السيد مهدي القزويني

اسمه وكنيته ونسبه(1)

السيّد أبو جعفر، مهدي ابن السيّد حسن ابن السيّد أحمد الحسيني القزويني، وينتهي نسبه إلى زيد الشهيد ابن الإمام علي زين العابدين(عليه السلام)، وآل القزويني من أجلّاء البيوت العلمية في النجف الأشرف.

 

ولادته

ولد عام 1221ﻫ بمدينة النجف الأشرف.

 

دراسته

بدأ بدراسة العلوم الدينية في مسقط رأسه، وهو ابن عشر سنوات، واستقلّ بالرأي والعمل باجتهاده والفراغ من معقوله ومنقوله، وهو ابن ثمانية عشر.

 

من أساتذته

الأخوة الشيخ علي (أبو زوجته) والشيخ موسى والشيخ حسن أبناء الشيخ جعفر كاشف الغطاء، عمّاه السيّد باقر والسيّد علي، السيّد علي الغريفي الموسوي.

 

من تلامذته

الشيخ محمّد الجزائري، الشيخ دخيل الحكّامي، السيّد حسن الصدر، الشيخ سيف الدين القاجاري، الشيخ محمّد الحسّاني، الشيخ محمّد الخونساري، نجله السيّد محمّد، الشيخ حسين النوري الطبرسي، السيّد علي الغريفي البحراني.

 

من أقوال العلماء فيه

1ـ قال الشيخ عباس القمّي(قدس سره) في الفوائد الرضوية: «سيّد الفقهاء الكاملين، وسند العلماء الراسخين، أفضل المتأخّرين، وأكمل المتبحّرين، نادرة لخلف وبقية السلف، المؤيّد بالألطاف الجلية والخفية».

2ـ قال السيّد محسن الأمين(قدس سره) في أعيان الشيعة: «وكان كثير الحفظ، لا يكاد ينسى ما سمعه أو رآه من منثور أو منظوم، وكان لا يفتر عن التصنيف».

 

تشرّفه بلقاء الإمام المهدي(عليه السلام)

قال الشيخ النوري الطبرسي(قدس سره) في خاتمة المستدرك: «وهو من العصابة الذين فازوا بلقاء مَن إلى لقائه تمدّ الأعناق صلوات الله وسلامه عليه ثلاث مرّات، وشاهد الآيات البيّنات والمعجزات الباهرات».

 

من صفاته وأخلاقه

كان(قدس سره) محافظاً على أوراده وعباداته في لياليه وخلواته، مدئباً نفسه في طلب مرضاة ربّه، وما يُقرّبه إلى الفوز بجواره وقربه، لا يفترّ عن إجابة المؤمنين في دعواتهم، وقضاء حقوقهم وحاجاتهم، وفصل خصوماتهم في منازعاتهم، حتى أنّه في حال اشتغاله بالتأليف ليُوفي الجليس حقّه، والسائل مسألته، والطالب دعوته، ويسمع من المتخاصمين، ويقضي بينهم بعد الوقوف على كلام الفريقين.

 

بين النجف والحلّة

مكث زماناً طويلاً بالغري ومجاورة جدّه علي(عليه السلام)، مكبّاً على التحصيل والتدريس والتصنيف، ثمّ اتّفقت له الهجرة إلى فيحاء بابل، فمكث فيها برهة من الزمان، صادعاً بما أمر به من هداية الناس إلى الإيمان، فاستنقذ جمّاً غفيراً من قبائل العرب من الضلالة والغواية، وأرشدهم إلى الهداية والولاية، فأصبحوا وكلّهم يشهدون «علي مع الحقّ».

 

شعره

كان(قدس سره) شاعراً أديباً، له منظومة وافية بتمام علم الأُصول، وقد سمّاها بالسبائك المذهّبة، وقال نجله السيّد محمّد: لمّا وقع الطاعون في النجف، وهرب منها خوفاً أغلب الأهلين والمجاورين، كتب أخي الميرزا جعفر إلى والدنا السيّد مهدي وهو إذ ذاك في الحلّة يستأذنه في الرحلة من النجف إليه، فلم يأذن لنا الوالد بالخروج من النجف، وصدّر كتابه بهذه الأبيات:

لحيدر قبرٌ بالغريّ إذا التجى   إليه جميع العالمين أُجيروا
بناهُ لهُ باريه عرشاً به على   رحى قطبه عرش الجليل بدور
ومن عجبي أنّ الوباءَ يحلُّ في   بلاد حمى منه الوباء يحور
ولكنّه إذ كانَ للأمنِ مورداً   فعنهُ لكلِّ الحادثات صدور

 
من أولاده

خلّف أربعة أولاد، كلّهم علماء فضلاء أجلّاء، وكلّهم من كريمة الشيخ علي ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء، وهم:

1ـ السيّد جعفر، قال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني(قدس سره): «أحد مشاهير عصره في العلم والأدب».

2ـ السيّد صالح، قال عنه السيّد محسن الأمين(قدس سره) في أعيان الشيعة: «كان عالماً فاضلاً جليلاً رئيساً مهيباً، جامعاً لأشتات الفضائل والمكارم».

3ـ السيّد محمّد، قال عنه السيّد محسن الأمين(قدس سره) في أعيان الشيعة: «العالم الصدر الوجيه الأديب».

4ـ السيّد حسين، قال عنه الشيخ علي الخاقاني(قدس سره) عند تحقيقه لديوان السيّد حيدر الحلّي: «عالم كبير، وشاعر مجيد، نال مكانة أبيه الاجتماعية، وهيمن على الزعامة الدينية والأدبية».

 

من مؤلّفاته

بصائر المجتهدين في شرح تبصرة المتعلّمين للعلّامة الحلّي (15 مجلّداً)، مواهب الأفهام في شرح شرائع الإسلام (7 مجلّدات)، الفرائد في علم الأُصول (5 مجلّدات)، آيات المتوسّمين في أُصول الدين (مجلّدان)، نفائس الأحكام، فلك النجاة في أحكام الهداة (رسالته العملية)، وسيلة المقلّدين إلى أحكام الدين، الودائع في علم الأُصول، مضامير الامتحان في علمي الكلام والميزان، الصوارم الماضية في رقاب الفرقة الهاوية وتحقيق الفرقة الناجية، معارج النفس إلى محلّ القدس، معارج الصعود في علم الطريقة والسلوك، قوانين الحساب، الشهاب الرامض في أحكام الفرائض، رسالة «اللمعات البغدادية في الأحكام الرضاعية»، رسالة «علم الاستعداد إلى تحصيل ملكة الاجتهاد»، رسالة «آيات الأُصول»، رسالة «قلائد الخرائد في أُصول العقائد»، رسالة «القلائد الحلّية في العقائد الدينية»، رسالة في إبطال الكلام النفسي، رسالة في تفسير الفاتحة، رسالة في تفسير سورة القدر، رسالة في تفسير سورة الإخلاص.

 

وفاته

تُوفّي(قدس سره) في الثاني عشر من ربيع الأوّل 1300ﻫ قرب مدينة السماوة في العراق حال رجوعه من حجّ بيت الله الحرام، ودُفن في مقبرة الأُسرة بالنجف الأشرف.

 

رثاؤه

قد رثاه شعراء العصر بمراثي فائقة جيّدة عديدة، فمن ذلك ما رثاه السيّد حيدر الحلّي:

أرى الأرضَ قد مارت لأمرٍ يهولها   فهل طرق الدنيا فناء يزيلها
وأسمع رعداً قد تقصّف في السما   لمَن زمر الأملاك قامَ عويلها

 

إلى أن قال:

تجلّلتها يا دهرُ سوداء فانبرت   عليكَ ليومِ الحشر تضفو ذيولها
خطمت بها قسراً عرانين هاشم   فقدها تساوى صعبها وذلولها
وقل لعوادي الدهر دونك والورى   مضى الفضلُ والباقون منها فضولها
فما جولة عندَ الردى فوق هذه   فنخشاه يوماً في كريمٍ يجولها

 

وقال السيّد محمّد سعيد الحبّوبي:

سرى وحداء الركب حمد أياديه   وآب ولا حاد له غير ناعيه
وعهدي بهم يستمطرون بنانه   فلم وبماذا استبدلوا دمعَ باكيه

 

وقال الشيخ محمّد قفطان:

بفقدِكَ أوحشتَ الهدى والمساجدا   وآنست فيه حورها والملاحدا
ولمّا أتى الناعي بموتِكَ مُعلناً   أجابت دموعي للنداءِ بلا ندا

 

وأرّخ عام وفاته بقوله:

فزد بي في القولِ الجميلِ مؤرّخاً   (عجبتُ لبيتِ الجودِ بالتربِ ملحداً)

ـــــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: كتاب المزار: 23، أعيان الشيعة 10/ 145.