ورثَت خصالَ المصطفى
وَرِثَت خصالَ المصطفى
الشيخ صالح الفيلي(1)
أبْـصِرْ أخي.. إنّ السماءَ تَنَوَّرُ والأرضُ تزهو بالضياءِ وتَفْخَرُ
فالشمسُ مِن بطحاءِ مكّةَ أشرَقَت وغَـدَت إلـى كلِّ البقاعِ تُبشِّرُ
وُلِـدَت بـتولٌ بـالحِجازِ نـقيّةٌ حـوراءُ.. رمزٌ للطهارةِ مصدرُ
وتَـبلَّجَت أفـنانُ دَوحـةِ هاشمٍ نـوراً تَـغشّاهُ الـنسيمُ وعـنبرُ
وثـمارُها قـد أيَـنَعت وتألّقت ثـمّ آنبَرَت تجلو الظلامَ وتُزهِرُ
وتَضَوّعَ العَرفُ الأريجُ بغُصنِها وتَفوّحَ المِسكُ الرطيبُ الأذفرُ(2)
صـلَّى الإلهُ على الوليدةِ.. إنّها قـطبُ الـولايةِ فضلُها لا يُنكَرُ
* * *
وُضِعَت.. فسَبَّحَتِ الإلهَ وقَدّسَت ورَمَـت بِـطَرْفٍ للسماءِ تُفكِّرُ
زهراء.. أشرقَ للملائك نُورُها مِن قَبلِ آدمَ في السماء.. فكَبَّروا
والـربُّ أودَعَ نورَها في دَوحةٍ وَسْـطَ الجِنانِ.. عبيرُها يتفجّرُ
حـتّى إذا عَـرَجَ النبيُّ بجسمِهِ واللهُ يـفعلُ مـا يـشاءُ ويَقْدِرُ
دخَـلَ الجِنانَ فهلّلَت وتَبَسّمَت فـيها أزاهـيرٌ ودَوّحَ أخـضرُ
أكَـلَ الـمُعطَّرَ مِن لذيذِ ثمارِها فـأتى خـديجةَ نورُهُ لا يُستَرُ
أفـضى إلـيها فآستقرّ ببطنِها نـورٌ لـفاطمةَ الزكيّةِ يَبْهَرُ(3)
* * *
بـأبي وأُمّـي.. أيُّ حَمْلٍ حَملُها بـنتُ الـشفيعِ وفرعُه والكوثرُ
كـانت تُـحادِث أمَّـها فتَزيدُها أُنْـساً بـما تـتلو فـلا تتضجَّرُ
حـتّى إذا دَنَـتِ الولادةُ وَجَّهَت لـلـهِ قـلباً يـستزيدُ ويـشكرُ
مـولودةٌ طـابت وطُيِّبَ أصلُها وفـروعُها خـيرُ البريّةِ طُهِّروا
حـازَت عـلومَ الأنبياءِ وفضلَهم هـي مَـجْمعٌ للمَكْرُماتِ ومِحوَرُ
قـد زانَـها خُـلُقٌ عـظيمٌ رائعٌ تُغْضي حياءً في الحياة وتَخْفَرُ(4)
وَرِثَت خِصالَ المصطفى وسخاءهُ فَـغَدَت تُـفرِّق فَـيئَها لا تَحْجُرُ
* * *
واللهُ قَـدّر فـي الـسماءِ رواجَها فـبنى بها خيرُ البَريّةِ « حيدرُ »
فـتَزَيّنَت حُـورُ الجِنانِ وعُطِّرَت جَـنّـاتُ عَـدنٍ والـلآلئُ تُـنثَرُ
جِـبريلُ خـاطَبَها وأنّ صَـداقَها نِـصفُ الـبسيطةِ والبحارُ وأنْهُرُ
يـا شـيعةَ الزهراء، تُوِّج مَهرُها بـشفاعةٍ يـومَ الجزاءِ.. فأبشِروا
لا تَـقنَطوا مـن رحمةٍ، وتمسّكُوا بولائها.. وانْسُوا الخطيئةَ واهجُروا
وتَـزوَّدوا لـلحشرِ مِـن آدابِـها فـي الحِلم والأخلاق.. لا تتأخّروا
ولْـتَنتَهجْ كـلُّ الـنساءِ سـبيلَها فـي عـفّةٍ تُـحْيي القلوبَ وتَعْمُرُ
* * *
وتـيـقنوا أنّ الـنـجاةَ بـحبِّها ولأجـلِه يـومَ الـقيامة نُـحشَرُ
فـتـقولُ: هـذا طـيّبٌ مُـتمتّعٌ بـولايـتي.. وفـؤادُه مـتعطِّرُ
قـولوا لـه: إنّ الـجِنانَ جزاؤُهُ في روضةٍ يَلقى النعيمَ ويُحْبَرُ(5)
فـتـوسَّلُوا بـمَـقامِها وبـآلِـها يا إخوتي عند النوائبِ.. واصبروا
صَـلُّوا عـلَى الهادي الأمينِ وآلِهِ وعـلَى الشفيعةِ للعُصاةِ.. وكبِّروا
-------------
1 ـ الشيخ صالح بن الشيخ حسين الفيلي ( آل دهمش )، وُلِد سنة 1369 هـ / 1950م في الكويت، ونشأ في جوّ الفضيلة والورع، حيث أحسن والده تربيته ونفعه أخوه الحاج عبدالأمير بمكتبته، فنَمت مواهبه الأدبيّة وتوسعة آفاقه.
2 ـ تَضوع: تنتشر رائحتها. العَرف: نبات زهري، ازهاره أُرجوانية. الأريج: الرائحة الطيبة. الرطيب: النديّ. الأذفر: الظاهر الرائحة.
3 ـ يبهر: يضيء.
4 ـ تخفر: تستحي أشدّ الاستحياء.
5 ـ يُحبَر: أي يُسَرّ سروراً.