شهداء الأعمال في الآخرة (2)

بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

المقدم: تحية طيبة أهلاً بكم ومرحبا في حلقة أخرى من حلقات هذا البرنامج موضوعها المحوري هو شهداء الأعمال في الأخرى في القسم الثاني منه.
ضيفنا الكريم سماحة السيد كمال الحيدري سيتناول البحث في هذا الموضوع من عدة زوايا أساسية فيه إنشاء الله.
في الشرط الأول كما اعتدنا من البرنامج ثم نستقبل اتصالاتكم الهاتفية واسألتكم التي نشكركم على كونها مختصة بموضوع هذه الحلقة كما هو حال أسألتكم الكريمة في الحلقات السابقة.
افتتح هذه الحلقة تبركا بهذا المقطع من حديث لمولانا الرضا، الإمام علي بن موسى صلى الله عليه وآله ورد ضمن حديث طويل مروي في مجموعة من المصادر المعتبرة كالكافي للشيخ الكليني وكتب الشيخ الصدوق، كمال الدين الأمالي معاني الأخبار وعيون أخبار الرضا، هذا المقطع من الحديث له ارتباط أساسي بموضوع هذه الحلقة، يقول عليه السلام في مقطع من هذا الحديث وهو حديث طويل ومهم:
وان العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاماً فلم يعي بعده بجواب، ولا يحير فيه عن الصواب، فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد امن الخطايا والزلل والعثار، يخصه الله بذلك، ليكون حجته على عباده، وشاهده على خلقه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
صدق ابن رسول الله صلى الله عليه وآله، إشارات إلى ما ورد في هذا الحديث الشريف تأتيكم إنشاء الله في بدايات البحث، كونوا معنا أحبائنا.
مشاهدينا الأكارم نرحب في مطلع هذه الحلقة بسماحة السيد كمال الحيدري.
سماحة السيد انتم في الحلقة السابقة بدأتم الحديث ضمن مقدمات أساسية في ما يرتبط بهذا الموضوع، موضوع شهداء الأعمال في الآخرة، مراد القران من مصطلح الشهداء، منهم شهداء الأعمال في الآخرة، التنوع في الشهداء، وبقيت أسئلة أساسية أيضاً في ما يرتبط بهذا الموضوع أوكلتموها إلى هذه الحلقة، فنطلب من سماحتكم أولاً مقدمة إجمالية لما اتضح إنشاء الله في الحلقة السابقة لكي يكون مدخل لأسئلة هذه الحلقة، تفضلوا.
السيد: بسم الله الرحمن الرحيم، و به نستعين، والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين، في الواقع بأنه ما تقدم يمكن تلخيصه أو نجد كلما ذكرناه في الحلقة السابقة في هذه الآية من سورة يونس، الآية 61 من سورة يونس قال تعالى، بودي أن المشاهد يلتفت إلى، لأنه تعلمون أن هذه الأبحاث ليست أبحاث تفسيرية وإنما أنا أقف عند الشاهد من هذه الأبحاث.
قال تعالى: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ) (يونس: من الآية61) ، التفتوا جيدا أولاً الخطاب كان موجها لرسول الله، (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ)، الخطاب إلى الأمة، (وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) (يونس: من الآية61) ، إذن الآية المباركة تبين، يعني ما من صغيرة ولا كبيرة الا ويوجد عليها شهود، لم تقل الآية المباركة، أحسنتم، جزاكم الله خيرا، هذه النكتة التي اشرنا إليها مرارا، الآية المباركة قالت: الا كنا أولاً، وشهودا ثانيا، كلاهما جائز، ذكرنا مرارا، يتذكر المشاهد الكريم حقيقة قرآنية قلنا أن القران إذا كانت الحقيقة مرتبطة بالله سبحانه وتعالى يذكرها بصيغة المفرد، (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة: من الآية30)، أما إذا كانت هناك وسائط متعددة لا واسطة واحدة، أو لا بلا واسطة وإنما امور متعددة يعبر بصيغة الجمع، (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) (الحجر: من الآية9) مع انه الذي تنزل به الروح الأمين، ولكن القرآن ماذا يقول؟ (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون) (الحجر:9)، أنا، مع أن الحافظ ليس هو فقط، وإنما الوسائط والمدبرات أمرا، الآية المباركة قالت: (الا كنا) إذن يتبين انه تعدد وسائط، عليكم شهودا، يكشف على أن الشاهد ليس واحد، وإنما متعدد، إذا تفيضون فيه، لأنه قالت: ولا تعملون من عمل ما تكون في شان...الى أن قال: وما يعزب عن ربك مثقال ذرة، عجيبة الآية.
طيب لماذا تحتاج إلى شهود يارب العالمين؟ لأنه لا تستطيع أن تعلم الا بواسطة هؤلاء؟ يقول لا لا أبداً، الله سبحانه وتعالى يعزب عنه علمه شيئا أو لا يعزب؟ لا يعزب، ولكنه اقتضت حكمته أن يكون هناك شهود.
قال:(وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (يونس: من الآية61) ، هذه الآية المباركة واقعا تلخص مجموع الابحاث التي تقدم الكلام عنها، أولاً تثبت لنا أن كل شيء مشهود للشهود، لان الآية قالت ولا تعملون من عمل، يعني أي عمل يصدر، ظاهريا كان، باطنيا كان، جوارحياً كان، جوانحياً كان، قلبيا كان، ظاهريا كان الا هو مشهود للشهود، وبهذا تنتهي نظرية الفخر الرازي وهو أن المراد من الشاهد هو إجماع الأمة، لان إجماع الأمة يستطيع على الفرض أن يرى ظاهر الامور، ولكنه هل يستطيع أن يرى باطن الامور، هل يستطيع أن يرى النية مثلا حتى يشهد يوم القيامة؟
هذا دليل قراني على رد نظرية الفخر الرازي في بيان الصغرى، لان الفخر الرازي في ما سبق أشار إلى هذه الحقيقة، قال لا بد من شاهد في كل زمان يشهد على أعمال الخلائق وهذا الشاهد هو إجماع الأمة.
الجواب: حتى لو قبلنا أن إجماع الأمة ممكن فهو في الامور الظاهرية، أما في الامور الباطنية والقلبية والمرتبطة بالعقيدة وبالنية هذه بعد غير قابلة للإجماع وللرؤيا، مع أن صريح القرآن الكريم يقول: (وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ) (يونس: من الآية61)، طبعا ليس فقط هذا العمل العمل الظاهري بل العمل الباطني المرتبط بالنية و العقيدة، إذن الحقيقة الاولى المستفاد من هذه الآية، ما من شيء الا وهو مشهود للشهود، الحقيقة الثانية أن الشهود متعددين، لان الآية قالت: (إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) (يونس: من الآية61).
الحقيقة الثالثة: أن هؤلاء الشهود الله من ورائهم محيط، لأنه قالت: ( وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ) (يونس: من الآية61). الحقيقة الأخرى التي وقفنا عليها واشرنا إليها فيما سبق وهو أن هؤلاء الشهود متعددون، من هؤلاء الشهود الزمان، المكان، الارض، الجوارح، الشهور، الأيام، الأعضاء....الى أن وصلنا الى الملائكة، ثم انتهينا إلى البشر، وقلنا هنا انه في ما يتعلق بالبشر هو انه إذا كان في ذلك الزمان يوجد نبي فهو الشاهد على أعمال أمته، أن لم يكن هناك نبي فلا بد من وجود شاهد غير نبي، عبر عنه ما تشاء، عبر عنه ولي الله، عبر عنه حجة الله، عبر عنه الإمام، عبر عنه الخليفة،عبر عن الشاهد، لأنه الآيات عبر عنهم هؤلاء شهود الله في خلقه، كما في جملة من الروايات ومضمون مجموعة من الآيات القرآنية تثبت لنا هذه الحقيقة، أنهم هؤلاء، يعني غير الأنبياء، هؤلاء شهود الله في أرضه، هذا خلاصة ما انتهينا إليه في البحث السابق، وهو انه أن الشهود متعددين وان هؤلاء على اقسام، ومن هؤلاء الشهود أو الأشهاد هم البشر، وان هؤلاء البشر إذا كان في ذلك الزمان نبي فهو الشاهد على أعمال أمته، أن لم يكن هناك نبي كما في زماننا، لان النبوة ختمت بخاتم الأنبياء والمرسلين، فهي موكولة إلى انسان آخر، من هو هذا الإنسان؟ ماذا نسميه؟ في الواقع أن الآيات والروايات سمته بأسماء متعددة، سمي خليفة، سمي ولي، سمي إمام، سمي حجة، سمي شاهد، وهذه كلها أسماء لحقيقة قرآنية واحدة ولكن من أبعاد وزوايا متعددة.
المقدم: طيب سماحة السيد فيما يرتبط بهذه الشهادة وهذا الشهيد، هناك شهادة على الأعمال وهنالك شهيد، صفات هذا الشهيد، يعني كيف، ما هي المؤهلات التي تؤهله لكي يكون شهيدا؟ هل توجد شروط فيما يرتبط بهذه الشهادة؟
السيد: في الواقع بأنه الآن إنا إذا كنت أريد أن ادخل في البحث التفصيلي يطول البحث، يعني نحن عندما قلنا أنه من الأشهاد الارض، ما هي شرائط الارض؟ لأنه لا بد لمن يريد أن يشهد لا بد أن يتحمل الشهادة، لا بد أن لا يخطا، لا بد لا بد، لذا لا أتكلم في الأشهاد غير الإنسان، لأنه لو أريد أن ادخل في الشروط التي لا بد من توفرها في الأشهاد من غير الإنسان من الملائكة و الزمان والمكان والجوارح والأعضاء والجلود واقعا كل واحدة من هذه تحتاج إلى حلقة مستقلة أن نقف عندها، ولكنه أحاول أن اطرح ذلك القدر المشترك بين هذه الشرائط وبين هذه الشروط، وبين هذه الاستحقاقات لمن يريد أن يؤدي الشاهدة.
المقدم: سماحة السيد يعني أنا كان في الحلقة السابقة في الواقع كان بودي أن اسألكم عن معنى هذا التعبير الذي تستخدموه وهو تحمل الشهادة، يعني هل هذا البحث هو توضيح لهذا المعنى؟
السيد: نعم توضيح لهذه الحقيقة، انظروا إلى هذه الحقيقة، نحن عندما نأتي إلى باب القضاء في الاحكام الفقهية، في باب الدعاوى، انتم تجدون أن القاضي والحاكم عندما يريد أن يقبل شاهدة احد من الشهود توجد مجموعة شروط هناك، توجد مجموعة من اللوازم، توجد هناك مجموعة من المؤهلات، هذه المؤهلات أيضاً تنقسم إلى قسمين، بعضها مؤهلات عامة، كأن يكون عاقلا، من المؤهلات العامة، كأن يكون مسلما، من المؤهلات العامة، كأن يكون عادلا، من المؤهلات العامة، ولكنه ندخل في بعض القضايا نجد بأنه القاضي لا يكتفي بهذه المؤهلات العامة، يحتاج إلى أن يكون هذا الإنسان قوي البصر، لأنه القضية مرتبطة بماذا؟ بالنظر، فلهذا يسال بأنه هذا، أو يبعثه إلى المتخصص في القضايا الطبية ليرى بأنه هذا قادر على أن يشخص مثل هذه القضايا في مثل ذلك الليل أو انه غير قادر، أو إذا كانت القضية مرتبطة بالسمع، لا بد أن نرى سمعه، هل يسمع أو أن أذنه تسمع أو لا تسمع؟
إذن هناك مجموعة من الاستحقاقات، من المؤهلات، بعضها عامة، وبعضها خاصة، إذا أردنا أن نقف عند جميع هذه المؤهلات واقعا البحث سوف يطول، لذا نحاول أن نقف عند تلك المشتركات من هذا البحث.
أنا أحاول أن أقف عند أمرين، أو عند مؤهلين من هذه المؤهلات.
من الواضح انه الإنسان الذي يريد أن يشهد يوم القيامة، لأنه هذه الشهادة تطلب من هؤلاء الأشهاد يوم القيامة، هذه الشهادة عندما تطلب من هؤلاء كما ذكروا في الابحاث الفقهية أن أداء الشهادة يتوقف على تحمل الشهادة، أين تحمل هذه الشهادة؟ أين وقف عليها؟ في الحياة الدنيا، من الواضح لأنه يريد على أعمال الإنسان في الدنيا، واليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل، إذن هو يريد أن يشهد على الإنسان في هذه الدنيا.
السؤال: واقعا هذا سؤال مركزي، وهو أن الذي يريد أن يشهد أن فلان صلى أو لم يصلي، أن فلان نيته كانت عن إخلاص أو عن رياء؟ أن فلان كان مؤمنا أو كان منافقا، أن فلان في قلبه مرض أو لم يكن في قلبه مرض، أن فلان.... وهكذا عشرات، كل الأعمال وكل الاعتقادات وكل النوايا هل لا بد أن يعلم بها أو لا يعلم بها؟ بعبارة أخرى كيف يمكن أن يتحقق تحمل الشهادة من غير أن يرى تلك الحقيقة، القرآن الكريم لا يقول يعلم، يقول يرى، عجيب القرآن، (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ) (التوبة: من الآية105) ، يرى، لا يسمع، لا لا، ليس لا يسمع، ليس لا يعلم، وإنما يرى، ومن هنا أنا بودي أن المشاهد الكريم يقف عند هذه الحقيقة القرآنية، الشهادة غير العلم، الله سبحانه وتعالى عندما يقول هو شاهد على أعمالكم، هو شهيد ليس المراد من الشهود والشهادة يعني العلم وان كان عن سماع، بل عن معاينة، عن مشاهدة، واحدة من أسمائه الشهيد، الله سبحانه وتعالى واحدة من أسمائه الشهيد.
إذن الشهادة اخواني الاعزاء، المشاهد الكريم لا بد أن يلتفت الشهادة تحمل معنى العلم، ولكنها فيها خصوصية إضافية، ما هي هذه الخصوصية؟ هي المعاينة، من قبيل أن الإنسان تارة هو يصاب بألم، فحس بالألم، وأخرى يأتي إليه مريض يتألم، فرق كبير، فان الطبيب في الحالة الثانية يعلم بألم المريض، أما يحس به أو لا يحس؟ يشاهده، يعاينه أو لا يعاينه؟
لا توجد معاينة، أما بخلافه عندما يتألم، يمرض فيتألم، هنا العلم يكون علما خاصا، عن مشاهدة، عن معاينة، والشهادة تعطي هذا المعنى، إذن عندما نقول شاهد على أعمال الخلائق يعني الذي يعاين أعمال الخلائق الذي يشاهد أعمال الخلائق، الذي عبر عنه القرآن الكريم يرى أعمال الخلائق، وعندما نقول أعمال، يعني ليس القيام والجلوس في الصلاة، وإنما حقيقة الشيء، باطن الشيء، ملكوت الشيء، هذا الذي نعبر عنه بالنية، نعبر عنه بالاعتقاد، نعبر عنه بالغيب، لأنه هذا غيب لا يمكن أن يُرى.
السؤال المطروح هنا: وهو انه إذا كانت الشهادة تتوقف على المعاينة وعلى التحمل وعلى الرؤية، إذن أن الأعمال لا بد أن تكون في الدنيا حاضرة عند الشاهد، والا كيف يستطيع أن يكون يوم القيامة أن يشهد على زيد انه كان مؤمن وعلى عمرو انه كان مؤمن، لا بد انه عاين باطن زيد وباطن عمرو فشهد على الاول بالإيمان وعلى زيد بعدم الإيمان، ومن هنا جاء القران الكريم وجاءت الروايات لا عشرة وعشرين وخمسين ومائة، كلها تثبت هذه الحقيقة، وهي أن أعمال الخلائق تُعرض على إمام كل زمان، عرض الأعمال، ومنشئها هذه الآية المباركة في سورة التوبة الآية 105 في سورة التوبة قال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(التوبة:105)، إذن الآية المباركة تبين بأنه كل عمل يقوم به الإنسان ظاهريا كان أو باطنيا، الله يراه، (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) (العلق:14)، ثانيا رسوله أيضاُ يعلم، (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) مادام في الدنيا؟ لا، إنشاء الله تأتي هذه الابحاث بعد ذلك، هذه من خصائص النبي الأكرم، انه يرى أعمال الخلائق سواء كان في هذا العالم أو بعد هذا العالم، أما بخلاف الأنبياء السابقين، كنت شهيدا عليهم مادمت فيهم، صريح القرآن الكريم عندما يأتي إلى عيسى وهو نبي من أنبياء أولي العزم يقول ما دمت فيهم، وهذا معناه أن نبي كل امة عندما تنقطع مسؤوليته الدنيوية ينقطع دوره الملكوتي عن تلك الأمة، الا من؟ الا خاتم الأنبياء والمرسلين وأوصياءه عليه السلام تكون المسؤولية بعهدة من، يعني بعهدة هؤلاء، يعني ليس فقط امة الإسلام في عهدة النبي الأكرم، بل جميع الأمم في عهدة النبي الأكرم، الآن هذا بحثه إنشاء الله أقف عنده، فلذا تجدون القرآن الكريم لم يقل وقل اعملوا فسيرى الله عملكم وأنبياءه ورسله، لا لا، لم يقل، قال وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله، هذه من خصائص، وادعوا الله سبحانه وتعالى أن أوفق واقعا في هذه الابحاث في مطارحات في العقيدة أن أقف عند خصائص النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في القرآن لا نحتاج أن نذهب يمينا ويسارا أبداً، القرآن ماذا قال عن الخاتم صلى الله عليه وآله.
الآن نأتي إلى مسالة العرض، عرض الأعمال، في ما يتعلق بعرض الأعمال في الواقع فقط يكفي أن المشاهد الكريم يرجع إلى باب واحد، أنا لا اقول له يرجع إلى أبواب، مئات الروايات ولكن اكتفي بباب واحد من هذه الأبواب وهو باب عرض الأعمال وأنهم الشهداء، الباب 20 كتاب الإمامة الجزء الثالث والعشرين من البحار في كتاب الإمامة باب عرض الأعمال رقم الباب 20، هناك نقل 75 رواية فقط في هذا الباب، هذه أنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الحقيقة، باب واحد الحديث رقم 75، الحديث 75 في باب عرض الأعمال، لذا من الواضح بأنه نحن لا نستطيع أن نقف على جميع هذه الروايات والا تحتاج إلى حلقات متعددة، أنا اكتفي بالإشارة إلى بعض هذه الروايات، طبعا هذه الروايات انظروا هنا بودي أن أشير أيضاً إلى حقيقة، وان كانت هذه الحقيقة خارجة عن البحث، ولكن أشير إليها، انظروا هذا الباب أيضاً جاء في كتاب الحجة من الكافي بنفس العنوان، عرض الأعمال عن النبي والائمة عليهم السلام، نفس العنوان، ولكنه في هذا الباب موجودة ستة روايات، الآن لمن ليست له خبرة يتصور انه لا توجد في المقام الا هذه الروايات الست، وعندما ينظر إليها يقول من حيث السند جملة منها ضعيفة السند، إذن خبر واحد والخبر الواحد لا يمكن الاعتماد عليه في الامور العقائدية، ولكنه لو تتبع يجد أنه توجد مئتان رواية، وإنما اكتفى صاحب الكافي الكليني بخمسة أو ستة، لأنه القضية كانت متواترة، مطمئنة فلذا لم يعتني أيضاً بسند الروايات التي أشار إليها، وهذه قضية اساسية، بودي انه من هم من أهل الاختصاص يلتفتوا إلى هذه الحقيقة من كتاب أصول الكافي، وخصوصا أيضاً انصح واقعا من هنا من هذا الموقع بعض من يتصدون على الفضائيات ويحاول بعض عوام العلماء، أن اعبر هذا التعبير، عوام العلماء، الذي هو ظاهره عالم، عندما يأتي إلى أصول الكافي وينقل رواية يقول هذه رواية ضعيفة السند، انظروا إلى سندها، ومع الأسف الشديد بعض من لا خبرة له من إخواننا، أصدقائنا، أبنائنا، تلامذتنا يحضرون في هذه الفضائية والفضائيات ويصدقون، نعم انه نعم نقبل هذه الرواية، لا يا أخي العزيز هذه الروايات ليست ضعيفة، هذه الروايات في مصادرها توجد مئات الروايات، الكليني عندما اكتفى برواية أو روايتين أو ثلاث ولم يعتني بالسند وإنما ذكر الروايات وان كانت إسنادها ضعيفة لأنه الاصول التي كانت بيده تثبت أما تواتر هذه الروايات وأما الاستفاضة يطئمن بصدور هذه الروايات عن ائمة أهل البيت، إذن بنحو الإجمال أريد أن اقول انه هذه القضايا بهذه البساطة لا يمكن رمي الروايات الواردة في أصول الكافي في أصول الكافي بالخصوص، لا يمكن رمي الروايات الواردة في البحار بالبساطة نرميها انها ضعيفة السند، نرميها انها كذا، لأنه هناك أساليب متعددة لمعرفة أن هذا المضمون وارد عن ائمة أهل البيت أو غير وارد عنهم.
المقدم: هل هو من الظلم لكلام أهل البيت؟
السيد: واقعا والله لعله من اكبر الظلم انه يظلمون ممن ينتسبون إليهم، نحن لا نتوقع ممن لا يعتقدون بهم، بل ممن يخاصمونهم ويعادوهم كما نجد على بعض الفضائيات، ولكنه ذاك لا يؤثر فينا كثيرا لأنه على مر التاريخ هؤلاء مروا بمثل هؤلاء المدارس الكلامية وغيرها، ولكن يأتي بعض الأشخاص ممن ينتمي إلى مدرسة أهل البيت، ولكن مما يؤسف ليس من أهل الاختصاص ويحاول انه يبرز نفسه كأنه هو من المختصين في هذه المجالات، وحتى يثبت هذه الحقيقة مباشرة يكتب تحت اسمه أستاذ في الحوزة العلمية، باحث في الحوزة العلمية، وهذه واقعا سوف تؤدي إلى أن الناس لا يعلمون، يتصورون واقعا أستاذ في الحوزة العلمية، يتصورون انه باحث أو متخصص ويقول رأيه وليس هو من أصحاب الرأي، وليس هو من أصحاب الاختصاص، لذا أنا بودي وانصح واقعا المشاهد الكريم أن لا يستمع وان لا يقبل أي ما يقال على الفضائيات وإنما يرجع إلى أهل الاختصاص كلٌ في محل اختصاصه.
في كتاب أصول الكافي مجموعة من الروايات، الجزء الأول صفحة 217 في باب كتاب الحجة باب عرض الأعمال، الروايات كثيرة هناك، الرواية عن ابي عبد الله الصادق قال: تُعرض الأعمال على رسول الله، التفتوا جيدا، إلى نص الروايات، أعمال العباد، لا أعمال الائمة الإسلامية، كل البشرية، لأنه هو الشاهد على هؤلاء البشر، التفتوا جيدا، لا يتبادر إلى ذهنكم انه هؤلاء، يعني الإمام الحسن هو شاهد على شيعته أو على الأمة الإسلامية، لا لا، أعمال العباد، بعد، أعمال العباد كل صباح، كل يوم، كل صباح، أبرارها، فجارها، فاحذروها وهو قول الله تعالى فسيرى الله عملكم ورسوله، الرواية تقول وسكت، لم يقول والمؤمنون، يظهر انه كان هناك محذور في أن يكمل الإمام عليه السلام الرواية.
رواية أخرى: عن يعقوب بن شعيب قال سألت الإمام الصادق عن قول الله اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، قال: هم الائمة، هنا بعد لم يقل المؤمنون هم الائمة، ولكن واضح الله ورسوله معلوم، من هو الذي غير معلوم؟ المؤمنون، هنا الرواية تقول هم الائمة.
رواية ثالثة، وهذه عجيبة من عجيب الروايات هذه، وأنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليها، الرواية عن الإمام الصادق قال سمعته يقول: ما لكم تسيئون رسول الله، واقعا الإنسان يرتجف عندما يقرا مثل هذه الروايات، فقال رجل: كيف نسوءه؟ فقال: أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسيئوا رسول الله وسروه، يعني اعملوا بالطاعات لأنه يسر رسول الله.
رواية أخرى في هذا الباب وهي من غرر الروايات، بتعبير السيد العلامة الطباطبائي، يقول عن عبد الله بن أبان الزيات وكان مكينا، له مكانة عند الإمام الرضا، قال قلت للرضا ادعوا الله لي ولأهل بيتي، قال: او لست افعل؟ يقول انت تطلب مني أن ادعوا لك، من قال لا ادعوا لك؟ والله أن أعمالكم لتعرض عليّ في كل يوم وليلة، المراد في قرينة الليلة يعني اليوم يعني الصباح، بقرينة الليل يعني الصباح، لتعرض عليّ في كل يوم وليلة، قال فاستعظمت ذلك، كيف يعقل أن الإمام الرضا يدعي أن الأعمال تعرض عليه صباحا ومساءا، فقال لي أما تقرأ كتاب الله فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون؟ الم تقرا قوله تعالى.
إذن الروايات في هذا المجال الحق والإنصاف كثيرة، أنا لا أريد أن أطيل على المشاهد الكريم.
المقدم: طيب جزاكم الله خيرا سماحة السيد، مشاهدينا الأكارم استراحة قصيرة لسماحة السيد ولكم بعدها يتابع جزاه الله خيرا مباحث هذه الحلقة فكونوا معنا مشكورين.
(فاصل للاستراحة)
المقدم: أهلاً ومرحبا بكم مشاهدينا الأكارم مرة أخرى في هذه اللحظة ادعوا الله تبارك وتعالى لي ولكم ولجميع المؤمنين بان يجعلنا من الذين لا يُسيئون رسول الله صلى الله عليه وآله بأعمالنا بل يسروه بأعمالنا إنشاء الله بناء على ما بينه سماحة السيد كمال الحيدري من معنى عرض الأعمال على رسول الله صلى الله عليه وآله وانه مستمر يشمل جميع الأزمان إلى يوم القيامة، وجميع البشر فهو رحمة الله تبارك وتعالى للعالمين، فهو الشهيد على العالمين أيضاً.
سماحة السيد كمال الحيدري شروط الشهادة اكتملت؟
السيد: لا لا، أول الطريق والمشاهد الكريم يتحملنا.
المقدم: تفضلوا سيدنا.
السيد: في الواقع بأنه الروايات الواردة كما قلت كثيرة جدا، بعض الروايات تقول أن العرض عليهم في كل خميس، وهي في المجلد الثالث والعشرين من البحار صفحة 344 الحديث 35 والحديث 34 والحديث 36 والحديث 45، روايات متعددة في هذا المجال من الواضح بأنه الوقت لا يسع أن نقرا جميع هذه الروايات، من هذه الروايات عن صالح بن النظر عن يونس عن ابي الحسن الرضا، قال سمعته يقول في الأيام حين ذُكر يوم الخميس، فقال: هو يوم تُعرض فيه الأعمال على الله وعلى رسوله وعلى الائمة، إذن في بعض الروايات تقول يوم الخميس.
طبعا عدة روايات، أنا أشرت إلى واحدة، بعض الروايات تشير إلى أن العرض عليهم في كل يوم اثنين وخميس، وهي روايات أيضاً عديدة ولكنه من هذه الروايات الرواية التاسعة التي تشير إلى هذه الحقيقة، الرواية: قال: فأما مفارقتي لأن أعمالكم، الكلام لرسول الله، لان أعمالكم تُعرض عليّ كل اثنين وخميس، فما كان من حسن حمدت الله تعالى عليه، وما كان من سيء استغفرت الله لكم.
بعض الروايات التي قراناه العرض في كل يوم، في كل صباح، أو في كل يوم وليلة، وقرانا، أنا اكتفي بقراءة رواية واحدة وهي من الروايات القيمة في هذا الباب، الرواية عن ابي سعيد الخدري، أن عمارا قال يا رسول الله وددت أنك عمرت فينا عمر نوح، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا عمار حياتي خير لكم، ووفاتي ليس بشر لكم، طبعا في رواية أخرى عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الرواية تقول: أن مقامي بين أظهركم خير لكم، وان مفارقتي إياكم خير لكم، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال يا رسول الله أما مقامكم بين أظهرنا فهو خير لنا، فكيف يكون مفارقتك إيانا خيرا لنا؟ هذه كيف؟
الرواية طويلة، أنا اكتفي بهذا القدر، الرواية تقول: أما حياتي فتحدثون، يعني تصدر عنكم المعاصي، هذا تعبير عجيب، هذا الحدث المعنوي، نحن عندنا حدث مادي، الذي يبطل الوضوء، وعندنا حدث معنوي.
قال: فتحدثون واستغفر لكم، وأما بعد وفاتي فاتقوا الله، وأحسنوا الصلاة عليّ وعلى أهل بيتي فأنكم تعرضون عليّ بأسمائكم وبأسماء آبائكم، يُرى لا يسمع، ليس انه يقرا في كتاب، ليس في تقرير، وإنما ماذا؟ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم، رسول الله يرى ونحن على المعصية أو ونحن على الطاعة، يرى، لا انه يسمع يُقدم له التقرير كما في الدول الكذائية تقدم تقارير، لا لا، وإنما الآية تقول ماذا؟ يرى.
قال: فإنكم تعرضون عليّ، لا تعرض أعمالكم عليّ، لا انه يعرض تقرير لكم لي، تُعرضون عليّ بأسمائكم وأسماء آبائكم، فان يكن خير حمدت الله وان يكن سوى ذلك استغفرت الله لذنوبكم، فقال المنافقون والشكاك والذين في قلوبهم مرض، يزعم أن الأعمال تُعرض عليه بعد وفاته بأسماء الرجال وبأسماء آبائهم وأنسابهم إلى قبائلهم أن هذا لهو الأفك، لا يصدقونه، يقول فانزل الله جلا جلاله (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (التوبة: من الآية105) فقيل له ومن المؤمنون؟ فقال عامة وخاصة، الآن هذا بحث آخر الآن لا نريد أن ندخل فيه.
المقدم: كيف تجمعون بين الروايات التي تقول تعرض الأعمال كل صباح وبين كل يوم وليلة وبين التي تقول يوم الخميس ويوم الاثنين؟
السيد: الجواب: هناك قاعدة أصولية ذكروها في محله، قالوا بأنه نحن عندما نريد إذا وجدنا روايات بعضها قالت كل يوم وليلة، بعضها قالت كل خميس واثنين، بعضها قالت كل خميس، بعضها قالت مطلقة، أو كل عام، ماذا نفعل؟
قالوا بأنه هذه لا يقيد بعضها بعضا، لماذا؟ لأنها ليست متعارضة، واحدة تثبت وواحدة تنفي، هذه كلها تثبت، والمثبتات لا تنافي بينها، على سبيل المثال، لو جاء شخص وقال فلان عنده مائة ألف، وجاء شخص آخر وقال عنده مليون وجاء شخص ثالث وقال عنده عشرة مليون، يتنافى أو لا يتنافى، لا يتنافى، باعتبار كلها صحيح، لأنه ذاك علم منه المائة ألف يقول المائة ألف، ذاك علم المليون يقول المليون، بمقدار ما علم، الإمام عليه السلام طبعا، أنا اعتقادي أن هذه الأيام لها خصوصيات، يعني انه هناك امور تعرض للسنة الواحدة، التي أنا اعبر عنها الميزانية العامة، التي مرتبطة بليلة القدر، هذه مرتبطة بالإجمال، بالبحث الإجمالي، وأنت عندما تأتي إلى الميزانيات التي توضع في البلدان أيضاً كذلك، تجد هناك ميزانية خمسية، تجد هناك ميزانية للسنة الواحدة، تجد هناك ميزانية للشهر، تجد هناك ميزانية للاسبوع، تجد هناك ميزانية لليوم، هذه كلها إشارة إلى خصوصيات موجودة، لذا قلت أن هذا البحث من الابحاث المفيدة والقيمة والمعقدة التي تحتاج إلى أن نقف على فقهها للوقوف على أسرارها، ولكن آثارها مباركة جدا، خصوصا في الافعال التربوية والأخلاقية.
الملاحظة التي أشير إليها بودي انه يلتفت إليه، طبعا ليس هو بحثنا ولكن من باب الإشارة حتى أن البحث يكتمل، طبعا بعدنا نحن في الشرط الأول، باعتبار انه نتكلم عن التحمل، بعدنا لم ندخل الشرط الثاني.
سؤال: ما هي الأدات التي يستعملها الإمام أو النبي للوقوف على أعمال الخلائق؟ يعني كيف يرى؟
وبتعبير الروايات، عجيبة الروايات، جملة من الروايات عبرت هذا التعبير، عجيب التعبير جدا التعبير دقيق ومهم، قال سألته عن علم الإمام بما في أقطار الارض وهو في بيته مرخاً عليه ستره، نحن ندعي أن النبي أو الإمام يعلم أعمال الخلائق وهو في بيته، ما هي الأداة، هل يجلس على الانترنيت مولانا ويعرف أعمال الخلائق، عنده عيون ويقدمون له الاخبار ويأتون له بتقارير؟ ما هو الطريق؟
هنا الروايات واقعا رواياتنا لم تترك صغيرة ولا كبيرة الا بيتها، هنا الروايات بشكل دقيق بينت هذه الحقيقة وهي مرتبطة بعلم الإمام، أنا الآن لا أريد أن ادخل في بحث علم الإمام ولكنه اقرأ رواية أو روايتين في هذا المجال وهي روايات كثيرة التي هي في المجلد السادس والعشرين من البحار تحت عنوان كتاب الإمامة الباب الثامن، هناك أن الله تعالى يرفع للإمام، رواية واحدة في هذا المجال، الرواية: قلت لأبي جعفر الباقر جُعلت فداك ما قدر الإمام، درجة الإمام ما هي؟ ما قدر الإمام؟ قال: يسمع في بطن أمه، لا تستغربون كثيرا، لأنه عيسى تكلم مع أمه أو لم يتكلم؟ تكلم، فإذا وصل إلى الارض، يعني خرج من بطن أمه، كان على كتفه الأيمن مكتوبا وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته، لأنه هو الكلمة التامة، الكلمة التامة التكوينية لا الكلمة التشريعية، ثم محل الشاهد هذه الجملة، بودي المشاهد يلتفت، ثم يبعث الله له عمود من نور من تحت بطنان العرش إلى الارض يرى فيه أعمال الخلائق كلها، إذن تبينت الأداة أيضاً، ذاك نور الهي، الآن ما هي حقيقة هذا النور، ما هي العلاقة بينه وبين هذا النور واقعا أبحاث وقفت عليها مفصلا في أبحاث الإمامة تحت عنوان علم الإمام، لأنه هذه مرتبطة بكيفية علم الإمام، الأداة التي يستعملها.
يرى فيه أعمال الخلائق كلها ثم يتشعب له عمود آخر من عند الله إلى إذن الإمام كل ما احتاج إلى مزيد افرغ فيه صراطا، إذن نور، النور يحتاج إليه الإنسان لأي شيء؟ ليسمع به أو ليرى به؟ هنا ليرى، والسماع أيضاً سماع خاص، لأنه الرواية تقول ثم يتشعب له عمود آخر، إذن ليس هذا السماع المتعارف، لان السماع المتعارف يحتاج إلى نور أو لا يحتاج؟ لا يحتاج، إذن يتبين انه رؤيته للشيء، سماعه للشيء نحو خاص، وليس هذه الرؤية أو السماع المعروف عندنا.
من هنا تتضح لنا هذه الحقيقة الاساسية التي أنا بودي المشاهد الكريم يقف عليها، من هنا ننتهي إلى هذه الحقيقة، هذه المسألة التي طرحتها في هذه الليلة وفي الليلة السابقة، يعني في الحلقة السابقة تعد واحدة من أهم المسؤوليات الملقاة على عاتق الإمام، الشاهدة، يعني نحن عندما نأتي ونريد أن نعدد المسؤوليات والمهام التي ألقيت على عاتق النبوة، على عاتق الإمامة، هذا الحديث الذي قرأتموه ماذا؟ ليكون حجته وشاهده. هذا التعبير القرآني، أنا لم ائتي به من عندي، هذا التعبير القرآني.
المقدم: عدم خلو الزمان من شاهد ولكل امة شهيد ولكل امة إماما.
السيد: أحسنتم، لكل امة إمام ولكل امة حجة، ولكل امة ولي، ولكل امة خليفة، هذا تعبير قراني.
إذن نصل إلى هذه الحقيقة، بودي أن المشاهد هذا الذي يقول من زارني عارفا بحقي وجبت له الجنة أن يعرف هذه المعارف عن الإمامة، انه من المسؤوليات الملقاة على النبي، عندما اقول أمام، مرة أخرى أعيد، للمرة العاشرة أو العشرين ليس مرادي الإمامة الساسية في الكتب الفقهية أو الكلامية، مرادي الإمامة القرآنية، بالاصطلاح القرآني، (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة: من الآية124) هذه الإمامة مقصودي، هذه الإمامة لها مسؤوليات، بعضها مسؤوليات ظاهرية، من قبيل إرشاد الأمة، القيادة السياسية، بيان الحلال والحرام، القدوة في الأمة، هذه امور يقوم بها، هذه إذا تهيأت له بعض شرائطها، وبعضها، التفت لي جيدا، وبعضها مهام ملكوتي، مهام غيبية، يعني نراها أو لا نراها؟ لا نراها، ومن هنا يتضح لماذا انه يُشبه الحجة عليه السلام بالشمس إذا غيبتها السحاب.
المقدم: يعني هذا يشمل جميع الائمة عليهم السلام؟
السيد: طبعا هذا ليس خاصا لكن باعتبار انه نحن الآن.
 المقدم: وضوحها.
السيد: ليس فقط وضوحها وإنما نحن نعيش هذه القضية، نمارسها، نتعاطاها فلهذا وردت عندنا، لأنه لا نراه فالإمام عليه السلام حاول أن يركز على ذلك البُعد الغيبي منه، لا البعد الظاهري، أما في زمن باقي الائمة كان يركز على البعد الظاهري، لأنه ذلك البعد الغيبي لا يُنظر إليه، ومن أهم الفروق، التفتوا جيدا اخواني أخواتي، ومن أهم الفروق بين هذين السنخين من الوظائف، نوعين من الوظائف، يعني الوظائف الظاهرية التي عبرنا عنها من قبيل البيان الحلال، الحرام، والقيادة السياسية، وإرشاد الأمة، والقدوة، ومساعدة الناس والفقراء والمستضعفين، والأدوار الملكوتية، التي هي من أهمها الشهادة على أعمال الخلائق، أن الذي يقبل الغصب والمنع والتقدم والتأخر هو القسم الأول.
 المقدم: إمامان قاما أو قعدا.
السيد: احسنتم، يعني الذي يمكن أن يؤخذ من علي أمير المؤمنين هو أن يؤخذ منه القيادة السياسية فلا يسمح له، هو لا يعطى له مركزا أساسياً في إرشاد الأمة، هو أن لا يُسمع قوله في الحلال والحرام وفي الهداية، هو هو إلى غير ذلك، هذه الامور قد يُمنع منها، قد يؤخر، قد يُقدم، ولكنه الكلام في القسم الثاني، وهي في ما يتعلق بليلة القدر، في ما يتعلق بالشهادة على الأعمال، في ما يتعلق بأمور أخرى، لذا أنا الآن مرة أخرى اقول، أنا إنما وقفت عند هذه القضية حتى تعرفون لأنه مباشرة أريد أن أاخذ الأثر العقائدي للقضية، ليست القضية قضية معلوماتية، ثقافة عامة أنا أريد أن اثقف الشيعة فيها، لا لا أبداً، أريد أن تكون هذا محور عقدي في إيماننا، في عقائدنا، هذه المسألة مسالة إيمانية، مسالة عقائدية ليست مسالة عملية حتى نصلين ركعتين أو لا نصلي.
المقدم: يعني من مات ولم يعرف إمام زمانه.
السيد: هذا من كمال الإيمان، يعني أن الإنسان مرة يعرف أن الإمام الصادق معصوم وتجب طاعته، نعم هذا القدر كافي، ولكن هذا أدنى الإيمان، هذا الذي نحن في البحث السابق عندما جئنا إلى تعريف ومعرفة الشيعي كنا نتكلم بالتمييز بينه وبين الموالي على مستوى العمل، أما على مستوى الاعتقاد قلنا له حديث آخر وله مقامات أخرى، هذه الجملة الآن ااكدها وأبينها للمشاهد الكريم، هذا الذي قلناه مرارا في علي وأهل بيته، قلنا الذي نعتقده في ائمتنا لا نصب في الغدير ولا غُصب في السقيفة.
المقدم: جعل الهي.
السيد: ذاك أمر تكويني ذاك، يعني الذي نُصب في الغدير هو أي شيء؟ الامر الظاهري، يعني إمامة الأمة ا لسياسية، الإمامة الدينية، المرجعية الدينية، بيان الحلال الاسترشاد بهم، الاهتداء بهم، دعوة الأمة إليهم، ولكن الأمة قد تقبل وقد لا تقبل، ولكن هناك ادوار تكوينية، تلك لم تذكر في الغدير حتى يستطيع البعض أن يعزلهم في السقيفة، لا.
لذا من الآن اعرفوا اخواني أن الإمامة التي نعتقدها، من هنا يتضح الجواب عن سؤال أساسي وهو انه إذن ما هي مهام الإمام في زمن الغيبة؟ إذا حصرناها في الامور الظاهرية الآن نقول عاطل عن العمل، لا يوجد عنده عمل، لأنه عنده إرشاد الناس، الآن لا يستطيع، بيان الحلال والحرام، الآن لا يستطيع، أما إذا قلنا مسؤولياته لها بعدان أساسيان، بعض الأبعاد قد يمنع عنها ولكنه توجد هناك أفعال وجودية تكوينية هذه مستمرة إلى قيام الساعة والى أن يرث الله الارض.
المقدم: لا يمكن أن يُستغنى عنها فيها.
السيد: لا يمكن، هذا النظام الوجودي لا يقوم الا بوجود الإمام عليه السلام.
طبعا إلى هنا بنحو الإجمال وقفنا عند الشرط الأول، وهو ضرورة تحمل الشهادة وتحمل الشهادة يتوقف على رؤية الأعمال، ورؤية الأعمال تحتاج إلى أداة وهي العلم، الشرط الثاني إنشاء الله تعالى يأتي.
المقدم: الشرط الأول هو النور الإلهي.
السيد: هذا الذي قلنا هو أداته، وهذا الذي عُبر عنه في الروايات بروح القدس، أنا لا أريد أن ادخل في التفصيل، الأخوة يستطيعون أن يرجعوا إلى كتابي العصمة وكتابي بحث حول الإمامة، هذه الأداة الروايات عبرت عنها بأنها روح القدس، هذا النور الإلهي.
المقدم: يعني نسبة إلى الله تبارك وتعالى، يعني أداة إلهية؟
السيد: نعم، نعم، الآن إنشاء الله الشرط الثاني والمؤهل الثاني إنشاء الله يأتي إنشاء الله يأتي في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى.
المقدم: مشاهدينا الأكارم نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والحمد لله رب العالمين.