سيرة أصحاب الفتوّة

 نَحنُ نَقُصُّ علَيكَ نَبأَهم بالحَقّ؛ إنّهُم فِتيَةٌ آمَنوا بربِّهِم (1)
إنه لَشرف عظيم وإكرام جسيم ومناغاة لا نهاية لها أنّ ربّ العالمين قد عَدّ أصحاب الكهف فتية «إنّهُم فِتيَة». وقد أكرمهم الكرامةَ التي عَدّ فيها خليله إبراهيم عليه السّلام فتىً: قالوا: سَمِعنا فَتىً يَذكُرُهُم.. يُقالُ له: إبراهيم (2).
وسيرة أصحاب الفتوّة وطريقتهم ما قاله المصطفى صلّى الله عليه وآله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، الفتى: الصادق، الوفيّ، الأمين، الرحيم، المواسي للفقير، السخيّ، المضياف، الخيّر، الحَيِّي.
قيل: إن يوسف الصدّيق كان كبير أهل الفتوّة؛ فانّه وقع عليه من إخوته ما وقع من أصناف البلايا، ولمّا قَدرَ عليهم قال لهم: لا تَثريبَ عليكُمُ اليوم (3).
وفي الخبر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان جالساً، فجاء سائل يسأل. فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله.
ـ أكرموه.
فقام عليّ عليه السّلام وذهب. ثمّ عاد ومعه دينار وخمسة دراهم وقُرص من الطعام. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
ـ يا عليّ، ما هذا ؟
فقال:
ـ يا رسول الله، لمّا سأل السائل خطر بقلبي أن أُعطيه قرصاً، ثمّ خطر بقلبي أن أعطيه خمسة دراهم، ثمّ خطر بقلبي أن أعطيه ديناراً، فما رغبت ألاّ أُجري ما مرّ بخاطري وخطَر بقلبي.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
ـ لا فَتى إلاّ عليّ عليه السّلام ( 668:5 ـ 669 ).

---------

1 ـ الكهف، من الآية 13.
2 ـ الأنبياء: 60.
3 ـ يوسف، من الآية 92.
4 ـ قال ابن أبي الحديد عن الإمام عليّ عليه السّلام: وما أقول في رجل أحبَّ كلُّ أحد أن يتكثّر به، وودّ كلُّ أحد أن يتجمّل ويتحسّن بالانتساب إليه. حتّى الفتوّة ـ التي أحسَنُ ما قيل في حدّها: أن لا تستحسن من نفسك ما تستقبحه من غيرك ـ فإنّ أربابها نسبوا أنفسهم إليه، وصنّفوا في ذلك كتباً، وجعلوا لذلك إسناداً أنهَوه إليه وقَصَروه عليه، وسمَّوه: سيّد الفِتيان. شرح نهج البلاغة 29:1.