أيّ رُزْء ؟!

مـصائبُكم شـتّى، وشـتّى قبورُكُم         ورُزْؤُكـمُ مِـنه الـفؤادُ تَـصَدَّعا
وأعـظم رُزْءٍ حَـلّ بـالطُّهرِ فاطمٍ         له الكونُ مِن حرّ المُصاب تزعزعا
وأعـظمُ مـنه رُزْءُ سِـبْطِ مـحمّدٍ         غـداةَ بـيومِ الـطفِّ نادى فأسمعا
لَـئن هشّمُوا ضلعاً من الطُّهْرِ واحداً         فـهذا حـسينٌ هـشمّوا منه أضلُعا
وإن أثّـر المسمارُ في جَنْبِ جسمِها         فـجسمُ حـسينٍ بـالسيوفِ تَوزّعا
وإن أسـقطوا منها الجنينَ بعصرةٍ         فـقطع وريـدِ الطفل قد كان أفظَعا
وإن أحـرقوا بـيتَ البتولِ بنارِهِم         فـقد أحـرقوا أبـياتَ زينبَ أجمَعا
وإن لـم تَرَ الزهراءُ مَصرعَ وُلدِها         فـقد رأتِ الحوراءُ سبعين مصرعا
وإن مـنـعوها تـستظلُّ، فـشِبلُهـا         تَـجرّعَ مِـن حرّ الظَّما ما تجرّعا
وإن ذرَفَـت دمـعاً فـتلك بـناتُها         خَـلَطْنَ دمـاً عـند الـبكاء وأدمُعا
وإن مَـنعُوها الـنَّوحَ، إنّ بـناتها         بُـحِحْنَ فـما طِـقْنَ النياحةَ والنَّعا
وإن لَـبِسَت لَـمّا تَـبَّدت خِمارَها         فـما تـركوا لـلفاطميّات بُـرقُعا
وإن صار مِن ضرب السياط بزِنْدها     كـما الـدُّمْلُجُ المُسْوَدُّ أدمى فأوجعا
فـإنّ سـياط الشمرِ أدمَت جوارحاً         مِن الضربِ حتّى لم يُغادِرْنَ موضعا
وإنْ كـفَلَ السبطَينِ في اليُتْم حيدرٌ         فـهذي يتامى السِّبط في البَرِّ ضُيَّعا
وإن سـحبوا الـكرّارَ مِن باب دارِهِ         فـقد سـحبوا الـسجّادَ للشامِ مُزمَعا
وإن قـيّدوا كـفَّي عـليٍّ بِـحبلِهم         وقـد كان ليثاً في الحروب سَمَيدَعا
فـكَفّا أبـي الفضل العميد تقطّعَتْ         وزِنْــداهُ والـعينانِ أُطْـفِئتا مَـعا
وإن شـيّعوا بـالليلِ جـثمانَ فاطمٍ         فـقـد مـنعوا جـثمانَه أن يُـشَيَّعا
وإن دُفِـنت سِـرّاً فـإنّ حـسينَها         رَمَـوه ثـلاثاً فـي الـفَلاةِ مقطَّعا
وإن ودّعَـت عـند المماتِ حليلَها         فـقد أعجلوا الحوراءَ عن أن تُودِّعا
نـعم.. جاءت الحوراءُ لكنّها رأَتْ         أخـاها عـلى وجهِ الصعيد مُبَضَّعا
فـلو نَظَرت عيناكَ زينبَ إذ هَوَتْ         تـنـوحُ عـليه حـسرةً وتَـفَجُّعا!
تـقول: أخـي لـو خَيَّرونيَ منزلاً         حَـفَرتُ لموتي قربَ قبرِك مَضجَعا
لقد أظلَمَتْ مِن بعدِك الأرضُ والسَّما     فـقد غيّبوا من شمس وجهِك مَطْلعا
فـلِـلهِ رُزءٌ مــا رُزِئـنا بـمِثلِهِ         ولا مِـثلُه خَـطْبٌ أصـمَّ وأسـمعا
سلامٌ علَى الثاوي لدى أرضِ كربلا         وقـد صَرَعوا حولَيهِ شِيباً ورُضّعا
سلامٌ علَى الشيبِ الخضيبِ مِن الدِّما     يـفوح عـبيرُ المِسكِ منه تَضَوُّعـا
سـلامٌ على الجسمِ السليبِ بلا رِدا         كَـسَتْه الـدماءُ الـحُمْرُ ثَوباً ومِلْفَعا
سلامٌ علَى الرأس المُشالِ علَى القَنا         بـآيةِ أهـلِ الـكهفِ يـتلو مُرَجِّعا
سلامٌ علَى الصدرِ الرَّضيضِ بخيلِهم     وقـد كـان لـلسرِّ الإلهيِّ مَوضعا
سـلامٌ عـلَى المهديِّ مِن آلِ أحمدٍ         مـتى يَـنشُر الراياتِ للثأرِ مُسرِعا
أغِـثْنا رعـاك الله مـنك بـطلعةٍ         فـلولا انـتظارُ الـثأر مُتْنا تَوجُّعا
أغِـثْنا فـإنّ الـحزنَ مـزّق قلبَنا         ولـم يُبقِ في قوس التصبُّرِ مَنْزَعا