آية سقاية الحاج

آية سقاية الحاج

هي الآية 19 من سورة التوبة أجعلتُم سِقايةَ الحاجِّ وعِمارةَ المسجدِ الحرامِ كمَن آمنَ باللهِ واليومِ الأخِرِ وجاهَدَ في سبيلِ اللهِ لا يَستوون عند اللهِ واللهُ لا يَهدي القومَ الظالمين .
قال المفسّرون أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السّلام والعبّاس بن عبدالمطّلب وطلحة بن شيبة، إذ قال طلحة: أنا صاحب البيت وبيدي مفتاحه، ولو أشاء بِتُّ فيه. وقال العبّاس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها. فقال لهما عليّ عليه السّلام: ما أدري ما تقولان! لقد صلّيت إلى القِبلة ستّة أشُهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد. فأنزل الله تعالى هذه الآية(1).
وقد جاءت الآية المباركة لتؤكّد أنّ العمل في إطار الإيمان وبدافعٍ إلهيّ لا يمكن أن يُقارَن بأيّ عمل آخر خارج هذا النطاق مهما بدا عظيماً، لأنّ قيمة العمل تنبثق من إطاره ودوافعه، لا من مظهره الخارجيّ ونتائجه الظاهريّة. وبهذا يفتح الإسلام السبيل أمام الفرد ـ مهما كانت إمكاناته وقدراته على النفع الاجتماعيّ ـ للارتقاء إلى أسمى درجة في سلّم الإنسانيّة ومراحل كمالها الروحي، ويفرض على المجتمع أن يقيّم تقديراته للأشخاص على مقدار ما تكشف عنه أعمالهم من قيم روحيّة ونفسيّة، لا على المظاهر الخلاّبة الخاوية، مهما بدت عظيمة.
----------
1 ـ انظر: تفسير جامع البيان، للطبريّ 68:10، أسباب النزول، للواحدي 164. تفسير ابن كثير 241:2. تفسير الدرّ المنثور، للسيوطيّ 318:3 و 319. ثمار القلوب، للثعالبي 677. وتفسير مجمع البيان، للطبرسيّ 23:5.

الاستدراج

تكرر اصطلاح «الاستدراج» في موضعَين من القرآن الكريم، هما: الآية 182 من سورة الأعراف، والآية 44 من سورة القلم؛ وقد ثماثلت الآيتان في التعبير: سَنستَدْرِجُهم مِن حيثُ لا يَعلمون .
يقال: استَدرجَه أي: رَقّاه من درجة إلى درجة، أو أنزله على التدريج. ويماثل الاستدراج المكر والإمهال الإلهيّ للعبد العاصي، وجعله إيّاه متدرّجاً في معصيته، سادراً في هواه، حتّى يُشرف على الهلاك. قال تعالى: ومَكروا ومَكَرَ اللهُ واللهُ خيرُ الماكرين (1)، وقال تعالى: إنّما نُملي لهم لِيزدادوا إثماً (2).
ويحصل الاستدراج ـ عادةً ـ بتجديد الله عزّوجلّ النعمةَ تِلو النعمة للعاصين بلا استحقاقٍ منهم، فلا يزالون مستزيدين من النعم والملاذّ، غافلين عن التوبة، لاهين عن الموت الذي يترصّدهم، حتّى يُلاقوا يومَهُم الذي يُوعدون(3).

-----

1 ـ آل عمران / 54.
2 ـ آل عمران / 178.
3 ـ لاحظ مادّة «الإمهال» ومادّة «المكر» من هذا القاموس.