شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

جوامع الكلم

1 المشاركات 04.0 / 5

قُل: أمَرَ ربّي بالقِسط ... (1)

في هذه الآية جَمعَ إلهُ الأرض والسماء، خالق الكون والكائنات، الرحمن العَفوّ، الرحيم بعباده.. جَمعَ أصول العبودية، ومعالم العبادات، وحقائق المعرفة. وعرّف المؤمنين على الأخلاق الرضيَّة ، وعبادته الصالحة، وكيفيّة التعايش مع الخلق، وأكرم هؤلاء المؤمنين بمعرفة مَواطن رضاه.
وهذه الآية هي مِن (جَوامِع الكَلِم) التي قال عنها المصطفى صلّى الله عليه وآله: (بُعِثتُ بجوامع الكلم، واختُصِر ليَ العلمُ اختصاراً).
وفي القرآن كثير من هذا النمط.. إحداها هذه التالية:
إنّ اللهَ مَعَ الذينَ اتَّقَوا والذين هم مُحسِنون (2).
هذه الآية ـ على قِصَرها وإيجازها ـ تتضمّن معاني عديدة:
إنّ كلّ ما يحظى به العبد من إكرام الحق جلّ جلاله له وإفضاله عليه.. فإنّما هو نابع من «إنّ اللهَ مع».
وما يَشرُف به العبد من أنواع العبادات وألوان المعاملات.. فإنّما يندرج تحت «اتَّقوا».
وكلّ الحقوق المتبادلة بين الخلق.. فإنّما ينطوي تحت «مُحسِنون».
وكذلك: أركان الدين ومعالم الشريعة وأبواب الحقيقة.. فإنّما هي مندرجة تحت قوله: أمَرَ ربّي بالقِسطِ، وأقِيموا وُجوهَكُم عندَ كُلِّ مَسجِدٍ، وادعُوهُ مُخلِصينَ لَهُ الدِّين .
ومعنى القسط: العدل. يعني: أمرَ ربّي بالعَدل في المعاملات: مع الحقّ، ومع الخَلق، ومع النفس.
المعاملة مع الله.. في القيام بالأمر والنهي، والرضا بقضاء الله في كلّ حال.
والمعاملة مع الخَلق.. في حُسن الخُلق وفي أن يُنصِف الإنسانُ الناسَ مِن نفسه.
والمعاملة مع النفس.. في مخالفتها في ميدان المجاهَدات الروحية، وأن يُغلَق في وجهها باب الشهوات والراحات.
ونظير هذه الآية في القرآن: قوله جلّ جلاله:
إنّ اللهَ يأمُرُ بالعدلِ والإحسان .
والعدل هو الإنصاف، والإحسان هو الإيثار.
العدل: أن تصنع للناس ما صنعوا لك. والإحسان: أن تصنع لهم خيراً مما صنعوا لك.
العدل: أن لا تنقص من الفرض، ولا تدع العقوبة ولا تزيد فيها، وأن لا تطمع فيما لا يكون. والإحسان: أن تزيد في إحسان مَن أحسن إليك، وأن تحسن إلى مَن أساء إليك. وهذا طريق أهل الفتوّة وسيرة الرجال (606:3 ـ 608).

----------

1 ـ الاعراف، من الآية 29.
2 ـ النحل، من الآية 90.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية