حبيب بن مظاهر: شهادة عظيمة تضعه في مصاف المخلدين
شهادة حبيب بن مظاهر:
روى الطبري عن ابي مخنف وذكره ابن الاثير انه لما حضر وقت صلاة الظهر وقال الحسين: سلوهم ان يكفوا عنا حتى نصلي ففعلوا، فقال لهم الحصين ابن تميم: انها لا تقبل. قال له حبيب بن مظاهر زعمت لا تقبل الصلاة من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقبل منك يا خمار! فحمل عليه حصين بن تميم وخرج اليه حبيب بن مظاهر فرضب وجه فرسه بالسيف فشب ووقع عنه وحمله أصحابه فاستنقذوه واخذ حبيب يقول: أقسم لو كنا لكم اعدادا... او شطركم وليتم الأكتادا يا شر قوم حسبا وآدا وجعل يقول يومئذ: انا حبيب وابي مظهر... فارس هيجاء وحرب تسعر انتم اعد عدة واكثر... ونحن اوفى منكم وأصبر ونحن اعلى حجة واظهر... حقا واتقى منكم واعذر وقاتل حبيب قتالا شديدا، فحمل عليه بديل بن صريم العقفاني من بني عقفان من خزاعة فضربه حبيب بالسيف على رأسه فقتله وحمل عليه آبر من بني تميم فطعنه فوقع فذهب ليقوم فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف فوقع ونزل اليه التميمي فاحتز رأسه.
تنازع أتباع ابن زياد على رأسه:
بعد أن احتز التميمي رأس ابن مظاهر قال له الحصين انا شريكك في قتله، فقال الآخر: والله ما قتله غيري. فقال الحصين اعطنيه اعلقه في عنق فرسي كيما يرى الناس اني شركت في قتله ثم خذه وامض به الى ابن زياد فلا حاجة لي فيما تعطاه، فابى عليه فاصلح قومه فيما بينهما على هذا فدفع اليه رأس حبيب. فجال به في العسكر قد علقه في عنق فرسه. ثم دفعه بعد ذلك اليه. فانظر الى ما آلت اليه حالة الاسلام والمسلمين. والحصين بن تميم هو صاحب شرطة ابن زياد يتنازع مع آخر في رأس رجل هو من خيار المسلمين ويتجادل معه طويلا، لماذا؟ لاجل ان يأخذ الرأس فيعلقه في عنق فرسه يضربه بركبتيه ويجول به في العسكر ليعلم الناس انه شرك في قتله!! فيكون خبث وخسة واستخفاف بالدين اكثر من هذا؟!
انتقام ابن حبيب بن مظاهر لمقتل أبيه:
فلما رجعوا الى الكوفة اخذ الآخر رأس حبيب فعلقه في لبان فرسه ثم اقبل به الى ابن زياد في القصر فبصر به ابنه القاسم بن حبيب - وهو يومئذ قد راهق فاقبل مع الفارس لا يفارقه كلما دخل القصر دخل معه وإذا خرج خرج معه، فارتاب به، فقال ما لك يا بني تتبعني؟ قال لا شئ! قال بلى يا بني أخبرني! قال له ان هذا الرأس الذي معك رأس ابي أفتعطينيه حتى أدفنه؟ قال يا بني لا يرضى الأمير ان يدفن وانا اريد ان يثيبني الأمير على قتله ثوابا حسنا. فقال له الغلام: لكن الله لا يثيبك على ذلك الا أسوأ الثواب، أما والله لقد قتلته خيرا منك وبكى، فمكث الغلام حتى إذا أدرك لم يكن له همة الا اتباع اثر قاتل ابيه ليجد منه غرة فيقتله بابيه. فلما كان زمن مصعب بن الزبير وغزا مصعب باجميرا - وهو موضع بأرض الموصل - دخل عسكر مصعب فاذا قاتل ابيه في فسطاطه، فاقبل يختلف في طلبه والتماس غرته، فدخل عليه وهو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتى برد. وروى ابو مخنف انه لما قتل حبيب بن مظاهر هد ذلك حسينا وقال: عند الله احتسب نفسي وحماة أصحابي.