ومن كلام له عليه السلام

[ يصف أصحاب رسولالله ] [ وذلك يوم صفين حين أمر الناس بالصلح ]

وَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ، نَقْتُلُ آبَاءَنا وَأَبْنَاءَنَا وَإخْوَانَنا وَأَعْمَامَنَا، مَا يَزِيدُنَا ذلِكَ إلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً، وَمُضِيّاً عَلَى اللَّقَمِ (1) وَصَبْراً عَلى مَضَضِ الاْلَمِ (2) وَجِدّاً عَلى جِهَادِ الْعَدُوِّ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَالاْخَرُ مِنْ عَدُوِّنا يَتَصَاوَلاَنِ تَصَاوُلَ (3) الْفَحْلَيْنِ، يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا (4) أيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ المَنُونِ، فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا، ومَرَّةً لِعَدُوِّنا مِنَّا، فَلَمَّا رَأَى اللهُ صِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ (5) وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصرَ، حَتَّى اسْتَقَرَّ الاْسْلاَمُ مُلْقِياً جِرَانَهُ (6) وَمُتَبَوِّئاً أَوْطَانَهُ، وَلَعَمْرِي لَوْ كُنَّا نَأْتِي مَا أَتَيْتُمْ، مَا قَامَ لِلدِّينِ عَمُودٌ، وَلاَ اخْضَرَّ لِلاِيمَانِ عُودٌ، وَأَيْمُ اللهِ لَتَحْتَلِبُنَّهَا (7) دَماً، وَلَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً!

---------
1 . اللّقَم ـ بالتحريك وبوزن صُرَد أيضاً ـ : معظم الطريق أوجادّته.
2 . مَضَض الاَلم: لذعته وبُرَحاؤه.
3 . التّصاول: أن يحمل كل واحد من النّدّين على صاحبه.
4 . يتخالَسان أنْفُسَهُما: كل منهما يطلب اختلاس روح الآخر.
5 . الكَبْت: الاَذلال.
6 . جِران البعير ـ بالكسر ـ : مقدّمُ عنقه من مذبحه إلى مَنْحَره؛ وإلقاء الجِران كناية عن التمكّن.
7 . الاِحتلاب: استخراج ما في الضرع مناللبن.