تسابيح

تسابيح

جعفر الجعفر

أُبـدي وبـآسمِ الله جئتُ أُردّدُ         لا بالحِسانِ الغِيدِ رِحتُ أُمهِّدُ(1)
كـلاّ ولا أُبـدي التغزُّلَ.. إنّني         بِـحِمى الـبتولِ وذِكرِها أتهجّدُ
فلأجْلِها لم يأتِنا في « هل أتى »         ذِكـرٌ لِـحُورِ العِين حيث تُخلَّدُ
بـل أتلُو تسبيحاً لأجلِ مديحِها         فـي فضِلها يحلو المديحُ ويُسعِدُ

* * *

اللهُ أكـبـرُ قــد بـدأتُ بـذِكرِهِ         فـإلـى رضـاهُ بـمدحِهم أتـقصّدُ
اللهُ أكـبـرُ قــد وقـفتُ بـبابِها         أرجـو الـمديحَ وذي دموعي شُهَّدُ
اللهُ أكـبـرُ كـم يُـسائلُني فـمي:         مـالـي أراكَ بـمدحِها تـتردّدُ ؟!
اللهُ أكـبر قـلتُ: لا أقـوى عـلى         مدحِ السماءِ.. فكيف مَن هي أبعدُ ؟!
اللهُ أكـبـرُ قـد سـعَيَتُ بـنورِهِ         فـإذا كَـبَوتُ فـبالبتولِ أُسَـدَّدُ(2)
اللهُ أكـبرُ قـد قـصدتُ مـديحَها         فـلها بـها مـنها إلـيها الـمقصدُ
اللهُ أكــبـرُ هَـلِّـلُوا لـولـيدةٍ         وُلِـد الـوجودُ لأجـلها.. ومحمّدُ!
اللهُ أكـبـرُ فـالـجِنانُ تـألَّـقَتْ         والـحـورُ مِـن عـليائِها تَـتَحشّدُ
اللهُ أكـبرُ يـا لـها مِـن روعـةٍ         فـكأنّ نورَ الشمسِ منها عَسْجَدُ(3)
اللهُ أكـبـرُ يــا لِـنفحِ قُـدُومِها         خَــدُّ الـورودِ بـذِكرِها يـتورّدُ
اللهُ أكـبـرُ هـل بَـدَت أنـوارُها         كـلاّ.. فـبعضُ ضـيائها يـتوقّدُ
اللهُ أكـبـرُ طَــلَّ فـرعُ مـحمّدٍ         أكْـرِمْ بـفرعٍ لـلأُصولِ مُوطِّدُ(4)
اللهُ أكـبـرُ قــد حُـبِيتَ هـديّةً         هـي فـاطمٌ.. أنْـعِمْ بـها يا أحمدُ
اللهُ أكـبـرُ يــا مـلائكَ ربِّـنا         فـقَعُوا سـجوداً لـلبتولِ ومَـجِّدوا
اللهُ أكـبـرُ قـد تَـطَيّب ذِكـرُها         طِـيباً أتـى مِن حيثُ طاب المولدُ
اللهُ أكــبـرُ كَـبِّـروا لـولـيدةٍ         ودَعُـوا الـصلاةَ بِـذِكرِها تَتَصعّدُ
اللهُ أكـبـرُ مَـن يُـعدِّدُ فـضلَها         تَـفنى الـدهورُ ولا تـزال تُعَدِّدُ!
اللهُ أكـبـرُ مَـن يُـحدِّدُ نـورَها         كـلاّ.. فـأصلُ الـنورِ لا يتحدّدُ!
اللهُ أكـبـرُ مـن يُـصوِّرُ كُـنهَها         ذا نـورُ ربّـي في البتولِ مُجَسَّدُ!
اللهُ أكـبـر مــا كـفاطمَ كـوثرٌ         دُرُّ الأئـمّـةِ مِـن سَـناه يُـنَضَّدُ
اللهُ أكـبـرُ مـا حـلاوةُ إسـمِها         كـالشَّهدِ.. بـل أحلى، وقلبي يَشهَدُ
اللهُ أكـبـرُ يــا جـبالُ فـأوِّبي         هـذي الأمـانةُ حَملُها كم يُحْهِدُ!(5)
اللهُ أكـبـرُ قـد تـجلّى فَـخْرُها         حـقّاً بـها إذ مـا تـفاخَرَ أحـمدُ
اللهُ أكـبـرُ يــا لِـبنتِ مـحمّدٍ         يـا بَـضعةً.. بـل نـورُه المتوقّدُ
اللهُ أكـبـرُ قــد فَـديتُ تـرابَها         فـمِن الـبقيعِ شَذا النبوّةِ يَصعدُ(6)
اللهُ أكـبـرُ نـورُ عـينِ مـحمّدٍ         لـولا عـيونُكِ كـلُّ عـينٍ تَرمدُ
اللهُ أكـبـرُ يــومَ زُفَّـت مِـثلَما         شـمسُ الـشموسِ إلى المجرّةِ تُعقَدُ
اللهُ أكـبـرُ لـيـلةَ الـقَدرِ الـتي         لا ألـفَ قَـدرٍ قـدرُها.. بل أزيدُ
اللهُ أكـبـرُ مــا أجَـلَّكِ فـاطماً         حــبُّ الإلــهِ بـحـبِّها يـتوكّدُ
اللهُ أكـبـرُ زِدْ إلـهـي حـبَّـها         أنــا إن فَـنِيتُ بـحبِّها لَـمُخلَّدُ
اللهُ أكـبـرُ قــد تَـنوّرَ إسـمُها         زهـراءُ تَـزهَرُ لـلجِنانِ وتُـسعِدُ
صـلُّوا عـليهم فـالصلاةُ عـليهمُ         هـي شاهدُ التسبيح.. هيا فآشهدوا

* * *

حـمداً إلـهي قـد رَحِمتَ بأُمّةٍ         لِـمَ لا.. وفيها قد تَنَزّلَ أحمدُ ؟!
حـمداً إلـهي إنّـنا مِـن فِـرقةٍ         كُـتِب الـنجاةُ لها.. فحيدرُ سيّدُ
حـمداً إلـهي فـالبتولُ مَـنارُنا         أفَهَلْ نخافُ ونورُ فاطمَ يُرشِدُ ؟!
حـمداً إلـهي قـد تَـزكّى أمرُنا         بـالمجتبى الـحسن الزكيِّ يُسَدَّدُ
حـمداً إلـهي فـالحسينُ شفيعُنا         فـعلى دِمـاهُ دموعُ عيني تَشهَدُ
حـمداً إلـهي قد دعوتُك مخلصاً         بـدعـاءِ زيـنِ الـعابدينَ أُردِّدُ
حـمداً إلـهي قـد هُـدِيتُ بباقرٍ         بَـقَرَ الـعلومَ بـخيرِ وِرْدٍ يُورَدُ
حـمداً إلـهي قـد تـجمّع أمرُنا         فـبِصادقٍ شَـمْلُ الجماعة يُحشَدُ
حـمداً إلـهي أن رَشُدتُ بكاظمٍ         مـوسى الـكليم بِـرُشْدهِ يُتَرشَّدُ
حـمداً إلـهي مِـن رضاك إلهَنا         تـكميلُ هَـدْيِك بـالرضا يَتحدَّدُ
حـمداً إلـهي فـالجواد بـجودِهِ         أسـدى لـنا نِـعَماً بـه تَـتَحَدَّدُ
حـمداً لـربٍّ قـد هُدِيتُ بِهَدْيِهِ         لإمـامِنا الهادي.. فكيف أُشَرَّدُ ؟!
حـمداً لـربٍّ أنْ جَعَلتَ عقيدتي         بـالـعسكريّ ونـهـجهِ تَـتقيَّدُ
حـمداً لـربٍّ صـادقٍ في وعدِهِ         فـالقائمُ الـمهديُّ نِـعمَ الـموعدُ
حـمداً إلهي سوف ينهض ثائراً         وبـروحِ قُـدسِك لا نَـشكُّ يُؤيَّدُ
حـمداً إلـهي سـوف يأتينا غداً         أنا بآنتظارك سيّدي.. فمتى الغدُ ؟
صـلوا عـليهم فـالصلاةُ عليهمُ         هي شاهدُ التسبيح.. هيّا فاشهدوا

* * *

الـحمدُ لـلهِ الـذي مِـن فضلِهِ         أنـا مـسلمٌ، لا مشركٌ، لا مُلحِدُ
الـحمدُ حـمدَ الشاكرين لفضلِهِ         فـبِـمَنّهِ، وبـجـودهِ نـسترفدُ
الـحمدُ لـلهِ الـذي عـهدي بِهِ         فـي الـذَّرِّ كـنتُ بحبِّهم أتقلّدُ
حـمداً لـربّي قد سُقيتُ ولاءهُم         فـي حـضنِ أُمٍّ بـالولايةِ تَشهدُ
حـمداً لـربّي قـد حباني والداً         لَـهِجاً بـحبِّ المرتضى ومُردِّدُ
حـمداً لربّي قد هُدِيتُ صراطَهُم         فَهُمُ الصراطُ المستقيمُ لِمَن هُدُوا
حـمداً لـربّي قد أراني فضلَهُم         لِـمَ لا وقـلبي فـيهمُ يَتنهَّدُ!(7)
حـمداً لـربّي أنّـني لـولاهُمُ         لَـبَصرتُ لـكنْ جَفنُ قلبي أرمدُ
حـمداً لـربّي ما بقلبي غيرُهُم         قـالقلبُ مِـن أعـدائِهم متجرِّدُ
حـمداً إلـهي قد سُعِدتُ بِحبِّهم         دنـياً.. وفـي يومِ القيامةِ أَسعدُ
الـحمدُ لـله الـذي جَعَل الهدى         بـمـحـمّدٍ وبـآلـهِ يـتـأبَّدُ
الـحمدُ لـله الذي كشَفَ الدُّجى         فـبفاطمٍ كـلُّ الـظلامِ مُبَدَّدُ(8)
حـمداً لـمَن جعَلَ النجومَ هدايةً         والـكوكبُ الدُّرّيُّ فاطمُ فرقدُ(9)
الـحمدُ لـلهِ الـذي هـم بـابُهُ         لُـذْنا بـبابٍ مِـن عُلاك مُشَيَّدُ
الـحمدُ لـله الـذي سَـعْيي بِهِم         أفَهَل يُخَيَّبُ مَن سعى يا أجودُ ؟!
حـمداً إلـهي فـالحسابُ عليهمُ         يومَ المَعاد.. لذا آطمئِنُّوا واسعُدوا
صَـلُّوا عـلى نـورِ النبيِّ وآلِهِ         فـالحِرْزُ فـيها مِن حَسُودٍ يَحسِدُ

* * *

سـبحانَ ربّي كنتَ كنزاً خافياً         فـخلَقْتَ نـورَ محمّدٍ لك يُرشِدُ
سـبحان ربّـي لا يُكيَّفُ وصفُهُ         فَـهُمُ الـصفاتُ لربِّنا، وهمُ اليدُ
سـبحان ربّي ما لغيرِك مقصدٌ         أنا إن قَصَدتُ لهم فوجهُك أقصُدُ
سـبحان ربّـي هم إليك توسّلي         أفَـهَل إلهى مِن جِنانِك أُطرَدُ ؟!
سـبحان ربّـي هم إليك طريقُنا         إنّ الـطـريق بِـهَدْيِهمُ لَـمُعبَّدُ
صَـلُّوا عـلى نورِ النبيِّ وآلِهِ         خُـصُّوا التي مَن بالجلالِ تُمَهَّدُ
سـبحانه.. البحرانِ حيثُ تَلاقَيا         بـحرُ الـبتولِ بـحيدرٍ يَتَرفَّدُ
سـبحانه.. لا يَـبغيانِ، فبينَهُم         ذا البرزخُ المذكور.. وهو محمّدُ
سـبحانه.. مَن بينَهم خَرَجَت لنا         مَـرجانُ خـيرٍ واللآلي زَبَرْجَدُ
سـبحانه.. قُـلْ لـلمُكذِّبُ فيهمُ         فـبأيِّ آلاءٍ لربِّكَ تَجحَدُ ؟!(10)
سبحانه.. مِن راحمٍ جعَلَ الحِمى         مِـن نـارهِ بِـحِمى البتولِ يُقيَّدُ
سـبحانه.. سـأل الـمودّةَ فيهمُ         وهـيَ المودّةُ.. كيف لا أتودّدُ!
سبحانه.. فلذا آرتضى لرضائِها         والـسُّخطُ حَـلّ لمَن لها يَتَصدّدُ
سبحانه.. جعَلَ الملائكَ طَوعَها         سَـلْ جَبرئيلَ لهزِّ المهدِ كم يَفِدُ!
سـبحانه.. آيـاتُه نَـطَقَت بها         فـالدهرُ والـتطهيرُ فيها تُنْشَدُ
سـبحانه.. قـد قال في قرآنِهِ:         « وَتَـزوَّدُوا ».. فلِذا بهم أتَزوّدُ
سبحان ربّي أن جَعلتُ ضياءهم         نـوراً لـوجهي يومَ فيه تُسَوَّدُ
سـبحان ربّـي أنّ حشري فيكمُ         يـا سـادتي.. فالعَودُ فيكم أحمَدُ
صـلّوا عـليهم فالصلاةُ عليهمُ         هي شاهدُ التسبيح.. هيّا فاشهدوا

------
1 ـ الغِيد: جمع غَيداء، وهي ذات القَدّ الممشوق.
2 ـ كَبَوتُ: عَثَرتُ
3 ـ العَسْجَد: الذهب.
4 ـ مُوطِّد: مُمهِّد.
5 ـ أَوِّبي: إرجِعي.
6 ـ الشذا العِطر.
7 ـ يَتنهّد: ينبض بالحياة.
8 ـ الدُّجى: الظلام الشديد. مُبَدَّد: مُزال.
9 ـ الفَرقد: الكوكبُ المضيء اللامع.
10 ـ تَجحَد: تُنكِر.