شذرات نورانيّة (18)

شذرات نورانيّة (18)

الحرام
قال تعالى في بيان المحرّمات:
ـ قُلْ تَعالَوا أتْلُ ما حرََّ ربُّكم عليكُم ألاّ تُشرِكوا به شيئاً [ سورة الأنعام:151 ].
ـ قُلْ إنّما حرَّمَ ربّيَ الفواحشَ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ والإثمَ والبغيَ بغيرِ الحقّ، وأن تُشرِكوا بالله ما لم يُنزِّل بهِ سلطاناً، وأن تقولُوا على اللهِ ما لا تعلمون [ سورة الأعراف:33 ].
والآيات الناهية عن المحرّمات كثيرة، في ظلّها يقول أمير المؤمنين عليٌّ عليه السلام: « ما نهى اللهُ سبحانه عن شيءٍ إلاّ وأغنى عنه »( أي من الحلال الطيّب الذي يهنأ به المؤمن في دنياه، ويُثاب عليه في أُخراه. غرر الحكم / ح 9573 )..
وتأتي كلمات الإمام عليّ سلام الله عليه في هذا الباب، فيقول في مقتضيات الإيمان:
ـ « ظَرْفُ المؤمن نَزاهتُه عن المحارم، ومُبادرتُه إلى المكارم » ( مستدرك الوسائل 280:11 / ح 13015 ).
ـ « إذا رَغبِتَ في المكارم، فاجتنِبِ المحارم » ( غرر الحكم / ح 4069 ).
ويقول في موقع آخر: « لو لم يَنْهَ اللهُ سبحانه عن محارمه، لوَجَبَ أن يجتنبَها العاقل » ( غرر الحكم / ح 7595 ).
وأمّا آثار المحرّمات فهي كثيرة، والأحاديث الشريفة فيها وفيرة، منها:
ـ قول رسول الله صلّى الله عليه وآله: « مَن أكل لقمةً من حرام لم تُقبَلْ له صلاةٌ أربعين ليلة » ( كنز العمّال / ح 9266 ).
ـ وقوله صلّى الله عليه وآله: « إذا وَقعَتِ اللقمةُ من حرامٍ في جَوف العبد لعَنَه كلُّ مَلَكٍ في السماوات والأرض! » ( مشكاة الأنوار لأبي الفضل عليّ بن الحسن الطبرسي ـ ق 7 هـ ـ:315 ).
وفي ظلّ قوله تعالى: « وقَدِمْنا إلى ما عَمِلوا مِن عَمَلٍ فَجَعَلْناه هَباءً منثوراً » قال الإمام الصادق عليه السلام: « أمَا واللهِ إن كانت أعمالُهم أشدَّ بياضاً من القُباطيّ، ولكن كانوا إذا عَرَض لهم الحرامُ لم يَدَعوه » ( الكافي 81:2 / ح 5، والآية في سورة الفرقان:23. والقباطيّ: الثياب البِيض الرقاق ).
ورُوي أنّ أمير المؤمنين أكل تمرَ دَقَلٍ وشرِب عليه الماء، وضرب على بطنه وقال: « مَن أدخَلَ بطنَه النارَ فأبعَدَه الله! » ( مَستدرك الوسائل 56:12 / 13499 ).
وفي المقابل، تأتي الروايات الشريفة في بيان فضائل ترك الحرام، منها:
ـ قول النبيّ صلّى الله عليه وآله: « لَرَدُّ دانقٍ مِن حرامٍ يَعْدِل عند الله سبحانه سبعين ألفَ مَبرورة » ( الدعوات للراوندي:25 / ح 36 ).
ـ وعنه صلّى الله عليه وآله ورد قوله: « تركُ لقمةِ حرامٍ أحبُّ إل الله من صلاةِ ألفَي ركعةٍ تطوّعاً » ( تنبيه الخواطر:2: ح 120 ).
ـ وقال صلّى الله عليه وآله: « مَن قدر على امرأةٍ أو جاريةٍ حراماً فتركها مخافةَ الله، حرَّمَ الله عزّوجلّ عليه النار، وآمَنَه الله تعالى من الفَزَع الأكبر، وأدخَلَه الله الجنّة » ( ثواب الأعمال:335/ ح 1 ).
 

الحزْم
•• في البَدْء: ما هو الحزم ؟ وجواب ذلك يتفرّع، تجمعه أحاديث كثيرة، منها
ـ عن الإمام الباقر عليه السلام: « قيل لرسول الله صلّى الله عليه وآله: ما الحزم ؟ قال: مشاورة ذوي الرأي واتّباعُهم » ( المحاسن للبرقي:435 / ح 2508 ).
ـ وعن الإمام عليٍّ عليه السلام: « الحزمُ حِفظُ ما كُلّفْت، وتركُ ما كُفِيت » ( غرر الحكم / ح 1489 ).
ـ وقال عليه السلام أيضاً: « الحزم: النظرُ في العواقب، ومشاورةُ ذوي العقول » ( غرر الحكم / ح 1915 ).
ـ وسأل ابنَه المجتبى عليه السلام يوماً: « ما الحزم ؟ » فأجابه: « أن تنتظر فرصتَك، وتُعاجِل ما أمكنَك » ( معاني الأخبار:401 / ح 62 ).
أمّا مَن هو الحازم، فالأحاديث العلويّة فيه كثيرة، منها قوله عليه السلام:
ـ « الحازمُ مَن لم يَشغَلْه غرورُ دنياه عن العمل لأُخراه » ( غرر الحكم / ح 1984 ).
ـ « الحازم لا يستبدّ برأيه » ( بحار الأنوار 13:78 / ح 70 ).
ـ « الحازم مَن حنّكَتْه التجارب، وهذّبته النوائب » ( غرر الحكم / ح 202 ).
ـ « إنّما الحازمُ مَن كان بنفسِه كلُّ شُغلِه، ولِدينهِ كلُّ همّ، ولآخرتهِ كلُّ جِدِّه » ( غرر الحكم / ح 3897 ).
ويبقى الحزم وصيّة مؤكّدةً على لسان الروايات والأخبار والأحاديث الشريفة:
ـ جاء عن الإمام الصادق عليه السلام: « إنّ رجلاً أتى رسولَ الله صلّى الله عليه وآله فقال: يا رسول اللهِ أوصِني، فقال له: فهل أنت مُستَوصٍ إن أوصيتُك ؟ حتّى قال ذلك ثلاثاً، في كلّها يقول الرجل: نعم يا رسول الله، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله: فإنّي أُوصيك إذا أنت هَمَمتَ بأمرٍ فتَدَبّرْ عاقبتَه، فإن يكن رُشْداً فأمضهِ، وإن يكن غَيّاً فانْتَهِ عنه » ( قرب الإسناد لِلحْميَري:65 /ح 208، والكافي 150:8 / ح 130 ).
ـ وفي أحد تحذيراته، قال الإمام عليّ عليه السلام: « من تورّط في الأمور بغير نظرٍٍ في العواقب، فقد تَعرَّض للنوائب » ( تحف العقول:90 ).
ولعلّ أحدَنا يبحث عن مواصفات أحزم الناس، فلنقرأ معاً:
ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « أحزم الناس أكظمُهم للغَيط » ( أمالي الصدوق:28 / ح 4 ).
ـ وقال صلّى الله عليه وآله: « إنّ أكيسَكُم أكثرُكم ذِكْراً للموت، وإنّ أحزمَكم أحسُنكمُ استعداداً له » ( إعلام الدين للحسن أبي الحسن الديلمي:333 ).
ـ وجاء عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: « أحزمُكُم أزهدُكم » ( غرر الحكم / ح 2832 ).
ـ وقوله عليه السلام: « أحزمُ الناس مَن كان الصبرُ والنظر في العواقب شِعارَه ودِثارَه » ( غرر الحكم / ح 3275 ).
ـ وكذلك قوله سلامُ الله عليه: « أحزمُ الناس رأياً مَن أنجز وَعْدَه، ولم يُؤخّرْ عملَ يومِه لغدِه » ( غرر الحكم / ح 3341 ).
وتبقى كلمات منبِّهة من سقوط الحزم من عقل المرء ونفسه، هذا بعضها:
ـ عن الإمام عليّ عليه: « الطُّمانينةُ قبل الخُبرةِ خلافُ الحزم » ( غرر الحكم / ح 1514 ).
ـ « آفةُ الحزم فَوتُ الأمر » ( غرر الحكم/ ح 3961 ).
ـ « طاعةُ دواعي الشُّرور تُفسِد عواقبَ الأمور » ( غرر الحكم / ح 6001 ).
وعن الإمام الرضا عليه السلام جاء قوله: « مَنِ استَحْزَم ولم يَحذَر فقدِ استهزأ بنفسه » ( بحار الأنوار 356:78 / ح 11 ).
وأخيراً هنالك ارتباط وثيق بين الحَزْم، والجَزْم، والعََزْم.. نتبّينه من خلال هذه المقولات العلويّة الشريفة:
ـ « مَن قلّ حزمُه ضَعُف عزمُه » ( غرر الحكم / ح 7981 ).
ـ « مِن الحزم صحّةُ العزم. من الحزم قوةُ العزم » ( غرر الحكم / ح 9399، 9263 ).
ـ « لا خيرَ في عزمٍ بلا حزم » ( غرر الحك / ح 10682 ).
ـ « الظَفَرُ بالحزم والجزم » ( عوالي اللآلي 292:1 / ح 164 ).
ـ « رَوِّ تَحْزِم، فإذا استوضَحْتَ فاجْزِمْ » ( بحار الأنوار 341:71 / ح 15 ).