الطير الأبابيل

الطير الأبابيل: وردت لفظة أبابيل في القرآن الكريم مرّة واحدة، بمعنى: جماعات، في قصّة أصحاب الفيل وأرسَلَ علَيهم طيراً أبابيلَ (1).
ولعلّ أرجح رأي في هذه اللفظة هو الذي يؤكّد أنّها صيغة جمع لا مفرد لها(2)، بَيْد أن مِن اللغويين مَن ذكر أنّ مفردها إبَّول (وهو جماعة متفرّقة من الطير والخيل والإبل)(3). وزعم آخر أنّ مفردها إبّالة (4).
ومعنى أبابيل ـ كأصلها اللغوي ـ قد تعدّدت فيه الأقوال. وأشهر ما ذُكر من معانيها: جماعات، جماعةً جماعة، الطيور التي تُتابع جماعة. وقيل: المراد جماعات من الطير تأتي من هنا وهناك، أو طيور كثيرة تتابع.
ومن العلماء مَن يميل إلى وجود علاقة لفظية ومعنوية بين الأبابيل والإبل، ولهذا يقيسون جماعات الطير على الإبل المؤبَّلة.
أمّا نوع هذه الطيور التي أرسلها الله سبحانه لتدمير الجيش الذي جاء من الحبشة لتخريب الكعبة يتقدّمه الفيل.. فقد تنوّعت فيه الأقوال. كثير من المفسّرين اعتبرها الخَطاطيف، ومنهم من قال إنها البَلَسان
(أي الزرازير) وروي عن ابن عباس أنّ الأبابيل «طير لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكفّ كأكفّ الكلاب، ولها رؤوس كرؤوس السباع»(5). أمّا لونها فقالوا: أبيض أو أسود أو أخضر، ومناقيرها صُفر. وقيل: كانت بُلْقاً كالخطاطيف.
ويرى أكثر المفسّرين أنّ كلّ واحد من هذه الطيور التي جاءت من جهة البحر كان يحمل أحجاراً ألقَت بها على رؤوس قوّات أبرهة. وذُكر أنّ هذه الأحجار كانت تثير الحكّة في أبدانهم. ومن الآراء في هذا المجال ما يتحدّث عن الجُدَري، فينصّ على أنّ الجدري والحصبة ظهرا لأول مرّة بأرض العرب في ذلك العام(6).

------------
1 ـ الفيل: 3.
2 ـ تفسير الطبري 191:30. الكشّاف للزمخشري 799:4. مجمع البيان للطبرسي 539:10.
3 ـ تهذيب اللغة، للأزهري 389:15.
4 ـ تفسير الطبري 191:30. الكشّاف، للزمخشري 799:4.
5 ـ تفسير الطبري 191:30.
6 ـ التفسير الكبير، للفخر الرازي 100:32.