شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

الظروف السياسية والإجتماعية في حياة الإمام الحسن العسكري عليه السلام

3 المشاركات 03.7 / 5

الظروف السياسية والإجتماعية في حياة الإمام الحسن العسكري عليه السلام

مؤسسة الكوثر

مقدمة:

ولد الإمام العسكري عليه السَّلام في المدينة المنورة في عام 232. وفي عام 234، أي بعد ولادته المباركة بعامين، رحل إلى سامراء مع والده الإمام الهادي عليه السَّلام وذلك بعد استدعاء المتوكل العباسي له. وقد عاصر الإمام العسكري عليه السَّلام اباه عشرين سنة في سامراء وهو يرى ما يجري عليه من الخطب والمحن والمضايقات؛ فقد فرضت عليه الحكومة العباسية الاقامة في سامراء، وأخذت بتفتيش داره بين الآونة والأُخرى وزجته في ظلمات السجون.

وعلى كل حال ففي سنة 254 رحل الإمام الهادي من هذه الدنيا مظلوماً يشكو آلامه إلى الله سبحانه وتعالى، فتسلم الإمام العسكري عليه السَّلام إمامة المسلمين وجاء دوره الرسالي في الذب عن الشريعة المقدسة، والتصدي للظلم والانحراف الحاصل في ذلك الوقت، وقبل أنْ نبيّن مواقف الإمام ومقدار الضيق الذي كان يعانيه، بسبب محاربة الحكومة العباسية إياه نعرض إلى بيان أهم الأحداث والظروف التي عاصرها الإمام عليه السَّلام والتي تساعد على فهم أكثر الأقوال والأفعال الصادرة منه سلام الله عليه.

فقد حدثنا التأريخ أن المعتصم العباسي، وحينما رأى ازدحام الموالي في جيشه وقواده من الأتراك والمغاربة والفراغنه وتعرضهم إلى أهالي بغداد بالأذى وعدم اتسامهم بالسلوك الحسن تجاه الناس، قرر بناء سامراء وجعلها عاصمة للدولة العباسية وكان ذلك في سنة 220.

وقد سيطر هؤلاء القواد على دفة الحوادث ومجريات الأُمور شيئاً فشيئاً حتى استولوا على مركز الخلافة نفسها، واخذوا يتحكمون بالخليفة يُزيحون من يشاءون ويأتون بمن يشاءون، وقد حكم سامراء ثمانية خلفاء وهم: المعتصم، الواثق، المتوكل، المنتصر، المستعين، المعتز، المهتدي، والمعتمد. وقد ذاق هؤلاء الخلفاء من أولئك الموالي والقواد، الأمرين فقد قاموا بقتل بعضهم، كالمتوكل والمهتدي، وعزل بعضهم وخلعه، كالمعتز.

وهذه الأُمور تؤكد ضعف الخلافة العباسية يومئذ، كما أن التأريخ يذكر أن الاتراك والموالي لم يكتفوا بعزل خليفة وتنصيب آخر، بل سيطروا على دفة السياسة العليا وقاموا بعزل الخليفة أنعزالاً يكاد يكون كلياً عن ممارسة الحكم والنظر إلى شؤون الدولة وإلى هذه الحقيقة يشير أحد الشعراء بقوله:

خليفة في قفص بين وصيف وبغا يقول ما قالا له كما تقول الببغا

كما أن الخليفة المعتمد قد اشار إلى ذلك بقوله:

أليس من العجائب أنّ مثلي يرى ما قل ممتنعاً عليه وتؤخذ باسمه الدنيا جميعاً وما من ذاك شيء في يديه

إليه تحمل الأموال طراً ويمنع بعض ما يجبى إليه

ونود أن نشير هنا إلى أن سياسة القواد الاتراك كانت تابعة للمصالح الشخصية؛ فيقاتلون الخليفة ويثورون ضده تارة ويدافعون عن الخليفة ويقاتلون أعداءه تارة أُخرى، وذلك بحسب ما تملي لهم الظروف من المضار والفوائد العائدة إليهم.

ومن الأُمور والحوادث التي عاصرها الإمام العسكري عليه السَّلام هي انتشار الفتن والشغب والحروب في بغداد وسائر الامصار، منها ما حدث في عام 249 من شغب الجنود الشاكرية ببغداد حينما نادوا بالنفير، وفتحوا السجون، وأخرجوا من فيها. وكان أحد أسباب ذلك احتجاجهم على الاتراك لقتلهم المتوكل واستيلائهم على أمور المسلمين، يقتلون من يريدون ويستخلفون من أحبوا من غير ديانة ولا نظر للمسلمين، ومنها: الحرب التي جرت بين الجيش الذي أعده الاتراك لقتال المستعين والجيش الذي جهزه المستعين للدفاع عن نفسه، وقد أدت هذه الحرب إلى خسائر جسيمة من الفريقين، وانتهت بتنازل المستعين عن الخلافة في سنة 252. ومنها: ما حدث في سنة 252 هـ عندما شغب الجند في بغداد مطالبين بالارزاق، وارادوا أن يمنعوا الخطيب من الدعاء للمعتز، وكان لمحمد بن عبد الله بن طاهر موقف في محاربتهم وتفريقهم، حتى ما إذا رأى الجند قد غلبوا على أصحابه، أمر بالحوانيت التي على باب الجسر أن تحرق فاحترق للتجار متاع كثيرة، فحالت النار بين الفريقين.

إلى غير ذلك من الفتن الكثيرة التي ادت إلى ضعف الخلافة وانشغالها عن العمال في اطراف البلاد، فانفك الارتباط بين مركز الخلافة واطرافها وأصبح كل عامل في الاطراف يصنع ما يحلو له، ان شاء كان موالياً للحكومة وان شاء كان متمرداً، فكانت الحروب تدور في الاطراف بين الافراد والولاة، وتستقبل المدن الإسلامية في كل فترة وجهاً جديداً يحكمها ويدير شؤونها ويجبي خراجها... ومن شاء تفاصيل ذلك فليراجع الكامل ج 5 والمسعودي ج 4 وغيرها من كتب التاريخ.

ولعل ابلغ الأحداث خطورة في ذلك الوقت وبالتحديد في عام 255 هـ هو ظهور صاحب الزنج في البصرة، فقد ادعى انه علوي ويتصل نسبه بالامام زين العابدين عليه السَّلام، ليكسب التفاف الجماهير حوله، وقد قام بقتل الالاف من النفوس وهتك الالاف من الاعراض وأحرق العشرات من المدن، واستمر يعيث في الأرض فساداً إلى عام 270 هـ، وهي السنة التي قتل فيها. وسوف يأتي التعرض إلى موقف الإمام من هذا الرجل في مطاوي هذه المقالة إن شاء الله.

ومن الاحداث المهمة في ذلك الوقت هو وجود ثورات علوية تدعو للرضا من آل محمد صلّى الله عليه وآله وسلم، ويقصد من ذلك هو الدعوة إلى الإمام الموجود فعلاً، ولعل العامل المباشر الذي أدى ظهور هذه الثورات هو الظلم والتعسف الذي كان يلحق بالعلويين من الحكم العباسي، وسنشير إلى هذه الثورات كل في محله إن شاء الله.

ومن احداث هذا العصرـ اكثر العصور العباسية ـ هو انغماس الملوك العباسيين في اللهو والمجون والطرب وصرف الأموال الطائلة على الجواري والشعراء، وتنعم القادة والمسؤولين باموال ضخمة، في حين يعيش سائر الناس بالمستوى المتوسط فما دونه إلى حالة الفقر المدقع، من دون ضمان عيش أو أمل حياة، كما أن الكثير من الأموال كانت تصرف على سيدات البلاط العباسي؛ فكانت زبيدة زوجة هارون الرشيد مثلاً تلبس ثوباً قيمته خمسين ألف دينار، وعلى ذلك فقس. ولو أردنا استعراض شواهد على ذلك الترف واللهو والمجون لطال بنا المقام، والتأريخ مليء بتلك الحقائق وهو لا يخفى على كل بصير.

وفي مثل هذه الظروف السياسية المتوترة والاقتصادية السيئة جداً والحياة المعقدة تسلم الإمام العسكري عليه السَّلام السفارة الالهية، ليقوم بدوره الرباني في الدفاع عن الشريعة المقدسة وبيان مضامينها واحيائها قولاً وعملاً، ولذا فقد لاقى صنوف الارهاب والمراقبة والحصار من قِبَل حكومة بني العباس كما سيتضح.

1ـ الثورات العلوية في عهد الإمام العسكري عليه السَّلام:

لقد لاقى العلويون واصحابهم واتباعهم صنوفاً من الظلم والتعسف والاضطهاد في زمان الحكومة العباسية، بلا فرق في ذلك بين الخليفة والقواد والوزراء؛ والشواهد على ذلك كثيرة.

منها: ما تقدمت الاشارة إليه في مقالات سابقة من منع المتوكل العباسي زيارة الإمام الحسين عليه السَّلام وفرض أقصى العقوبات على زواره، بل أخذ يتمادى في طغيانه حتى كرب القبر الطاهر للإمام عليه السَّلام ومنها: ما فعله من اشخاص الإمام الهادي عليه السَّلام إلى سامراء.

ومنها: فرض الحصار على الإمام العسكري ووضعه في السجن من قِبَل خلفاء عصره. وهكذا، فإن الشواهد أكثر من أن تحصى. وفي هذا الجو المكهرب العاصف كان يرى بعض العلويين وجوب الثورة على الظلم والفساد واظهار كلمة الحق، أمام المجتمع الذي يعيش في سُبات عميق، وكان الغالب منهم يدعو إلى الرضا من آل محمد؛ ويعنون بذلك الشخص الذي هو أفضل آل محمد في ذلك العصر وليس ذلك إلاّ أحد ائمتنا عليهم السَّلام الذين يعتقد هؤلاء الثوار بامامتهم، كما ان بعض الثورات كانت لأجل التمرد على الظلم أو لحب الظهور أو غير ذلك. ونحن هنا لسنا بصدد البحث والتحقيق في أن أياً من هذه الثورات كانت قائمةً على أساس من الوعي الصحيح وأيها كانت بعيدة عن المبادئ الإسلامية، فإن هذا بحث موكول إلى محله، لكن غرضنا الرئيسي هو تبيين الواقع السيئ الذي كان يعيشه العلويون؛ من الارهاب والمطاردة، والزج في السجون، ولذا فانهم رأوا القيام بالسيف هو الحل الوحيد للخلاص من هذا الظلم والاضطهاد، وبالفعل فقد ظهرت ثورات كثيرة ومتعددة قارعت قوى الشر والنفاق. وقد ذكرت كتب التأريخ هذه الثورات بنوع من التفصيل كل بحسب السنة التي ظهرت بها تلك الثورة، مَن شاء فليراجع.

ولا بأس أن نشير هنا إلى بعض الثورات التي ظهرت في أيام إمامة الإمام العسكري عليه السَّلام: فمنها: ثورة الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، والذي بدأت ثورته عام 250 هـ، بطبرستان، فغلب عليها وعلى جرجان بعد حروب كثيرة وقتال شديد استمر لعدة سنوات، وبقيت في يده إلى أنْ مات في سنة 270 هـ وخلفه أخوه محمد بن زيد فيها، وكان هذان الاخوان يدعوان إلى الرضا من آل محمد.

ومنها: ثورة علي بن زيد العلوي بالكوفة في عام 256 هـ ، فاستولى عليها، وازال عنها نائب الخليفة واستقر فيها، فناجزته السلطة القتال عدة مرات، تارة بقيادة الشاه بن ميكال، وأُخرى بقيادة كيجور التركي، حتى قتل بعكبرا سنة 257 هـ .

ومنها: ثورة عيسى بن جعفر العلوي، وقد ثار مع علي بن زيد العلوي في الكوفة كما ذكر المسعودي، لكنه ذكر أن ذلك كان في سنة 255 هـ، وذكر أن المعتز سرّع إليهما سعيد بن صالح المعروف بالحاجب، في جيش عظيم، فانهزم الطالبيان لتفرق أصحابهما عنهما.

ومنها: ثورة إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب عليه السَّلام ويعرف بابن الصوفي، ثار عام 256 هـ في مصر، واستولى على مدينة إسنا ونهبها وعمّ شره البلاد، فسير إليه أحمد بن طولون جيشاً، فهزم العلوي وأسر المقدم على الجيش فقطع يديه ورجليه وصلبه، فسيّر إليه ابن طولون جيشاً آخر فالتقوا بنواحي أخميم، فاقتتلوا قتالاً شديداً، فانهزم العلوي وقتل كثير من رجاله وسار هو حتى دخل الواحات وبقي مختفياً فيها إلى عام 259 هـ، حيث ظهر ثانياً ودعا الناس إلى نفسه، فتبعه خلق كثير، وسار بهم إلى الاشمونين، فحاربه أحمد بن طولون في وقعتين، حتى هرب العلوي الصوفي إلى مكة، فقبض عليه وأليها وأرجعه إلى ابن طولون، فطيف به في البلاد ثم سجنه واطلقه ثم رجع إلى المدينة فأقام بها حتى مات.

ونستطيع أن نستنتج من هذه الثورات بشاعة الظلم الذي لاقاه العلويين خلال تلك الفترة ومن المعلوم أن عدد الثورات يزداد كلما ازداد الظلم والارهاب، ولذا فمن يتفحص التأريخ لا يجد قيام أي ثورة في زمن المنتصر؛ لانه لم يجر منه على أحد من العلويين قتل أو حبس أو مكروه، وكان يظهر الميل إلى أهل البيت عليهم السَّلام خلافاً لابيه المتوكل، لكنه لم يبق في الحكم إلا ستة أشهر !!

كما نلاحظ أن الخلافة على ضعفها لم تألوا جهداً في قمع الثورات العلوية؛ وذلك لأن الخليفة وإن كان عاجزاً عن ادارة البلاد إلاّ أن مناوءة الفكرة العلوية لم تكن مختصة به، بل كانت شاملة للقادة الاتراك والموالي والعباسيين والوزاء وحكام الاطراف حتى المستقلين منهم أمثال، أحمد بن طولون في مصر.

2ـ موقف الإمام من هذه الثورات:

وهنا نلاحظ أنّ التأريخ لم يسعفنا بأي شيء فلم يذكر لنا أي موقف للإمام سلام الله عليه تجاه تلك الثورات. ومن يُمعن النظر في تعامل الحكومة اياه وظروف تلك الفترة العصيبة يتضح له هذا الجواب، فإن الحكومة العباسية قد تعاملت مع الأئمة الثلاثة المتأخرين (الإمام الجواد والامامين العسكريين) معاملة خاصة، فحاولت دمجهم بالبلاط العباسي وقامت بتشديد الرقابة عليهم. ومع أن الحكومة لم تستطع العثور على أي مستمسك بدينهم عليهم السَّلام إلاّ انا نلاحظ ان اعمارهم كانت قليلة وكانوا يصعدون إلى بارئهم في ريعان الشباب، فالامام الجواد عاش خمساً وعشرين سنة، والإمام الهادي عاش احدى واربعين سنة، والإمام العسكري عاش ثمانياً وعشرين عاماً، مما يدل على سعي الخلفاء للقضاء عليهم وكتم انفاسهم، ولو بالطريق غير المباشر. هذا، مع أنهم لم يحصلوا على أي مستند يدل على اشتراكهم في أي نشاط أو حركة فكيف لو عثروا على ما يدل على ذلك !!

كما إن الثورات لم تكن كلها ناشئة عن مبادئ صحيحة وواعيه لاهدافها، بل إن بعضها ظهر ضد الظلم والتعسف وبعضها لحب الظهور والتسلط، كما أشرنا لذلك. وحينئذٍ فإن الإمام سلام الله عليه حتى لو كانت له يد في بعض الثورات الداعية إلى المبادئ الصحيحة، فقد عمل بطريقته الخاصة على اخفاء ذلك، بلباقة تامة وحذر عظيم، خوفاً من تعرف الدولة على أي دليل يكون الإمام بموجبه لقمة سهلة بيد الحكومة الجائرة آنذاك، كما يحتمل أن ارشادات الإمام وتوجيهاته الخاصة والعامة كانت تؤثر في نفوس الثائرين تأثير النار في الحطب والنور في الديجور مما يؤدي بهم إلى اعلان العصيان المسلح ضد الدولة، والله أعلم بحقائق الأُمور.

3ـ صور من العمل السري للإمام عليه السَّلام:

أشرنا في مطاوي البحث إلى أن الحكومة العباسية كانت تطارد العلويين وعلى رأسهم الإمام العسكري عليه السَّلام، وكانت تحاول بشتى الوسائل والصور الحصول على أي مستمسك عليه، ليمكنها بعد ذلك التخلص منه باعتباره متمرداً على نظام الحكم، ولكن حنكة الإمام ودقته في التعامل قد افشلت جميع مخططاتهم؛ فبالرغم من الرقابة الشديدة عليه إلا أن الحكومة لم تستطع العثور على أي دليل ضده؛ فلقد استخدم الإمام الرمزية التامة في تعامله مع أصحابه، نذكر للقارئ بعض الشواهد على ذلك:

1ـ روي عن عليّ بن جعفر عن حلبي قال: اجتمعنا بالعسكر وترصدنا لابي محمد عليه السَّلام يوم ركوبه، فخرج توقيعه: ((ألا لا يسلمنَّ عليَّ أحد ولا يشير إليَّ بيده ولا يومئ، فانكم لا تؤمنون على أنفسكم)) قال: وإلى جانبي شابٌ فقلت: من أين أنت ؟ قال: من المدينة، قلتُ: ما تصنع ههنا ؟ قال: اختلفوا عندنا في أبي محمد عليه السَّلام فجئت لأراه واسمع منه أو أرى منه دلالة ليسكن قلبي، وإني لولد أبي ذر الغفاري.

فبينما نحن كذلك إذ خرج أبو محمد عليه السَّلام مع خادم له، فلما حاذانا نظر إلى الشاب الذي بجنبي، فقال:(( أغفاري أنت ؟ قال: نعم، قال: ما فعلت أمك حمدوية؟)) فقال: صالحة، ومرّ.

فقلت للشاب: أكنت رايته قط وعرفته بوجهه قبل اليوم ؟ قال: لا، قلتُ فينفعك هذا ؟ قال: ودون هذا.

ونلاحظ هنا أن الإمام حذر هؤلاء المجتمعين من الاشارة أو الايماء إليه أو السلام عليه لأن ذلك يوقعهم في دفة الخطر، ثم استخدم اسلوباً من الرمزية و السرية التامة في اثبات إمامته أمام الرجل الغفاري الذي جاء مستفهماً ومن دون أن يشعر أحد بذلك، فإن عيون الدولة ورجالاتها لا يستطيعون فهم ما عمله الإمام فهو في الظاهر كأنما سأل الغفاري عن اخبار امه لكنه في الواقع اقامة الحجة على الرجل وأخبره بانه غفاري وأن اسم أمه حمدويه، وبذلك آمن الرجل واطمأن قلبه.

2ـ روى أبو هاشم الجعفري عن داود بن الأسود، وقاد حمام أبي محمد عليه السَّلام قال: دعاني سيدي أبو محمد فدفع إليَّ خشبة كأنها رجل باب مدورة، طويلة ملء الكف، فقال: ((صرت بهذه الخشبة إلى العمري))، فمضيتُ، فلما صرتُ إلى بعض الطريق عرض لي سقاء معه بغل، فزاحمني البغل على الطريق، فناداني السقاء صح على البغل! فرفعت الخشبة التي كانت معي فضربت البغل، فانشقت، فنظرت إلى كسرها فإذا فيها كتب، فبادرت سريعاً فرددت الخشبة إلى كمي، فجعل السقاء يُناديني ويشتمني ويشتم صاحبي، فلما دنوتُ من الدار راجعاً استقبلني عيسى الخادم عند الباب فقال: يقول لك مولاي اعزه الله لم ضربت البغل وكسرت رجل الباب؟ فقلت له: يا سيدي، لم أعلم ما في رجل الباب فقال: ولِمَ احتجت أن تعمل عملاً تحتاج ان تعتذر منه، إياك بعدها أن تعود إلى مثلها! وإذا سمعت لنا شاتماً فامضِ لسبيلك التي أمرت بها، وإياك أن تجاوب من يشتمنا أو تعرفه من أنت فاننا ببلد سوء، ومصر سوء وامضِ في طريقك فإن أخبارك واحوالك ترد إلينا فاعلم ذلك.

وهذه الرواية تكشف وبكل وضوح عن وجود عمل سري ومكاتبات سرية بين الإمام وأصحابه، وقد استخدم الإمام طريقة خاصة في اخفائها بحيث خفيت حتى على المرُسَلِ بها. كما أن الرواية تكشف عن مدى الحصار الكبير على الإمام ولذا فإن داود، وهو حامل الخشبة التي حوت هذه الكتب، وبمجرد اطلاعه على الكتب بادر سريعاً وضم الخشبة إلى كمه، كما نلاحظ أن الإمام قد وبخه على عمله الأوّل؛ وهو ضرب البغل الذي أدى إلى كسر رجل الباب، لأن ذلك قد يؤدي إلى تعرف الحكومة على نشاط الإمام، ثم اوصاه بالحذر والسكوت وعدم اجابة الشاتم؛ لأن البلد بلد سوء والمصر مصر سوء، والتكلم والاجابة خلاف السرية التي ينتهجها الإمام في مثل ذلك البلد.

3ـ عن محمد بن عبد العزيز البلخي قال: أصبحت يوماً فجلستُ في شارع الغنم فإذا بأبي محمد عليه السَّلام قد أقبل من منزله يريد دار العامة، فقلتُ في نفسي: ترى إن صحتُ أيها الناس هذا حجة الله عليكم فاعرفوه، يقتلوني ؟ فلمّا دنا مني أومأ باصبعه السبابة على فيه أن اسكت، ورأيته تلك الليلة يقول: إنّما هو الكتمان أو القتل فاتقِ الله على نفسك.

وتكشف هذه الرواية صورة أُخرى من صور السرية والكتمان والتنظيم في عمل الإمام العسكري عليه السَّلام، فالامام يحذر صاحبه إيماءً باصبعه ويخشى التكلم معه، ثم يحذره في ليلة ذلك اليوم من عواقب المجاهرة بالولاء لآل بيت محمد صلّى الله عليه وآله وسلم والانتماء إليهم فانه يكلف الإنسان حياته.

والشواهد على السرية في حركة الإمام ومقارعته لقوى الشر كثيرة نكتفي منها بما ذكرناه.

4ـ المقام الاجتماعي للإمام عليه السَّلام:

رغم الارهاب السلطوي والمعاداة السياسية للإمام واصحابه وملاحقتهم وزج بعضهم في المحابس والسجون، إلاّ أن السلطة لم تستطع اخفاء شخصية الإمام أو تحجيم دوره السياسي والعلمي ومكانته الاجتماعية، فقد فرض نفسه على حكام عصره وخصومه، واستطاع من خلال منهجه في السرية والكتمان أنْ يستقطب الجماهير من حوله، إذ إنهم يرونه الملاذ الوحيد لهم في جميع مشاكلهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. كما أن اخلاق الإمام التي كانت تمثل اخلاق الرسول الاعظم صلّى الله عليه وآله وسلم كان لها تأثيرها البالغ في النفوس، وذلك في وقت قد اندرست فيه جميع القيم والمبادئ، واستهترت الخلافة العباسية بالمقدسات، وعاث الاتراك والقواد في اموال المسلمين نهباً وفساداً، فلم تعرف الناس الإسلام ولم تعرف آثار الرسول الأعظم إلاّ عن طريق هذا الامتداد الطبيعي الذي مثّل الإسلام قولاً وعملاً فكان إماماً لا يجهله أحد من أهل عصره، يشار إليه بالبنان وتهفو إليه النفوس فهو استاذ العلماء وقدوة العابدين وأمل المحرومين والمستضعفين، شهد بفضله العدو والصديق، فلنستمع إلى أحمد بن عبيد الله بن خاقان والذي كان شديد النصب والانحراف عن خط وفكر أهل البيت عليهم السَّلام وهو ينقل لنا صورة كاملة عن مكانة الإمام الاجتماعية فقد ورد: أنه جرى في مجلسه ذكر العلوية ذات يوم فقال: ما رأيت ولا عرفتُ من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا، في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه، عند أهل بيته وبني هاشم كافّة، وتقديمهم إياه على ذوي السن منهم والخطر، وكذلك كانت حاله عند القواد والوزراء وعامة الناس، وأذكر أني كنت يوماً قائماً على رأس أبي إذ دخل حجابه فقالوا: أبو محمد بن الرضا بالباب، فقال بصوت عال: إئذنوا له، فتعجبت من جسارتهم أن يكنوا رجلاً بحضرة أبي، ولم يكن يُكنى عنده إلا خليفة أو ولي عهد أو من أمر السلطان، فدخل رجل أسمر، حسن القامة، جميل الوجه، حديث السن، له جلالة وهيئة حسنة فلما نظر إليه قام يمشي إليه خطاً ـ ولا اعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم والقواد ـ فلما دنا منه عانقه وقبّل وجهه وصدره وأخذ بيده وأجلسه على مصلاه الذي كان عليه، وجلس إلى جنبه مقبلاً عليه بوجهه، وجعل يكلمه ويفديه بنفسه، وانا متعجب مما أرى منه، إذ دخل الحاجب فقال: الموفق قد جاء.

وكان الموفق إذا دخل على أبي يقدمه حجابه وخاصة قواده، فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سماطين إلى أنْ يدخل ويخرج، فلم يزل أبي مقبلاً على أبي محمد حتى نظر إلى غلمان الخاصة فقال حينئذ: إذا شئت جعلت فداك، ثم قال لحجابه، خذوا به خلف السماطين لا يراه هذا ـ يعني الموفق ـ

فقام وقام أبي وعانقه ومضى، فلم أزل يومي ذلك متفكراً في أمره وأمر أبي وما رأيته منه حتى كان الليل، فلمّا صلى العتمة وجلس، جلست بين يديه وليس عنده أحد، فقال: يا أحمد ألك حاجة؟

قلت: نعم يا أبه، من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والتبجيل وفديته بنفسك وأبويك ؟

فقال: يا بني ذاك إمام الرافضة الحسن بن علي المعروف بابن الرضا، ثم سكت ساعة وانا ساكت، ثم قال يا بنيّ، لو زالت الإمامة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غيره لفضله وعفافه، وهديه وصيانته، وزهده وعبادته، وجميل اخلاقه وصلاحه، ولو رأيت أباه رأيت رجلاً جزلاً نبيلاً فاضلاً.

فازددت قلقاً وتفكراً وغيظاً على أبي، ولم تكن لي همة بعد ذلك إلاّ السؤال عن خبره، فما سألت أحداً من بني هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلاّ وجدته عنده في غاية الاجلال والاعظام والمحل الرفيع والتقديم له على جميع أهل بيته، فعظم قدره عندي، إذ لم اجد له ولياً ولا عدواً إلاّ وهو يحسن القول فيه والثناء عليه.

ولننتقل معاً إلى صورة أُخرى من الصورة التي تكشف لنا المقام الاجتماعي للإمام ينقلها لنا أحد خدامه ومن المرافقين له في الذهاب إلى دار الخلافة في كل اثنين وخميس، حسبما فرضت عليه الحكومة ذلك، فقد تحدث هذا الخادم عن مقام الإمام الاجتماعي وذكر صلاحه وأنه لم ير مثله أحد قط، ووصف مسير الإمام إلى دار الخلافة في كل يوم اثنين وخميس، وكيف يحضر من الناس شيءٌ عظيم وتزدحم الطرقات، بحيث لا يكون لاحد موضع يمشي ولا يدخل بينهم وتحصل ضجة كبيرة، وإذا جاء الإمام هدأت الضجة وسكن الناس وانفرج له الطريق ثم يدخل، وإذا أراد الخروج وصاح البوابون هاتوا دابة أبي محمد سكن صياح الناس حتى يركب ويمضي. إلى غير ذلك من الصور التي كشفت عن المقام الاجتماعي للإمام والتي ارعبت السلطات وسلبت النوم من عيونهم، فحاروا في أمرهم، وضاقت صدورهم ذرعاً وهم يرون هذا الالتفاف الجماهيري حول الإمام رغم الحصار والمضايقة، فلجأوا إلى استخدام العنف والقوة، فزجوا بالامام في ظلمات السجون على ما سيأتي بيانه.

5ـ الموقف العام للحكومة مع الإمام:

وبعد أن استعرضنا جانباً من حياته في العصر العباسي يتضح جلياً أن موقف الإمام تجاه تلك الحكومة هو الرفض والمخالفة، فإن نفس دعوة الإمام إلى الصلاح وانشغاله بتهذيب سلوك الأُمة واعادتها إلى السنة الحقيقية، التي جاء بها الرسول الاعظم صلّى الله عليه وآله وسلم، هي بذاتها تعد مخالفة صريحة للحكومة، بل تشكل خطراً كبيراً عليها، لأن في ذلك دعوة عملية إلى سائر ابناء الأُمة بالتخلي عن النهج الحكومي، المسُيء للمقدسات الإسلامية والبعيد كل البعد عن النهج القويم للشريعة المقدسة.

ولهذا فإن الخط العام للحكومة ـ وبالرغم من عدم حصولها على أي مستمسك ضد الإمام عليه السَّلام ـ هو الرقابة والحصار والمضايقة على الإمام العسكري عليه السَّلام ، بل إن تلك السياسة كانت متبعة مع جميع الأئمة عليهم السَّلام، وقد انتهج الخلفاء الذين جاءوا بعد المأمون العباسي سياسة دمج الإمام بحاشية البلاط العباسي، لتحصي عليه انفاسه وتسجل عليه كل صغيرة وكبيرة، وتحول بينه وبين قواعده الشعبية. وفي هذا المضمار نلاحظ أن الإمام العسكري عليه السَّلام كان محجوزاً في سامراء مسؤولاً عن الذهاب إلى بلاط الخلافة كل اثنين وخميس، كما ومنعت الحكومة من وصول أي مبلغ من المال إليه ولذا فإن الشيعة في ذلك الوقت كانوا يعطون ما يجب عليهم من الحقوق إلى أبي عمرو عثمان بن سعيد العمري، الذي كان يتجاهر ببيع السمن، فكان يجعل تلك الأموال في جراب السمن ويوصلها إلى الإمام سلام الله عليه.

هذا وسنتعرض إلى سياسة كل خليفة من الخلفاء الثلاثة الذين عايشهم الإمام في فترة توليه إمامة المسلمين، وهم: المعتز، والمهتدي، والمعتمد. وذلك بحسب ما يسعفنا به التأريخ من معلومات في اثناء هذه المقالة إن شاء الله.

وهناك نقطة ينبغي الاشارة إليها، وهي: إنه ومع ضعف الخلافة في ذلك الوقت بسبب سيطرة الاتراك وكثرة الحروب والشغب، فلماذا لم يقل الضغط على الإمام عليه السَّلام؟

والجواب على ذلك واضح، فإن التوجس من الإمام لم يكن مقتصراً على الخليفة وبطانته، بل كان هذا التوجس متمثلاً في خط اجتماعي عام لم يكن الخليفة إلاّ أحد أفراده وهذا الخط يضم كل من سيطر على الدولة من قواد اتراك وموالي وغيرهم، بل ويضم المنتفعين والمتملقين أيضاً، فكان أفراد هذا الخط يتعاونون ويتضامنون فيما بينهم ضد الخط العام المتمثل بقيادة الإمام عليه السَّلام ويحاولون بكل جد ابعاد الإمام وأصحابه عن المسرح السياسي والاجتماعي.

6ـ موقف الإمام من صاحب الزنج:

صاحب الزنج هو الرجل الذي ظهر في البصرة عام 255، وزعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السَّلام، ولم يكن كذلك على ما ذكره التاريخ فإن نسبه في عبد قيس وأمة أبنة علي بن رحيب بن محمد بن حكيم من بني أسد بن خزيمة من قرى الري .

أخذ يعيث في المجتمع فساداً، يقتل النساء والاطفال وغيرهم من الشيخ الفاني وغيره. إلى أن قتل في عام 270 هـ وقد ارتكز في ثورته على أمرين رئيسين: اولهما: دعواه بالانتساب إلى البيت العلوي والذي ساهم بشكل كبير في التفاف الجماهير حوله. وثانيهما: إن ثورته كانت ترتكز بشكل رئيسي على العبيد والفقراء والمستضعفين، أي الطبقة التي كانت تلاقي من مستخدميها ومالكيها ومن ضغط الدولة أنواع الذل والشقاء، ومن هنا سُمي صاحب الزنج أي قائد العبيد.

وقد اثار انتسابه إلى العلويين موجة من الاستغراب والتساؤل لدى أوساط الناس؛ بعد الاعمال المنكرة والفظائع التي مارسها انصاره، فكان طبيعياً للإمام عليه السَّلام أن يتصدى لبيان الحقيقة وخصوصاً عندما وجه السؤال له عن ذلك «...فاجاب: ـ ضمن كلام له ـ قائلاً: ((وصاحب الزنج ليس منا أهل البيت))، ولا يخفى ما في تأثير جواب الإمام عليه السَّلام على جمهور الناس الذي لولا جواب الإمام لاخذ يقول ما يشاء ويلوك العلويين بما هم منه براء.

ويرى البعض أن جواب الإمام هذا ليس صريحاً في كون صاحب الزنج دعياً كاذباً في انتسابه إليهم، لجواز أن يكون الإمام قد أراد أنه لم يكن منا في أعماله وتصرفاته، كما يحتمل أن يكون الإمام مكرهاً في جوابه من قبل الحاكمين وان ثورة صاحب الزنج واتباعه، كغيرها من الثورات العلوية التي تحدث بين الحين والآخر، للتخلص من الظلم والاضطهاد، وان ما نسب إليهم من الفضائع كان من صنع الحكام أنفسهم، والله أعلم بحقيقة الحال.

7ـ موقف الإمام تجاه أصحابه:

في خضّم تلك الظروف الصعبة التي كان يعيشها الإمام مع أصحابه ومحبيه، من حصار ومضايقه ومطاردة، نجد الإمام عليه السَّلام يقف مسانداً ومؤازراً لاصحابه من جميع النواحي: الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، ويمكن أن نشير إلى بعض الاعمال التي كان الإمام يقوم بها في هذا الصدد بما يلي:

1ـ محاولة رفع معنويات أصحابه عن طريق اخبارهم بالنجاة مما كان يقع عليهم من الحيف والسجن ونحوه وتحذيرهم من بعض ما يحصل من الفتن وغيرها، ولا يخفى ما في ذلك من طمأنة لقلوب هؤلاء وزيادة في إيمانهم خصوصاً عندما يرون أن ما اخبرهم به الإمام قد حصل فعلاً.

ومن ذلك ما رواه أبو هاشم الجعفري قال: شكوتُ إلى أبي محمد عليه السَّلام ضيق الحبس وثقل القيد فكتب إلي:(( تصلّي الظهر اليوم في منزلك)). فاخرجت في وقت الظهر، فصليت في منزلي كما قال عليه السلام.

ومن ذلك أيضاً موقفه عليه السَّلام تجاه جماعة من أصحابه كانوا رهن الاعتقال تحت اشراف صالح بن وصيف وهم: أبو هاشم الجعفري، وداود بن القاسم، والحسن بن محمد العقيقي، ومحمد بن إبراهيم العمري، وغيرهم فبينما هم فيه إذ يدخل عليهم الإمام ومعه اخوه جعفر، فيخف الجماعة لاستقباله والترحيب به، فيقول لهم ـ فيما يقول ـ: ((لولا أن فيكم من ليس منكم لاعلمتكم متى يُفرج عنكم)). ويومي إلى جمحي كان معهم في الحبس يدعي انه علوي ويأمره بالخروج فيخرج.

قال الراوي: فقال أبو محمد: ((هذا ليس منكم؛ فاحذروه فإن في ثيابه قصة قد كتبها إلى السلطان يخبره فيها بما تقولون فيه))، فقام بعضهم ففتش ثيابه فوجد القصة يذكرنا فيه بكل عظيمة ونلاحظ هنا أن الحكومة قد لاحقت أصحاب الإمام حتى وهم في المعتقل؛ فوضعت عليهم جاسوساً كان بارعاً في عمله، فادعى انه علوي حتى لا يتحرج الآخرون من التكلم أو أمامه. وهنا جاء دور الإمام عليه السَّلام المدافع والمحامي عن أصحابه، فكشف لهم حقيقته، ثم أخبرهم أن الرجل يحمل تقريراً عنهم يريد رفعه.

ومن ذلك ما كتبه إلى أحد أصحابه قبل موت المعتز بنحو عشرين يوماً: ((الزم بيتك حتى يحدث الحادث))، يعني بذلك موت المعتز. وكأنّه عليه السَّلام كان يرى عليه خطراً يحيط به لو أن الرجل خرج من منزله في حياة المعتز.

2ـ توجيه النصائح والارشادات التي تمثل حجر الزواية في تأجيج نار الايمان ونور الاخلاص، والتي تزرع روح التضيحة والفداء فيهم في وقت هم أحوج ما يكونون فيه إلى التضيحة والجهاد. وهذه النصائح والارشادات كانت مستمرة من كل إمام من ابائه تجاه أصحابه ومواليه، بالشكل الذي يتلاءم ومتطلبات ذلك العصر.

وفي عصر الإمام العسكري اشتد الضيق والحصار على الإمام وأصحابه، ولذا فقد سجل لنا التأريخ شكايات عديدة كانت توجه للإمام باعتباره القائد الروحي والموجه الاكبر الذي يرون فيه الناس شفاء جراحاتهم وتقليل آلامهم، فنجد أن شخصاً من أصحابه يشكو إليه الفقر، وبالطبع فإن منشأ ذلك واضح وهو عدم التملق ولا الرضوخ ولا الانطواء ولا الركون إلى احضان تلك الحكومة الجائرة، وإلاّ لتَوَفَّرَ عندهم المال ولتهنأوا بالعيش الرغد، لكن الإباء والنبل والصمود منعهم من ذلك، فحوصروا وطوردوا ولم يجدوا ملجأً ولا ملاذاً إلاّ الإمام سلام الله عليه، والذي كان يعينهم مالياً تارة ـ كما سيأتي ـ، ويوجههم فكرياً تارة أُخرى، لأجل تنمية روح الصبر والتضحية فيهم. فكان يقول لهذا المحتاج: ((الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا، والقتل معنا خير من الحياة مع عدونا ونحنُ كهف لمن التجأ إلينا، ونور لمن استصبر بنا، وعصمة لمن اعتصم بنا، من احبنا كان معنا في السنام الأعلى؛ ومن انحرف عنا فإلى النار)).

ومن ذلك أيضاً ما جاء في جوابه إلى بعض مواليه يسأله ان يعلمه دعاءً فكتب إليه ادعُ بهذا الدعاء ((يا أسمع السامعين، ويا أبصر المبصرين، ويا انظر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا ارحم الراحمين، ويا أحكم الحاكمين صلّ على محمد وآل محمد واوسع لي في رزقي، ومدّ لي في عمري، وامنن عليَّ برحمتك، واجعلني ممن تنتصر به لدينك، ولا تستبدل بي غيري)).

ثم إن الإمام يعطي المنهج الصحيح لابي هاشم الجعفري، والذي هو من خواص أصحابه، وذلك: أن ابا هاشم، وبعد أن رأى الإمام كتب هذا الدعاء قال في نفسه: اللهم اجعلني في حزبك وفي زمرتك، فاجابه الإمام عليه السَّلام:. ((أنت في حزبه وفي زمرته ان كنت بالله مؤمناً ولرسوله مصدقاً ولاوليائه عارفاً ولهم تابعاً فابشر ثم ابشر))

فهذه هي شروط السير على الخط الالهي المستقيم، الايمان بالله والتصديق لرسوله والمعرفة لأوليائه والأخذ بمنهجهم والسير خلفهم. هذه هي العقيدة الحقة التي توصل الإنسان في نهاية المطاف إلى ما يبغيه من الخلود في الجنة ونيل الرضا الالهي.

3ـ مساعدة أصحابه بالمدد المالي لاجل مصالحهم الشخصية أو العامة، فقد استطاع الإمام وبالرغم من الحصار الجائر أن يجمع مقداراً من المال ليصرفها في المصالح العامة واقامة مشاريع اجتماعية كبيرة، وذلك عن طريق اتخاذه نظام الوكلاء الذين كانوا يرسلون الأموال إليه من مختلف اصقاع العالم. وقد سمعنا فيما سبق كيف أن عثمان بن سعيد العمري كان يوصل الأموال إلى الإمام عن طريق وضعها في جواب السمن، وهكذا فقد كان الإمام يستلم كثيراً من الاموال بسرية تامة وبمنأى عن عيون الحكومة، فقد قبض من بعض الرسل أربعة الآف دينار ومن آخرين مائة وستون صرة من الذهب والفضة وغير ذلك من الموارد المالية التي استطاع من خلالها سد حاجات الكثير من الفقراء والمحتاجين؛ وصرف بعضها في المصالح العامة للمسلمين، ولذا نرى علي بن جعفر ـ وهو أحد وكلاء الإمام العسكري ـ كان ينفق النفقات العظيمة وكان الإمام يمضي نفقاته تلك وكان يمده بالمال أيضاً؛ فقد حج أبو طاهر بن بلال فنظر إلى علي بن جعفر وهو ينفق النفقات العظيمة، فلما انصرف كتب بذلك إلى أبي محمد عليه السَّلام، فوقّع في رقعته:(( قد كنا أمرنا له بمائة ألف دينار ثم أمرنا له بمثلها فأبى قبوله إبقاء علينا، ما للناس والدخول في أمرنا فيما لم ندخلهم فيه))، قال الراوي: ودخل على أبي الحسن العسكري عليه السَّلام فأمر له بثلاثين ألف دينار.

فيتضح من هذا ومن خلال ضخامة الأموال التي يعطيها الإمام ان عنده مشروعاً أو عدة مشاريع اجتماعية، هذا على المستوى العام. أما عطاياه ومساعداته المالية على مستوى الافراد فهي أكثر من أنْ تحصى:

فمنها: المئة دينار التي أرسلها إلى أبي هاشم الجعفري مرفقة بكتاب يقول عليه السَّلام فيه: ((إذا كانت لك حاجة فلا تستحِ ولا تحتشم واطلبها تأتيك على ما تحب إن شاء الله)).

ومنها: مائتي دينار اعطاها إلى علي بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي وقال له: ((اصرفها في ثمن جارية)).

ومنها: الخمسمائة درهم التي اعطاها لعلي بن إبراهيم والثلثمائة التي أعطاها لابنه محمد.

ومنها: سبيكة من الذهب تقدر بنحو خمسمائة دينار اعطاها الإمام عليه السَّلام لأبي هاشم الجعفري، إذ شكا إليه الحاجة، وقال: ((خذها يا أبا هاشم واعذرنا)).

إلى غير ذلك من المساعدات والعطايا التي كان ينفقها الإمام، والتي ساهمت في رفع بعض الضيق والمعاناة التي كان يعيشها المجتمع آنذاك، مضافاً إلى أنّ كثيراً من هذه العطايا كانت ممزوجة بدلالة وآية من آيات إمامته عليه السَّلام؛ فنلاحظ في الرواية الثانية مثلاً أن الإمام أعطى الاموال لزيد واخبره بأن جاريته قد ماتت وكان كما قال عليه السَّلام وفي الرواية الثالثة نلاحظ ان الإمام اعطى علي بن إبراهيم وولده ما كان يتمناه وقد تقدم نص الرواية في باب كرمه عليه السَّلام من شاء فليراجع. وكما نلاحظ في الرواية الأخيرة أن الإمام حك بسوطه الأرض فاخرج منها تلك السبيكة، وهكذا فإن المتتبع يجد الكثير من ذلك والذي ساهم في طمأنة قلوب أصحابه وايمان عدد كبير من الناس به.

كما لا يفوتنا هنا أن نشير إلى أن الأموال من مختلف اصقاع العالم إلى الإمام عليه السَّلام تدل على انتشار التشيع في ذلك الزمان، فلقد بلغ عدد الشيعة في بعض المناطق من ايران والكوفة وبغداد والمدائن ومصر واليمن والحجاز وحتى في سامراء عاصمة العباسيين عشرات الملايين تقريبا.

8ـ الإمام مع خلفاء عصره:

عاصر الإمام العسكري عليه السَّلام في سني امامته ثلاثة من خلفاء بني العباس وهم: المعتز، والمهتدي، والمعتمد. وقد ذاق منهم طعم الأمرين، فكانت سياسة هؤلاء الخلفاء في حقيقتها امتداداً للسياسة التي انتهجها المأمون العباسي مع الإمام الجواد وقام بتطبيقها المتوكل العباسي مع الإمام الهادي، وهي سياسة دمج الإمام بحاشية البلاط العباسي ومحاصرته والتضييق عليه، وتسجيل كل شاردة وواردة عليه وفصله عن قواعده الشعبية، وقد تقدم ذلك. ونحاول هنا أن نسجل بعض المواقف التي جرت بين الإمام وخلفاء عصره وبحسب ما يعيننا التأريخ:

أ ـ الإمام مع المعتز:

تسلم الإمام العسكري إمامة المسلمين في عام 254، وكان الحاكم الرسمي في ذلك الوقت المعتز العباسي الذي خلعه الاتراك في عام 255، أي إنّ الإمام العسكري عاش من سني امامته ما يقارب سنة واحدة فقط مع الخليفة المعتز.

وقد ورث المعتز من آبائه البغض والنصب لآل البيت عليهم السَّلام؛ فقد سجل لنا التأريخ إنّه عمد إلى اعتقال الإمام وإيداعه في السجن، وكان معه أبو هاشم الجعفري وعدة من الطالبيين؛، كما أن التأريخ سجل لنا موقفاً بغيضاً آخر للمعتز تجاه الإمام العسكري وهو: اصدار الامر إلى سعيد الحاجب بقتل الإمام بعيداً عن عيون الناس، قائلاً له: أخرج ابا محمد إلى الكوفة، ثم اضرب عنقه في الطريق.

ويظهر أن هذا الخبر قد تسرب إلى أصحاب الإمام عليه السَّلام والذي ادى إلى قلقهم على حياته، فاراد الإمام طمأنتهم ورفع معنوياتهم فجاءهم توقيعه يقول فيه:(( الذي سمعتموه تكفونه))،

قال الراوي: فخلع المعتز بعد ثلاث وقتل.

ومثل هذا التنبؤ نجد تنبؤاً آخر للإمام حول مقتل الخليفة المعتز العباسي وذلك عندما كتب إلى أحد أصحابه قبل موت المعتز بعشرين يوماً: ((الزم بيتك حتى يحدث الحادث)) فلما قتل بريحه كتب إليه: قد حدث الحادث؛ فما تأمرني؟ فكتب الإمام إليه: ((ليس هذا الحادث، هو الحادث الآخر))، قال الراوي: فكان من المعتز ما كان .

ويلاحظ على الروايتين الابهام والغموض في الإخبار وذلك تماشياً مع منهج الكتمان الذي سار عليه الإمام العسكري، واستطاع من خلاله استقطاب الكثير من الجماهير حوله، ومن دون أن يعطي الحكومة مستمكاً واحداً تتحجج به ضده.

هذا عمدة ما سجله لنا التاريخ من مواقف واحداث بين الإمام والخليفة المعتز العباسي والذي يكشف عن السياسة التعسفية التي كان ينتهجها المعتز مع الإمام عليه السَّلام.

ب ـ الإمام مع المهتدي:

وبعد أن خلع الاتراك المعتز العباسي عن الحكم، تسلم الدولة ابن عمه المهتدي بن الواثق وكان ذلك في آخر رجب سنة 255 هـ ، ولم يبق في الحكم إلا سنة واحدة حتى هجم عليه الاتراك وقتلوه وذلك في رجب من سنة 256 هـ.

وينقل التأريخ أن المهتدي كان متحنثاً متديناً يتشبه بعمر بن عبد العزيز وكان يواصل الصيام وكان يركع ويسجد إلى أنْ يدركه الصبح، وانه بنى قبة للمظالم جلس فيها للعام والخاص، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وحرّم الشراب ونهى عن القيان وأظهر العدل...،

لكن هذا العدل وهذا الحق الذي كان يسير عليه المهتدي هو حق مبتور ناقص وليس هو التطبيق الصحيح للإسلام؛ وقد يلاحظ هنا موقف الناس بجميع اصنافهم كان موقف الرفض والاستنكار لسياسة المهتدي هذه وذلك انطلاقاً من إحدى وجهتي نظر:

الأُولى: وجهة من يميل إلى اللهو والترف وحياة الدعة ويصعب عليه تطبيق الحق ويرى أن في سلك المهتدي ضيقاً عليه، وتمثل هذه الجهة غالبية الناس بما فيهم أكثر الوزراء والقواد والمنتفعين، يقول المسعودي: (فثقلت وطأته على العامة والخاصة، فاستطالوا خلافته، وسئموا أيامه، وعملوا الحيلة عليه حتى قتلوه).

الثانية: وجهة الإمام واصحابه الواعية للعدل الالهي، والتي تنظر إلى المهتدي على أساس انه رجل منحرف وغاصب للحق الأولي الذي يؤمنون به، كما ترى أن العدل الذي يحكم به في نظره ليس حول العدل الإسلامي الصحيح. فهو على كل حال رجل غير متوفرة فيه شرائط القاضي العادل، ولذا نلاحظه يتبع السياسة الماضية لآبائه في ملاحقة الإمام ومحاصرته وزجه في ظلمات السجون.

وقد تنبأ الإمام بمقتل الخليفة العباسي وهو في المعتقل؛ فقد ورد عن أبي هاشم الجعفري أنه قال: كنت محبوساً مع الحسن العسكري في حبس المهتدي بن الواثق، فقال لي: ((في هذه الليلة يبتر الله عمره))، فلما أصبحنا شغب الاتراك وقتل المهتدي وَوُلِّيَ المعتمد مكانه.

وهناك تنبؤ آخر للإمام عن موت المهتدي أسبق من ذلك التنبؤ بأيام، وذلك أن المهتدي بعد ان استفحل الأمر بينه وبين الموالي، عزم على استئصالهم وحلف قائلاً: لاجلينهم عن جديد الأرض، فخطر في ذهن بعض أصحاب الإمام أن انشغال المهتدي بذلك يصرفه عن ملاحقة الإمام وتهديده له، فكتب إلى الإمام: يا سيدي، الحمد لله الذي شغله عنك، فقد بلغني أنه يتهددك.

وحيث إنَّ الإمام كان عارفاً بالجو السياسي آنذاك فهو يرى بوضوح أن الموالي أقوى من المهتدي واكثر عدة وعدداً ومن ثم يكون تهديده لهم جناية من نفسه على نفسه.

فقد وقع الإمام بخطه قائلاً: ((ذاك أقصر لعمره))، ثم أخبر بما وراء الغيب فقال: ((عُدَّ من يومك هذا خمسة أيام ويقتل في اليوم السادس، بعد هوان واستخفاف يمر به))، فكان كما قال.

فقد هجم الاتراك على المهتدي فقاتلوه وحاججوه على سيرته وعزلوه وقتلوه، ولم ينصره أحد من الناس فقد جاء في التاريخ أنه وبعد انهزام جيشه، دخل إلى سامراء مستغيثاً بالعامة مستنصراً بالناس وهو ينادي: يا معشر المسلمين، أنا أمير المؤمنين قاتلوا عن خليفتكم ! فلم يجبه أحد من العامة إلى ذلك. وتفاصيل الهوان والاستخفاف الذي حل بالمهتدي مذكورة في الكامل والمروج وغيرها من شاء فليراجع.

هذا، ولم ينقل لنا التاريخ تفاصيل أُخرى عن مواقف الإمام مع الخليفة المهتدي والله أعلم بحقيقة الحال، وسيعلم الذين ظلموا آل بيت محمد أي منقلب ينقلبون.

جـ ـ الإمام مع المعتمد العباسي:

تقلد المعتمد العباسي خلافة الدولة بعد ابن اخيه المهتدي وذلك في سنة 256 هـ ، واستمر في الحكم مدة ثلاثة وعشرين عاماً، أي إلى حين وفاته وذلك في سنة 279 هـ.

وقد عاصر الإمام من عهده أربع سنوات، تعرض فيها إلى مختلف انواع الاضطهاد والمطاردة؛ فلقد كانت سياسة المعتمد امتداداً لسياسة الدولة السابقة من مراقبة الإمام ومحاصرته، فلقد زجه في المجلس والسجون اكثر من مرة كما يظهر من بعض الروايات. وقد تقدم في المقالات السابقة أن الإمام كان في سجن المعتمد عندما أصاب أهل سامراء قحطاً شديداً، وخرج المسلمون للاستقاء ثلاثاً فلم يسقوا، وخرج في اليوم الرابع النصارى، وكان فيهم راهب كلما مدّ يده إلى السماء هطلت بالمطر وهكذا خرجوا في اليوم التالي، فعجب الناس من ذلك وداخلهم الشك وصفا بعضهم إلى دين النصرانية، فعند ذلك أمر الخليفة المعتمد بإطلاق سراح الإمام من السجن، ليستنقذ الناس مما قد حل بهم. وقد تقدمت هذه الرواية في مقالة «من علوم الإمام ومعارفه» من شاء فليراجع.

كما ورد أن المعتمد أمر باعتقال الإمام عليه السَّلام مع أخيه جعفر، واوعز إلى مدير السجن علي بن جرين أن ينقل إليه اخباره، فكان عليٌ هذا يخبر المعتمد بأن الإمام يصوم النهار ويصلي الليل، فسأله يوماً من الأيام عن خبره، فأخبره بمثل ذلك، فقال له: امض الساعة إليه واقرأه عني السلام، وقل له انصرف إلى منزلك. فجاء علي بن جرين إلى باب الحبس فوجد الإمام متهيئاً قد لبس ثيابه وخفه، فادى إليه رسالة المعتمد، فنهض الإمام واعتلى جواده ثم وقف فانبرى السجان قائلاً:

ـ ما وقوفك يا سيدي؟

ـ ((حتى يجيء جعفر)).

ـ إنما أمرني باطلاقك دونه.

ـ ترجع إليه فتقول له :(( خرجنا من دار واحدة جميعاً فإذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك ما لا خفاء به عليك)).

ومضى السجان إلى المعتمد فاخبره بقول الإمام، فأمره باخلاء سبيله، وخرج الإمام عليه السَّلام من السجن.

وهكذا يتضح العداء السافر من الحكومة العباسية لمنهج الحق والعدالة المتمثل بشخصية الإمام عليه السَّلام، إذ إن شبح العدالة كان يطاردهم ويرعبهم لأنهم يعلمون بانحراف منهجهم عن القرآن الكريم والسنة النبوية المباركة، وأن وجود الإمام يشكل خطراً عليهم؛ لانه يدعو إلى الله وإلى الرسول وإلى تطبيق الشريعة السماوية المقدسة، فوقفوا منه ذلك الموقف الخبيث حتى رحل من هذه الدنيا مسموماً مظلوماً مضطهداً على ما يأتي في محله إن شاء الله

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية