شذرات نورانيّة (33)

شذرات نورانيّة (33)

الخلقة
من جميل ما أرشد أهل البيت عليهم السلام إليه أن وجّهوا الأنظار والأفهام إلى العوالم الأبعد والأعمق من عالَمِنا الذي نعيشه، وفي ذلك تحليقٌ للإنسان نحو آفاقٍ أسمى، وتهيّؤٌ لرحيلٍ قادم لابدّ لنا منه.
فكان في ذلك كلام أمير المؤمنين عليه السلام في إحدى خُطبه:
ـ « سبحانَك ما أعظمَ ما نرى مِن خَلقِك! وما أصغرَ كلَّ عظيمةٍ في جَنْبِ قدرتك! وما أهوَلَ ما نرى من ملكوتِك! وما أحقَرَ ذلك فيما غاب عنّا مِن سلطانك! وما أسبَغَ نِعمَك في الدنيا! وما أصغَرَها في نِعَمِ الآخرة! » ( نهج البلاغة / الخطبة 109 ).
ـ « وما الَّذي نرى مِن خَلقِك، ونَعجَبُ له من قدرتك ونَصِفُه مِن عظيمِ سُلطانِك! وما تَغيَّب عنّا منه، وقَصُرت أبصارُنا عنه، وانتَهَت عقولُنا دونَه، وحالت سُتورُ الغُيوب بينَنا وبينَه، أعظم! » ( نهج البلاغ / الخطبة 160 ).
وفي موضوع إثبات الخالق بالمعرفة الفطريّة، وردت آيات وروايات:
قال تعالى: فأقِمْ وجهَك للدِّينِ حنيفاً فِطْرةَ اللهِ التي فَطَر الناسَ عليها لا تَبديلَ لِخَلقِ الله... [ سورة الروم:30 ]. في ظلّ قوله تعالى: « فطرةَ الله » قال الإمام الصادق عليه السلام: « التوحيد » ( الكافي 12:2 / ح 1 ).
وقال تعالى: صِبغةَ اللهِ ومَن أحسَنُ مِن اللهِ صِبغةً ونحن له عابدون [ سورة البقرة:138 ].
ـ وقال عزّ مِن قائل: وإذ أخَذَ ربُّك مِن بَني آدمَ مِن ظُهورِهِم ذُرِّيَّتَهم وأشْهَدَهُم على أنفُسِهِم ألستُ بِربِّكُم قالوا بلى شَهِدْنا أن تقولوا يومَ القيامةِ إنّا كنّا عن هذا غافلين