شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

برهان الحق

0 المشاركات 00.0 / 5

ولقد هَمَّتْ به وهَمَّ بها لولا أنْ رأى بُرهانَ ربِّه (1).
متى تلطّفَ اللهُ بعبده.. فإنّ توفيق العبد يغدو بلا حدود. ولأنّ الله قد جعل سبيلاً لحفظه وحمايته، فمِن أين للعبد أن يَظفَر به ؟! ومِن توفيق العبد الذي أصبح قلبه موضعاً لنظر الله ورعايته أن الله يصرفه عن المعصية على الدوام.
انظُرْ إلى يوسف الصدِّيق.. الذي نصب الشيطان شِباكه في طريقه، فأراه ربُّ العالمين برهانه.
يقول (الإمام) جعفر الصادق عليه السّلام: برهان الحق هو جمال النبوّة، ونور العلم والحكمة الموُدَع في قلبه، كما قال تعالى: آتَيناهُ حُكماً وعِلماً (2).. ليصل بنوره وضيائه إلى طريق الصواب، وليصل من غير الرضى إلى رضى الحق. إنّه لم يكن هو الذي وصل.. ولكن أوصلوه. ولم يكن هو الذي رأى.. ولكن أرَوه.
في الخبر عن (الإمام) عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما: كان في خلوة البيت صنم، فقامت زليخا وألقَت عليه ملاءة لها لتغطّيه. فقال لها يوسف:
ـ ماذا تعملين ؟
قالت:
ـ أُلقي على هذا الصنم ثوباً لئلاّ يرانا؛ فإنّي أستحيي منه.
فقال يوسف:
ـ أنت تستحيين من صنم لا يرى ولا يسمع ولا يضرّ ولا ينفع، ولا أستحيي من خالق العالَم المطّلع على كلّ ما في السرّ والعَلَن، وهو يسمع الهمسات والسرائر، ويرى القاصي والداني ؟! ألَم يَعلَمْ بأنّ اللهَ يَرى (3) ؟!
قال يوسف هذا، فوثَبَ وعَدا، وعَدَت مِن خلفه...(57:5 ـ 58).
قيل: إن يوسف كان له كمال في أمرين، الأول: حُسن الخلقة، والثاني: العلم والفطنة.
حٌسن الخلقة هو جمال الوجه، والعلم والفطنة هو كمال المعنى.
وقد قدّر ربُّ العزّة أن يكون جمال يوسف سبباً لبلائه، وعلمه سبب نجاته.. ليعلم الخَلق أن العلم الجميل خير من الوجه الجميل، وقد قيل في المثَل: العلمُ يُعطي وإنْ يُبطي؛ فإنّ علم يوسف بالرؤيا (أي في تفسير الرؤيا) غدا سبب مُلك الدنيا.. فما العجب إذا كان علم العارف بصفات المولى (سبحانه) سبب مُلك العُقبى ؟!(81:5).

-----

1 ـ يوسف، من الآية 24.
2 ـ يوسف، من الآية 22.
3 ـ العلق: 14.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية