ما وقع على أهل البيت (عليهم السلام) من الظلم) من خلال الروايات

1 – عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) – في خطبة بعد قتل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) – : لقد حدثني جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إن الأمر يملكه اثنا عشر إماما من أهل بيته وصفوته ، ما منا إلا مقتول أو مسموم ( 1 ) .

2 – عن الإمام علي ( عليه السلام ) : حتى إذا قبض الله رسوله ( صلى الله عليه وآله ) رجع قوم على الأعقاب ، وغالتهم السبل ، واتكلوا على الولائج ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب الذي أمروا بمودته ، ونقلوا البناء عن رص أساسه ، فبنوه في غير موضعه . معادن كل خطيئة ، وأبواب كل ضارب في غمرة ( 2 ) .

3 – عن المنهال بن عمرو : إن معاوية سأل الحسن ( عليه السلام ) أن يصعد المنبر ينتسب ، فصعد فحمد الله وأثنى عليه . . . ثم قال : أصبحت قريش تفتخر على العرب بأن محمدا منها ، وأصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمدا منها ، وأصبحت العجم تعرف حق العرب بأن محمدا منها ، يطلبون حقنا ولا يردون إلينا حقنا ( 3 ) .

4 – عن حبيب بن يسار : لما أصيب الحسين بن علي ( عليهما السلام ) قام زيد بن أرقم إلى باب المسجد فقال : أفعلتموها ؟ ! أشهد أني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : اللهم أستودعكهما ( 4 ) وصالح المؤمنين ، فقيل لعبيد الله بن زياد : إن زيد بن أرقم قال كذا وكذا ، فقال : ذلك شيخ قد ذهب عقله ( 5 ) .

5 – عن اليعقوبي – في ذكر وفاة فاطمة ( عليها السلام ) – : دخل إليها في مرضها نساء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وغيرهن من نساء قريش ، فقلن : كيف أنت ؟ قالت : أجدني والله كارهة لدنياكم ، مسرورة لفراقكم ، ألقى الله ورسوله بحسرات منكن ، فما حفظ لي الحق ، ولا رعيت مني الذمة ، ولا قبلت الوصية ، ولا عرفت الحرمة ( 6 ) .

6 – عن الإمام الحسين ( عليه السلام ) : لما قبضت فاطمة ( عليها السلام ) دفنها أمير المؤمنين سرا وعفا على موضع قبرها ، ثم قام فحول وجهه إلى قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ).

فقال : السلام عليك يا رسول الله عني ، والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك والمختار الله لها سرعة اللحاق بك ، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري ، وعفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي ، إلا أن لي في التأسي بسنتك في فرقتك موضع تعز ، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك ، وفاضت نفسك بين نحري وصدري . بلى ، وفي كتاب الله [ لي ] أنعم القبول ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، قد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة ، وأخلست الزهراء ، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله ! أما حزني فسرمد ، وأما ليلي فمسهد ، وهم لا يبرح من قلبي أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم . كمد مقيح ، وهم مهيج ، سرعان ما فرق بيننا وإلى الله أشكو ، وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها ، فأحفها السؤال واستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا ، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين . سلام مودع لا قال ولا سئم ، فإن أنصرف فلا عن ملالة ، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين ( 7 ) .

7 – عن عبد الرحمن بن أبي نعم : إن رجلا من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب ، فقال ابن عمر : انظروا إلى هذا يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وسمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا ( 8 ) .

8 – عن المنهال بن عمرو : دخلت على علي بن الحسين فقلت : السلام عليكم ، كيف أصبحتم رحمكم الله ؟ قال : أنت تزعم أنك لنا شيعة وأنت لا تعرف صباحنا ومساءنا ! ! أصبحنا في قومنا بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون الأبناء ويستحيون النساء، وأصبح خير البرية بعد نبيها ( صلى الله عليه وآله ) يلعن على المنابر، ويعطى الفضل والأموال على شتمه، وأصبح من يحبنا منقوصا حقه ( 9 ) على حبه إيانا، وأصبحت قريش تفضل على جميع العرب بأن محمدا ( صلى الله عليه وآله ) منهم، يطلبون بحقنا ولا يعرفون لنا حقا، أدخل فهذا صباحنا ومساؤنا ( 10) .

9 – عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : من لم يعرف سوء ما أوتي إلينا من ظلمنا وذهاب حقنا وما نكبنا به فهو شريك من أتى إلينا فيما ولينا به ( 11 ) .

10 – عن المنهال بن عمرو : كنت جالسا مع محمد بن علي الباقر ( عليهما السلام ) إذ جاءه رجل فسلم عليه ، فرد عليه السلام ، قال الرجل : كيف أنتم ؟ فقال له محمد ( عليه السلام ) : أو ما آن لكم أن تعلموا كيف نحن ؟ !

إنما مثلنا في هذه الأمة مثل بني إسرائيل ، كان يذبح أبناؤهم وتستحيى نساؤهم ، ألا وإن هؤلاء يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا ، زعمت العرب أن لهم فضلا على العجم ، فقال العجم : وبماذا ؟ قالوا : كان محمد عربيا ، قالوا لهم : صدقتم ، وزعمت قريش أن لها فضلا على غيرها من العرب ، فقالت لهم العرب من غيرهم : وبما ذاك ؟ قالوا : كان محمدا ( صلى الله عليه وآله ) قرشيا ، قالوا لهم : صدقتم .

فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس ، لأنا ذرية محمد ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته خاصة وعترته ، لا يشركه في ذلك غيرنا . فقال له الرجل : والله إني لأحبكم أهل البيت . قال : فاتخذ للبلاء جلبابا ، فوالله إنه لأسرع إلينا وإلى شيعتنا من السيل في الوادي ، وبنا يبدأ البلاء ثم بكم ، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم ( 12 ) .

11 – عن ابن أبي الحديد : روي أن أبا جعفر محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) قال لبعض أصحابه : يا فلان ، ما لقينا من ظلم قريش إيانا وتظاهرهم علينا ! وما لقي شيعتنا ومحبونا من الناس !

إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قبض وقد أخبر أنا أولى الناس بالناس ، فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه ، واحتجت على الأنصار بحقنا وحجتنا . ثم تداولتها قريش ، واحد بعد واحد ، حتى رجعت إلينا ، فنكثت بيعتنا ، ونصبت الحرب لنا ، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كؤود حتى قتل .

فبويع الحسن ابنه وعوهد ، ثم غدر به ، وأسلم ، ووثب عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه ، ونهبت عسكره ، وعولجت خلاليل ( 13 ) أمهات أولاده ، فوادع معاوية وحقن دمه ودماء أهل بيته ، وهم قليل حق قليل .

ثم بايع الحسين (عليه السلام) من أهل العراق عشرون ألفا، ثم غدروا به، وخرجوا عليه، وبيعته في أعناقهم، وقتلوه. ثم لم نزل – أهل البيت – نستذل ونستضام، ونقصى ونمتهن، ونحرم ونقتل، ونخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا. ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا يتقربون به إلى أوليائهم وقضاة السوء وعمال السوء في كل بلدة، فحدثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة ، ورووا عنا ما لم نقله وما لم نفعله ، ليبغضونا إلى الناس.

وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد موت الحسن ( عليه السلام ) ، فقتلت شيعتنا بكل بلدة ، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة ، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله ، أو هدمت داره . ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين ( عليه السلام ) ، ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتلة ، وأخذهم بكل ظنة وتهمة ، حتى إن الرجل ليقال له : ” زنديق أو كافر ” أحب إليه من أن يقال : شيعة علي ( 14 ) !

12 – عن حمزة بن حمران : دخلت إلى الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) فقال لي : يا حمزة ، من أين أقبلت ؟ قلت له : من الكوفة . قال : فبكى ( عليه السلام ) حتى بلت دموعه لحيته ، فقلت له : يا بن رسول الله ، ما لك أكثرت البكاء ؟ ! فقال : ذكرت عمي زيدا وما صنع به فبكيت ، فقلت له : وما الذي ذكرت منه ؟ فقال : ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه سهم ، فجاءه ابنه يحيى فانكب عليه وقال له : أبشر يا أبتاه فإنك ترد على رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم . قال : أجل يا بني ، ثم دعا بحداد فنزع السهم من جبينه فكانت نفسه معه ، فجئ به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة ، فحفر له فيها ودفن وأجري عليه الماء .

وكان معهم غلام سندي لبعضهم ، فذهب إلى يوسف بن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إياه ، فأخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين ، ثم أمر به فأحرق بالنار وذري في الرياح ، فلعن الله قاتله وخاذله ، وإلى الله جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته ، وبه نستعين على عدونا وهو خير مستعان ( 15 ) .

13 – عن محمد بن الحسن عن محمد بن إبراهيم : أتي ببعض بني الحسن ( عليه السلام ) إلى أبي جعفر ( 16 ) فنظر إلى محمد بن إبراهيم بن حسن فقال : أنت الديباج الأصفر ؟ قال : نعم . قال : أما والله لأقتلنك قتلة ما قتلتها أحدا من أهل بيتك . ثم أمر باسطوانة مبنية ففرقت ، ثم أدخل فيها فبني عليه وهو حي ( 17 ) .

14 – عن محمد بن إسماعيل : سمعت جدي موسى بن عبد الله يقول : حبسنا في المطبق ، فما كنا نعرف أوقات الصلوات إلا بأجزاء يقرأها علي بن الحسن ابن الحسن بن الحسن ( 18 ) .

15 – عن موسى بن عبد الله بن موسى : توفي علي بن الحسن وهو ساجد في حبس أبي جعفر ، فقال عبد الله : أيقظوا ابن أخي ، فإني أراه قد نام في سجوده . قال : فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا . فقال : رضي الله عنك ، إن علمي فيك أنك تخاف هذا المصرع ( 19 ) .

16 – عن محمد بن المنصور المرادي : قال يحيى بن الحسين بن زيد : قلت لأبي : يا أبه ، إني أشتهي أن أرى عمي عيسى بن زيد ، فإنه يقبح بمثلي أن لا يلقى مثله من أشياخه . فدافعني عن ذلك مدة ، وقال : إن هذا أمر يثقل عليه ، وأخشى أن ينتقل عن منزله كراهية للقائك إياه فتزعجه .

فلم أزل به أداريه وألطف به حتى طابت نفسه لي بذلك ، فجهزني إلى الكوفة وقال لي : إذا صرت إليها فاسأل عن دور بني حي ، فإذا دللت عليها فاقصدها في السكة الفلانية ، وسترى في وسط السكة دارا لها باب صفته كذا وكذا ، فاعرفه واجلس بعيدا منها في أول السكة ، فإنه سيقبل عليك عند المغرب كهل طويل مسنون الوجه ، قد أثر السجود في جبهته ، عليه جبة صوف يستقي الماء على جمل ، وقد انصرف يسوق الجمل لا يضع قدما ولا يرفعها إلا ذكر الله عز وجل ودموعه تنحدر ، فقم وسلم عليه وعانقه فإنه سيذعر منك كما يذعر الوحش ، فعرفه نفسك وانتسب له ، فإنه يسكن إليك ويحدثك طويلا ، ويسألك عنا جميعا ، ويخبرك بشأنه ولا يضجر بجلوسك معه ، ولا تطل عليه وودعه ، فإنه سوف يستعفيك من العودة إليه ، فافعل ما يأمرك به من ذلك ، فإنك إن عدت إليه توارى عنك واستوحش منك وانتقل عن موضعه وعليه في ذلك مشقة .

فقلت : أفعل كما أمرتني . ثم جهزني إلى الكوفة وودعته وخرجت . فلما وردت الكوفة قصدت سكة بني حي بعد العصر ، فجلست خارجها بعد أن تعرفت الباب الذي نعته لي ، فلما غربت الشمس إذا أنا به قد أقبل يسوق الجمل ، وهو كما وصف لي أبي لا يرفع قدما ولا يضعها إلا حرك شفتيه بذكر الله ، ودموعه ترقرق في عينيه وتذرف أحيانا . فقمت فعانقته ، فذعر مني كما يذعر الوحش من الإنس .

فقلت : يا عم ، أنا يحيى بن الحسين ابن زيد ، ابن أخيك . فضمني إليه وبكى حتى قلت قد جاءت نفسه ، ثم أناخ جمله وجلس معي فجعل يسألني عن أهله رجلا رجلا وامرأة امرأة وصبيا صبيا ، وأنا أشرح له أخبارهم وهو يبكي . ثم قال : يا بني ، أنا أستقي على هذا الجمل الماء ، فأصرف ما أكتسب – يعني من أجرة الجمل – إلى صاحبه وأتقوت باقيه ، وربما عاقني عائق عن استقاء الماء فأخرج إلى البرية – يعني بظهر الكوفة – فألتقط ما يرمي الناس به من البقول فأتقوته .

وقد تزوجت إلى هذا الرجل ابنته ، وهو لا يعلم من أنا إلى وقتي هذا ، فولدت مني بنتا فنشأت وبلغت وهي أيضا لا تعرفني ولا تدري من أنا ، فقالت لي أمها : زوج ابنتك بابن فلان السقاء – لرجل من جيراننا يسقي الماء – فإنه أيسر منا وقد خطبها . وألحت علي ، فلم أقدر على إخبارها – بأن ذلك غير جائز ، ولا هو بكف ء لها – فيشيع خبري ، فجعلت تلح علي ، فلم أزل أستكفي الله أمرها حتى ماتت بعد أيام ، فما أجدني آسى على شئ من الدنيا أساي على أنها ماتت ولم تعلم بموضعها من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .

قال : ثم أقسم علي أن أنصرف ولا أعود إليه ، وودعني ، فلما كان بعد ذلك صرت إلى الموضع الذي انتظرته فيه لأراه فلم أره ، وكان آخر عهدي به ( 20 ).

17 – عن المنذر بن جعفر العبدي عن أبيه قال : خرجت أنا والحسن وعلي ابنا صالح بن حي وعبد ربه بن علقمة وجناب بن نسطاس مع عيسى بن زيد حجاجا بعد مقتل إبراهيم ، وعيسى بيننا يستر نفسه في زي الجمالين ، فاجتمعنا بمكة ذات ليلة في المسجد الحرام ، فجعل عيسى بن زيد والحسن بن صالح يتذاكران أشياء من السيرة ، فاختلف هو وعيسى في مسألة منها ، فلما كان من الغد دخل علينا عبد ربه بن علقمة.

فقال : قدم عليكم الشفاء فيما اختلفتم فيه ، هذا سفيان الثوري قد قدم . فقاموا بأجمعهم فخرجوا إليه ، فجاؤوه وهو في المسجد جالس ، فسلموا عليه ، ثم سأله عيسى بن زيد عن تلك المسألة ، فقال : هذه مسألة لا أقدر على الجواب عنها ، لأن فيها شيئا على السلطان ، فقال له الحسن : إنه عيسى ابن زيد ، فنظر إلى جناب بن نسطاس مستثبتا ، فقال له جناب : نعم ، هو عيسى بن زيد . فوثب سفيان فجلس بين يدي عيسى وعانقه وبكى بكاء شديدا واعتذر إليه مما خاطبه به من الرد ، ثم أجابه عن المسألة وهو يبكي .

وأقبل علينا فقال : إن حب بني فاطمة والجزع لهم مما هم عليه من الخوف والقتل والتطريد ليبكي من في قلبه شئ من الإيمان . ثم قال لعيسى : قم بأبي أنت فأخف شخصك لا يصبك من هؤلاء شئ نخافه . فقمنا فتفرقنا ( 21 ) .

18 – عن علي بن جعفر الأحمر : حدثني أبي قال : كنت أجتمع أنا وعيسى بن زيد ، والحسن وعلي ابنا صالح بن حي ، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق وجناب بن نسطاس ، في جماعة من الزيدية في دار بالكوفة .

فسعى ساع إلى المهدي بأمرنا ودله على الدار ، فكتب إلى عامله بالكوفة بوضع الأرصاد علينا ، فإذا بلغه اجتماعنا كبسنا وأخذنا ووجه بنا إليه . فاجتمعنا ليلة في تلك الدار ، فبلغه خبرنا فهجم علينا ، ونذر ( 22 ) القوم به وكانوا في علو الدار ، فتفرقوا ونجوا جميعا غيري ، فأخذني وحملني إلى المهدي ، فأدخلت إليه ، فلما رآني شتمني بالزنا وقال لي : يا بن الفاعلة ! أنت الذي تجتمع مع عيسى بن زيد وتحثه على الخروج علي وتدعو إليه الناس ؟ !

فقلت له : يا هذا ، أما تستحيي من الله ، ولا تتقي الله ولا تخافه ، تشتم المحصنات وتقذفهن بالفاحشة ، وقد كان ينبغي لك ويلزمك في دينك وما وليته ، أن لو سمعت سفيها يقول مثل قولك أن تقيم عليه الحد ؟ ! فأعاد شتمي ، ثم وثب إلي فجعلني تحته وضربني بيديه وخبطني برجليه وشتمني .

فقلت له : إنك لشجاع شديد أيد حين قويت على شيخ مثلي تضربه لا يقدر على المنع من نفسه ولا انتصار لها . فأمر بحبسي والتضيق علي ، فقيدت بقيد ثقيل ، وحبست سنين . فلما بلغه وفاة عيسى بن زيد بعث إلي فدعاني ، فقال لي : من أي الناس أنت ؟ قلت : من المسلمين ، قال : أعرابي أنت ؟ قلت : لا ، قال : فمن أي الناس أنت ؟

قلت : كان أبي عبدا لبعض أهل الكوفة وأعتقه فهو أبي ، فقال لي : إن عيسى بن زيد قد مات ، فقلت : أعظم بها مصيبة ، رحمه الله ، فلقد كان عابدا ورعا مجتهدا في طاعة الله غير خائف لومة لائم . قال : أفما علمت بوفاته ؟ قلت : بلى ، قال : فلم لم تبشرني بوفاته ؟ فقلت : لم أحب أن أبشرك بأمر لو عاش رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فعرفه لساءه .

فأطرق طويلا ثم قال : ما أرى في جسمك فضلا للعقوبة ، وأخاف أن أستعمل شيئا منها فيك فتموت ، وقد كفيت عدوي ، فانصرف في غير حفظ الله ، والله لئن بلغني أنك عدت لمثل فعلك لأضربن عنقك . قال : فانصرفت إلى الكوفة ، فقال المهدي للربيع : أما ترى قلة خوفه وشدة قلبه ؟ ! هكذا يكون والله أهل البصائر ( 23 ) .

19 – عن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : اللهم صل على أهل بيته أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، وأمنائك في خلقك ، وأصفيائك من عبادك ، وحججك في أرضك ، ومنارك في بلادك ، الصابرين على بلائك ، الطالبين رضاك ، الموفين بوعدك ، غير شاكين فيك ولا جاحدين عبادتك ، وأوليائك وسلائل أوليائك وخزان علمك ، الذين جعلتهم مفاتيح الهدى ، ونور مصابيح الدجى ، صلواتك عليهم ورحمتك ورضوانك .

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وعلى منارك في عبادك ، الداعي إليك بإذنك ، القائم بأمرك ، المؤدي عن رسولك عليه وآله السلام . اللهم إذا أظهرته فأنجز له ما وعدته ، وسق إليه أصحابه وانصره ، وقو ناصريه ، وبلغه أفضل أمله ، وأعطه سؤله ، وجدد به عن محمد وأهل بيته بعد الذل الذي قد نزل بهم بعد نبيك ، فصاروا مقتولين مطرودين ، مشردين خائفين غير آمنين . لقوا في جنبك – ابتغاء مرضاتك وطاعتك – الأذى والتكذيب ، فصبروا على ما أصابهم فيك ، راضين بذلك ، مسلمين لك في جميع ما ورد عليهم وما يرد إليهم .

اللهم عجل فرج قائمهم بأمرك ، وانصره وانصر به دينك الذي غير وبدل ، وجدد به ما امتحى منه وبدل بعد نبيك ( صلى الله عليه وآله ) ( 24 ) .

20 – عن أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي : سمعت الرضا ( عليه السلام ) يقول : والله ، ما منا إلا مقتول شهيد ، فقيل له : فمن يقتلك يا بن رسول الله ؟ قال : شر خلق الله في زماني ، يقتلني بالسم ثم يدفنني في دار مضيقة وبلاد غربة ( 25 ) .

21 – عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) : الحمد لله الذي حفظ منا ما ضيع الناس ، ورفع منا ما وضعوه ، حتى لقد لعنا على منابر الكفر ثمانين عاما ، وكتمت فضائلنا ، وبذلت الأموال في الكذب علينا ، والله تعالى يأبى لنا إلا أن يعلي ذكرنا ، ويبين فضلنا .

والله ، ما هذا بنا وإنما هو برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقرابتنا منه ، حتى صار أمرنا وما نروي عنه أنه سيكون بعدنا من أعظم آياته ودلالات نبوته ( 26 ) .

22 – عن الإمام العسكري ( عليه السلام ) : قد وضع بنو أمية وبنو العباس سيوفهم علينا لعلتين ، إحداهما : أنهم كانوا يعلمون أنه ليس لهم في الخلافة حق ، فيخافون من إدعائنا إياها وتستقر في مركزها .

وثانيهما : أنهم قد وقفوا ، من الأخبار المتواترة ، على أن زوال ملك الجبابرة والظلمة على يد القائم منا ، وكانوا لا يشكون أنهم من الجبابرة والظلمة ، فسعوا في قتل أهل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وإبادة نسله ، طمعا منهم في الوصول إلى منع تولد القائم عجل الله فرجه ، أو قتله ، فأبى الله أن يكشف أمره لواحد منهم ، إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ( 27 ) .

23 – في دعاء الندبة : فعلى الأطائب من أهل بيت محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون ، وإياهم فليندب النادبون ، ولمثلهم فلتذرف الدموع ، وليصرخ الصارخون ، ويعج العاجون . أين الحسن ؟ أين الحسين ؟ أين أبناء الحسين ؟ صالح بعد صالح ، وصادق بعد صادق . أين السبيل بعد السبيل ؟ أين الخيرة بعد الخيرة ؟ أين الشموس الطالعة ؟ أين الأقمار المنيرة ؟ أين الأنجم الزاهرة ؟ أين أعلام الدين وقواعد العلم ؟ ( 28 )

ــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) كفاية الأثر : 160 عن هشام بن محمد عن أبيه .
( 2 ) نهج البلاغة : الخطبة 150 .
( 3 ) المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 12 .
( 4 ) أي الحسن والحسين ( عليهما السلام ) .
( 5 ) المعجم الكبير : 5 / 185 / 5037 ، أمالي الطوسي : 252 / 450 ، شرح الأخبار : 3 / 170 / 1116 و 1117 .
( 6 ) تاريخ اليعقوبي : 2 / 115 .
( 7 ) الكافي : 1 / 459 / 3 ، أمالي المفيد : 281 / 7 نحوه ، أمالي الطوسي : 109 / 166 ، بشارة المصطفى : 258 كلها عن علي بن محمد الهرمزاني عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، نهج البلاغة : الخطبة 202 .
( 8 ) سنن الترمذي : 5 / 657 / 3770 ، مسند ابن حنبل : 2 / 405 / 5679 ، وذكره أيضا في : 452 / 5947 ، الأدب المفرد : 38 / 85 ، المعجم الكبير : 3 / 127 / 2884 ، ذخائر العقبى : 124 ، مسند أبي يعلى : 5 / 287 / 5713 ، أسد الغابة : 2 / 26 ، أمالي الصدوق : 123 / 12 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 75 ، وراجع صحيح البخاري : 3 / 1371 / 3543 ، خصائص الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) للنسائي : 259 / 144 ، الأدب المفرد : 259 / 144 ، أنساب الأشراف : 3 / 227 / 85 ، حلية الأولياء : 5 / 70 ، تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ” : 36 / 58 – 60 .
( 9 ) في المصدر ” منقوص بحقه ” والصحيح هو ما أثبتناه كما في تفسير القمي .
( 10 ) جامع الأخبار : 238 / 607 ، وراجع تفسير القمي : 2 / 134 عن عاصم بن حميد عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 169 ، مثير الأحزان : 105 .
( 11 ) ثواب الأعمال : 248 / 6 عن جابر .
( 12 ) أمالي الطوسي : 154 / 255 ، بشارة المصطفى : 89 .
( 13 ) كذا في المصدر ولعل الصحيح ” خلاخيل ” .
( 14 ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 11 / 43 .
( 15 ) أمالي الصدوق : 321 / 3 ، أمالي الطوسي : 434 / 973 .
( 16 ) هو المنصور الدوانيقي .
( 17 ) تاريخ الطبري : 7 / 546 ، مقاتل الطالبيين : 181 .
( 18 ) مقاتل الطالبيين : 176 .
( 19 ) المصدر السابق .
( 20 ) مقاتل الطالبيين : 345 .
( 21 ) مقاتل الطالبيين : 351 .
( 22 ) الإنذار : الإعلام . ونذرت به إذا علمت . ( النهاية : 5 / 38 و 39 ) .
( 23 ) مقاتل الطالبيين : 352 .
( 24 ) جمال الأسبوع : 186 .
( 25 ) الفقيه : 2 / 585 / 3192 ، أمالي الصدوق : 61 / 8 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 256 / 9 ، جامع الأخبار : 93 / 150 ، روضة الواعظين : 257 ، المناقب لابن شهرآشوب : 2 / 209 وفيه عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ” والله ما منا إلا مقتول شهيد ” .
( 26 ) عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 164 / 26 عن محمد بن أبي الموج بن الحسين الرازي عن أبيه عمن سمعه ( عليه السلام ) .
( 27 ) إثبات الهداة : 3 / 570 / 685 عن عبد الله بن الحسين بن سعيد الكاتب .
( 28 ) مصباح الزائر : 449 ، راجع أيضا : ص 362 / 827 من كتابنا هذا .