انحراف اليهود وتحريفهم
انحراف اليهود وتحريفهم
مركز آل البيت العالمي
قيل في التاريخ أنّه المرآة الصادقة التي تعكس ما تركه الماضين . وقيل هو
سجل الحضارات الحافل بالنشاطات والفعّاليات المختلفة، إلاّ أنّ أكثريّته
الساحقة تتحدّث عن الأباطرة والسلاطين والملوك والزعماء، وقليل ما هو
يتناول الشعوب المغلوبة على أمرها، إلاّ أنّه يعتبر المحكمة العادلة التي
توضّح للإنسان في مرافعاتها قضايا الخير والشّر والصلاح والفساد، ليتّخذ
منها عبرة وموعظة حسنة، فيشقّ سبيله الحضاريّ، مستفيداً من تلك التجارب،
لكنّه قيل : التاريخ يعيد نفسه. فالإنسان بهوى' نفسه وحبائل الشيطان لا
يعتبر بالماضين، إلاّ من وطّن نفسه على اتّباع الحقّ والفضيلة والخير، ليصل
إلى قمّة التكامل الإنسانّي والوجدانّي.
فحضارة الإنسان هي سلسله متكاملة متّصلة الحلقات ممّا يقوم به ويقدّمه كلّ
جيل للجيل الذي يعقبه، وهذا يقوم بدوره في بناء الحضارة، وهكذا حتى جاء دور
الإنسان المعاصر، ويستمّر كذلك مادامت الدنيا.
وجميع الشعوب والمجتمعات ساهمت بصورة مباشرة أو غير مباشرة في نموّا
الأفكار والعلوم وصنع الحضارات التي هي اللبنات الأولى' لحضارتنا المعاصرة.
وقد دخلت يد التحريف إلى التاريخ، وأخذ كلّ مؤرّخ أو طائفة أو مجتمع برسم
قسمات ما يعتقد فيه ويؤمن به، دون رعاية للحقّ والحقيقة.
وقد تخصّص اليهود في كتابة هذا النوع من التاريخ المحّرف والمزوّر، وقد
سجّل لهم التاريخ مواقفهم المخزية في عدائهم للإنسان، وإشعالهم نيران
الحروب، وإحداثهم للخراب والفساد، وغرسهم للنفاق والكذب والدجل. فما من حرب
ولا من مأساة إلاّ واليهود فيها قطب الرّحى'، ظاهراً علناً أو خفيّاً
مستتراً.
وإذا تصفّحنا الكتب السماوية التي تعامل الشعوب والمجتمعات بميزان القسط
والعدل نجدها تصف اليهود بأبشع الأوصاف، وكأن الملائكة التي خاطبت الباري
عزّ وجلّ بقولها: ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ
يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ) ؟ كانت تُعني اليهود
الذين لم يكن لهم سهم في بناء الحضارة الإنسانيّة ، بل كان ديدنهم ولا يزال
إشعال نار الحروب وتأجيج الفتن ، لهدم الحضارات والقيم والموازين، وإفشاء
الفساد والانحلال الخلقي، لتتجرّد الشعوب والمجتمعات والطوائف من جوهر
الأخلاق وروح الإيمان ، فتكون خاوية هزيلة لا تقوى على شيء ، سهلة المنال،
فينقضّوا عليها انقضاض الوحش الكاسر على فريسته، فيسيطروا على مقدرّات تلك
الشعوب والأمم بأبرع طرق الخداع والنفاق والاحتيال.
لذلك نجد أنّ الله جلّت قدرته قد ركّز على بني إسرائيل في بعث الأنبياء
والرسل (عليهم السلام) إليهم، لغرض هدايتهم إلى طريق الحقّ، ونجاتهم من سبل
الكفر والفساد والغيّ. فبعث إليهم ما إنّ بعثه إلى مجتمعات وأمم العالم
قاطبة لم يبلغ ربع ما بعثه إليهم من أنبياء ورسل، ومع ذلك فقد تأصلت فهيم
روح العناد والفساد والانحلال والجريمة ، حتى أنّهم عادوا أولئك الأنبياء
والرسل ( عليهم السّلام ) الذين ابتغوا الخير والصلاح لهم ليس إلاّ،
فحاربوا بعضهم وحاكوا لهم حبائل الفتن، وقتلوا بعضهم الآخر.
وقد جاءهم النبي موسى ( عليه السّلام ) بالآيات البيّنات ، ونجّاهم من
فرعون الذي ذبّح أبناءهم، واستحيى نساءهم ، ففرق لهم البحر بإذن ربّه
فعبروا سالمين، وأغرق الله فرعون وجنده، فما أن خرج بنو إسرائيل من البحر
ولم تجفّ أقدامهم بعدُ حتى طلبوا من موسى'( عليه السّلام ) أن يجعل لهم
أصناماً يعبدونها : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي
إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى
أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ
آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ).(1)
فهذه النفوس الذليلة التي لا تعرف إلاّ المادّة جعلتهم من عبدة المادّة عبر
التاريخ، أمّا اليوم فالقوم أبناء القوم.
ولسنا بصدد استقصاء جميع مخازيهم ومحاولا تهم الدنيئة عبر التاريخ في تحريف
الحقائق ، لكنّ هناك أمر مهمّ قد تخصّص اليهود فيه وبرعوا فيه ، وهو أنّهم
كانوا يحرّفون كتب السماء ويبتدعون كتباً من عندهم على أنّها من الكتب
السماويّة. وهذه الحقيقة قد كشفها القرآن الكريم بقوله جلّ من قائل:
( مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ
عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ
مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ)
.(2)
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ
كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ
مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
.(3)
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ
بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا
بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ
وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ )(4)
(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا
ثُقِفُوا إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا
بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ
الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ
)
.(5)
هذه نماذج من آيات مباركات عديدة تكشف حقيقة اليهود وطباعهم من كذب ونفاق
وقتل للأنبياء وغلظة في القلب وأكل للسُحت وإفشاء للفساد حتى أنّ الله جلّ
وعلا مسخهم قردة وخنازير، لعتوّهم في الأرض وعنادهم للحقّ وفسادهم في
الأرض، هذا في الدنيا ولعذاب الآخرة أشدّ وأخزى .
ومن الآيات الشريفة التي تصف عنادهم للحقّ لمّا جاءهم :
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا
فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا
قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ).(6)
وكان موسى' عليه السلام قد اختار منهم سبعين رَجلاً هم من خيار بني
إسرائيل، وذهب بهم إلى ميقات ربّه، ليسمعوا خطاب الله تعالى لموسى ( عليه
السّلام )، فلمّا سمعوه أخذتهم العزّة بالإثم وقالوا لموسى ( عليه السّلام
)
( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ
حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ).(7)
فكأنّهم يمنّون على الله أن لا يؤمنون به حتى يروه!! هكذا هم خيارهم، فكيف
بالعاديّين منهم، فضلاً عن شرارهم ؟!
لقدا أبدع اليهود وأجادوا فنّ تحريف وتزييف الحقائق، بل وحتى الوقائع لكثرة
ممارستهم وولوغهم في الجرائم والمنكرات ، وقد أجادوا تخطيطها وهندستها
بدقّة متناهية، ثمّ تطبيقها بأمهر الطرق والأساليب ، وبكلّ هدوء وتؤدّة
ورويّة ، حتى أصبح الآن مصير الأديان في خطر إذا لم يهبّ زعماء الأديان
والمذاهب السماويّة لمجابهة هذا الخطر اليهودي الجهنّمي ، وتنبيه وتحذير
المؤمنين ، وكشف تلك الأساليب والممارسات الدنيئة لعصبة اليهود المنحرفة،
في تعاملهم وقابليّتهم في النفوذ والتسلّل بأساليب الإغراء المتنوّعة عن
طريق المادّة والجنس وبأسلوب التزلّف والرياء .
لقد كُشفت مخطّطات اليهود وأساليبهم الخسيسة، وتُرجمت إلى عدّة لغات
عالمية، لفضحها أمام مختلف الشعوب والملل لتسليط الأضواء عليها ومساعدتهم
لئلاّ يقعوا في شراك هذه العصبة الشيطانيّة، ويسقطوا بين أذرعها
الأخطبوطيّة، ويتلوّثوا بأدرانها النجسة، وقد ترجم ذلك إلى اللغة العربية
الأستاذ محمّد خليفة التونسيّ تحت عنوان ( الخطر اليهودي ) أو بروتوكولات
حكماء صهيون . والوقائع والحقائق المثبّتة في هذا الكتاب تطابق تماماً ما
يجري اليوم على الساحة العالميّة، وفق هذه المخطّطات البغيضة.
وقد مارس اليهود تحريفهم للأديان بإتقان ودقّة، ومهّدوا لذلك منذ عهد السيد
المسيح ( عليه السّلام ) والى يومنا هذا: نصّ البروتوكول السابع عشر من
كتاب (الخطر اليهودي :
( وقد عنينا عناية عظيمة بالحطّ من كرامة رجال الدين من الأمميين
(8) في أعين الناس، وبذلك نجحنا بالإضرار برسالتهم التي كان يمكن أن
تكون عقبة كؤوداً في طريقنا ، وإنّ نفوذ رجال الدين على الناس يتضاءل يوماً
فيوماً.
اليوم تسود حريّة العقيدة في كلّ مكان، ولن يطول الوقت إلاّ سنوات قليلة
حتّى تنهار المسيحيّة بدداً انهياراً تامّاً ، وسيبقى' ما هو أيسر علينا
للتصرّف مع الديانات الأخرى'. سنقصر رجال الدين وتعاليمهم على جانب صغير
جدّاً من الحياة، وسيكون تأثيرهم وبيلاً سيّئاً على الناس حتّى أنّ
تعاليمهم سيكون لها أثر مناقض للأثر الذي جرت العادة بأن يكون لها.
حينما يحين الوقت في تحطيم البلاط البابوي تحطيماً تامّاً ، فإنّ يداً
مجهولة مشيرة إلى الفاتيكان ستعطي إشارة الهجوم، وحينما يقذف الناس أثناء
هيجانهم بأنفسهم على الفاتيكان سنظهر نحن كحماة له لوقف المذابح . وبهذا
العمل سننفذ إلى أعماق قلب هذا البلاط، وحينئذ لن يكون لقوّة على وجه الأرض
أن تخرجنا منه، حتّى نكون قد دمّرنا السلطة البابويّة ، إنّ ملك إسرائيل
سيصير الباب الحقّ للعالم بطريك الكنيسة الدولية.
ولن نهاجم الكنائس القائمة الآن حتّى تتمّ إعادة تعليم الشباب عن طريق
عقائد مؤقّتة جديدة، ثمّ عن طريق عقيدتنا الخاصة، بل سنحاربها عن النقد
الذي كان وسيظلّ ينشر الخلافات بينها.
وبالإجمال…ستفضح صحافتنا الحكومات والهيئات الأمميّة الدينيّة وغيرها، عن
طريق كلّ أنواع المقالات البذيئة، ونحطّ من قدرها إلى مدىً بعيد، لا
تستطيعه إلاّ أمّتنا الحكيمة).(9)
هذا المخطّط القذر الذي طبّق منذ أمد بعيد، لم يكن وليد قرننا الحاضر،
إنّما هو نتيجة تجارب امتدّت عبر قرون متطاولة من عهد النبي موسى ( عليه
السّلام ) والى يومنا هذا، وقد فضح الله جلّ وعلا اليهود على يد سيّدة
فرنسيّة تمكّنت من الحصول على هذه المخطّطات من أحد أقطاب الماسونيّة التي
أسّسها اليهود لإخضاع العالم وتسخير الطوائف والأمم والأفراد لإرادتهم
وأهوائهم تحت شعار الماسونيّة.
وأوّل من نفّذ هذا المخطّط هو ( بولص ) الذي كان يهوديّاً معاصراً لسيّدنا
المسيح ( عليه السّلام )، وكان من ألدّ أعدائه، وأشرس عدوّ لتعاليمه ( عليه
السّلام ) وأنصاره. فقد ورد في الفصل الثامن من أعمال الرسل ،1-3 ما نصّه :
( وحدث في ذلك اليوم اضطهاد شديد على الكنيسة التي بأورشليم فتبّدد الجميع
في البلاد اليهودية والسامرة ماعدا الرسل ) .
وأمّا شاؤول (بولص) هذا فكان يسطو على الكنيسة، ويدخل بيتاً فبيتاً، ويجرّ
الرجال والنساء ويسلّمهم إلى السّجن، ولم يقف بولص عند هذا الحدّ من
اضطهاده للمسيحيّين في نفس أورشليم، بل كان يأتي بهم من سائر الأنحاء ويزجّ
بهم في غياهب السجون والمعتقلات، يعّذبهم أشدّ عذاب، وينكل بهم أشدّ تنكيل،
ويقتلهم شرّ قتل، وخاصّة تلاميذ السيّد المسيح ( عليه السّلام ). فنجد في
الفصل التاسع من أعمال الرسل ، 1-3 ما نصّه : ( … وكان شاؤول ( بولص ) لا
يزال يقذف تهديداً وقتلاً على تلاميذ الرّبّ، فأقبل إلى رئيس الكهنة وطلب
منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات، حتّى إذا وجد أناساً من هذه الطريقة،
رجالاً ونساءً، يسوقهم موثّقين إلى أورشليم )
هذا العدّو اليهودي تجده يدخل في المسيحيّة بعد صلب السيّد المسيح ( عليه
السّلام ). على حدّ قولهم- مباشرة. وهنا يتساءل المرء: كيف تنصّر هذا بعد
موت السيّد المسيح ( عليه السّلام ) - كما يدّعون-؟ وخاصّة أن تنصّره هذا
لم يكن طبيعيّاً، ففي الفصل التاسع من أعمال الرسل ، 3-6، و21 جاء : (
حينما كان بولص ذاهباً إلى دمشق أبرق حوله نور من السماء، فسقط على الأرض
وسمع صوتاً يقول له: شاؤول، شاؤول ، لِمَ تضطهدني؟ فقال: من أنت يا ربّ ؟
قال: أنا يسوع الذي أنت تضطهده، أنّه لصعب عليك أن ترفس المهماز. فقال وهو
مرتعد منذهل: يا ربّ، ماذا تريد أن أصنع ؟ فقال له الربّ : قم وادخل
المدينة وهناك يقال لك: ماذا تفعل ؟ وماذا ينبغي لك أن تصنع ) ؟.
فبعد هذه العداوة وهذا البطش والقتل بالمسيحيّين إذا ببولص الجزّار يدخل في
المسيحيّة ويتنصّر عقب هذه الرؤية المغزولة، فهل أنّه تنصّر عن إيمان
وعقيدة وإصلاح سريرة ؟! أم أنّ هناك مهمّة قد عُهد إليه القيام بها ؟!
بعد إلقاء نظرة فاحصة على موقف التلاميذ من بولص، بعد تنصّره، يتّضح يقيناً
أنّه دخل من أجل تحريف الدين المسيحيّ، وهذا ما حصل فعلاً، فقد حاول بولص
بعد هذه الرؤية المفتعلة أن يتّصل بتلاميذ السيّد المسيح ( عليه السّلام )،
بعد رجوعه من دمشق إلى أورشليم، لكنّهم ( أو جسوا منه خيفة ولم يصدّقوا
إيمانه، فأخذه برنابا وأحضره إلى التلاميذ )
.(10)
موقف تلاميذ السيّد المسيح ( عليه السّلام ) من بولص هذا يبرّر بأنّهم
شاهدوا بأمّ أعينهم أعماله القبيحة وجرائمه الشرّيرة ضدّ المسيحيّين، فلم
يكونوا ليثقوا بتنصّره.
وبعد أن آمن - على حدّ قولهم - انطلق مباشرة - ولمّا يفهم تعاليم السيّد
المسيح ( عليه السّلام ) بعد، إلى التبشير بالدين المسيحيّ ، فأخذ يجوب
الأقاليم والمُدُن يبلّغ لرسالة السيّد المسيح ( عليه السّلام ) ، وقد
استغلّ مواهبه الذاتيّة في التأثير الكبير على الناس وحرف أفكارهم،
وإبعادهم عن المسيحيّة الحقّة ، فقد كان تقيلاً ذكيّاً محنّكاً، فصيح
اللسان، عذب البيان . فاستطاع بهذا أن يطرح نفسه داعية للمسيحيّة، وأن
يغلغل أفكاره وآراءه إلى الدين المسيحيّ، فنسي الناس ماضيه المجرم الخبيث
في حقّ المسيحيّة والمسيحيّين.
وقد أدخل بولص غالب العقائد الوثنيّة في الدين المسيحيّ، وشرع بذلك في هدمه
بعد أن عرف تأثيره في نفوس المسيحيّين، فقد دعا إلى التصوّف، وأنّه لا يجب
على أحد الأخذ بشريعة التوراة بعد صعود السيّد المسيح ( عليه السّلام
).رسالته إلى أهل غلاطية، 24:3.
وأنّ تكاليف الدين المسيحيّ قد أسقطت، حيث قال لهم : ( أمّا الآن فقد
تحرّرنا من الناموس، إذ مات الذي كنّا ممسكين فيه حتى نعبد بجدّة الروح لا
بعتق الحرف ). رسالته إلى أهل روميه، 6:7.
مع أنّ كلام السيّد المسيح (عليه السلام) وتأكيده على دوام الشريعة
واستمرارها، حيث قال : ( تظنّوا أنّي جئت لأنقص الناموس والأنبياء؟! ما جئت
لأنقص، بل لأكمل. الحقّ أقول لكم أنّه إلى 'أن تزول السماء والأرض لا يزول
حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس، حتّى يتمّ الكلّ. فمن نقص واحدة من تلك
الوصايا الصغار، ويعلم الناس هكذا، فإنّه يُدعي صغيراً في ملكوت السماوات
). إنجيل متّى، 5: 18-20.
ولم يُقم بولص دعواه من غير بيّنة ، بل استدلّ على ذلك بأنّ السيّد المسيح
( عليه السّلام ) لُعِن بعذاب الصلب ، وعُذّب بدلاً عن أمّته ، فلا تلحقهم
لعنة ترك الشريعة، حيث حمل هو أوزارهم كاملة على عاتقه إلى الأبد، لأنّه
كتب في التوراة بسفر التشتية،23:21:( كلّ من صلب فهو ملعون الربّ ). رسالته
إلى أهل غلاطية،13:3.
نستجير بالله سبحانه وتعالى ونستعيذه من هذا الافتراء القبيح على نبّي الله
السيّد المسيح عيسى' بن مريم (عليهما السلام).
وكان هذا تمهيداً منه لإدخال الأفكار المنحرفة التي يريد إدخالها إلى أذهان
الناس، ولم يكن يتمّ هذا إلاّ بعد نزع ما في قلوبهم من عقائد، وغسل أدمغتهم
تماماً.
هذا وقد صرّح علماء تاريخ الأديان بأنّ بولص هذا هو الذي أدخل روايات
التثليث ، وعقيدة الفداء في الدين المسيحّي. وقد ذكر هذا ( ارتست يونس
)الألماني في كتابه (الإسلام ) .
وهؤلاء تلاميذ السيّد المسيح (عليه السلام) الكبار الذين أوجسوا خيفة من
بولص حين إعلانه تنصّره، يصرّحون بذلك، وهم أعلم الناس به. فقد كتب رئيس
الحواريّين (بطرس) في رسالته الثانية أنّ بولص حرّر رسائل فيها أشياء صعبة
الفهم، وحرّفت بواسطة أناس لا فهم لهم كما يفعلون في سائر الكتابات.رسالة
بطرس الثانية،3: 16.
واستخدام هذا النوع من الألفاظ المطّاطة المموّهة وغير الصريحة ، والتي لها
وجوه عدّة، هو عادة اليهود دائماً من أجل تملّصهم ، وإيقاع غيرهم في
الشبهات. فقد جاء في البروتوكول الثامن : ( يجب أن نؤمّن كلّ الآلات التي
قد يوجّهها أعداؤنا ضدّنا، وسوف نلجأ إلى أعظم التعبيرات تعقيداً وإشكالاً
في معظم القانون، لكي نخلّص أنفسنا إذا أُكرهنا على إصرار أحكام تكون طائشة
أو ظالمة؛ لأنّه سيكون هامّاً أن نعّبر عن هذه الأحكام بأسلوب محكم، حتى
تبدو للعامّة أنّها من أعلى نمط أخلاقيّ، وأنّها عادلة وطبيعيّة حقّاً ).
الخطر اليهودي ص142.
وهذا برنابا أيضاً أحد التلاميذ الكبار، وهو الذي جاء ببولص إلى التلاميذ ،
يصرّح في إنجيله بانحراف بولص قائلاً : ( بعد أن انطلق يسوع تفرّق التلاميذ
في أنحاء إسرائيل والعالم المختلفة . أمّا الحقّ المكروه من الشيطان فقد
اضطهده الباطل ، كما هي الحال دائماً ، فإنّ فريقاً من الأشرار المدّعين
أنّهم تلاميذ بشّروا بأنّ يسوعاً مات ولم يقم ، وآخرون بشّروا بأنّه مات في
الحقيقة ثمّ قام ، وآخرون بشّروا ولا يزالون يبشّرون بأنّ يسوعاً هو ابن
الله، وقد خُدع في عدادهم بولص ) . إنجيل برنابا، 122: 1-2.
وفي كتاب ( العقائد الوثنيّة في الديانة النصرانيّة ) للمرحوم محمّد طاهر
التنير البيروني، أنّ هناك أصولاً أخذت من العقائد الوثنيّة وأدخلت في
النصرانية، مستنداً في ذلك إلى مطابقة كتب الوثنيّين الهنود مع الإنجيل
المحرّف.
وكلّ هذه المحرّفات كان قد أدخلها بولص كما يظهر من رسائله.
ومن هنا يتّضح قوله عزّ وجلّ في قرآنه الكريم في هذا الصدد من تشابه عقيدة
النصارى' وعقيدة اليهود مع عقيدة الوثنيّين : (
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ
قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى
يُؤْفَكُونَ).(11)
وهكذا كان ديدن اليهود مع الديانات الأخرى' ، حيث تسلّلوا إليها ليحرّفوا
ما نزل من الربّ الجليل، لهداية عباده وإنقاذهم من الضلال والجهل والفساد.
فأرادوا تنفيذ الخطّة ذاتها في الدين الإسلامّي الحنيف، المحفوظ من قبل
الله عزّ وجلّ، حيث أنّ اليهود هم ألدّ أعداء الرسول ( صلى الله عليهم وآله
وسلّم ) والمسلمين. وقد صرّح القرآن الكريم بذلك تصريحاً قاطعاً، بينما
أكّد مودّة المسيحيّين النصارى' للمسلمين بقوله :
( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ
وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ
آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ
قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ).(12)
هذا، مع أنّ التوراة كانت تبشّر بالنبي الأكرم محمّد بن عبد الله (صلّى'
الله عليه وآله وسلّم)، وكان اليهود يهدّدون الوثنّيين العرب وينذرونهم
ببعث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم ). فلّما بُعث كانوا أوّل كافر به،
ثمّ إنّ جماعة من كبار أحبارهم كـ ( كعب الأحبار ووهب بن منبّه وعبد الله
بن سلام ) وغيرهم دخلوا في الإسلام ظاهراً واتّبعوا نفس الأسلوب القذر الذي
مارسه بولص، محاولين تحريف الإسلام وهدمه بإدخال الخرافات والأباطيل
وحشروها بين الأحاديث الشريفة، مع تنافيها مع عظمة الإسلام الخالدة، وحكمته
البالغة، وقد تصدّى’ جمع من الصحابة لكعب وكذّبوه، كما وألّف العلماء
المسلمون كتباً عديدة لتبيان أحاديث كعب وأمثاله الموضوعة، وميّزوها عن
الأحاديث الشريفة الصحيحة، وسمّوا تلك الأحاديث الموضوعة بـ (
الإسرائيليّات ).(13)
وقد تمكّن كعب الأخبار – بأسلوبه المراوغ – النفوذ إلى' جموع المسلمين، حيث
أصبح يدرّس التوراة وتفسيرها في المسجد.(14)
وقد كان لعداء اليهود الذين كانوا يقطنون المدينة المنوّرة، للرسول الأكرم
( صلى الله عليه وآله وسلّم ) وللرسالة الإسلاميّة الحقّة مواقف كثيرة، فقد
أثاروا الفتن، وكانوا يحرّضون القبائل ويحثّونهم على قتال الرسول ( صلى
الله عليه وآله وسلّم ) والمسلمين، رغم أنّهم قد أعطوه مواثيق بعدم مناصرة
أعدائه. فما كان منه (صلّى' الله عليه وآله وسلّم) إلاّ أن جلاهم من
المدينة المنوّرة، كبني قريظة وبني القينقاع وبني النضير. وذلك معروف مشهور
في التاريخ.
ولم يستطع اليهود أن يمدّوا أيديهم إلى القرآن الكريم لتحريفه، لأنّه محفوظ
من قبل الله عزّ وجلّ، وأنّه معجزة الرسول الأكرم ( صلى الله عليهم وآله
وسلّم ) الخالدة، وهو محفوظ في صدور المسلمين، حيث قال الربّ العظم في محكم
كتابه الكريم : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا
الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ).(15)
على أنّ اللام في لفظة ( لحافظون ) توكيديّة من الله جلّت وعظمت قدرته.
وقد عمدت إسرائيل مؤخّراً إلى طبع نسخ من القرآن الكريم وتحريف آياته
الشريفة التي تذمّ بني إسرائيل وتعرّيهم على حقيقتهم، وما أن نشرت ذلك
القرآن المحرّف حتى هرع المسلمون وخاصّة علماء الجامع الأزهر فسجّلوا
القرآن الكريم بصوت القارئ الشيخ محمود الحصري ووزّعوه في جميع بلدان
العالم، وجمعوا نسخ القرآن المزيّف وأتلفوها.
ولا يزال اليهود يحاولون محاولاتهم الدنيئة للتسلّل إلى الأديان السماوّية
وتحريفها بشتّى' الوسائل ، وقد بلغت هذه الذروة في وقتنا المعاصر. فقد جنّد
اليهود جيشاً جرّاراً من اليهود الذين تسلّلوا إلى الديانتين المسيحيّة
والإسلاميّة بقصد تحريفهما والتمهيد لإيجاد الكيان الصهيوني، وقد نفذت
إسرائيل إلى قلب الفاتيكان فجعلته يبّرئ اليهود من قتل السيّد المسيح (عليه
السّلام) - كما يدّعون - وهو أصل العقيدة المسيحيّة . كما أنّهم تغلغلوا في
صفوف المسلمين فجنّدوا رجالاً منهم فاقتحموا الأزهر وتخرّجوا منه بأعلى
الشهادات، ثمّ تبيّن أنّهم يهود!!
فقد ألقى الأستاذ محمّد علي العلويّة كلمة في ندوة الأصفياء في مصر
الجديدة، أمام الزعيم الفلسطيني الحاج أمين الحسيني جاء فيها أنّه ظهر بعد
حرب اليهود مع العرب في فلسطين أنّ شيخاً فقيها مسلماً ترأّس دائرة الوعظ
والدرس الإسلاميّ في المسجد الأقصى' مدّة عشرين سنة ، وآخر مثله في خان
يونس، وهما يحملان شهادة عالية من الجامع الأزهر، حتى إذا نشأت إسرائيل
اختفيا، ثمّ ظهر فيما بعد أنّهما من اليهود، وقد كان من مهمّتهما الفقه
الإسلامي، يعملان على النيل من الإسلام والمسلمين تمهيداً التأسيس إسرائيل.(16)
كما أنّهم أعدّوا خمسة آلاف قسّيس بروتستانتيّ من قسس أمريكا الشمالية
أجمعوا على مطالبة رئيس الولايات المتّحدة آنذاك (السير ترومان) بمساعدة
اليهود على إقامة دولتهم إسرائيل.
كذلك تهالك بعض مطارنة لبنان على مساعدة اليهود في إنشاء دولتهم، حتى' دفع
هذا التهالك المطران أغناطيس مبارك إلى توجيه كتاب إلى هيئة الأمم المتّحدة
يقول فيه بالنصّ الصريح : ( إذا لم نُنشئ دولة يهودية في فلسطين فلا نستطيع
الحياة – نحن اللبنانيّين - على أبواب الشرق ) .
وفي حفل دينّي يهوديّ بمدينة بيروت حضره البطريك، وكانت برفقته عريضة قال
المطران اليهودي هذا: ( أنا مطران اليهود وهذا بطريرككم
).(17)
ولا يزال هذا الدعم مستمرّاً من قبل الموارنة لليهود، وقد أصبحوا الطابور
الخامس لإسرائيل ضدّ الفلسطينيين المتواجدين في لبنان، حتى تدخّلت سوريا
فأعلنوا الحرب عليها، ودمّروا لبنان، ولم يفهم هؤلاء أنّها مؤامرة يهوديّة
لاحتوائهم، فصاروا كبش الفداء، مع علم الجميع بأنّ إسرائيل تعتقد أنّ
اليهود هم أفضل وأسمى' من المسيحيّين والمسلمين وسائر الملل الأخرى ،
وأنّهم شعب الله المختار، والأعجب من هذا أنّ الموارنة كانوا قد أبيدوا في
حربهم مع الدروز سنة 1860م لولا تدخلّ المسلمين لنجدتهم. فردّوا إليهم هذا
الجميل باعتدائهم على منطقة النبعة واحتلالها بعد أن قتلوا المسلمين وذبحوا
الأطفال، وادّعوا أنّ ( شربل) ظهر من النبعة من أجل أن يضّموها إلى وطنهم
الماروني الذي يحلمون به، ولم يعلم هؤلاء أنّ ( شربل ) في الواقع إنّما ظهر
في الأشرفيّة على أيدي السوريّين. كلّ هذا سهل وبسيط في مقابل تحريف اليهود
للإنجيل على مرأىً ومسمع من المسيحيّين ومن الفاتيكان بالذات، وكأنّ
المسيحيّين لا وجود لهم. ولسنا ندري لماذا هذا التخاذل والتقاعس والتواطؤ
من قبل النصارى' أمام هذا الحدث الرهيب، تحريف أقدس كتاب عندهم، ولعلّ
المسيحيّين مازالوا نُوّماً بعد أن دخل اليهود الفاتيكان، وعمدوا إلى أصل
الدين النصرانيّ فحرّفوه وأبطلوه على يد البابا الذي أعلن براءة اليهود من
قتل السيّد المسيح (عليه السّلام) - حسب زعمهم - وصلبه، وهذه نصوص الإنجيل
العديدة صريحة في مسألة صلبه، فقد جاء في إنجيل متّى، 27: 27-34 ما يلي:
( فأخذ عسكر الوالي يسوعاً إلى دار الولاية ، وجمعوا كلّ الكتيبة فعرّوه
وألبسوه رداءً قرمزيّاً وضفروا إكليلاً من الشوك ووضعوه على رأسه، وقصبة في
يمينه، ثمّ جَثَوْا أمامه يستهزئون به قائلين : السلام يا ملك اليهود ،
وبصقوا عليه ، وأخذوا القصبة ، وضربوه على رأسه ، وبعدما استهزؤا به نزعوا
عنه الرداء وألبسوه ثيابه ، ومضوا به للصلب ، ولمّا صلبوه اقتسموا ثيابه
بينهم، واقترعوا عليها ) !! راجع قصّة الصلب في :
1ـ إنجيل مِرقس، 14: 32-51
2ـ إنجيل لوقا، 22: 39-51.
3ـ إنجيل يوحنّا، 18: 1-14.
فهذه الأناجيل صريحة ومتّفقة على أنّ اليهود هم الذين قتلوا السيّد المسيح
( عليه السّلام ) وصلبوه ، وهذا أصل العقيدة لديهم. فاليهود إذن هم
المسؤولون عن إراقة دمه ، ومع هذا فإنّ البابا بولص السادس الذي يطابق اسمه
اسم بولص الذي تسلّل إلى النصرانيّة بعد موت السيّد المسيح ( عليه السّلام
) لإبطال هذه العقيدة ، قد خالف الإنجيل ، وأصدر في السادس من شهر أكتوبر
عام 1965م وثيقة التبرئة ، وقال: ( إنّ ما ارتكب ضدّ السيّد المسيح لا يمكن
أن يعزى' إلى اليهود قاطبة دون تمييز، السالفين منهم والحاضرين ) .
مع العلم أنّ التوراة صريحة بأنّ ذنوب الآباء يكفّر عنها الأبناء . ففي سفر
الخروج، 20: 5 نجد: ( أنا الربّ إلهك إله غيور ، أفتقد ذنوب الآباء في
الأبناء في الجيل الثالث والرابع ) .
والإنجيل صريح بأنّ الذي يحمل وزر دم السيّد المسيح ( عليه السّلام ) هم
اليهود وأبناؤهم . فقد جاء في إنجيل متّى، 27: 23-26 ما يلي : ( فلمّا رأى
بيلاطس أنّه لا ينتفع شيئاً، ولكن يزداد البلبال، أخذ ماءً وغسل يديه أمام
الجميع قائلاً: أنا بريء من دم هذا الصدّيق. فأجاب الشعب قائلين : دمه
علينا وعلى بنينا ) .
وقد حرّف اليهود الإنجيل نفسه، فطبعوه سنة 1970م ، وقد صدر في القدس عن دار
النشر اليهودية ما يلي : ( وقد حرّف في هذه الطبعة (251) تحريفاً في
الأناجيل الأربعة ، وفي أعمال الرسل (165) ، وفي الرسالة إلى أهل رومية
(62) ، وفي رسالة أهل كورنتوس (17) ، وفي رسالة أهل غلاطية (12) .
وهذه نماذج من نصوص حرّفتها إسرائيل معتمدة في الإنجيل على الترجمة العربية
المطبوعة في بيروت والصادرة عن المطبعة الكاثوليكية سنة 1951م. ففي إنجيل
متّى ما نصّه : ( ولمّا كان الغد تشاور كلّ الرؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على
يسوع ليقتلوه ). متّى، 27: 1.
وفي النسخة الإسرائيلية ( أصبح تشاور كلّ الرؤساء والكهنة وشيوخ الشعب على
يسوع ليدينوه ) .
كما عدمت إسرائيل إلى نصّ الصلب وهو من أصول الدين المسيحّي وهو : ( فأجاب
جميع الشعب قائلين : دمه علينا وعلى بنينا ). متّى، 27: 26.
فحرّفته ووضعت مكانه: ( فأجاب الرعاع وقالوا: دمه عليه ) .
وهذا التحريف دقيق ومتقن ، حيث جعلته موافقاً لأغراض اليهود ، فعمدت إلى
تحريف كلمة ( شيوخ الشعب ) وهم اليهود طبعاً ، فجعلت مكانها كلمة(الرعاع) .
وجعلت دم السيّد المسيح (عليه السّلام) عليه .
وبذلك برئ اليهود من دمه .
وفي إنجيل متّى، 26: 3-4 تجد ما يلي : ( فتشاوروا أن يمسكوا يسوعاً بمكر
ويقتلوه ) فحرّف النصّ في النسخة الإسرائيليّة فصار : ( وتشاوروا لكي
يمسكوا يسوعاً بمكر وينفوه ) .
وفي إنجيل مرقس، 10: 24 ما يلي : ( هو ذا نحن صاعدون إلى أورشليم، وابن
البشر سيسلّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة. فيحكمون عليه بالموت ) فحرّف النصّ
وأصبح : ( ها نحن صاعدون إلى أورشليم ، وابن الإنسان يسلّم إلى الكهنة
والكتبة فيدينونه ) .
وفي إنجيل لوقا، 23: 1 النصّ : ( وقرب عيد الفطر المسمّى الفصح ، وكان
رؤساء الكهنة والكتبة يلتمسون كيف يقتلون يسوعاً ) .
فحرّف إلى: ( وكان الكهنة والكتبة يطلبون كيف يضايقونه ) .
وحرّفوا قصّة الصلب في إنجيل لوقا،23: 21-22 الذي نصّه : ( فناداهم بيلاطس
مرّة أخرى ، وهو يريد أن يطلق المسيح . فصرخوا قائلين: أصلبه! أصلبه ) .
فجعلوه هكذا : ( فناداهم بيلاطس ، وهو يريد أن يطلق المسيح. فصرخوا قائلين:
أبعده عنّا، أبعده عنّا ).
وفي إنجيل يوحنّا، 7: 20-21 تجد الأصل ( ... أليس موسى' أعطاكم الناموس،
وما أحد منكم يعمل بالناموس ؟ لماذا تطلبون قتلي ) ؟! فحرّف إلى:( أليس
موسى أعطاكم الكتاب المقدّس ، وليس أحد فيكم يعمل بالكتاب المقدّس؟ لماذا
تطلبون أن تضايقوني ) ؟
وفي إنجيل يوحنّا، 19: 17 حرّفت قصّة الصلب. ففي الأصل : ) وحينئذ أسلّمه
إليهم- إلى اليهود- ليصلبوه - فأخذوا يسوعاً ومضوا به ).
فصار في النسخة الإسرائيليّة المحرّفة: (فحينئذ أسلّمه إلى الرومان ليصلب،
فأخذوا يسوعاً ومضوابه ).
وفي أعمال الرسل، 2: 15-24 تجد النصّ : ( فقام بطرس مع الأحد عشر ورفع صوته
وخاطبهم قائلاً : أيّها الرجال اليهود الساكنون في أورشليم أجمعون ، يا
رجال إسرائيل ، أسمعوا هذا الكلام : إنّ يسوعاً الناصري الذي أشير لكم إليه
من الله بالقوّات والعجائب والآيات التي صنعها الله على يديه فيما بينكم
كما أنتم تعملون، لمّا أسلم بحسب مشورة الله المحدودة وعلمه السابق،
صلبتموه وقتلتموه بأيدي الأثمة ) .
وقد حرّفه اليهود وجعلوه: (هذا أخذتموه مسلماً بمشورة الله المحترمة وعلمه
السابق، وقد صلبته أيدي الرومان وقتلته ).!!!
بهذه الوقاحة وبهذه الصلافة عمدت إسرائيل إلى تحريف الإنجيل المقدّس أمام
أعين الكنيسة، طبقاً للوثيقة التي أصدرها البابا في تبرئة اليهود. وهذا ما
خطّط له اليهود أنفسهم، وحقّقوه بأبرع الأساليب كما تقدّم في نصّ
البروتوكول .
وختاماً ندعو إخواننا من أبناء الدين المسيحّي الحقّ، وكذا من يبحث عن
الحقّ والحقيقة حقّاً من اليهود، إلى ضيافة قرآننا الكريم الذي دعاهم بقوله
: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى
كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا
نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ
دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
).(18)
وآخر دعوانا أن الحمد الله ربّ العالمين
ـــــــــــــــــــ
(1) الأعراف: 138.
(2) النساء: 46.
(3)
البقرة: 75.
(4) البقرة: 79.
(5)
آل عمران: 112.
(6) البقرة: 93.
(7) البقرة: 55
(8) الأمميّون عند اليهود هم الشعوب غير
اليهودية، التي سخّرها الله سبحانه وجعلها عبيداً شعبه المختار(اليهود) في
عقيدتهم، ولذا لا يرون أيّ حرمة لأيّ شعب أو أي دين.وهذا ما أشار القرآن
الكريم إليه بقوله : ( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميّين سبيل).آل
عمران:75.
(9) الخطر اليهودي ص187-188،فليطالع كلّ مسلم
وكلّ إنسان يطلب الحقّ والحقيقة. هذا الكتاب القيّم الخطير .
(10) أعمال الرسل، 9: 26-27.
(11) التوبة: 30.
(12)
المائدة: 82.
(13) أضواء على السنّة، محمود أبو ريّة، ص147
وما بعدها.
(14) طبقات ابن سعد، ج7،ص110.
(15) الحجر:9.
(16) دين وتمدّن لمحمّد علي الحوماني ج1 ص127
( بالفارسيّة) .
(17) دين وتمدّن لمحمّد علي الحوماني ج1 ص127
( بالفارسيّة) .
(18) آل عمران: 64.