السيئة ..مثل النظر بالساعة باستمرار مما يوحي له أنك تستثقل مجالسته ..أو العبث بأوراقك الخاصة التي في جيبك ..أو أمثال ذلك.

2- وحاول أن تجعل كل تفكيرك في حديث من يقابلك فقد يسألك عن نقطة ولا تستطيع الإجابة عليها فيأخذ ذلك على أن حديثه ممل ولا يروق لك ..ولذلك لا تصرف نظرك عن محدثك ..بل اقبل عليه بوجهك ..وأشعره أنك متأثر ومهتم بكلامه …واهتمامك يظهر في عيونك وجلستك وتحركاتك.

3 – عند الزيارة حاول بقدر الإمكان أن تكون خفيفاً ، وألا تطيل البقاء خاصة إن كنت أنت الزائر الوحيد أو الغريب في مجتمع عائلي أو متجانس ، وعليك أن تختار الأوقات المناسبة للزيارة ، وأن تكون قدر الإمكان بدعوة ..أو موعد مسبق ، حتى ولو رأيت استحسانه لمجالستك لا تكثر من زيارته إلا إن دعاك حتى لا تبدو شخصاً مزعجاً مملاً يندم على أنه تعرف إليك ، كما يجب عليك ألا تجلس إلا في المكان الذي يختاره لك.. فإذا أشار عليك بالجلوس في مكان من أركان البيت فلا تعتذر وتظل جالسا حيث تريد ..لأنه أعلم بعورة بيته وما يريحه .

4-حاول عدم استخدام هاتفك المحمول بإجراء اتصالاتك أثناء اجتماعكما ، وألا تستخدمه إلا لضرورة أو للرد على اتصال بهدوء وصوت منخفض وأن يكون الرد بشكل مقتضب، ولا تمد يدك لتستخدم هاتفه إلا لضرورة وبعد استئذان.

5-لا تقاطعه لتستأذن بالانصراف أثناء تحدثه معك ، وإذا استأذنت لا تتحدث بأي شيء سوى الإطراء لجميل ضيافته لك ، وعليك ألا تتحدث أمامه عن أحد بما يكره ، ولا تظهر أخطاءه أو هفواته أمام أحد فهذا سيعطي انطباعاً عنك بأنك غير جدير بأن يدعوك أحد لمنزله .

6-إن حدث ودعاك للطعام..لا ترفق أحداً معك لم يدعه إلا إن أذن به .. لا تستعجله بإحضاره ، وإن أُحضر لا تكثر من الأكل حتى وإن كنت جائعاً ، ولا تأكل بسرعة ، ولا تتحدث وبفمك طعام ، وإن قدم لك القهوة أو الشاي احرص ألا تشرب إلا بعد أن يشرب هو من كوبه فقد يكون فيه ما تكره فيقع في حرج شديد .

7- حاول بقدر الإمكان عدم النظر لهيئة المجلس وأثاثه بحضوره ، وابتعد عن الفضول بقراءة ما حولك من صحف ومجلات وأوراق ، ولا تمد يدك لأي شيء مما تقع عليه عينيك فهذه صفات ذميمة .

8-حاول أن تكون معتدلاً في جلوسك، فبعض أوضاع الجلوس تعبر عن سوء الأدب، ولا تمد رجليك في حضرته ، ولا تضع رجلاً على رجل .

9-عند بداية الحضور لا تسابقه إلى الدخول ، وعند الانصراف لا تخرج قبله لتمنحه الفرصة في أن يصلح من شأن مكان مرورك .

10عود نفسك على السيطرة على تصرفاتك والابتعاد عن العادات السيئة كالعبث في الأسنان والأذنين والأظافر والأنف ، فهي أعمال منفرة تثير الاشمئزاز والاستقذار، وحاول ألا تظهر التثاؤب وإن لم تستطع فأبقِ فمك مغلقاً أو غطه بيدك، فالتثاؤب صفة مذمومة شرعاً وعرفاً ، وفتح الفم حالة غير محببة.

 

أخطاء في أدب المحادثة والمجالسة:

1ـ الثرثرة: وهي كثرة الكلام بلا فائدة، والثرثار هو كثير الكلام تكلفًا. والثرثار يتكلم في كل باب، فإذا حضر مجلسًا ملأه بكثرة الضجيج، وأشغله بفضول الكلام، فالثرثرة من مظاهر سوء الخلق، وهي دليل على نقص العقل .

وقال أحدهم:’إياك وفضول الكلام؛ فإنه يظهر من عيوبك ما بطن، ويحرك من عدوك ما سكن؛ فكلام الإنسان بيان فضله، وترجمان عقله؛ فاقصره على الجميل، واقتصر منه على القليل’.

2ـ الاستئثار بالحديث: فهناك من يستأثر بالحديث، فلا يعطي غيره فرصة لأن يتكلم.

والأثرة بالحديث آفة قبيحة، ومن الأدب في الكلام أن يقتصد المسلم في تحدثه في المجالس.

3ـ الحديث عن النفس على سبيل المفاخرة: فبعض الناس لا يفتأ يتحدث عن نفسه، فيذكر محاسنها ، ويمتدح أعماله، ويدخل في ذلك تحدثه عن ذكاء أولاده، وعن زوجته، وحسن تدبيرها، ونحو ذلك.

4ـ الغفلة عن مغبة الكلام: فهناك من يطلق لسانه بالكلام دونما نظر في آثاره، أو أبعاده، غير عابئ بما يجره عليه من بلاء أو شقاء؛ فلربما كان سببًا في مقتله، أو في إذكاء عداوة، أو إشعال حرب، أو نحو ذلك.

قال أكثم بن صيفي:’مقتل الرجل بين فكيه’ يعني: لسانه.

5ـ قلة المراعاة لمشاعر الآخرين: فمن الناس من هو غليظ الطبع، كثيف النفس، لا يراعى مشاعر الآخرين، ولا يأنف من مواجهتهم بما يكرهون، فتارة يُذكر الحاضرين بعيوبهم، وتارة يؤذيهم بلحن منطقة، وتارة يذكرهم بأمور يسوؤهم تذكرها.

6ـ التعميم في الذم: فتجد من الناس من يغلب عليه جانب المبالغة في إطلاق الأحكام، فتراه يعمم الحكم في ذم طائفة، أو قبيلة، أو جماعة من الناس. قال ابن المقفع:’إذا كنت في جماعة قوم أبدًا فلا تعمن جيلاً من الناس، أو أمة من الأمم بشتم ولا ذم؛ فإنك لا تدري لعلك تتناول بعض أعراض جلسائك مخطئًا فلا تأمن مكافأتهم، أو متعمدًا فتنسب إلى السفه.

ولا تذمن مع ذلك اسمًا من أسماء الرجال أو النساء بأن تقول: إن هذا لقبيحٌ من الأسماء؛ فإنك لا تدري لعل ذلك غير موافق لبعض جلسائك، ولعله يكون بعض أسماء الأهلين والحرم. ولا تستصغرن من هذا شيئًا؛ فكل ذلك يجرح في القلب، وجرح اللسان أشد من جرح اليد’.

7ـ كثرة الأسئلة، وتعمد الإحراج فيها: فيسأل عما لا يعنيه، ويسأل الناس عن أمورهم الخاصة، التي لا يرتضون أن يطلع عليها أحد غيرهم، ثم إن السائل قد يُوْقعُ نَفْسَهُ فيما يسوؤه من رد موبخ مسكتٍ ، قال ابن عبد البر:’قال تميم بن نضر بن يسار لأعرابي: هل أصابتك تخمة؟

قال: أما من طعامك فلا’.

ودع السؤال عن الأمور وبحثها فلرب حافر حفرةٍ هو يصرع

8ـ سرعة الجواب: فيجيب دون أن ينهي السائل كلامه، أو يجيب عن سؤال لم يوجه إليه، وأقبح ما في هذا أن يجيب المرء عن سؤال وجه إلى غيره، فهذا كله مناف لأدب المحادثة، قال عمر بن عبد العزيز :’خصلتان لا تعدمانك من الجاهل: كثرة الالتفات،وسرعة الجواب’ .

9ـ الحرص على إبداء الرأي في كل صغيرة وكبيرة:وهذا مما يتنافى مع الحزم؛ فليس من الحكمة أن يتعجل الإنسان إبداء الرأي؛ لأنه ربما جانب الصواب، وخالف الحقيقة، بل ربما قاده ذلك إلى أن يتعصب لرأيه ولو كان غير مصيب؛ كيلا يوصم بالعجلة والزلل. و آراء المرء له، وأقواله عليه؛ فإذا صرح بآرائه صار أسيرًا لها، مكبلًا في أغلالها، له غنمها، وعليه غرمها.

10ـ التعرض للسفلة والسفهاء:فهناك من لا يأنف من مجاراة السفهاء، والتعرض للسفلة؛ فإذا ما جمعه بهم مجلس توسع في الحديث معهم، وتمادى في مضاحكتهم وممازحتهم، مما يجعله عرضة لسماع ما لا يرضيه من ساقط القول، فيصبح بذلك مساويًا لهم في سفههم وسفالتهم؛ إذ نزل إليهم، وانحط في حضيضهم.

إذا جاريت في خلق دنيئًا فأنت ومن تجاريه سواء

والمروءة أن يعرض المرء عنهم، ويدع الحديث معهم إلا بقدر ما تدعو إليه الحاجة؛ من سلام أورده، أو جواب لسؤال، أو نحو ذلك.

11ـ الحديث بما لا يناسب المقام: فتراه يتكلم بالهزل في مواقف الجد، ويحاول إضحاك السامعين في مجلس يسوده الحزن. ومن الناس من يخاطب الأذكياء بخطاب لا يناسب إلا قاصري العقول، وربما خاطب محدود الذكاء بكلام لا تدركه أفهامهم، ومن هنا يفقد الكلام قيمته، ويصبح ضربًا من الهذيان، بل ربما عرض صاحبه للمز للناس وعيبهم إياه.

12ـ الحديث عند من لا يرغب: وهذا لا يحسن من ذي المروءة. قال مطرف: لا تطعم طعامك من لا يشتهيه .يريد لا تقبل على من لا يقبل عليك بوجهه.

13ـ تكرار الحديث: فهناك من يذكر الشيء في المجلس الواحد مرات، وهناك من يكرر كلامه كثيرًا بلا مسوغ، مما يجعل الأذواق تمجه، والآذان تستك من سماعه. فأما إذا احتيج إلى التكرار، وكان فيه زيادة فائدة، ولم يكن موصلاً إلى حد الملال؛ فلا بأس به.

14ـ التعالي على السامعين:فمن الناس من إذا تحدث إلى أناس تعالى عليهم، وأزرى بهم.

وربما أشعر ـ ولو من طرف خفي ـ بأن السامعين لا يعون كلامه، ولا يدركون مراميه.

15ـ ترك الإصغاء للمتحدث: وذلك بمقاطعته، ومنازعته الحديث، أو بالتشاغل عنه بقراءة جريدة أو كتاب، أو متابعة متحدث آخر. فينبغي للمرء أن يحسن الأدب مع من يتحدث أمامه، وقال الحسن:’إذا جلست فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تعلم حسن القول، ولا تقطع على أحد حديثه’.

16ـ الاستخفاف بحديث المتحدث: فمن الناس من إذا سمع متحدثًا، وبدر من ذلك المتحدث خطأ يسير أو نحو ذلك؛ سفهه، واستخف بحديثه. ومن هذا القبيل ما يوجد عند بعض الناس، فما أن يتكلم أحد في مجلس إلا وتبدأ بينهم النظرات المريبة، التي تحمل استخفافًا وسخرية بالمتحدث.

17ـ المبادرة إلى إكمال الحديث عن المتحدث: قال ابن عبد البر رحمه الله:’ومن سوء الأدب في المجالسة أن تقطع على جليسك حديثه، أو أن تبتدره إلى تمام ما ابتدأ به منه خبرًا كان، أو شعرًا تتم له البيت الذي بدأ به؛ تريه أنك أحفظ له منه، فهذا غاية في سوء المجالسة، بل يجب أن تصغي إليه كأنك لم تسمعه قط إلا منه’. وقال عطاء:’إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد’.

18ـ القيام عن المتحدث قبل أن يكمل حديثه: فهذا من قلة الأدب، ومما ينافي إكرام الجليس، قال أبو مجلز:’إذا جلس إليك رجل يتعمدك فلا تقم حتى تستأذنه’.

19ـ المسارعة إلى تكذيب المتحدث: فمن الناس من إذا طرق سمعه كلام غريب من حدث ما ـ بادر إلى تكذيبه، وتفنيد قوله، إما تصريحا، أو تلميحا، أو إشارة باليد أو العين، أو أن يهمز من بجانبه؛ ليشعره بأن المتحدث كاذب.

فهذا العمل من العجلة المذمومة، ومن إساءة الظن بمن يتحدث، وهو مما ينفي كمال الأدب والمروءة.

فينبغي لمن استمع حديثًا من أحد ألا يبادر إلى تكذيبه، بل عليه أن ينصت له، وإن رأى في هذا في الحديث وجه غرابة فلا يستعجل الحكم عليه بالكذب، بل يستفصل لعله يبين له وجهته وأدلته، ثم إن تأكد من كذبه فلينصح له على انفراد؛ لئلا يعاود الكذب مرة أخرى.

20ـ التقصير في محادثة الصغار: فلمحادثة المربي صغاره فائدةٌ عظمى، لتعليمهم آداب الحديث، فبذلك ينمو عقل الصغير، وتتوسع مداركه، ويزداد رغبة في الكشف عن حقائق الأمور، ومجريات الأحداث.

كما أن ذلك يكسبه الثقة في نفسه، ويورثه الجرأة والشجاعة الأدبية، ويشعره بالسعادة والطمأنينة، والقوة والاعتبار. مما يعده للبناء والعطاء، ويؤهله لأن يعيش كريمًا شجاعًا، صريحًا في حديثه، جريئًا في طرح آرائه.

ومع أهمية هذا الأمر وعظم فائدته إلا أن هناك تقصيرًا كبيرا فيه؛ فكثير من الناس لا يأبه بمحادثة صغاره ولا يلقي بالاً لتعليمهم عن أسئلتهم إذا هم سألوا، بل ربما كذبهم إذا أخبروا، ونهرهم وأسكتهم إذا تكلموا وهذا من الخلل والتقصير؛ فهذا الصنيع مما يولد الخوف في نفس الصغير، كما يورثه التردد، والذلة، والمهانة، والخجل الشديد، وفقدان الثقة بالنفس. بل قد يعجز عن الكلام، وقد يصاب بعيوب النطق من فأفأة، وتمتمة، ونحوها.

فيحسن بالمربين والآباء إذا خاطبهم الصغار أن يقبلوا عليهم، وأن يصغوا إلى حديثهم، وأن يجيبوا عن أسئلتهم، وأن ينأوا عن كل ما يشعر باحتقار الصغار وازدرائهم.

21ـ الوقيعة في الناس: فهناك من إذا جلس مجلسًا وقع في الناس، ورتع في أعراضهم، وأطلق لسانه في ذمهم وعيبهم، غيبة، ونميمة، وافتراء وبهتانًا. ومن أصاخ السمع، وأصغى الفؤاد لمن ينم أو يغتاب؛ فهو مشارك له في الإثم.

ومن يطع الواشين لا يتركوا له صديقًا ولو كان الحبيب المقربا

22ـ التسرع في نشر الأخبار قبل التثبت منها ومن جدوى نشرها: فمن الناس من إذا سمع خبرًا طار به، وسعى في نشره وبثه بين الناس، قبل أن يتثبت من صحته ومن جدوى نشره.

وهذا من الأخطاء الكبيرة التي يحصل بسببها الاختلاف والافتراق.

فالعاقل لا يتكلم إلا إذا تثبت من صحة الكلام، فإذا ثبت لديه صحته نظر:فإن كان في نشره حفز للخير واجتماع وألفة؛ نشره وأظهره، وإن كان الأمر بخلاف ذلك؛ كتم الخبر وستره.

22ـ الكذب: فما أكثر الكذب في مجالس الناس، فمن الناس من إذا حضر مجلسا أطلق لسانه بالكذب، فتراه يأتي بالغرائب، ويغرب في العجائب؛ كل ذلك لأجل أن يستظرف ظله، ويستطرف حديثه، ويرغب في مجلسه. بل ربما ادعى الفضل، وتشدق بكثرة الأعمال مع أنه عاطل من ذلك كله، وإنما قال ذلك ادعاءً وتظاهرًا، ومجاراةً لأهل الفضل. والكذب دليل على ضعة النفس،وحقارة الشأن، وسقوط الهمة،

24ـ سماع كلام الناس بعضهم ببعض وقبول ذلك دون تمحيص أو تثبت.

25ـ رفع الصوت من غير حاجة أو داع إلى ذلك: وهذا مما ينافي أدب الحديث.

 

ثالثاً – في الحديث :

1-حاول أن تكون منصتاً ومستمعاً أكثر من أن تكون متحدثاً ،

2- وفكر جيداً في صفة كلامك قبل أن تنطق به ، وانتق مفرداتك بشكل جيد ، ولا تتحدث فيما لا تفقه به أو ما لا يتوفر لديك معلومات كافية عنه .

3- ولا ترفع صوتك ، ولكن تحدث بشكل هادئ وطبيعي .

4-ولا تقاطع محدثك بحديثك حتى وإن كان لديك توضيحاً أو اعتراضاً ما لم يتوجه لك باستيضاح أو سؤال ، ولا تكثر من الاعتراضات حتى وإن كنت على حق، وإن كنت لا بد فاعلاً فحاول أن يكون ذلك بطريقة لطيفة ولبقة، وحاول أن يكون الحديث في نفس المجال الذي حدثك به.

5- ولا تبادر في فتح مجال جديد للحديث حتى تعرف توجهات من تجالس ، فقد تتحدث بما لا يناسبه أو يمسه، وإن كان لا بد من أن تبدأ أنت الحديث حاول انتقاء الموضوع الشيق .

6-ولا تحرص على التحدث فيما لا يصدق حتى وإن كان ذلك حقيقياً وحدث بالفعل ، ولا تحرص على الإسهاب بحديثك، وأعط من يجالسك الفرصة في أن يشاركك .

7- وابتعد عن الغيبة والنميمة وكثرة الانتقادات .

8-إن كان لقاءكما هو الأول فلا تتحدث كثيراً عن نفسك حتى لا تبدو في نظره نرجسياً،أو تتحدث عن طفلك أو زوجتك بإسراف .

9-ولا تتكلف ما ليس فيك .

10- وعليك أن تتحدث بكلمات مفهومة ، وأن تركز أفكارك حتى تبدو أكثر ثقة بنفسك .

11-وألا تكثر من الحديث عن عملك وحياتك الخاصة فتبدو ثرثاراً ليست لديك أي خصوصية، وابحث عن مجالات الحديث العامة المشتركة.

وحتى وإن كانت لقاءاتك معه كثيرة هناك أموراً خاصة لا يليق بك الحديث عنها في حياتك الخاصة ، ولا تسأل أيضاً في أموره الخاصة ، وإن حاول هو الحديث عنها حاول أنت أن تبتعد في حديثك عن الخوض فيها حتى وإن كانت هناك مناسبة للمشاركة.

 

رابعاً – في الصحبة :

علينا أن نعرف حقوق وحدود الآخرين ولا نتعدى عليها ، فمن السهل علينا أن نكسب حب الناس ولكن المحافظة على هذا الرصيد هو الصعب .

إن من أهم حقوق أصحابك وأصدقائك عليك :

1-المحافظة على ما يدور بينك وبينهم ..لأن المجالس بالأمانة ..فإذا ساررك شخص بأمر فإن من اللؤم إفشاءك لسره ومن الخيانة أن تخبر أحدا به ولو اختلفتما فيما بينكما .

2-وأن تحفظ لهم الود والاحترام ..الوفاء من الصفات التي تأسر القلوب ..والناس يحبون وينجذبون لمن يحترمهم ..فحاول أن تبذل كل الاحترام لمن تتعامل معه ..في حديثك ..واستقبالك له ولقاءك معه ..في توجهك ..في مخاطبتك له .

3-وأن تبتعد عن المزاح الثقيل والكلام الجارح ، والأدب والتهذيب مطلوبان مع جميع الناس حتى الأقارب منك مهما بلغت درجة العلاقة والقرب ، فمن يزرع الحب لا يجني إلا الحب ، ولتعلم أن الناس كالمرآة لا يعكسون إلا ما يقع أمامهم …ولا أقصد أن تترك المزاح بالكلية ..وإنما أن لا يكون في مزاحك ما يجرح الآخرين ويجعل منهم أضحوكة ومثاراً للسخرية من الآخرين .. فكم من موقف مزاح جعل احد أصحابك مثاراً للسخرية والضحك ..أورث قطيعة و شحناء وبغضاء ..؟؟!!

4-حاول أن تبتعد عن الأنانية وحب الذات ، فهي تجعلك منبوذاً يتجنبك الآخرون ، وحتى وإن ابتليت بها حاول أن تتخلص منها بالتدريج ، والأمر قد يبدو صعباً لكنه ليس مستحيلاً . فلا تجعل الحديث معه حكرا لك..ولا تطالب من الآخرين أن بعطوك ويهبوك الاحترام والتقدير وأنت تبخل به عليهم ..لا تجعل من مجلسك حديثا عن بطولاتك ومآثرك فقط إلا عند الضرورة ..إجعل الآخرين هم يكتشفون مآثرك لا أن تحكيها أنت .

5- ودرب نفسك على ضبط أعصابك والابتعاد عن الغضب ، فالحلم مصدر سعادة لك لأنه يقربك من الناس في الدنيا ومن الله في الآخرة .

6-لا تكن لوّاماً ، ولا متبرماً كثير الحجج ، ولا مستكبراً ولا بخيلاً ، وإن أخطأت فبادر بالاعتذار، وتعامل مع الآخرين بصراحة ووضوح متلمساً اللطف واللين فيها ومبتعداً عن العنف والقسوة.

7- وعليك بالحياء والتواضع فإنهما من سمات الأخيار..والحياء يختلف عن الخجل ..إذ أن الخجل هو الإمساك عما يجب أن تفعل ..مثل الخجل من السؤال والخجل من الحديث والخجل من لقاء الناس وهكذا فهذا صفة مذمومة تعبر عن شعور بالنقص .

بينما الحياء هو فضيلة عظيمة معناها الإمساك والكف والإحجام عن فعل كل ما لا يجب فعله ..أن تستحي أن تكذب أن تستحي أن تكون بخيلا أن تستحي أن تعتدي على عرض أحد …وهكذا .

**تواضع تكن كالنجم لاح لناظر على صفحات الماء وهو رفيع

ولا تك كالدخان يعلو بنفسـه على طبقات الجو وهو وضيع**

8-وحاول أن تبتعد عن نقل الأخبار السيئة حتى لا يربط الناس بينك وبينها ، وتذكر أنه ليس كل ما يعلم يقال…وكن دائما بشير خير للآخرين ..وإذا اضطررت لنقل خبير سيء فليكن بتلطف وهوانة .

9-حاول أن تبدو متعاوناً مع الناس عندما يطلب منك المساعدة ، ولا تحرج أحداً في قضاء حاجاتك ..وابتعد عن اللحاح .لأن اللحوح شخص ممل .

10-واحرص على استغلال المناسبات السعيدة في التهنئة ، ولا تنس المواساة في الأحداث المؤلمة ، ففي هاتين الحالتين ترسخ الأفعال والمواقف في الأذهان .

11- اختر الأوقات المناسبة دائماً لطلب حاجتك ، وإن حدث وإن صادف لك حاجة عند أحد وكان الوقت غير مناسباً فغض النظر عن طلبها فإن تفقدها خير لك من أن تفقد معها علاقتك بأحد .

12-إذا كنت واقفاً أو جالساً مع مجموعة وأردت الانصراف فاستأذن ولا تنصرف فجأة حتى وإن لم يكونوا يتحدثون معك .فأخبرهم وأنت جالس أن تود الخروج وتعزم على المغادرة …

13- وإذا توقفت عند بائع الصحف وشدك عنوان في أحدها فلا تلتقطها لتقرأ ، بل خذها وأدفع ثمنها ثم أقرأها بعيداً ، وإذا جلست إلى جوار أحد يقرأ كتاباً أو مجلة أو صحيفة فلا تسترق النظر إليها لتقرأ فهذا السلوكيات غير مقبولة في كل المجتمعات .

14- إذا هاتفت أحد معارفك فلا تطيل الحديث معه وأسأله عما إذا كان مشغولاً، وإذا هاتفك أوجز في كلامك ولا تتحدث معه في أمور يطول شرحها فقد يكون مشغولاً ويخجل أن يعتذر منك وحاول أن تجعل أمر إنهاء المحادثة في يده دائماً .

15-كن صاحب خلق حسن تكون بين الناس حسنا:

ـ سلم على من تعرف ومن لم تعرف.

ـ ادع الناس بأحب الأسماء إليهم.

ـ احذر من سوء الظن.

ـ عامل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك.

ـ لا تكن لوامًا.

ـ ابتعد عن الثرثرة الزائدة.

ـ احرص على مراعاة الأذواق.

ـ إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع.

ـ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

ـ لا تتبع عيوب وعوراتهم الآخرين.

ـ لا تسخر من الآخرين.

ـ كن صادقًا في حديثك.

ـ كن بئراً عميقًا لحديث الآخرين.

ـ تواضع من غير ذلة.

ـ احذر من كثرة المزاح.