الخصائص الكاظميّة (1)

الخصائص الكاظميّة (1)

عرّف بالإمام الكاظم عليه السلام الخطيبُ البغدادي في ( تاريخ بغداد 27:13 ـ ط السعادة بمصر )، فكتب يقول: موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، أبو الحسن الهاشمي. يُقال: إنّه وُلِد بالمدينة سنة ( 128 أو 129 هـ )، أقدْمَه المهدي العبّاسي إلى بغداد، ثمّ ردّه إلى المدينة فأقام بها إلى أيّام الرشيد، فقَدِم هارون منصرفاً من عمرة شهر رمضان سنة ( 179 هـ ) فحمل موسى معه إلى بغداد، وحبسه بها إلى أن تُوفّي في محبسه.
وكتب ابن الصبّاغ المالكي في ( الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة:222 ـ ط الغري ): كانت وفاة أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام لخمسٍ بقين من شهر رجب الفرد سنة ( 183 هـ ) وله من العمر خمسٌ وخمسون سنة، كان مُقامه منها مع أبيه ( الصادق ) عشرين سنة، وبقي بعد وفاة أبيه خمساً وثلاثين سنة، وهي مدّة إمامته عليه السلام.
وفي ( وسيلة النجاة:364 ـ ط گلشن فيض لكهنو ) كتب السهالوي الحنفي: رُوي عن ابن عكاشة الأسدي ما حاصله أنّه لمّا أراد الباقر عليه السلام تزويج ابنه جعفر الصادق عليه السلام، أمر بشراء حميدة وزوّجها عن ابنه جعفر وقال له: « ستَلِد لك غلاماً هو خيرُ أهل الأرض »، فوُلِد موسى عليه السلام.
ومن النصوص الدالّة على إمامة الكاظم موسى بن جعفر عليهما السلام ما رواه ابن الصبّاغ المالكي في ( الفصول المهمّة:213 ـ ط الغري ) عن عبدالأعلى عن الفيض بن المختار قال: قلت لأبي عبدالله جعفر الصادق: خُذْ بيدي مِن النار، مَن لنا بعدَك ؟ فدخل موسى الكاظم وهو يومئذ غلام، فقال الصادق: « هذا صاحبُكم فَتَمسّكْ به ».
ورُوي عن أبي نجران عن منصور بن حازم قال: قلت لجعفر الصادق رضي الله عنه: بأبي أنت وأمّي، إنّ الأنفس يُغدى عليها ويُراح، فإن كان ذلك فَمَن ؟ فقال: « إذا كان ذلك فهذا صاحبكم »، وضرب بيده على مَنكِب موسى الكاظم.
وفي التعريف بصفاته الطاهرة، كتب كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي في ( مطالب السَّؤوال في مناقب آل الرسول:83 ـ ط طهران ): أبو الحسن موسى بن جعفر الكاظم، هو الإمام الكبير القَدْر، العظيم الشأن، المجتهد الجادّ في الاجتهاد، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، المشهور بالكرامات، يبيت الليلَ ساجداً وقائماً، ويقطع النهارَ متصدّقاً وصائماً. ولفرط حِلمهِ وتجاوزه عن المعتدين عليه دُعِيَ « كاظماً »، كان يجازي المسيءَ بإحسانه، ويقابل الجاني بعفوه عنه. ولكثرة عبادته كان يُسمّى بـ « العبد الصالح »، ويُعرَف في العراق بـ « باب الحوائج إلى الله »؛ لنُجح مطالب المتوسّلين إلى الله تعالى به. كراماته تَحار منها العقول، وتقضي بأنّ له عند الله قَدَمَ صِدقٍ لا تَزِلُّ ولا تزول. ( إلى أن قال ابن طلحة الشافعي: ).
وكان له ألقابٌ كثيرة: الكاظم ـ وهو أشهرها ـ، والصابر والصالح والأمين. ( ثمّ ذكر بعض كراماته، بعد ذلك قال: ) فهذه الكراماتُ العالية الأقدار، الخارقة العوائد، هي على التحقيق جليّة المناقب، وزينة المزايا وغرر الصفات، ولا يُعطاها إلاّ مَن فاضت عليه العناية الربّانية، وأنوار التأييد، ومرّت له أخلاف التوفيق، وأزلفَتْه مَقامَ التقديس والتطهير، وما يُلقّاها إلا ذو حظٍّ عظيم.
أمّا المالكي ابن الصبّاغ، فقد كتب في ( الفصول المهمّة:219 ـ ط الغري ): كان موسى الكاظم عليه السلام أعبدَ أهل زمانه، وأعلمَهم وأسخاهم كفّاً، وأكرمَهم نفساً. وكان يتفقّد فقراء المدينة ويحمل إليهم الدراهم والدنانير إلى بيوتهم والنفقات وهم لا يعلمون من أيّ جهة وصَلَهم ذلك، ولم يعلموا بذلك إلاّ بعد وفاته عليه السلام.
وكتب محمّد خواجه پارساي البخاري في ( فصل الخطاب ـ على ما في: ينابيع المودّة لذوي القربى للشيخ سليمان القُندوزي الحنفي:382 ـ ط إسلامبول ): من أئمّة أهل البيت أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق رضي الله عنهما.. كان رضي الله عنه صالحاً عابداً، جواداً كريماً، حليماً، كبير القدر، كثير العلم.
كان يُدعى بـ « العبد الصالح »، وفي كلّ يومٍ يسجد لله سجدة طويلةً بعد ارتفاع الشمس إلى الزوال.
وعرّف به جمعٌ من علماء أهل السنّة غير مَن تقدّم، بعباراتٍ أخرى ومعانٍ عديدة، منهم: اليافعي الشافعي في ( مرآة الجنان 394:1 ـ ط حيدرآباد الدكن بالهند )، وابن حجر المكّي الشافعي في (_الصواعق المحرقة:121 ـ ط البابي بحلب )، والشبلنجي الشافعي في ( نور الأبصار بمناقب آل النبيّ المختار:203 ـ ط العثمانيّة بمصر )، وسبط ابن الجوزي الحنفي في ( تذكرة خواصّ الأمّة:357 ـ ط الغري )، والشيخ مصطفى رشدي الدمشقي في ( الروضة النديّة:11 ـ ط الخيريّة بمصر )، وعبدالرؤوف المناوي الشافعي في ( الكواكب الدريّة 172:1 ـ ط الأزهريّة بمصر ) وقد قال في الإمام الكاظم عليه السلام:
كان أعبدَ أهل زمانه، ومن أكابر العلماء الأسخياء.
كما أثنى عليه محمّد بن طولون في ( الشذورات الذهبيّة:89 ـ ط بيروت )، وابن الصبّان المالكي في ( إسعاف الراغبين ـ المطبوع بهامش: نور الأبصار:247 ـ ط العثمانية )، وغيرهم كثير عشرات، بل مئات.
ومن احتجاجاته ما رواه الشبراوي المصري الشافعي في ( الإتحاف بحبّ الأشرف:54 ـ ط مصر ): دخل موسى الكاظم على هارون الرشيد، فقال له هارون: لِمَ زعمتُم أنّكم أقربُ إلى رسول الله منّا ؟! فأجابه: « لو أنّ رسول الله حيٌّ فخطب إليك كريمتك، هل كنتَ تُجبيبُه ؟ »، قال هارون: سبحان الله! وكنتُ أفتخر بذلك على العرب والعجم، فقال: « لكنّه لا يخطب إليّ ولا أُزوِّجه؛ لأنّه وَلَدَنا ولم يَلِدْكم ».
وسأله هارون أيضاً: « لِمَ قلتُم: إنّا ذريّة رسول الله، وجوّزتُم للناس أن ينسبوكم إليه وأنتم بنو عليّ، وإنّما يُنسَب الرجل لأبيه ؟ فأجابه قائلاً: « أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: « ومِن ذُرّيّتِهِ داودَ وسليمانَ وأيّوبَ ويُوسُفَ وموسى وهارونَ، وكذلك نَجزي المحسنين * وزكريّا ويَحيى وعيسى وإلياس » [ الأنعام:84 ـ 85 ]، وليس لعيسى أب، وإنّما أُلحِق بذريّة الأنبياء مِن قِبَل أمّه؛ ولذلك أُلحِقنا بذريّة النبيّ مِن قِبل أمّنا فاطمة، قال تعالى: « فَمَن حاجَّك فيهِ مِن بَعدِ ما جاءَك مِن العلمِ فَقُلْ تَعالَوا نَدْعُ أبناءَنا وأبناءَكم ونساءَنا ونساءَكم وأنفُسَنا وأنفسَكم » [ آل عمران:61 ]، ولم يَدْعُ عليه السلام عند مباهلة النصارى غيرَ عليٍّ وفاطمة، والحسن والحسين وهما الأبناء ». ( رواه أيضاً: ابن حجر في: الصواعق المحرقة:121 ـ ط البابي، والقرماني في: أخبار الدول وآثار الأُوَل:123 ـ ط بغداد، والبدخشي في: مفتاح النجا في مناقب آل العبا:174 ـ من المخطوطة، والمناوي في: الكواكب الدريّة 172:1 ـ ط الأزهريّة بمصر ).

نقلاً من موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام