شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

يا بنت خير المرسَلين

2 المشاركات 05.0 / 5

قـد بـاتَ مِن نار الخُطُوبِ لَسِيعا         لـم تَـألفِ الـعَينانِ مـنه هُجُوعا
ويَـبيت فـي لـيلِ الـتَّمام مُسَهَّداً         أرِقـاً عـلى شوكِ القَتادِ فَجيعا(1)
مـا لـليالي الـنادراتِ شُغِفنَ بي         حـتّى شُـجِيتُ بـغدرِها مفجوعا
ورَمـينَني غـدراً بـسهمِ جَـفائِها         فـأصَبْنَ مِن قلبي القريحِ صُدُوعا
لـم أسـتَطع صبراً على ما نابَني         بل بِتُّ مِن نُوَبِ الزمانِ جَزُوعا(2)
ذابـت بِـطارِقةِ الـرزايا مُهجتي         فـأسَـلْتُها مِـن مُـقلَتَيَّ دُمُـوعا
يـجري على عكسِ القضيّة حُكمُها         رَفْـعاً وخَـفْضاً، دانـياً ورفـيعا
فـخَفَضْنَ مِـن خيرِ الكرامِ رفيعا         ورَفَـعْنَ مِـن شَـرِّ اللِّئامِ وضيعا
وتـرى الخلافةَ أصبَحَت في أكْوَعٍ         وتـرى أمـيرَ المؤمنين خليعا(3)

* * *

مـاذا يُـريد الـقومُ بـالبيتِ الـذي         زُكّـي أُصـولاً قـد سَمَت وفُروعا
أوَ لـيس هذا البيتُ بيتَ المصطفى         والـمُرتجى يـومَ الـجزاءِ شـفيعا!
مـا ذَنـبُ أمِّ الـنيِّراتِ ومَـن بِهِم         قد شَعّ ضوءُ النيِّراتِ سُطُوعا ؟!(4)
إذ أسـقَطوها « مُحسِناً » فتساقَطَت         دُرَرُ الـدموعِ مِن الفَخارِ نجيعا!(5)
أوَ ليس « مُحسنُ » درّةَ الشرفِ التي         يـزهو بـها جِيدُ الزمانِ نُصُوعا ؟!

* * *

يـا بَضعةَ الهادي التي في فَخْرِها         سـادَت نـساءَ الـعالمينَ جميعا
مـا بـالُ إرثِكِ مِن أبيكِ قد غدا         دونَ الـبريّةِ كـلِّها مَـمنُوعا ؟!
مـاذا أقـولُ وفـي الفؤاد سرائرٌ         مـا كـنتُ في قولي لَهُنّ مُذيعا ؟
هـل كـان في شَرعِ النبيِّ محمّدٍ         حُـكْمُ الـتَّوارُثِ بِدعةً تشريعا ؟!
بُـشْرى الصحابةِ أنّهم قد شاققوا         حُـكْمَ الإلـهِ ونـهجَه المَشرُوعا!
قـد أنكروا الوحيَ المُبينَ مُصدِّقاً         دَعـوى البتولِ فلم يكن مسموعا
قـد ضيّعُوا الثقلَينِ: قُرآنَ الهُدى         ظُـلْماً، وبنتَ المصطفى تَضْييعا
مـا كـان أشجاها وأقصرَ عُمرَها         مُـذ جُرِّعَت كأسَ الأسى تجريعا!
نُـزَعَت يـداً مِن إرثِها وحقوقِها         وتـلَفّعَت ثـوبَ الأسـى تَـلْفيعا
ولبيتِ أحزانِ البتولِ قد آكتسى الْ         بـيتُ الـحرامُ مِن الحِدادِ دُرُوعا

* * *

واحَـسرة الـدِّينِ الـحنيفِ لنكبةٍ         قـد فـجّرَت صَلْدَ الصَّفا يَنبُوعا
أتَـطول بَـلْواها ويُقْصُر عمرُها         وتَـروحُ في إثْرِ النبيِّ سَريعا ؟!
يا ليتَ شِعري والأسى مِلْءُ الحشا         ولقد طَويتُ علَى الشجونِ ضُلوعا
ما بالُ قبر الطُّهْرِ بنتِ المصطفى         مـا بـينَ هـاتيك القبورِ أُضِيعا!
يـا بـنتَ خير المرسَلين ومَن لَهُ         شـادَ الإلـهُ سِماكَها المرفوعا(6)
صـلَّى عـليكِ اللهُ ما هَبَّت صَبا         أو سَجّعَت وُرْقُ الحِمى تسجيعا(7)

--------------

1 ـ ليل التمام: الليالي الطويلة. السُّهاد: السَّهَر والأرق. شوك القَتاد: شجر صلب له شوك كالإبَر.
2 ـ الجَزوع: الذي فقَدَ صبرَه، وظهر تكدّره.
3 ـ الأكوَع: الأفلج، كناية، عن العجز هنا والقصور.
4 ـ أُمّ النيِّرات: أمّ الأئمّة الأنجم النيرّات، وهي فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها وعليهم.
5 ـ في ( الوافي بالوفيات 347:5 ) كتب الصفديّ: إنّ (فلاناً ) ضرب بطن فاطمة عليها السّلام يومَ البيعة، حتّى ألْقَت « المحسَّنَ » مِن بطنها.
6 ـ السِّماك: البناء الرفيع.
7 ـ ريح الصَّبا: ريح الشمال الطيّبة الرخيّة.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية