شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

مناقشة ادعاء نسخ آية: (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال...)

0 المشاركات 00.0 / 5

مناقشة ادعاء نسخ آية: ﴿يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال...
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ(1).
﴿الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ(2).
فقد ذكروا أن حكم الآية الأولى قد نسخ بالآية الثانية، وإن الواجب في أول الأمر على المسلمين أن يقاتلوا الكفار، ولو كانوا عشرة أضعافهم ثم خفف الله عن المسلمين فجعل وجوب القتال مشروطا بأن لا يزيد الكفار على ضعف عدد المسلمين.
والحق: أنه لا نسخ في حكم الآية، فإن القول بالنسخ يتوقف على إثبات الفصل بين الآيتين نزولا، وإثبات أن الآية الثانية نزلت بعد مجئ زمان العمل بالآية الأولى، وذلك لئلا يلزم النسخ قبل حضور وقت الحاجة ومعنى ذلك: أن يكون التشريع الأول لغوا، ولا يستطيع القائل بالنسخ إثبات ذلك إلا أن يتمسك بخبر الواحد، " وقد أوضحنا أن النسخ لا يثبت به إجماعا "، أضف إلى ذلك أن سياق الآيتين أصدق شاهد على أنهما نزلتا مرة واحدة.
ونتيجة ذلك: أن حكم مقاتلة العشرين للمائتين استحبابي، ومع ذلك كيف يمكن دعوى النسخ، على أن لازم كلام القائل بالنسخ: ان المجاهدين في بدء أمر الإسلام كانوا أربط جأشا، وأشد شكيمة من المجاهدين بعد ظهور الإسلام، وقوته وكثرة أنصاره، وكيف يمكن القول بأن الضعف طرا على المؤمنين بعد قوتهم!! والظاهر أن مدلول الآيتين هو تحريض المؤمنين على القتال، وان الله يعدهم بالنصر على أعدائهم، ولو كانت الاعداء عشرة أضعاف المسلمين، إلا أنه تعالى لعلمه بضعف قلوب غالب المؤمنين، وعدم تحملهم هذه المقاومة الشديدة لم يوجب ذلك عليهم، ورخص لهم بترك المقاومة إذا زاد العدو على ضعفهم، تخفيفا عنهم، ورأفة بهم، مع وعده تعالى إياهم بالنصر إذا ثبتت أقدامهم في إعلاء كلمة الاسلام.
وقد جعل وجوب المقاومة مشروطا بأن لا يبلغ العدو أكثر من ضعف عدد المسلمين، فإن الكفار لجهلهم بالدين، وعدم ركونهم إلى الله تعالى في قتالهم لا يتحملون الشدائد، وإن عقيدة الايمان في الرجل المؤمن تحدوه إلى الثبات أمام الاخطار، وتدعوه إلى النهضة لاعزاز الاسلام، لانه يعتقد بنجاحه على كل حال، وربحه في تجارته على كل تقدير، سواء أكان غالبا أم كان مغلوبا، قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(3).
ــــــــــــ
1- الأنفال/65
2- الأنفال/66
3- النساء/104

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية