شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

أمّ الزمان

1 المشاركات 05.0 / 5

أمّ الزمان


السيّد محمد جمال الهاشمي


شَـعَّت.. فـلا الشمسُ تحكيها ولا القمرُ     « زهراءُ » مِن نورِها الأكوانُ تَزدهرُ(1)
بـنتُ الـخلودِ لـها الأجـيالُ خـاشعةٌ         أمُّ الـزمـان إلـيـها تـنتمي الـعُصُرُ
روحُ الـحياة، فـلولا لُـطفُ عـنصرِها     لـم تـأتَلِفْ بـيننا الأرواحُ والصُّوَرُ(2)
سَـمَت عـن الأفـق.. لا رُوحٌ ولا مَلَكٌ     وفـاقـت الأرض.. لا جِـنٌّ ولا بَـشَرُ
مـجـبولةٌ مِــن جـلالِ اللهِ طـينتُها         يَـرِفُّ لُـطفاً عـليها الصَّونُ والخَفَرُ(3)
مـا عـابَ مَـفْخرَها الـتأنيثُ إنّ بـها         عـلَى الـرجالِ نـساءُ الأرضِ تَـفتخِرُ
خـصالُها الـغُرُّ جَـلّت أن تـلوكَ بِـها         مِـنّـا الـمَقاوِلُ أو تَـدنو لـها الـفِكَرُ
مَـعنى الـنبوّةِ سـرُّ الـوحيِ، قد نَزلَتْ     فـي بـيتِ عـصمتِها الآيـاتُ والسُّوَرُ
حَــوَتْ خِـلالَ رسـولِ اللهِ أجـمَعَها         لـولاَ الـرسالةُ سـاوى أصلَه الثَّمَرُ(4)

* * *

تَـدرّجَت في مَراقي الحقِّ عارجةً         لِـمَشرِق النورِ حيث السِّرُّ مُسْتَتِرُ
ثـمّ انْـثَنَت تَـملأُ الدنيا معارفُها         تَـطوي القُرونَ عَياءً وهي تنتشرُ
قُل لِلّذي راحَ يُخفي فضلَها حَسَداً:         وجـهُ الحقيقةِ عنا كيف يَنْسَتِرُ ؟!
أتَـقرِنُ النورَ بالظلماءِ مِن سَفَهٍ ؟!         ما أنتَ في القولِ إلاّ كاذبٌ أشِرُ(5)

* * *

بـنتُ الـنبيّ الـذي لـولا هدايتُهُ         مـا كـان لـلحقِّ لا عينٌ ولا أثَرُ
هـيَ الـتي وَرِثَـت حقّاً مفاخِرَهُ         والـعطرُ فيه الذي في الوردِ مُدَّخَرُ
فـي عـيدِ ميلادِها الأملاكُ حافلةٌ         والحورُ في الجنّة العُليا لها سَمَرُ(6)
تزوّجَت في السما بالمرتضى شَرَفاً         والـشمسُ يَقرنها في الرتبة القَمَرُ
عـلى الـنبوّة أضْفَت في مراتبِها         فَـضْلَ الـولاية لا تُـبقي ولا تَذَرُ
أمُّ الأئـمّةِ مَـن طَـوعاً لرغبتِهم         يـعلو الـقضاءُ بنا أو يَنزِل القَدَرُ

* * *

قفْ يا يَراعيَ عن مدحِ البتولِ ففي         مـديحِها تَـهتِفُ الألـواح والزُّبُرُ
وارجِـعْ لتستخبِرَ التاريخَ عن نبأً         قـد فـاجَأَتْنا بـه الأنباءُ والسِّيَرُ
هل أسقَط القومُ ضرباً حَملَها فَهَوَتْ         تَـئِنُّ مِـمّا بها والضلعُ مُنكسِرُ ؟!
وهـل كـما قيل قادوا بَعلَها فَغَدَتْ         وراه نـادبةً والدمعُ مُنهمِرُ ؟!(7)
إنْ كـان حـقّاً فإنّ القومَ قد مَرَقوا         عـنِ الهدى، وبِدِين الله قد كفروا!

--------------

1 ـ تحكيها: تشابهها وتناظرها.
2 ـ في الحديث القدسيّ يخاطب الله تعالى آدمَ عليه السّلام: هؤلاء خمسةٌ مِن وُلْدِك ( أي النبيّ وعليّ وفاطمة والحسن والحسين )، لولاهم ما خلقتُك.. لولاهم ما خلقتُ الجنّة ولا النار، ولا العرشَ ولا الكرسيّ، ولا السماءَ ولا الأرض، ولا الملائكة والإنس ولا الجنّ.. ( فرائد السمطين للجوينيّ الشافعيّ 36:1 ).
3 ـ الخَفَر: شدّة الحياء.
4 ـ عن عائشة: ما رأيتُ أحداً أشبهَ سَمْتاً ولا دلاًّ ولا هَدْياً برسول الله صلّى الله عليه وآله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله ( مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوريّ 272:4، وذخائر العقبى للمحبّ الطبريّ ص 40 ).
5 ـ الأشِر: البَطِر العابث.
6 ـ في ( كفاية الطالب ص 300 / الباب 79 ) كتب الگنجيّ الشافعيّ: عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: أيُّها الناس، هذا عليُّ بن أبي طالب، أنتم تَزعُمون أنّني أنا زوّجتُه ابنتي فاطمة، ولقد خَطبَها إليّ أشراف قريشٍ فلم أُجِب كلَّ ذلك، أتوقّع الخبرَ من السماء، حتّى جاءني جبرئيلُ عليه السّلام ليلةَ أربعٍ وعشرين من شهر رمضان فقال: يا محمّد، العليُّ الأعلى يقرأ عليك السّلام، وقد جمع الروحانيّين والكروبيّين في وادٍ يُقال له « الأفيح » تحت شجرة طُوبى، وزوّج فاطمةَ عليّاً، وأمرَني فكنتُ الخاطب، واللهُ تعالى الوليّ، وأمر شجرة طوبى فحمَلَت الحُليَّ والحُلل والدرّ والياقوت ثمّ نثَرَته، وأمرَ الحورَ العين اجتمعن فلقَطْن، فهُنّ يَتهادَينه إلى يوم القيامة ويَقُلن: هذا نِثارُ فاطمة.
7 ـ في ( علم اليقين 686:2 ـ 688 ) كتب الفيض الكاشانيّ: ثمّ إنّهم تواثبوا على أمير المؤمنين عليه السّلام وهو جالسٌ، واجتمعوا عليه حتّى أخرجوه سحباً مِن داره مُلبَّباً بثوبه يجرّونه إلى المسجد، فحالت فاطمة بينهم وبين بعلها، وقالت: واللهِ لا أدَعُكم تجرّون ابن عمّي ظلماً، وَيْلكُم! ما أسرعَ ما خُنتمُ الله ورسولَه فينا أهلَ البيت! وقد أوصاكم رسول الله صلّى الله باتّباعنا ومودّتنا والتمسّك بنا فقال الله تعالى: « قُلْ لا أسألُكُم علَيهِ أجْراً إلاَّ المودّةَ في القُربى » ( سورة الشورى:23 ).. ( ويراجع: إثبات الوصيّة للمسعوديّ ص 124، والكافي للكلينيّ 237:8 / ح 320، وتاريخ الطبريّ 619:2، وتفسير العيّاشيّ 67:2 ).

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية