لئلاّ تبقى حجّة

لئلاّ تبقى حجّة

إنّا أرسَلْنا نُوحاً إلى قومه (1).
الحقّ جلّ جلاله وتقدّست أسماؤه وتعالت صفاته.. قد عَلِم بعلمه القديم وقدّر أعمال وأفعال وأحوال الآدميّ التي بعضها سبب الشقاء وبعضها سبب السعادة، بعضها فيها خسران الروح وبعضها فيها خسران الإيمان، وعَلِم أنّ الإنسان لا يبلغ بعقله مصالح دينه، ولا يميّز بين عوامل السعادة والشقاء.. اختار ـ بحكم فضله وكرمه ـ أنبياءَ حكم بسعادتهم منذ الازل، وأطلعهم على هذا السرّ، وحمّلهم رسالة، وبعثهم إلى الخلق حتّى يَتبيَّنَ لهم ما يَتَّقون (2)، ليُروهم طريق الخوف والرجاء، وليميّزوا لهم السموم من مُضادّات السموم(3)، وليبيّنوا لهم نفع الإيمان وضرره(4).
ومَن آمن.. بَشّروه بفضل كبير. ومن أعرض عن الإيمان.. أنذروه بعذاب أليم، كما قال ربّ العزّة: رُسُلاً مُبَشِّرينَ ومُنذِرينَ لِئلاّ يكونَ للناسِ علَى اللهِ حُجّةٌ بَعدَ الرُّسُل (5).. لئلاّ تبقى لأيّ أحد من حجّة. (243:1 ـ 244)

----------
1 ـ نوح، من الآية 10.
2 ـ التوبة، من الآية 115.
3 ـ المراد المعصية والطاعة، فهما للروح كالسمّ ومضاده.
4 ـ أي ما يحصل من خير وشرّ.
5 ـ النساء، من الآية 165.