شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

روايات في الولاية العلويّة

0 المشاركات 00.0 / 5

روايات في الولاية العلويّة

 

حقيقة حاكمة

من المسلَّمات العقلية والمنطقيّة، فضلاً عن المستلزمات الدينيّة والتشريعيّة، أنّ المقامات الخاصّة تحتاج إلى استعداداتٍ خاصة.. إلى ملكات وسيادات وأفضليّات ترجّح صاحب المنزلة إلى تولّي مهمّةٍ معيّنة أو منصبٍ معيّن، دنيويّاً كان أم دينيّاً، وإلاّ كان الشخص في المحلّ اللامناسب له وللناس، وبذلك ترتبك الأمور، وتُفتقَد الحكمة، وتأتي النتائج في غير صالح الأمّة.

والله تبارك وتعالى ـ وهو العليم، وهو الحكيم، وهو الرحيم ـ ما اختار للملأ نبيّاً ولا رسولاً ولا وصيّاً لرسولٍ إلاّ عن علمٍ وحكمةٍ ولطفٍ يُراد بذلك الخير ودفع الشرّ، ويُراد به الحقّ وإزاحة الباطل، كما يُراد به الصلاح والفلاح وتجنّب الفساد والهلاك والعذاب.

وإذا عَلِمنا أنّ الإسلام هو آخر الأديان وأكملها؛ إذ سيناسب كلَّ زمان، وكلَّ مكان، ثمّ كلَّ إنسان.. فلابدّ أن يكون رسوله أفضلَ الرسل، وأن يكون وصيُّه أفضلَ الأوصياء. واختيار ذلك لا يكون بالاّ لله تبارك شأنه، حيث يخلق على عينه الحكيمه العليمة الرحيمة مَن هو الأفضل والأنسب، فيَهَبه ملكاتٍ فريدةً تجعله دون غيره المقدَّمَ على كلِّ أحد، للنهوض بما أمر الله عزّوجلّ وقضى وأراد لعباده من الخير والصلاح والرحمة والسعادة.

ومن هنا كانت الخصائص الكبرى منحصرةً في النبيّ المصطفى صلّى الله عليه وآله وفي خلفائه وأوصيائه الهداة عليهم السلام، وذلك أمر الله واختياره، وقد أهّلهم وعيّنهم، وليس لأحدٍ في ذلك رأي أو شأن أو تخيير، وهو القائل عزّ مِن قائل: وربُّك يَخلُقُ ما يَشاءُ ويَختار، ما كانَ لَهمُ الخِيرَة، سبحانَ اللهِ وتعالى عمّا يُشرِكون [ القصص:68 ]، والقائل جلّ مِن قائل: وما كانَ لمؤمنٍ ولا مُؤمنةٍ إذا قَضَى اللهُ ورسولُه أمراً أن يكونَ لَهمُ الخِيرةُ مِن أمرِهِم، ومَن يَعصِ اللهَ ورسولَه فَقَد ضَلّ ضَلالاً مُبيناً [ الأحزاب:36 ].

فالشؤون الدينيّة في دائرة الاختيار الإلهيّ، أمّا الناس فشأنهم الأسمى التسليم والرضى والطاعة، وذلك هو الإسلام الذي عرّفه أمير المؤمنين عليٌّ عليه السلام بقوله: « الإسلامُ هو التسليم، والتسليم هو اليقين واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل » ( نهج البلاغة: الحكمة 125 ).

وفي خصوص الوصاية والخلافة والإمامة، فإنّ لله جلّ وعلا وحدَه اختيارها، كما كان اختياره للنبوة والرسالة مَن يكون لهما، وليس للناس دخل أو رأي في ذلك، وإلاّ وقع الاختيار الخاطئ، وضجّت الآراء بالاختلاف والتضادّ والتعارض والخصومات، وآلَ أمر الناس إلى الارتباك والفساد. وكيف للناس معرفة الأفضل والمعصوم الذي هو الأصلح لمهمّة الإمامة وهم أصحاب أهواء ضالّة وعقولٍ ناقصة ؟! ثمّ كيف يترك الله جلّ وعزّ عباده يتخبّطون في اختياراتهم لمَن يتولّى شؤون دينهم، وهو الحكيم، وهو الرحيم ؟! فهذا لا ينسجم مع اللطف الإلهي الحاكم على الوجود والخلق، كما لا يتّفق مع الحكمة الإلهيّة والمشيئة الربانيّة والإرادة الخالقية، وكلُّها تريد الخير والسعادة والرحمة والفلاح للعباد.

 

علائم حاكمة

ومع هذه الأدلّة الواضحة ـ أيُّها الإخوة الأكارم ـ فإنّ علائم الإمامة وخصائصها ومعالمها أصبحت واضحةً كلَّ الوضوح بين الناس، فَهُم ـ بفطرتهم وأدنى بصيرتهم وأبسط إنصافهم وأقلّ وجدانهم ـ استطاعوا أن يعرفوا مَن هو الفاضل ومَن هو المفضول، ومَن هو الأنسب دون سواه، ومَن هو الأحقّ بالخلافة والإمامة دون غيره. وهذه بين أيدينا جملة من الأحاديث التي روتها كتب أهل السنّة عن علمائها نضعها أمامَ الأعين والعقول، يُنتظَر لها أن تُدلي بالإنصاف.. أليست هي علامات الإمامة في عليّ أمير المؤمنين، وفي أحقيّته بالخلافة والوصاية لرسول الله صلّى الله عليه وآله ؟!

• رَوَوا: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « عليٌّ سيّدُ المسلمين » ـ جاء ذلك في عشرات المصادر، منها: ( المستدرك ) للحاكم النيسابوري الشافعي ج 3 ص 137 ـ ط حيدرآباد الدكن، ورواه أبو نعيم في: ( أخبار أصبهان 229:2 ـ ط ليدن )، وابن المغازلي الشافعي في: ( مناقب عليّ بن أبي طالب:65 / ح 93 )، والخوارزمي الحنفي في: ( المناقب:229 ـ ط تبريز )، وابن الأثير الجزري في: ( أُسد الغابة في معرفة الصحابة 69:1 ـ ط مصر سنة 1285 هـ )، والمحبّ الطبري الشافعي في: ( ذخائر العقبى:70 ـ ط مكتبة القدسي بالقاهرة )، والزرندي الحنفي في: ( نظم درر السمطين:114 ـ ط القضاء )، وابن الصبّاغ المالكي في: ( الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة:105 ـ ط الغري )، والخطيب البغدادي في: ( تاريخ بغداد 122:13 ـ ط السعادة بمصر )، وابن عساكر الدمشقي الشافعي في: ( تاريخ دمشق 486:2 ـ ط بيروت ).. وغيرهم كثير، عن: أسعد بن زرارة، وعبدالله بن عبّاس، وسلمان الفارسي، وأنس بن مالك، والإمام عليٍّ عليه السلام، ورافع مولى عائشة، وعن عائشة نفسها.

• ورَوَوا: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال: « عليٌّ.. سيّد المؤمنين ».

ـ جاء ذلك عند: المتقدّمين في الحديث السابق، فضلاً عن: البدخشي في: ( مفتاح النجا في مناقب آل العبا:54 ـ من المخطوط )، والمحبّ الطبري في: ( الرياض النضرة 177:2 ـ ط الخانجي بمصر )، والحمويني الجويني الشافعي في: ( فرائد السمطين )، وابن مردَوَيه في: ( المناقب: على ما في: المناقب لعبدالله الشافعي:30 ـ من المخطوط )، والأمر تسري في ( أرجح المطالب:19 و 150 ـ ط لاهور )، وأبو نُعيم في: ( حلية الأولياء 66:1 ـ ط السعادة بمصر )، والحافظ الطبراني في: ( المعجم الصغير 88:2 ـ ط المكتبة السلفية في المدينة المنوّرة )، والحافظ الخطيب البغداد في: ( موضع أوهام الجمع والتفريق 190:1 ـ ط حيدرآباد ).. وغيرهم. عن: أسعد بن زرارة، وجابر بن عبدالله الأنصاري، وأبي ذرّ الغفاري، وعبدالله بن حكيم، وأنس بن مالك.

• ورَووا كذلك: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال: « عليٌّ سيّد الأولياء ». ـ رواه: الزرندي الحنفي في: ( نظم درر السمطين:124 ـ ط القضاء )، والسمهودي الشافعي في: ( خلاصة الوفاء:39 ـ من المخطوط )، والمناوي الشافعي في: ( شرح الجامع الصغير ـ في مواضع عديدة )، عن: بِشر بن أبي عمرو، وجابر الأنصاري ـ كما في: ( فتوحات الوهّاب بتوضيح شرح منهج الطلاّب ) للشيخ سلمان بن عمر العجيلي الشافعي المصري الأزهري ـ ت 1204 هـ.

• ورووا عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: « عليٌّ... سيّدٌ في الدنيا، وسيّدٌ في الآخرة ».

ـ رواه: ابن المغازلي الشافعي في: ( مناقب علي:103 / ح 145، و 382 / ح 430 )، والطحاوي في: ( مشكل الآثار 48:1 ـ ط حيدرآباد الدكن )، وأبو نعيم في: ( حلية الأولياء 42:2 ـ ط السعادة بمصر )، والخوارزمي في: ( مقتل الحسين عليه السلام:79 ـ ط الغري )، والمحبّ الطبري في: ( ذخائر العقبى:42 ـ ط مكتبة القدسي بالقاهرة )، والحاكم النيسابوري في: ( المستدرك على الصحيحين 127:3 و 128 ـ ط حيدرآباد الدكن )، وسبط ابن الجوزي الحنفي في: ( تذكرة خواصّ الأمّة:54 ـ ط الغري )، وابن الصبّاغ المالكي في: ( الفصول المهمّة:110 ـ ط الغري )، والشبلنجي الشافعي في: ( نور الأبصار:74 ـ ط العامرة بمصر ).. وغيرهم كثير، عن: ابن عبّاس، وأبي سعيد الخُدْري، وابن مسعود، وغيرهم.

• ورَووا أيضاً: « عليٌّ سيّد الوصيّين ».

ـ جاء ذلك عن: القندوزي الحنفي في: ( ينابيع المودّة:81 ـ ط إسلامبول )، والجويني الشافعي في: ( فرائد السمطين )، والخوارزمي الحنفي في: ( المناقب:246 ـ ط تبريز )، والدارقطني في: ( صحيحه ـ على ما في: المناقب لعبدالله الشافعي:119 ـ من المخطوط )، والشيخ جمال الدين الحنفي الموصلي ـ ت 680 هـ ـ في: ( در بحر المناقب:72 ـ من المخطوط )، وابن حجر العسقلاني الشافعي في: ( لسان الميزان 480:1 ـ ط حيدر آباد الدكن )، وابن المغازلي الشافعي في: ( مناقب عليّ بن أبي طالب ـ وفيه: خير الأوصياء )، وكذا في: ( جواهر العقدين ) للسمهودي الشافعي... وغيرها. رَوَوا ذلك عن: أنس بن مالك، وعباية بن رِبْعي، وعبدالله بن عبّاس.

ـ هذا فيما روى ابن أبي الحديد في: ( شرح نهج البلاغة 254:3 ـ ط مصطفى البابي الحلبي بمصر ) قول رسول الله صلّى الله عليه وآله لعليٍّ عليه السلام في ضمن حديثٍ له: « بل أنت سيّد الأوصياء، وإمام الأتقياء ». وروى الجويني في: ( فرائد السمطين:120 ـ ط النعمان بالنجف الأشرف ) قولَ النبيّ صلّى الله عليه وآله: « وهذا عليٌّ سيّد الأوصياء »، بإسناده عن جابر الأنصاري. وقريب منه ما أورده القندوزي في: ( ينابيع المودّة:442 )، وابن أبي الفوارس في: ( الأربعين:19 ـ من المخطوط )، والحنفي الموصلي في: ( درّ بحر المناقب:78 ـ من المخطوط ).

• ورووا كذلك: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « عليٌّ سيّد الصادقين ».

ـ رواه: المولوي العيني الحنفي في: ( مناقب عليّ:37 ـ ط أعلم پريش )، من طريق سبط ابن الجوزي في: ( تذكرة خواصّ الأمّة ) عن ابن عبّاس، وعن ابن عبّاس أيضاً رواه الأمر في تسري في كتابه: ( أرجح المطالب:19 ـ ط لاهور ).

• ورَووا أيضاً: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وصف عليّاً عليه السلام بـ « الإمام » وأضاف هذه الكلمة على نحو التفضيل إلى كلمات أو عبارات تُفصح عن أفضليّته وولايته وتقدّمه على كلّ الناس: ـ

1 ـ كتب أبو بكر بن مؤمن الشيرازي ـ ت 388 هـ ـ في: ( رسالة الاعتقاد ـ على ما في: المناقب للكاشاني ) بإسناده عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قوله: « مَن أراد منكم النجاة بعدي والسلامةَ من الفتن، فَلْيتمسّكْ بولاية عليّ بن أبي طالب؛ فإنّه الصدّيق الأكبر، والفاروق الأعظم، وهو إمامُ كلّ مسلمٍ بعدي، مَنِ اقتدى به في الدنيا ورَدَ على حوضي، ومَن خالفه لم يَرَه ولم يَرَني، فاختلج دوني وأخذ ذاتَ الشمال إلى النار! ».

2 ـ وكتب الخوارزميّ الحنفي في: ( المناقب:253 ـ ط تبريز ) أنّ جبرئيل عليه السلام نزل على رسول الله صلّى الله عليه وآله صبيحةَ يومٍ فَرِحاً مسروراً مستبشراً، فسأله: حبيبي، ما لي أراك مستبشراً ؟! فقال: يا محمّد، وكيف لا أكون فَرِحاً مستبشراً وقد قرّت عيني بما أكرم الله أخاك ووصيَّك وإمامَ أُمّتك عليَّ بن أبي طالب! فسأله صلّى الله عليه وآله: وبِمَ أكرم الله أخي ووصيّي وإمامَ أمّتي ؟ قال: باهى اللهُ عبادته البارحةَ ملائكتَه وحملةَ عرشه، وقال: « ملائكتي انظروا إلى حجّتي في أرضي بعد نبيّي محمّد؛ فقد عفّر خدَّه في التراب تواضعاً لعظمتي. أُشهِدكم على أنّه إمامُ خَلْقي ومولى بريّتي ».

3 ـ وفي: ( ينابيع المودّة:80 ـ ط إسلامبول ) خاطبه النبيّ صلّى الله عليه وآله بقوله: «... أنت سيّد الأوصياء، وإمام الأتقياء ».

4 ـ وفي: ( المناقب:35 ـ ط تبريز ) روى الخوارزمي حديثاً نبويّاً طويلاً جاء فيه: « عليٌّ مولى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنة » و: « أنت إمامُ كلِّ مؤمنٍ ومؤمنة، ووليُّ كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ بعدي ».

5 ـ وفي: ( المناقب أيضاً:240 ) في ضمن حديثٍ قدسي شريف، أنّ الله جلّ وعلا خاطب رسوله صلّى الله عليه وآله بقوله: « يا محمّد، عليٌّ راية الهدى، وإمامُ مَن أطاعني، ونور أوليائي ».

6 ـ وعن عبدالله بن أسعد بن زرارة روى ابن حجر العسقلاني الشافعي في: ( الإصابة في تمييز الصحابة 266:2 ـ ط مصطفى محمّد بمصر ) أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « انتهيتُ إلى سد المنتهى ليلةَ أُسرِي بي، فأُوحي إليّ في عليٍّ أنّه إمام المتّقين ».

7 ـ وعن ياسر، عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام، عن جدّهم رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « يا عليّ، أنت حجّة الله، وأنت باب الله، وأنت الطريق إلى الله، وأنت النبأ العظيم، وأنت الصراط المستقيم، وأنت المَثَل الأعلى، وأنت إمام المسلمين وأمير المؤمنين، وخير الوصيّين وسيّد الصدّيقين. يا عليّ، أنت الفاروق الأعظم، وأنت الصدّيق الأكبر، وإنّ حزبك حزبي وحزبي حزب الله، وإنّ حزب أعدائك حزب الشيطان! » ( روى ذلك: القندوزي الحنفي في: ينابيع المودّة:495 ـ ط إسلامبول ).

8 ـ وعن جابر الأنصاري روى ابن حسنَوَيه الموصلي الحنفي في كتابه: ( درّ بحر المناقب:59 ـ من المخطوط ) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « إنّ لله لواءً من نور... مكتوبٌ عليه: لا إله إلاّ الله، محمّدٌ رسول الله، آل محمّدٍ خيرُ البشر، وأنت يا عليُّ إمامُ القوم ».

9 ـ وروى الصفوري البغدادي الشافعي ـ ت بعد سنة 884 هـ ـ في كتابه: ( نزهة المجالس 208:2 ـ ط القاهرة ) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال لأبي بُردة: « إنّ ربّ العالمين عَهِد إليّ عهداً في عليّ بن أبي طالب أنّه: رأيةُ الهدى، ومنارُ الإيمان، وإمامُ الأوّلين والآخِرين، ونورُ جميع مَن أطاعني ».

10 ـ ومن هنا ـ أيها الإخوة الأفاضل ـ لم يكن بعد رسول الله إمامٌ إلاّ عليّ بن أبي طالب صلَوات الله عليه، وقد سبقت الناسَ علامات، وكرامات ومعجزات، كانت لهم دلائل وإشارات، منها:

ـ ما رواه العالم الحنفي ابن حسنويه الموصلي في كتابه: ( درّ بحر المناقب:119 ـ من المخطوط ) حيث كتب تحت عنوان: الحديث العشرون :ـ

بالإسناد مرفوعاً إلى عليّ بن محمّد الهادي إلى أبيه، إلى النسب الطاهر إلى زين العابدين، عن جابر بن عبدالله الأنصاري أنّه قال:

اجتمع أصحاب رسول الله، صلّى الله عليه وآله ليلةً في العام الذي فتح مكةَ فقالوا: يا رسولَ الله، مِن شأن الأنبياء إذا استقام أمرُهم أن يُوصُوا إلى وصيٍّ أو مَن يقوم مقامه بعده ويأمر بأمره ويسير في الأمّة بسيرته، فقال صلّى الله عليه وآله: « قد وعَدَني ربّي بذلك أن يُبيّن لي ربّي عزّوجلّ مَن يختاره للأمّة بعدي ومَن هو الخليفة على الأمّة، بأنّه ينزل من السماء ليعلموا أنّه الوصيُّ بعدي ».

قال فلمّا صلّى بهم صلاة العشاء الآخرة في تلك الساعة، ونظروا الناسُ السماءَ لينظروا ما يكون، وكانت ليلةً مظلمة لا قمرَ فيها، وإذا بضوءٍ عظيمٍ قد أضاء المشرق والمغرب، وقد نزل نجمٌ من السماء إلى الأرض وجعل يدور على الدُّور، حتّى وقف على حُجرة عليّ بن أبي طالب، وله شُعاعٌ هايل وقد أظّلّ شعاعُه الدُّور، وقد فَزِع الناس وصار على الحجرة، قال: فجعل الناسُ يكبّرون ويهلّلون، وقالوا: يا رسولَ الله، نجم قد نزل من السماء على ذروة حجرة عليّ بن أبي طالب! قال:

« هو ـ واللهِ ـ الإمام مِن بعدي، والوصيُّ القائم بأمري، فأطيعوه ولا تُخالفوه، وقدِّموه ولا تتقدّموه؛ فهو خليفة الله في أرضه مِن بعدي ».

قال: فخرجوا الناس مِن عند رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال واحدٌ من المنافقين: ما نقول فيما يقول في ابن عمّه إلاّ بالهوى، وقد رَكِبَتْه الغوايةُ فيه حتّى لو تمكّن أن يجعله نبيّاً لَفَعَل! قال: فنزل جبرئيل عليه السلام وقال: يا محمّد، ربُّك يُقرئك السلام السلامَ ويقول لك: إقرأ: ـ بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم: والنَّجْمِ إذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُم وما غَوى * وما يَنطِقُ عَنِ الهَوى * إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحى .

( الآيات المباركات في: سورة النجم:1 ـ 4. وروى هذا الخبر أيضاً: محمّد بن أبي الفوارس في: الأربعين:26 ـ من المخطوط ).

• ومن هنا أيضاً نفهم أنّ الإمامة ـ كالنبوّة ـ:

1 ـ لطفٌ إلهي.

2 ـ اختيارٌ إلهي.

وما أجلَّ وأسمى وأشرقَ كلمةً عَبَقت من الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام حين قال في ذلك ـ ضمن حديث مفصّل جامعٍ في صفات الإمام وفضله ـ: « إنّ الإمامةَ أجلُّ قَدْراً، وأعظمُ شأناً، وأعلى مكاناً، وأمنعُ جانباً، وأبعدُ غَوراً مِن أن يَبلُغَها الناسُ بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يُقيموا إماماً باختيارهم... إنّ الإمامة هي مَنزلة الأنبياء، وإرثُ الأوصياء، ومقام أمير المؤمنين، وميراث الحسن والحسين... » ( الكافي للكليني ج 1 ـ باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته / ح 1 ).

نقلاً من موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية