شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

يا بُنَيّ

1 المشاركات 05.0 / 5

 • مِن وصيّةِ أمير المؤمنين عليه السلام لولده الإمام الحسين عليه السلام:
ـ يا بُنَيّ، أُوصيك بتقوى اللهِ في الغِنى والفَقر، وكلمةِ الحقّ في الرضى والغضب، والقَصدِ في الغِنى والفقر، وبالعدلِ على الصديق والعدوّ، وبالعمل في النشاط والكسل، والرضى عن الله في الشدّة والرخاء.
ـ أي بُنَيّ، ما شَرٌّ بَعدَه الجنّةُ بِشَرّ، ولا خيرٌ بَعدَه النارُ بخير، وكلُّ نعيمٍ دونَ الجنّة محقور، وكلُّ بلاءٍ دونَ النار عافية.
ـ وأعلَمْ أي بُنَيّ أنّه: مَن أبصَرَ عيبَ نفسه شُغِل عن عيبِ غيره. ومَن تَعرّى من لباس التقوى لم يَستَتِر بشيءٍ من اللباس. ومَن رضيَ بِقسِمَ اللهِ لم يَحزَن على ما فاته. ومَن سَلّ سيفَ البغي قُتِل به. ومَن حَفَر بئراً لأخيه وَقَع فيه. ومَن هَتَك حجابَ غيره انكشفت عَوراتُ بيته. ومَن نَسِيَ خطيئتَه استَعظَمَ خطيئةَ غيرهِ... ومَن أُعجِبَ برأيه ضَلّ، ومَنِ استغنى بعقلِه زَلّ، ومَن تكبّر على الناس ذَلّ. ومَن خالَطَ العلماءَ وُقِّر، ومَن خالَطَ الأنذالَ حُقِّر. ومَن سَفِه على الناسِ شُتِم، ومَن دخَلَ مَداخلَ السُّوءِ آتُّهِم. ومَن مَزَح آستُخِفّ به، ومَن أكثَرَ مِن شيءٍ عُرِف به. ومَن كَثُر كلامُه كَثُر خَطاؤُه، ومَن كَثُر خَطاؤُه قَلّ حياؤُه، ومَن قَلّ حياؤُه قَلّ وَرَعُه، ومَن قلّ ورعُه مات قلبُه، ومَن مات قلبُه دَخَل النار!
ـ أي بُنَيّ، عِزُّ المؤمن غِناهُ عن الناس. والقناعةُ مالٌ لا يَنفَد. ومَن أكثَرَ ذِكرَ الموتِ رضيَ مِن الدنيا باليسير. ومَن عَلِم أنّ كلامَه مِن عمله قَلّ كلامُه إلاّ فيما يَنفَعُه.
ـ أي بُنَيّ، العَجَبُ مِمّن يخافُ العِقابَ فلم يَكُفّ، ورجا الثوابَ فَلَم يَتُب ويعمل.
ـ الفكرةُ تُورِث نوراً، والغَفلةُ ظُلْمة.. والسعيدُ مَن وُعِظ بغيرِه. والأدبُ خيرُ ميراث. وحُسنُ الخُلقِ خيرُ قرين. ليس مع قطيعةِ الرَّحِم نَماء، ولا مَعَ الفجور غِنى.
ـ أي بُنَيّ، العافية عشرة أجزاء، تسعةٌ منها في الصمتِ إلاّ بِذِكر الله، وواحدةٌ في تَرك مُجالسة السفهاء.
ـ أي بُنَيّ، رأسُ العِلمِ الرِّفق، وآفتُه الخُرق. ومِن كنوز الإيمانِ الصبرُ على المصائب. والعفافُ زينةُ الفقَر، والشكر زينةُ الغِنى.. وإعجابُ المرء بنفسه يَدُلّ على ضَعفِ عقله.
ـ أي بُنَيّ، كم نظرةٍ جَلَبَت حسرة، وكم مِن كلمةٍ سَلَبَت نعمة!
ـ أي بُنَيّ، لا شرَفَ أعلى مِن الإسلام، ولا كرَمَ أعزُّ مِن التقوى، ولا مَعْقِلَ أحرزُ مِن الوَرَع، ولا شفيعَ أنجحُ مِن التوبة، ولا لباسَ أجملُ مِن العافية، ولا مالَ أذهبُ بالفاقة مِن الرضى بالقُوت..
ـ أي بُنَي، الحِرصُ مفتاحُ التَّعَب، ومطيّةُ النَّصَب، وداعٍ إلى التَّقَحُّمِ في الذنوب، والشِّرَّةُ جامعٌ لمساوي العيوب.. ومَن تَورَّط في الأمور بغير نَظَرٍ في العواقب فقد تَعرّض للنوائب. التدبيرُ قبلَ العمل يُؤْمِنُك الندم. مَنِ استقبَلَ وجوهَ الآراء عَرَفَ مَواقِعَ الخطأ.. لكلِّ شيءٍ قُوت، وابنُ آدمَ قُوتُ الموت!
ـ أي بُنَيّ، لا تُؤْيِسْ مُذنِباً، فكمَ مِن عاكفٍ على خُتِم له بخير، وكم مِن مُقْبِلٍ على عمله مُفسِدٌ في آخِرِ عُمِره صائرٌ إلى النار! نعوذُ بالله منها!!
ـ أي بُنَيّ، كم مِن عاصٍ نجا، وكم مِن عاملٍ هَوى! مَن تَحرّى الصِّدقَ خَفّت عليه المُؤَن.. وَيلٌ للباغين مِن أحكم الحاكمين، وعالِمِ ضميرِ المُضْمِرين!
ـ أي بُنَيّ، بئسَ الزادُ إلى المَعاد، العُدوانُ على العباد.. لن تُنالَ نعمةٌ إلاّ بفراقِ أُخرى. ما أقرَبَ الراحةَ مِن النَّصَب، والبُؤسَ مِن النعيم، والموتَ مِن الحياة، والسُّقْمَ مِن الصحة! فَطُوبى لمَن أخلَصَ للهِ عملَه وعِلمَه، وحُبَّه وبُغضَه، وأخْذَه وتَركَه، وكلامَه وصمتَه، وفِعلَه وقوله. وبَخٍّ بَخٍّ لعالِمٍ عَمِلَ فَجَدّ، وخافَ البَياتَ فأعَدّ واستعدّ، إن سُئل نَصَح، وإن تُرِك صَمَت، كلامُه صواب، وسُكوتُه ـ مِن غيرِ عَيٍّ ـ جواب. والويلُ لِمَن بُليَ بِحرمان، وخُذلانٍ وعِصيان، فاستحسَنَ لنفسه ما يكرهُه مِن غيره، وأزرى على الناس بِمِثل ما يأتي.
ـ واعلَمْ يا بُنَيّ أنّه: مَن لانَت كلمتُه، وَجَبَت محبّتُه.
وفّقك اللهُ لِرُشْدِه، وجَعلَك مِن أهل طاعتِه بقُدرته، إنّه جوادٌ كريم.

( تحف العقول عن آل الرسول، لابن شعبة الحرّانيّ ص 64 ـ 67، طبعة الأعلمي ـ بيروت 1394 هـ / 1974 م )

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية