شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

الصديقة الطاهرة فاطمة، سيدة نساء العالمين، بنت رسول الله..

0 المشاركات 00.0 / 5

امرأة استثنائية :

بالقطع واليقين فإنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) ليست امرأة عادية، بل هي استثنائية في جوهر تكوينها، كما هي استثنائية في موقفها، وجهادها، وعبادتها، وإيمانها، وطاعتها أيضاً.

فقد جرت سنّة الله تعالى على أن يخلق من الرجال من هم استثنائيون كالأنبياء، حيث يخلقهم بشكل مختلف كما فعل بالنسبة إلى آدم، وعيسى بن مريم، أو يتدخل في شؤونهم، ويحافظ على وجودهم مثل موسى بن عمران.

وكما في الرجال كذلك في النساء، فقد اختار الله مريم لتكون سيدة نساء زمانها، فكان ربّ العباد يطعمها كما يقول القرآن الكريم: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ ).

وإذا كان الله تعالى (يتقبّل) مريم وينبتها نباتاً حسناً وهي سيدة نساء زمانها، فكيف بمن أرادها الله تعالى لتكون سيدة نساء العالمين؟

لقد خلق الله فاطمة لتؤدي دوراً إلهياً... وتكون سيدة النساء، ونموذجاً للمؤمنين والمؤمنات في الحياة الدنيا...

ولولا أنّ فاطمة (امرأة استثنائية) لما جعل الله رضاه معلقاً على رضا فاطمة، وغضبه كذلك معلقاً على غضب فاطمة.

يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (رضا الله من رضا فاطمة، وغضبه من غضبها).

ويقول: (من أرضاها فقد أرضى الله، ومن أغضبها فقد أغضب الله).

ولو أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: (رضا فاطمة من رضا الله، وغضبها من غضبه) لكان أمراً مهماً، حيث كان يعني التزام فاطمة برضا الله...

ولكن النبي (صلى الله عليه وآله) قال العكس، فعلق رضا الله على رضا فاطمة، وغضب الله على غضبها. فقال: رضا الله من رضا فاطمة وغضبه من غضبها... وكأن الله تعالى (فوّض) إلى فاطمة رضاه كما فوض إلى رسول الله دينه...

وذلك أمر استثنائي... لامرأة استثنائية.

 

أمّ النبوة:

من الأحاديث النبوية التي أجمع المسلمون على صحتها قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حق فاطمة: (فاطمة أمّ أبيها).

ترى كيف تكون (البنت) أمّاً لوالدها؟ وماذا تعني هذه الكلمة؟ في تاريخ الإسلام هنالك (أمومة) اعتبارية كان لها أهميتها في حياة المسلمين وهي أمومة نساء النبي (صلى الله عليه وآله) للمؤمنين، (ونساؤه أمهاتهم). وفي تلك الأمومة امتيازاً لرسول الله وكرامة لنسائه. إلاّ أنّ (أمومة) فاطمة لأبيها ليست امتيازاً وكرامة لفاطمة فحسب، بل فيها ضمانة لاستقامة الأمة. وميزاناً لمعرفة الحقّ من الباطل والخير من الشرّ. كما أنّ (أمومة) فاطمة كانت ميزاناً لأمومة نساء النبي للمؤمنين...

فإذا كنا نرى أنّ إحدى زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) تخرج على الإمام علي (عليه السلام) وهي التي أمرها الله تعالى بأن لا تفعل قائلاً: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)، ولكن مع ذلك وجدت من يقف معها. ويموت من أجلها لأنّها واحدة من أمهات المؤمنين، مع أنّ هذه الأمومة كانت (عامة)، بينما أمومة فاطمة خاصة بها دون غيرها.

لقد كان رسول الله يريد بإعلان هذه الأمومة الاعتبارية أن يصون (النبوة)، في (الولاية) ويكشف الحقّ عن الباطل، ويجد الصراط المستقيم عن المتاهة، والخير عن الشرّ.

إنّ أمومة فاطمة التي تمثلت في موقفها الحازم بعد وفاة رسول الله، دفاعاً عن الولاية هي بحقّ موقف رسول الله لو كان حياً، ومخالفتها كانت مخالفة لرسول الله. وإذا كان البعض قد استغلّ أمومة نساء النبي (صلى الله عليه وآله) للمؤمنين، فإنّ أمومة فاطمة تكشف عن بطلانها.

فأين أمّ النبيّ من أمّ المؤمنين؟

وأين فاطمة من بقية النساء؟

 

 فداءاً لفاطمة :

لا يُفدى الغالي إلا للأغلى...

فحتى في المجاملات فإنّك لا تقول لولدك: (فداك أبي) ولكنك تقول لأبيك: (فداك أولادي).

إنّ المؤمنين يقولون لرسول الله (صلى الله عليه وآله): (بأبي أنت وأمي) لأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) أولى بالمؤمنين من أنفسهم. ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول عن فاطمة: (فداها... أبوها).

ومع الأخذ بعين الاعتبار أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى، فإنّ لهذه الكلمة تكون ضلالاً بحجم الكون، وثقلاً بحجم الرسالة.

وهكذا...

فإنّ في فاطمة سرّاً عظيماً. لن يكشف لأحد...

ألا نقرأ في الدعاء المأثور: (اللهم بحقّ فاطمة وأبيها، وبعلها وبنيها، والسرّ المستودع فيها، صلي على محمد وآل محمد، بعدد ما أحصاه علمك).

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية