شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

الامتحان المحتوم

0 المشاركات 00.0 / 5

 إنّه سرّ رهيب، وناموسٌ عجيب!
إنه مكنونٌ ـ يا اصدقاءنا ـ في قول الحقّ تعالى: أحَسِبَ الناسُ أن يُترَكوا أن يقولوا: آمَنّا، وهم لا يُفتَنون ؟!
والسرّ مكنونٌ في هذه الرائعة: أن يقولوا.. وندنو من السرّ لنجد أنّ ما مِن أحد يزعم زَعماً ما، علانيةً أو سِرّاً مع نفسه.. إلاّ تَعَقّبَه الله بالتجربة ووضعه في الامتحان الذي يكشف عن حقيقة زعمه، أصادقٌ هو فيما زعم أم هو من الكاذبين! لأنّه يعلم الجهرَ من القول ويعلم ما يُسِرُّون. من هنا على المرء أن يكفّ عن المزاعم ويمتنع عن الآدّعاء.
مرّةً أخرى نقرأ الآية: أحَسِبَ الناسُ أن يُتركوا أن يقولوا: آمنّا، وهم لا يُفتَنون ؟! . مستحيل أن يُتركوا يقولوا ما يشاءون، ويزعمون المزاعم.. ثمّ لا نضعهم في التجربة الكاشفة للحقيقة. ولذلك قال: ولقد فَتَنّا الذين مِن قَبلِهم، فلَيَعلَمنَّ اللهُ الذينَ صَدَقوا ولَيَعلمَنَّ الكاذبين .
إنّه لابدّ إذَن من الفتنة، لابدّ من إدخالهم في التجربة العملية.

* * *

من هذا نفهم ألاّ يقول أحدُنا: إني مؤمن، ولكنْ ليَقُل: اللهمّ اجعلني مؤمناً. لا تَقُل: إني صابر، ولكنْ قل: اللهمّ اجعلني صابراً. واذكر في ذلك: ستجدني إن شاء اللهُ من الصابرين .
لا تَقُل: اللهمّ إني أُحبّك، وقُل: اللهمّ ارزُقْني حُبَّك. حتّى لا يَضعَك موضع التجربة، فينكشف أنك من الكاذبين!
ولا تَقُل: لأُقاتِلَنّ في سبيل الله، ولكن قل: اللهمّ اجعلني من الذين يقاتلون في سبيلك. حتّى لا يضعَك موضع التجربة، فينكشف أمرُك وتَفِرَّ عند اللقاء!
وهكذا سِلسلة متواصلة.. في ناموسٍ إلهيّ عجيب. ومن هنا نفهم معنى « البلاءُ مُوكَّل بالمنطق ». لأنّه زعمٌ يُطلقه الإنسان، فمن الحتم أن يتعقّبه الله بما يكشف حقيقةَ مَن زعم ذلك الزعم.
إنّ الأمّة التي تَكذِب وتزعم دوليّاً أنها كذا وكذا.. لابدّ أن توضع في التجربة التي تكشف حقيقتَها للعالم كلّه.
والفرد الذي يزعم وينشر زعمه فيما حوله.. من الحتم أن يوضع في الفتن الكاشفة.
من الخير للإنسان إذَن أن يَحذَر قولَ شيء يَجُرّ عليه بلاءً لا طاقةَ له عليه.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية