يا كُمَيْل

• من كلامٍ لأمير المؤمنين عليه السلام لكُمَيل بن زياد قال له:
ـ يا كُمَيلَ بنَ زياد، إنّ هذه القلوبَ أوعيَة، فخَيرُها أوعاها، فاحفَظْ عنّي ما أقول لك: الناسُ ثلاثة: فعالِمٌ ربّانيّ، ومُتعلِّمٌ على سبيلِ نجاة، وهَمَجٌ رَعاع، أتباعُ كلِّ ناعِق، يَميلُون مع كلِّ ريح، لم يستضيئوا بنورِ العِلم، ولم يَلجأوا إلى ركنٍ وثيق. ( نهج البلاغة: الحكمة 147. قانون دستور معالم الحكم 102 )
ـ يا كُمَيلَ بنَ زياد، سَمِّ كلَّ يومٍ بِآسْمٍ الله وقلْ: « لا حَولَ ولا قُوّةَ إلاّ بالله »، وتوكّلْ على الله، واذكُرْنا، وسَمِّ بأسمائنا، وصَلِّ علينا، واستَعِذْ باللهِ ربِّنا، وآدْرأْ بذلك على نفسِك وما تَحوطُه عِنايتُك، تُكْفَ شَرَّ ذلك اليومِ إن شاء الله. ( تحف العقول 171، بحار الأنوار 266:77 )
ـ يا كُمَيلَ بنَ زياد، مَحبّة العالِم دِينٌ يُدان به، يَكسِب الطاعةَ في حياته، وجميلَ الأُحدُوثةِ بعد وفاته. ومَنفعةُ المال تزول بزواله. مات خُزّانُ الأموال وهُم أحياء، والعلماءُ باقون ما بَقيَ الدهر، أعيانُهم مفقودة، وأمثلتُهم في القلوب موجودة... اللّهمّ بلى، لا يخلو الأرضُ مِن قائمٍ للهِ بِحُجّة: إمّا ظاهراً مشهوراً، أو خائفاً مغموراً؛ لئلاّ تَبطُلَ حُجَجُ الله وبيّناتُه وُرواةُ كتابه. وأين أولئك ؟! همُ الأقَلُّونَ عَدَداً، الأعظَمُونَ قَدْراً، بِهِمَ يَحفَظُ اللهُ حُججَه حتّى يُودِعَه نُظراءَهم، ويَزرعَها في قلوبِ أشباههم. هجَمَ بهم العِلمُ على حقائق الإيمان، فباشَروا روحَ اليقين، واستَلانُوا ما أستَوعَرَ منه المُترَفون، واستأنَسوا بِمَا آستَوحَش منه الجاهلون. صَحِبُوا الدنيا بأبدانٍ أرواحُها مُعلّقةٌ بالمحلّ الأعلى.
ـ يا كُميل، أولئك أُمَناءُ اللهِ في خَلقِه، وخلفاؤُه في أرضِه، وسُرُجُه في بلادِه، والدعاةُ إلى دِينه. واشَوقاهُ إلى رؤيتهم! ( تحف العقول 118 ـ 119 )
ـ يا كُمَيل، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أدّبَه الله، وهو عليه السلام أدَّبني، وأنا أُؤدِّب المؤمنين، وأورِّثُ الآدابَ المُكْرَمين.
ـ يا كُمَيل، لا تأخُذْ إلاّ عنّا تَكُنْ مِنّا.
ـ يا كُمَيل، ما مِن حركةٍ إلاّ وأنت محتاجٌ فيها إلى معرفة.
ـ يا كُمَيل، إذا آستَوفَيتَ طعامَك فأحمَدِ اللهَ على ما رزَقَك، وارفَعْ بذلك صوتَك يَحمَدْه سواك، فيَعظُمْ بذلك أجرُك.
ـ يا كُمَيل، لا تُوقِرَنّ مَعِدَتَك طعاماً، ودَعْ فيها للماء موضعاً وللريح مجالاً، ولا تَرفَعْ يدَك من الطعام إلاّ وأنت تَشتَهيه، فإن فعلتَ ذلك فأنت تَستمرئُه؛ فإنّ صحّةَ الجسم مِن قلّة الطعام وقلّة الماء.
ـ يا كُمَيل، البركةُ في مالِ مَن: آتى الزكاة، وواسى المؤمنين، ووصَلَ الأقرَبين.
ـ يا كُمَيل، لا تَردَّ سائلاً ولو مِن شطرِ حبّةِ عِنَب أو شِقِّ ثمرة؛ فإنّ الصدقة تنمو عند الله.
ـ يا كُمَيل، أحسَنُ حِلْيةِ المؤمنِ التواضع، وجَمالُه التَّعفُّف، وشرفُه التفقُّه، وعِزُّه تَركُ القال والقيل.
ـ يا كُمَيل، قُلِ الحقَّ على كلِّ حال، ووادِّ المتّقين، واهجُر الفاسقين، وجانِبِ المنافقين، ولا تُصاحِبِ الخائنين.
ـ يا كُمَيل، لا تَطرُقْ أبوابَ الظالمين للاختلاطِ بهم والاكتسابِ معهم، وإيّاك أن تُعظّمَهم، وأن تَشهَد في مجالسهم بما يُسخِط اللهَ عليك، وإن آضطُرِرتَ إلى حضورهم فداوِمْ ذِكرَ الله والتوكُّلَ عليه، واستِعِذْ باللهِ مِن شُرورهم، واطرُقْ عنهم، وأنكِرْ بقلبِك فعلَهم، واجهَرْ بتعظيم الله تُسمِعهم، فإنّك بها تُويَّد وتُكفى شرَّهم.
ـ يا كُمَيل، لا بأسَ أن تُعلِمَ أخاك سِرَّك، ومَن أخوك ؟ أخوك، الذي لا يَخذلُكَ عند الشديدة، ولا يَقعُدُ عنك عند الجريرة، ولا يَدَعُك حتّى تسألَه، ولا يَذَرُك وأمرَك حتّى تُعْلِمَه، فإنْ كان مُميلاً أصلَحَه.
ـ يا كُمَيل، المؤمنُ مرآةُ المؤمن؛ لأنّه يتأمّلُه فيسدّ فاقتَه، ويُجْمل حالتَه.
ـ يا كُمَيل، المؤمنون إخوة، ولا شيءَ آثَرُ عندَ كلِّ أخٍ مِن أخيه.
ـ يا كُمَيل، قُلْ عند كلِّ شدة: « لا حَولَ ولا قُوّةَ إلاّ بالله » تُكْفَها، وقلْ عند كلِّ نعمة « الحمدُ لله » تَزْدَدْ منها، وإذا أبطَأَتِ الأرزاقُ عليك فاستَغِفرِ اللهَ يُوسّعْ عليك فيها.
يا كُمَيل، إنْجُ بولايتِنا مِن أن يَشْركَك الشيطانُ في مالِك ووُلْدك.
يا كُمَيل، إنّ ذُنوبَك أكثرُ مِن حسناتِك، وغفلتَك أكثرُ مِن ذِكرِك، ونِعَمَ الله عليك أكثرُ مِن عملِك.
ـ يا كُمَيل، إنّك لا تخلو مِن نِعَمِ الله عندك وعافيته إيّاك، فلا تَخْلُ مِن تحميده وتمجيده، وتسبيحه وتقديسه، وشُكره وذِكره على كلّ حال.
ـ يا كُمَيل، لا تكونَنّ مِن الذين قال الله: « نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُم أنْفُسَهُم » [الحشر:19]، ونَسَبهم إلى الفِسْقِ فَهُم فاسقون.
ـ يا كُمَيل، ليس الشأنُ أن تُصلّيَ وتصومَ وتَتصدّق، الشأنُ أن تكون الصلاةُ بقلبٍ نقيّ، وعملٍ عند الله مَرْضيّ، وخُشوعٍ سَويّ، وانظُرْ فيما تصلّي، وعلى ما تُصلّي، إنْ لم يكن من وجهِه وحِلِّه فلا قبول!
ـ يا كُمَيل، إفهَمْ واعلَمْ أنّا لا نُرخِّصُ في تَركِ أداء الأمانة لأحدٍ مِن الخَلق، فَمَن روى عنّي في ذلك رُخصةً فقد أبطل وأثِم، وجزاؤُه النارُ بما كَذِب. أُقسمُ لَسَمِعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله يقول لي قبلَ وفاته بساعةٍ مِراراً ثلاثاً: « يا أبا الحسن، أدِّ الأمانةَ إلى البَرِّ والفاجر، فيما جَلّ وقَلّ، حتّى الخيطِ والمَخيط ».
ـ يا كُمَيل، الدِّينُ لله، فلا يَقبَلُ اللهُ مِن أحدٍ القيامَ به إلاّ: رسولاً، أو نبيّاً، أو وصيّاً.
ـ يا كُمَيل، هي نُبوّةٌ ورسالةٌ وإمامة، وليس بعدَ ذلك إلاّ: مُوالِينَ مُتَّبِعين، أو عامِهينَ مُبتَدِعين، إنّما يَتقبّل اللهُ مِن المتّقين.
ـ يا كُمَيل، إنّ الله: كريمٌ حليم، عظيمٌ رحيم، دَلَّنا على أخلاقِه وأمَرَنا بالأخذِ بِها، وحَمْلِ الناسَ عليها، فقد أدَّيناها غيرَ مُتخلِّفين، وأرسَلناها غيرَ منافقين، وصَدَّقناها غيرَ مُكذِّبين، وقَبِلناها غيرَ مُرتابين. ( تحف العقول 118 ـ 122 )