شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

في صفة من يتصدّى للحكم بين الاَُْمة وليس لذلك بأَهل

1 المشاركات 05.0 / 5

 إِنَّ أَبْغَضَ الخَلائِقِ إِلَى اللهِ تعالى رَجُلانِ: رَجُلٌ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى نَفْسِهِ (1) فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ (2) مَشْغُوفٌ (3) بِكَلاَمِ بِدْعَةٍ (4) وَدُعَاءِ ضَلاَلَةٍ، فَهُوَ فِتْنَةٌ لَمِنِ افْتَتَنَ بِهِ، ضَالٌّ عَنْ هَدْي مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، مُضِلُّ لِمَنِ اقْتَدَى بِهِ في حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، حَمَّالٌ خَطَايَا غَيْرِهِ، رَهْنٌ بِخَطِيئَتِهِ (5) وَرَجُلٌ قَمَشَ جَهْلاً (6) مُوضِعٌ في جُهَّالِ الاَُْمَّةِ (7) غادرٍ في أَغْبَاشِ (8) الفِتْنَةِ، عِمٍ (9) بِمَا في عَقْدِ الهُدْنَةِ (10) قَدْ سَمَّاهُ أَشْبَاهُ النَّاسِ عَالمِاً وَلَيْسَ بِهِ، بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ مِنْ جَمْعٍ، مَا قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ، حَتَّى إِذَا ارْتَوَى مِنْ مَاءٍ آجِنٍ (11) وَأكْثَر مِن غَيْرِ طَائِلٍ (12) جَلَسَ بَيْنَ النَّاسِ قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ (13) مَا التَبَسَ عَلَى غيْرِهِ (14) فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى المُبْهَمَاتِ هَيَّأَ لَهَا حَشْواً (15) رَثّاً (16) مِنْ رَأْيِهِ، ثُمَّ قَطَعَ بِهِ، فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ في مِثْلِ نَسْجِ العَنْكَبُوتِ: لاَ يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ، إنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ، وَإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ.
جَاهِلٌ خَبَّاطُ (17) جَهلات، عَاشٍ (18) رَكَّابُ عَشَوَات (19) لَمْ يَعَضَّ عَلَى العِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ، يُذرِي الرِّوَايَاتِ إذْراءَ الرِّيحِ الهَشِيمَ (20) لاَ مَلِيٌ (21) ـ وَاللهِ ـ بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ، وَلاَ هُوَ أَهْلٌ لِما فُوّضَ إليه، لاَ يَحْسَبُ العِلْمَ في
شيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ، وَلاَ يَرَى أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ منه مَذْهَباً لِغَيْرهِ، وَإِنْ أَظْلَمَ عَلَيْهِ أَمْرٌ اكْتَتَمَ بِهِ (22) لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ، تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِهِ الدِّمَاءُ، وَتَعَجُّ مِنْهُ المَوَارِيثُ (23) إِلَى اللهِ أَشْكُو مِنْ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالاً، وَيَمُوتُونَ ضُلاَّلاً، لَيْسَ فِيهمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ (24) مِنَ الكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَلاَ سِلْعَةٌ أَنْفَقُ (25) بَيْعاً وَلاَ أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلاَ عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ المَعْرُوفِ، وَلاَ أَعْرَفُ مِنَ المُنكَرِ!

-------
1 . وكله الله إلى نفسه: تركه ونفسَهُ.
2 . جَائرٌ عن قصد السبيل ـ هنا ـ : عادل عن جادّتهِ.
3 . المشغوف بشيء: المولع به حتى بلغ حبه شغاف قلبه، وهو غلافه.
4 . كلام البِدْعة: ما اخترعته الاَهواء ولم يعتمد على ركن من الحق ركين.
5 . رَهْنٌ بخطيئته: لا مخرج له منها.
6 . قَمَشَ جهلاً: جمعه، وأصل القَمْش: جمع المتفرق.
7 . مُوضِعٌ في جُهّالِ الاَمّة: مسرع فيها بالغش والتغرير، أوضع البعير: أسرع، وأوضعه راكبه فهو مُوضِعٌ به أي مسرع به.
8 . أغباش: جمع غَبَشٍ بالتحريك، وأغباش الليل: بقايا ظلمته.
9 . عَم: وصف من العمى، والمراد: جاهل.
10 . عَقْدُ الهُدنة: الاتفاق على الصلح والمسالمة بين الناس.
11 . الماءُ الآجِنُ: الفاسد المتغير اللون والطعم.
12. غير طائل: دونٌ، خسيسٌ.
13. التخليص: التبيين.
14. التبسَ على غيره: اشتَبَهَ عليه.
15. الحَشْوُ: الزائد الذي لا فائدة فيه.
16. الرّثّ: الخَلَقُ البالي، ضد الجديد.
17. خَبّاط: صيغة المبالغة من خبط الليل إذا سار فيه على غير هدى.
18. عاشٍ: خابط في الظلام.
19. العَشَوَات: جمع عَشوَة ـ مثلثة الاَول ـ وهي ركوب الاَمر على غير هدى.
20. الهَشِيمُ: ما يَبِسَ من النّبْتِ وتهشّمَ وَتَفَتّتَ.
21. المَلِيّ بالشيء: القَيّمُ به الذي يجيد القيام عليه.
22. اكتتم به: فوّض إليه: كتمه وستره لما يعلم من جهل نفسه.
23. العَجّ: رفع الصوت، وعجّ المواريث هنا: تمثيل لحدّةِ الظلم وشدّة الجَوْر.
24. أبْوَرُ: من بَارَتِ السّلْعة: كَسَدَتْ.
25. أنْفَقُ: من النّفاق ـ بالفتح ـ وهو الرّواج.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية