قراءات.. في ( تنبيه الخواطر ) (3)
في الرفق
• قال أنس بن مالك: خدمتُ النبيَّ صلّى الله عليه وآله عشر سنين بالمدينة وأنا غلام، ليس كلُّ أمري كما يشتهي صاحبي أن يكون عليه، فما قال لي: أُفٍّ، فيها قطّ، وما قال لي: « لِمَ فعلتَ هذا، وألاَ فعلتَ هذا! ».
• وعن المعذور بن سُويد قال: دخلنا على أبي ذرّ رضي الله عنه بالرَّبَذة، فإذا عليه بُردٌ وعلى غلامهِ مثله، فقلنا: لو أخذتَ بُردَ غلامك إلى بُردك كانت حُلّةً، وكسوتَه ثوباً غيره! فقال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « إخوانُكم جعَلَهم الله تحت أيديكم، فمَن كان أخوه تحت يده فَلْيُطعمْه ممّا يأكل، ولْيَكسُه ممّا يلبس، ولا يُكلّفْه ما يَغلِبه، فإن كلّفه ما يغلبه فَلْيُعِنْه ».
• وعن عبدالله بن مسعود قال: كنتُ أضرب غلاماً لي، فسمعتُ مِن خلفي صوتاً: « إعلمْ ـ أبا مسعود ـ أنّ الله أقدَرُ عليك منه عليه ». قال: فالتفتُّ فإذا هو النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقلت: يا رسول الله، هو حُرٌّ لوجه الله تعالى، فقال: « أمَا لو لم تفعل لَلَفعَتْك النار! ».
• ومرّ بعضهم بِراعٍ مملوك، فطلب منه أن يبيعه شاةً ممّا يرعى، فقال له الراعي المملوك: هي ليست لي، فقال يختبره: أين المالك ؟ أي إنّ المالك غائب لا يعلم إذا بعتَني الشاة، فأجابه المملوك: وأين الله ؟! فاشتراه وأعتقه، فتوجّه ذلك المملوك إلى ربّه تبارك وتعالى بهذا الدعاء: اللهمّ قد رزقتَني العِتقَ الأصغر، فارزُقْني العتق الأكبر.
• وجاء عن أمير المؤمنين سلام الله عليه قولُه: « أشدّ الأعمال ثلاثة: ذِكرُ الله على كلّ حال، ومُواساةُ الإخوان بالمال، وإنصافُ الناس مِن نفسك ».
في الفراغ والكسل
• قال أمير المؤمنين عليه السلام: « مَن أطاع التواني ضيّع الحقوق ».
• وعن النبيّ صلّى الله عليه وآله: « أشدُّ الناس حساباً يوم القيامة المُكفى الفارغ، إن كان الشغل مَجْهدة، فالفراغُ مَفسدة ».
في العفاف من الحرام
• قال الإمام عليّ صلوات الله عليه: « العفافُ زينةُ الفقير » ـ وفي بعض النسخ: « العفاف زينة الفقر ».
• وعن حُذيفة بن اليَمان يرفعه إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « إنّ قوماً يجيئون يوم القيامة ولهم من الحسنات أمثال الجبال، فيجعلها الله هباءً منثوراً، ثمّ يُؤمَر بهم إلى النار! »، فقال سلمان: حَلِّهم لنا يا رسول الله ( أي انعَتْهم وصف لنا حليتهم )، فقال صلّى الله عليه وآله: « أمَا إنّهم قد كانوا يصلّون ويصومون، ويأخذون وَهنةً من الليل، ولكنّهم إذا عَرَض لهم شيءٌ من الحرام وَثَبوا عليه! المؤمنُ مَن هو بمالهِ متبرّع، وعن مالِ غيره مُتورِّع ».
• وسأل بعضُهم: يا رسول الله، مَن المؤمن ؟ فأجابه صلى الله عليه وآله: « المؤمنُ مَن إذا أصبح نظَرَ إلى رغيفه مِن أين اكتسبه ؟! ».
في العقل والعلم والعمل
• قيل: يا رسول الله، الرجل يكون حسَنَ العقل كثيرَ الذنوب ؟ قال: « ما مِن آدميٍّ إلاّ وله ذنوبٌ وخطايا يقترفها، فمَن كانت سجيّتُه العقلَ غريزتُه اليقين لم تضرَّه ذنوبه »، قيل: كيف ذاك يا رسول الله ؟ قال: « لأنّه كلَّما أخطأ لم يلبث أن يتدارك ذلك بتوبةٍ وندامةٍ على ما كان منه، فيمحو ذنوبه ».
• وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: « العاقلُ مَن وعَظَته التجارب، العاقل مَن مَلَك عِنانَ شهوته ».
• وعنه عليه السلام قال: « جاء رجلٌ إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: ما يَنفي عنّي حُجّةَ الجهل ؟ قال: « العلم »، قال: فما ينفي عنّي حُجّةَ العلم ؟ قال: « العمل ».
• وورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: « الكيّسُ مَن دان نفسه وعَمِل لما بعد الموت، والعاجزُ مَن أتبَعَ نفسه هواها ثمّ تمنّى على الله المغفرة! ».
في الدنيا
• قال عيسى المسيح عليه السلام: « إنّي أرى الدنيا في صورة عجوزٍ هَتْماء عليها كلُّ زينة، قيل لها: كم تزوّجتِ ؟ قالت: لا أُحصيهم كثرةً، قيل: أماتُوا عنكِ أم طلّقوكِ ؟ قالت: بل قتلتُهم كلَّهم! قيل: فتَعساً لأزواجِكِ الباقين، كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين، وكيف لا يكونون منكِ على حذر! ».
• وكان الإمام الحسن بن عليٍّ عليهما السلام كثيراً ما يتمثّل فيقول:
يا أهلَ لذّاتِ دُنياً لا بقاءَ لها | إنّ اغتراراً بِظِلٍّ زائلٍ حُمْقُ |
ودخل سَلَمةُ الأحمر قصر هارون الرشيد فقال ساخراً:
أمّا بيوتُك في الدنيا فواسعـةٌ | فليتَ قبرَك بعد الموتِ يَتّسعُ! |