مِن الخصائصِ الفاطميّة.. كمالات وكرامات
بدء خَلقها عليها السّلام وولادتها
• عن الإمام الصّادق عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله خُلِق نورُ فاطمة قبل أن تُخلَقَ الأرض والسّماء.
فقال بعض النّاس: يا نبيَّ الله، فليست هي إنسيّة ؟ فقال: فاطمة حَوراءُ إنسيّة. فقالوا: يا نبيَّ الله، كيف هي حوراء إنسيّة ؟ فقال: خَلَقها الله عزّوجلّ من نوره قبل أن يخلقَ آدم إذ كانت الأرواح، فلمّا خَلَق اللهُ عزّوجلّ آدمَ عُرِضَت على آدم. قيل: يا نبيَّ الله، وأين كانت فاطمة ؟ قال: كانت في حُقّةٍ تحت ساق العرش. قالوا: يا نبيَّ الله، فما كان طعامها ؟
قال: التّسبيح والتّهليل والتّحميد فلمّا خلَقَ الله عزّوجلّ آدمَ وأخرجني من صُلبه أحبَّ الله عزّوجلّ أن يُخرجها من صلبي، جعَلَها تُفّاحةً في الجنّة وأتاني بها جبرئيلُ عليه السّلام فقال لي: السّلام عليك ورحمة الله وبركاته، يا محمّد، قلت: وعليك السّلام ورحمة الله حبيبي جبرئيل، فقال: يا محمّد، إنّ ربّك يُقرئك السّلام، قلت: منه السّلام، وإليه يعود السّلام، قال: يا محمّد، إنّ هذه تفّاحة أهداها الله عزّوجلّ إليك من الجنّة. فأخذتُها وضَمَمتُها إلى صدري. قال: يا محمّد، يقول الله جلّ جلاله: كُلْها. ففَلَقتُها فرأيت نوراً ساطعاً، ففَزِعتُ منه، فقال: يا محمّد، ما لَك لا تأكل! كُلْها ولا تَخَفْ؛ فإنّ ذلك النّور « المنصورة » في السّماء، وهي في الأرض « فاطمة ».. ( معاني الأخبار للشّيخ الصّدوق 396 ـ باب نوادر المعاني / ح 53 ).
• عن الإمام أبي عبدالله الصّادق عليه السّلام قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يُكثِر تقبيلَ فاطمة عليها السّلام، فأنكرَتْ ذلك عائشة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا عائشة، إنّي لمّا أُسرِيَ بي إلى السّماء دَخَلتُ الجنّة فأدناني جبرئيلُ مِن شجرةِ طُوبى وناوَلَني من ثمارها فأكَلتُه، فحوّل اللهُ ذلك ماءً في ظَهري، فلمّا هَبَطتُ إلى الأرض واقَعتُ خديجة فحمَلَت بفاطمة، فما قبّلتُها قطُّ إلاّ وَجَدتُ شجرة طُوبى منها. ( بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 6:43 / ح 6 ـ عن تفسير القمّي ).
• روى الهيثميّ عن الطَّبراني، بإسناده عن عائشة قالت: كنتُ أرى رسول الله صلّى الله عليه وآله يُقبِّل فاطمة، فقلت: يا رسول الله، إنّي كنتُ أراكَ تفعل شيئاً ما كنتُ أراكَ تفعلهِ مِن قبل، قال لي: يا حُمَيراء، إنّه لمّا كان ليلة أُسرِي بي إلى السماء أُدخِلتُ الجنّة، فوَقَفتُ على شجرةٍ من شجر الجنّة، لم أرَ في الجنّة شجرةً أحسنَ منها ولا أبيضَ منها ورقةً ولا أطيبَ منها ثمرةً، فتناولتُ ثمرةً من ثمرتها فأكلتها فصارت ماءً في صُلبي، فلمّا هَبَطتُ إلى الأرض واقَعتُ خديجة فحمَلَت بفاطمة، فإذا أنا اشتَقتُ إلى رائحة الجنّة شَمَمتُ ريح فاطمة. يا حُميراء، إنّ فاطمة ليست كنساء الآدميّين، ولا تعتلّ كما تعتلّون. ( مجمع الزّوائد للهيثمي 202:9. ورواه: الخوارزميّ في مقتل الحسين عليه السّلام 64:1، والسّيوطيّ في الدرّ المنثور في ظلّ الآية المباركة: سبحان الّذي أسرى بعبده ليلاً.. . وما يقرب منه رواه: محبُّ الدّين الطّبري في ذخائر العقبى 36،44 ).
• عن المفضّل بن عمر، قلت لأبي عبدالله الصّادق عليه السّلام: كيف كان ولادة فاطمة عليها السّلام ؟ فقال: نَعَم، إنّ خديجة رضي الله عنها لمّا تزوّج بها رسول الله صلّى الله عليه وآله هجَرَتْها نساءُ مكّة، فكُنّ لا يَدخُلنَ عليها ولا يُسلّمنَ عليها، ولا يَترُكنَ امرأةً تدخل عليها.. فاستَوحشَتْ خديجةُ لذلك، وكان جَزَعها وغَمّها حَذَراً عليه صلّى الله عليه وآله.
فلمّا حملت بفاطمة عليها السّلام صارت تُحدّثها في بطنها وتُصبّرها، وكانت خديجة تكتم ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وآله.. فدخل يوماً وسمع خديجة تُحدّث فاطمة، فقال لها: يا خديجة، مَن يُحدّثُكِ ؟ قالت: الجنينُ الّذي في بطني يحدّثني ويُؤنسني. فقال لها: هذا جبرئيل يُبشّرني أنّها أُنثى، وأنّها النَّسَمةُ الطّاهرة الميمونة، وأنّ الله تبارك وتعالى سيجعل نَسلي منها، وسيجعل من نسلها أئمّة في الأمّة، يجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه.
فلم تَزَل خديجة رضي الله عنها على ذلك إلى أن حَضَرَت ولادتها، فوَجَّهَت إلى نساء قريشٍ ونساء بني هاشم يَجِئْنَ ويَلِينَ منها ما تَلي النّساءُ من النّساء، فأرسَلنَ إليها: عَصَيْتينا ولم تَقبَلي قولَنا، وتَزوّجتِ محمّداً يتيمَ أبي طالب فقيراً لا مالَ له! فلسنا نجيء ولا نَلي من أمرِك شيئاً. فاغتَمَّت خديجة لذلك.
فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربَعُ نِسوةٍ طِوالٍ كأنّهنّ من نساء بني هاشم، ففَزِعَت منهن، فقالت لها إحداهُنّ: لا تحزني يا خديجة؛ فإنّا رُسُل ربِّك إليك، ونحن أخَواتُكِ: أنا سارة، وهذه آسية بنت مُزاحم ـ وهي رفيقتكِ في الجنّة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه صفراء بنت شُعَيب، بَعثَنا اللهُ تعالى إليكِ لِنَليَ من أمرِك ما تلي النّساء من النّساء.
فجَلَسَت واحدة عن يمينها، والأُخرى عن يسارها، والثالثة من بين يَدَيها، والرابعة من خلفها، فوَضَعَت خديجةُ فاطمةَ عليها السّلام طاهرةً مُطهَّرة، فلمّا سَقَطَت إلى الأرض أشرق منها النّور حتّى دخل بيوتاتِ مكّة، ولم يَبقَ في شرق الأرض ولا غربها موضعٌ إلاّ أشرق فيه ذلك النّور، فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغَسَلَتها بماء الكوثر، وأخرَجَت خِرقَتَينِ بيَضاوَينِ أشدَّ بياضاً من اللبن وأطيب رائحةً من المسك والعنبر، فلَفَّتْها بواحدة وقَنَّعتْها بالأخرى، ثمّ استَنطَقَتها فنَطَقَت فاطمةُ عليها السّلام بشهادة أن: لا إله إلاّ الله، وأنّ أبي رسولَ الله صلّى الله عليه وآله سيّدُ الأنبياء، وأنّ بَعْلي سيّد الأوصياء، وأنّ وَلَدي سيّد الأسباط. ثمّ سَلَّمَت عليهنّ وسَمَّت كلَّ واحدةٍ منهنّ باسمها، وضَحِكنَ إليها، وتباشَرَت الحورُ العين، وبَشَّر أهلُ الجنّة بعضُهم بعضاً بولادة فاطمة عليها السّلام، وحدَثَ في السّماء نورٌ زاهر لم تَرَه الملائكة قبلَ ذلك اليوم، فلذلك سُمّيتِ « الزهراء » عليها السّلام.. ( بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 80:16 ـ 81 / ح 20 ـ عن العُدد وذخائر العقبى 44. ومناقب آل أبي طالب 388:3 ـ طبعة دار الأضواء. والخرائج والجرائح لقطب الدّين الرّاوندي 524:2 ـ 525 / ح 1 ـ وعنه: الإيقاظ من الهجعة للحرّ العامليّ 148 / ح 47 و 48. وجاء في أمالي الصّدوق 475 / ح 1، ودلائل الإمامة للطّبري الإمامي 8، وروضة الواعظين للفتّال النّيسابوري 173، ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 118:3، والثّاقب في المناقب 250 ـ من المخطوطة، ونزهة المجالس للصّفوري الشّافعي 227:2.. وغيرهم ).
• ذكر الشّيخ عز الدّين عبدالسّلام الشّافعي في رسالةٍ له حول مدح الخلفاء: أنّه لمّا حَمَلَت خديجة بفاطمة كانت تكلّمها ما في بطنها، وكانت تكتمها عن النبيّ صلّى الله عليه وآله.. فدخل عليها يوماً ووجدها تتكلّم وليس معها غيرها، فسألها عمّن كانت تخاطبه، فقالت: مع ما في بطني، فإنّه يتكلّم معي، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: أبشِري يا خديجة، هذه بِنتٌ جعلها اللهُ أمَّ أحدَ عَشَرَ من خلفائي، يخرجون بعدي وبعد أبيهم. ( إحقاق الحقّ لنور الله السيّد القاضي التّستريّ الشّهيد 12:10).
تسميتها سلام الله عليها
• روى المتّقي الهندي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: إنّما سُمِّيَت « فاطمة »؛ لأنّ الله فَطَمَها ومُحبّيها عن النّار.
قال: أخرجه الدّيلمي عن أبي هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، وابنُ الأثير في النّهاية في مادّة ( بتل )، قال: سُمِّيت « فاطمة البتول » لانقطاعها عن نساء زمانها فضلاً ودِيناً وحَسَباً، وقيل: لانقطاعها عن الدّنيا إلى الله تعالى. وقال عُبيد الهَرَويّ في الغَريبَين: سُمّيت فاطمة « بَتُولاً »؛ لأنّها بُتلَت عن النّظير. ( كنز العمّال للمتّقيّ الهنديّ 219:6 ).
• عن المحبّ الطّبري: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنّ الله عزّوجلّ فطم ابنتي ووُلْدَها ومَن أحبهم من النّار؛ فلذلك سُمّيتْ « فاطمة ». ( ذخائر العقبى للمحبّ الطبري 26 ).
• عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: لَمّا وُلِدَت فاطمة عليها السّلام أوحى الله عزّوجلّ إلى مَلَكٍ فأنطَقَ به لسانَ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله فسمّاها « فاطمة »، ثمّ قال: إنّي فَطَمتُكِ بالعِلم، وفَطَمتُكِ من الطَّمْث.. ( الكافي للكلينيّ 382:1 / ح 6 ـ باب مولد الزّهراء فاطمة عليها السّلام ).
• عن سلمان الفارسيّ رحمه الله قال: كنتُ جالساً عند النبيّ صلّى الله عليه وآله في المسجد إذ دخل العبّاس بن عبدالمطّلب، فسلّم فردّ النبيّ صلّى الله عليه وآله عليه ورحّب به، فقال: يا رسول الله، بما فضّل الله علينا أهلَ البيت عليَّ بن أبي طالب والمَعادِنُ واحدة ؟ فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: إذَنْ أُخبِرك يا عَمّ.. إنّ الله خَلَقني وخلَقَ عليّاً ولا سماءَ ولا أرضَ ولا جنّة ولا نار ولا لوح ولا قلم، فلمّا أراد الله عزّوجلّ بدوَ خَلْقِنا تكلّم بكلمةٍ فكانت نوراً، ثمّ تكلّم كلمةً ثانية فكانت رُوحاً، فمَزَج فيما بينهما واعتدلا، فخَلَقني وعليّاً منهما، ثمّ فتق من نوري نورَ العرش، فأنا أجَلُّ من العرش، ثمّ فَتَق مِن نور عليٍّ نورَ السّماوات، فعليٌّ أجلُّ من السّماوات، ثمّ فتق من نور الحسن نور الشّمس، ومن نور الحسين نور القمر، فهُما أجلُّ من الشّمس والقمر، وكانت الملائكة تسبّح اللهَ تعالى وتقول في تسبيحها: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ من أنوارٍ ما أكرمَها على الله تعالى!
فلما أراد اللهُ تعالى أن يَبلُوَ الملائكة أرسَل عليهم سَحاباً من ظُلْمة، وكانت الملائكة لا تنظر أوّلَها من آخِرِها ولا آخِرَها من أوّلها، فقالت الملائكة: إلهَنا وسيّدَنا، منذُ خلَقْتَنا ما رأينا مِثلَ ما نحن فيه، فنسألك بحقّ هذه الأنوار إلاّ ما كشفتَ عنا. فقال الله عزّوجلّ: وعِزّتي وجلالي، لأفعَلَنّ.
فخَلَق نورَ فاطمة الزّهراء عليها السّلام يومئذٍ كالقِنديل، وعَلَّقه في قُرط العرش، فزَهَرَت السّماوات السّبع والأرضون السّبع، مِن أجل ذلك سُمّيتْ فاطمة « الزّهراء ». وكانت الملائكة تسبّح الله وتقدّسه، فقال الله: وعزّتي وجلالي، لأجعَلَنّ ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبّي هذه المرأة وأبيها وبعلها وبنيها.
قال سلمان: فخرج العبّاس فلَقِيَه عليُّ بن أبي طالب عليه السّلام، فضمّه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه، وقال: بأبي عِترةَ المصطفى مِن أهل بيتٍ ما أكرمَكُم على الله تعالى! ( بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 17:43 / ح 16 ـ عن إرشاد القلوب للديلميّ. وقريب منه: الفضائل لابن شاذان 135 ـ 136، والرّوضة من الكافي للكلينيّ 18 ).
• سُئل الإمام الصّادق عليه السّلام: لِمَ سُمِّيَت « زهراء » ؟ فقال: لأنّها كانت إذا قامَت في محرابها زَهَر نورُها لأهل السّماء كما يَزهر نور الكواكب لأهل الأرض. ( بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 12:43 ـ 13 / ح 6 ـ عن: معاني الأخبار وعلل الشّرائع وكلاهما للشّيخ الصّدوق ).
• عن أبي هاشم الجعفري قال: سألتُ صاحبَ العسكر ( الإمام الحسن العسكري عليه السّلام ): لِمَ سُمِّيَت فاطمة « الزّهراء » عليها السّلام ؟ فقال: كان وجهها يَزهر لأمير المؤمنين عليه السّلام من أوّل النّهار كالشّمس الضّاحية، وعند الزوال كالقمر المنير، وعند غروب الشّمس كالكوكب الدّرّي. ( بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 16:43 / ح 14 ـ عن: مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ).
• عن أبان بن تَغلِب قال: قلتُ لأبي عبدالله ( الصّادق ) عليه السّلام: يا ابن رسول الله، لِمَ سُمِّيت « الزّهراء » زهراء ؟ فقال: لأنّها تزهر لأمير المؤمنين عليه السّلام في النّهار ثلاث مرّات بالنّور، كان يزهر نور وجهها صلاة الغداةِ والنّاس في فراشهم، فيدخل بياضُ ذلك النّور إلى حُجُراتهم بالمدينة فتَبَيضُّ حِيطانُهم، فيعجبون من ذلك فيأتون النبيَّ صلّى الله عليه وآله فيسألونه عمّا رأوا، فيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها السّلام، فيأتون منزلها فيَرَونها قاعدةً في محرابها تصلّي والنورُ يسطع من محرابها من وجهها، فيعلمون أنّ الّذي رأوه كان من نور فاطمة.
فإذا انتَصَف النّهارُ وتَرتّبَت للصّلاة زَهَر نور وجهها عليها السّلام بالصُّفرة، فتدخل الصُّفرةُ في حُجُرات النّاس فتَصفَرّ ثيابهم وألوانهم، فيأتون النبيَّ صلّى الله عليه وآله فيسألونه عمّا رأوا، فيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها السّلام فيرونها قائمةً في محرابها وقد زَهَر نور وجهها ( صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ) بالصُّفرة، فيعلمون أنّ الّذي رأوا كان من نور وجهها.
فإذا كان آخر النّهار وغَرَبَت الشّمس احمَرَّ وجه فاطمة فأشرق وجهها بالحُمرة فرحاً وشكراً لله عزّوجلّ، فكان تدخل حُمرةُ وجهها حُجُراتِ القوم وتَحمرّ حيطانُهم، فيعجبون من ذلك ويأتون النبيَّ صلّى الله عليه وآله فيسألونه عمّا رأوا، فيرسله إلى منزل فاطمة عليها السّلام فيرونها جالسةً تسبّح اللهَ وتمجّده ونورُ وجهها يزهر بالحمرة، فيعلمون أنّ الّذي رأوا كان من نور وجه فاطمة عليها السّلام، فلم يَزَل ذلك النّور في وجهها حتّى وُلِد الحسين عليه السّلام، فهو يَتَقلّب في وجوهنا إلى يوم القيامة في الأئمّة منّا أهلَ البيت.. إمامٌ بعد إمام. ( بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 11:43 / ح 2 ـ عن علل الشّرائع للشّيخ الصّدوق ).
• في حديث للإمام الصّادق عليه السّلام: سُمِّيَت « الزّهراء »؛ لأنّ نورها اشتُقّ من نور عظمة الله سبحانه، ولمّا أشرق نورها غَشِيَ أبصارَ الملائكة، فخَرُّوا إلى الله سُجّداً وقالوا: إلهَنا وسيّدنا، ما هذا النور ؟! فأوحى إليهم: هذا نورٌ من نوري أسكنتُه في سمائي وأُخرجه من صُلْبِ نبيٍّ من أنبيائي أفضّله على جميع الأنبياء، وأُخرج من ذلك النّور أئمّةً يقومون بأمري ويَهدُون إلى حقّي، أجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي. ( المحتضر للحسن بن سليمان 133 ـ طبعة النجف الأشرف ).
• ضمن تفسيره للآية المباركة: إنّا أعطَيناك الكوثر .. قال الفخرالرازي: والقول الثالث: الكوثر أولاده صلّى الله عليه وآله، قالوا: لأنّ هذه السّورة إنّما نَزَلَت ردّاً على مَن عابه عليه السّلام بعدم الأولاد، فالمعنى أنّه تعالى يُعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزّمان. فانظُرْ كم قُتل من أهل البيت ثمّ العالَمُ ممتلئ منهم، ولم يَبقَ مِن بني أُميّة في الدّنيا أحدٌ يُعبأ به! ثمّ انظُرْ كم كان فيهم ( أي من أولاد النبيّ صلّى الله عليه وآله ) من الأكابر من العلماء.. كالباقر والصّادق والكاظم والرّضا عليهم السّلام والنّفس الزّكيّة وأمثاله. ( التفسير الكبير للفخر الرّازي 124:32 ).
• وقال الآلوسي في ظل الآية الكريمة: إنّ شانِئَكَ هو الأبتر : الأبتر الّذي لا عَقِب له، حيث لا يبقى منه نَسلٌ ولا حُسْن ذِكر، وأمّا أنت فتبقى ذريّتُك.. دلالة على أنّ أولاد البنات من الذّريّة. ( روح المعاني للآلوسيّ 247:30 ).
• وقال السيّد محمّد حسين الطّباطبائي: إن كثرة ذريّته صلّى الله عليه وآله هي المرادةُ وحدَها بـ « الكوثر » الّذي أعطاه النبيَّ صلّى الله عليه وآله، أو المراد بها الخير الكثير، وكثرة الذّريّة مرادةٌ في ضمن الخير الكثير، ولولا ذلك لكان تحقيق الكلام بقوله: « إنّ شانئَك هوَ الأبتر » خالياً عن الفائدة.
وقد استفاضت الروايات أنّ السّورة إنّما نزلت فيمن عاب النبيَّ صلّى الله عليه وآله بالأبتر بعدما مات ابنُه القاسم وعبدالله... وبالجملة لا تخلو الآية من دلالةٍ على أنّ وُلْد فاطمة عليها السّلام ذريّتُه صلّى الله عليه وآله.. ( الميزان في تفسير القرآن للسيّد محمّد حسين الطّباطبائي 370:20 ـ 371 ).
وقد اشتهر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله بأنّ ذريّةَ كلِّ نبيٍّ من صُلْبه، وأنّ ذريّته هو صلّى الله عليه وآله من صُلْب عليٍّ ونسل ابنته فاطمة صلوات الله عليهما، كما كان عيسى عليه السّلام من ذريّة الأنبياء عن طريق أمّه مريم صلوات الله عليها.
في احتجاجٍ جرى بين هارون العباسيّ والإمام موسى الكاظم عليه السّلام.. سأل هارون مُحتَجّاً ومُستنكراً: كيف قلتم: إنّا ذريّة النبيّ، والنبيّ لم يُعقِب، وإنّما العَقِب للذكر لا للأُنثى، وأنتم وُلْد الابنة، ولا يكون لها عقب ؟! فأجابه الإمام الكاظم سلام الله عليه قائلاً: أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم، بسم الله الرحمن الرّحيم: ومِن ذرّيّتِهِ داودَ وسليمانَ وأيُّوبَ ويُوسُفَ ومُوسى وهارونَ، وكذلك نَجزي المحسنين * وزكريّا ويَحيى وعيسى.. ، مَن أبو عيسى ؟ فقال هارون: ليس لعيسى أب، فقال عليه السّلام: إنّما ألحقناه بذراري الأنبياء عليهم السّلام من طريق مريم عليها السّلام، وكذلك أُلحِقْنا بذراري النبيّ صلّى الله عليه وآله مِن قِبَلِ أُمّنا فاطمة عليها السّلام.. ( الاحتجاج لأبي منصور أحمد بن علي الطبرسي 391 ـ 392، عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 127:48 ـ 129).
• عن الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام قال: إنّما سُمِّيت فاطمة « مُحدَّثة ؛ لأنّ الملائكة كانت تهبط من السّماء فتناديها كما تنادي مريمَ بنتَ عمران، فتقول: يا فاطمة، إنّ الله اصطفاكِ وطهّرَكِ واصطفاكِ على نساء العالمين، يا فاطمة اقنُتي لربِّكِ واسجُدي واركعي مع الراكعين. فتُحدّثهم ويُحدّثونها، فقالت لهم ذاتَ يوم: ألَيست المفضّلة على نساء العالمين مريم بنت عِمران ؟ فقالوا: إنّ مريم كانت سيّدة نساء عالَمِها، وإنّ الله عزّوجلّ جَعلَكِ سيّدةَ نساء عالَمِكِ وعالَمِها، وسيّدةَ نساء الأوّلين والآخِرين. ( بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 78:43 / ح 65 ـ عن علل الشرائع للشّيخ الصّدوق. ودلائل الإمامة للطّبري الإماميّ مثله. وفي بعض الأخبار: هل تحدّث الملائكةُ غيرَ الأنبياء ؟ والجواب: إنّ مريم لم تكن نبيّة وكات مُحدَّثة، وأمّ موسى بن عمران كانت محدَّثة ولم تكن نبيّة، وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشّروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ولم تكن نبيّة، وفاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله كانت مُحدَّثةً ولم تكن نبيّة. بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 79:43 / ح 66 ـ عن علل الشرائع للشّيخ الصّدوق. وأورده ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 384:3 ).
• روى محبّ الدين الطّبري ( من علماء أهل السّنة ) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال للإمام عليٍّ عليه السّلام: أُتيتَ ثلاثاً لم يُؤْتَهُنّ أحدٌ ولا أنا!: أُوتيتَ صِهْراً مِثْلي ولم أوتَ أنا مِثْلي، وأُوتيتَ زوجةً صدّيقةً مِثلَ ابنتي ولم أُوتَ مِثلَها زوجة، وأُوتيتَ الحسنَ والحسين مِن صُلبِك ولم أُوتَ مِن صُلبي مِثلَهما، ولكنّكم منّي وأنا منكم. ( الرّياض النّضرة لمحبّ الدّين الطّبري 202:2 ـ عنه: الغدير للأمينيّ 305:2 ).
• روى الشّيخ المجلسيّ عن عليّ بن جعفر عن أخيه الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر ( الكاظم ) عليه السّلام أنّه قال: إنّ فاطمة عليها السّلام صدّيقة شهيدة.
قال المجلسيّ: الصدّيقة ـ فِعّيلة ـ للمبالغة في الصِّدق والتّصديق، أي كانت كثيرةَ التّصديق لِما جاء به أبوها صلّى الله عليه وآله، وكانت صادقةً في جميع أقوالها، مُصدِّقةً أقوالَها بأفعالها، وهي معنى العصمة، ولا ريبَ في عصمتها صلوات الله عليها؛ لدخولها في الذّين نَزَلَت فيهم آية التّطهير بإجماع الخاصّة والعامّة، والرّوايات المتواترة من الجانبين. ( مرآة العقول للشّيخ المجلسيّ 315:5 ).
• روى ابن عبدالبرّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لها: يا بُنيّة، أما تَرضِينَ أنّكِ سيدةُ نساء العالمين ؟! قالت: يا أبتِ فأين مريم بنت عمران ؟ قال: تلك سيّدة نساء عالمها، وأنتِ سيدةُ نساء عالمك،.. ( الاستيعاب لابن عبدالبر ـ من علماء أهل السنّة ـ 750:2 ).
• روى البخاري في صحيحه: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
ـ أما تَرضين أن تكوني سيدةَ نساء الجنّة أو نساء المؤمنين ؟!
ـ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة. ( صحيح البخاري 204:4 و 20:5 ).
• عن عائشة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال وهو في مرضه الّذي تُوفّي فيه: يا فاطمة، ألا تَرضين أن تكوني سيّدةَ نساء العالمين، وسيّدةَ نساء هذه الأُمّة، وسيّدةَ نساء المؤمنين ؟! ( المستدرك على الصّحيحين للحاكم النّيسابوري ـ من علماء أهل السنّة ـ 156:3 ).
ـ قال ابن أبي الحديد: أكرم رسولُ الله صلّى الله عليه وآله ( فاطمة عليها السّلام ) إكراماً عظيماً أكثر ممّا كان النّاس يظنّونه، وأكثر من إكرام الرّجال لبناتهم، حتّى خرج بها عن حدّ حبّ الآباء للأولاد، فقال بمحضر الخاصّ والعامّ مراراً لا مرّةً واحدة، وفي مقاماتٍ مختلفة لا في مقامٍ واحد، إنّها سيّدة نساء العالمين... وهذا من الأحاديث الصّحيحة. ( شرح نهج البلاغة 193:9 ).
ـ وقال شهاب الدّين الآلوسي: عن ابن عبّاس، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: « أربَعُ نِسوةٍ ساداتُ عالَمِهنّ: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد، وأفضلهنّ عالماً فاطمة ». والذي أميل إليه أنّ فاطمة البتول أفضل النساء المتقدّمات والمتأخّرات مِن حيث أنّها بضعة رسول الله صلّى الله عليه وآله، بل ومن حيثيّات أُخَر أيضاً.. ( تفسير روح المعاني 155:3 ).
ـ وقال السيّد شرف الدين: تفضيلها على مريم عليها السّلام أمرٌ مفروغ عنه عند أئمّة العترة الطاهرة وأوليائهم من الإماميّة وغيره، وصرّح بأفضليّتها على سائر النّساء حتّى السيّدة مريم كثيرٌ من محقّقي أهل السنّة والجماعة: كالتقيّ السُّبكي، والجلال السّيوطي، والبدر، والزّركشي، والتقيّ المقريزي، وابن أبي داود، والمناوي فيما نقله عن النّبهاني في ( فضائل الزّهراء ص 59 ـ من كتابه الشّرف المؤبّد )، وهذا هو الّذي صرّح به السيّد أحمد زيني دحلان مفتي الشّافعيّة ونقله عن عدّة من أعلامهم، وذلك حيث أورد تزويج فاطمة بعليّ في السّيرة النبوية. ( هامش النّص والاجتهاد 114 ـ المورد 8 ).
فاطمة في كتاب الله العزيز
• في ظل قول الله تبارك وتعالى: إهْدِنا الصِّراطَ المستقيم ( سورة الحمد:6 ).. عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: إنّ الله جعَلَ عليّاً وزوجته وأبناءه حُجَجَ الله على خلقه، وهُم أبواب العلم من أُمّتي، مَن اهتدى بهم هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيم. ( شواهد التّنزيل للعالم السنّي الحافظ الحسكاني الحنفي 58:1 ـ 59 ).
• في ظل قول الله جلّ جلاله: فتلقّى آدمُ مِن ربِّهِ كلماتٍ فتابَ عليه.. ( سورة البقرة:37 ).. أخرج ابن النجّار عن ابن عبّاس قال: سألت رسولَ الله صلّى الله عليه وآله عن الكلمات الّتي تلقّاها آدمُ مِن ربّه فتاب عليه، قال: سأل بحقِّ محمّدٍ وعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تُبتَ علَيّ، فتاب عليه. ( الدّرّ المنثور للمفسّر السنّي السّيوطي 147:1 ـ ط بيروت ).
• في ظلّ قول الله عزّوجلّ: فَقُلْ تعالَوا نَدْعُ أبناءَنا وأبناءَكُم ونساءَنا ونساءَكُم وأنفُسَنا وأنفُسَكُم ثمّ نَبتَهِلْ فنَجعلْ لعنةَ اللهِ على الكاذبين ( سورة آل عمران:61).. عن أبي سعيد الخدري قال: لمّا نزلت هذه الآية دعا رسولُ الله صلّى الله عليه وآله عليّاً وفاطمة وحَسَناً وحُسيناً وقال: اللهمّ هؤلاءِ أهلي. ( ذخائر العقبى لمحبّ الدين الطّبري 25 ـ 24. شواهد التّنزيل للحسكاني الحنفي 312:1. أخرجه مسلم والتّرمذي. الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصبّاغ المالكي 109. المستدرك على الصّحيحين للحاكم النّيسابوري 150:3. وجاء في ينابيع المودّة للشّيخ سليمان القندوزي الحنفي ص 244 ـ طبعة إسلامبول أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: لو عَلِم اللهُ تعالى أنّ في الأرض عباداً أكرمَ من عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين لأمرني أن أُباهل بهم، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء، وهم أفضل الخلق، فغلبتُ بهم النّصارى ).
• في ظلّ قول الله عزّ شأنه: ألَمْ تَرَ كيف ضرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طيّبةً كشَجَرةٍ طَيِّبةٍ.. ( سورة إبراهيم:24 ).. رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله: أنا شجرة، وفاطمة فرعها، وعليٌّ لِقاحُها، وحسن وحسين ثمرها، ومُحبّوهم مِن أُمّتي أوراقها. ثمّ قال: هم في جنّة عدنٍ والّذي بعثني بالحقّ. ( شواهد التّنزيل للحسكاني الحنفي 313:1 ).
• في ظلّ قول الله عزّ مِن قائل: أُولئك الذينَ يَدْعُونَ يَبتغونَ إلى ربِّهمُ الوسيلة.. ( سورة الإسراء:57 ).. روى الحسكاني عن عكرمة: همُ النبيّ وعليّ وفاطمة والحسن والحسين. ( شواهد التّنزيل 342:1 ).
• في ظلّ قوله جلّ وعلا: إنّي جَزَيتُهمُ اليومَ بِما صَبَروا أنّهم همُ الفائزون ( سورة المؤمنون:111 ).. قال عبدالله بن مسعود: يعني جَزَيتُهم بالجنّة اليومَ بصبر علي بنِ أبي طالبٍ وفاطمةَ والحسنِ والحسين في الدنيا على الطّاعات وعلى الجوع والفقر، وبما صبروا عن المعاصي، وصبروا على البلاء لله في الدّنيا، أنّهم همُ الفائزون والنّاجون من الحساب. ( شواهد التّنزيل 408