شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

علي في القرآن

0 المشاركات 00.0 / 5

عليٌ في القرآن *

- القسم الثاني -

العلاّمة السيّد مرتضى العسكري

تتمّة القسم الأوّل =

ما نزل في سبقه إلى الإسلام :

* منها قوله سبحانه : ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) ( البقرة : 43 ) .

عن ابن عبّاس في قوله تعالى : ( وَارْكَعُوا ) أنّها نزلتْ في رسول الله وعلي بن أبي طالب ، وهما أوّل مَن صلّى وركع (1) .

* ومنها قوله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ... ) ( المزمّل : 20 ) .

عن ابن عبّاس في قوله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ ـ يا محمّد ـ تَقُومُ ـ تصلّي ـ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) قال : فأوّل مَن قام الليل معه عليٌ ، وأوّل مَن بايع معه عليٌّ ، وأوّل مَن هاجر معه عليٌّ (2) .

* ومنها قوله سبحانه : ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) ( الزمر : 33 ) .

عن ابن الطفيل عن عليّ ( عليه السلام ) قال : الذي جاء بالصدق رسول الله ، وصدّق به أنا ، والناس كلهم مكذّبون كافرون غيري (3) .

* ومنها قوله جلّ ذكره : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) ( الأنعام : 82 ) .

عن مجاهد عن ابن عباس في قوله الله تعالى : ( الَّذِينَ آَمَنُوا ) يعني صدّقوا بالتوحيد هو علي بن أبي طالب ( وَلَمْ يَلْبِسُوا ) يعني لم يخلطوا ، نظيرها : ( لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ) يعني لِمَ تخلطون ؟ ولم يخلطوا إيمانهم ( بِظُلْمٍ ) يعني الشرك ، قال ابن عبّاس : والله ما آمن أحد إلاّ بعد شرك ما خلا علياً ، فإنّه آمن بالله مِن غير أنْ يُشرك به طرفة عين . ( أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ ) من النار والعذاب ، ( وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) يعني مرشدون إلى الجنّة يوم القيامة بغير حساب ، فكان عليّ أوّل مَن آمن به وهو مِن أبناء سبع سنين (4) .

* ومنها قوله عزّ ذكره : ( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ... ) ( لقمان : 22 ) .
عن أنس بن مالك في قوله : ( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ ) قال : نزلت في علي بن أبي طالب ، كان أوّل مَن أخلص لله الإيمان ، وجعل نفسه لله ، ( وَهُوَ مُحْسِنٌ ) يقول : مؤمن مطيع ، ( فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةَ الوُثقَى ) هي قول : لا إله إلاّ الله ، وإلى الله ترجع الأمور (5) .

* ومنها قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ( غافر : 7 ـ 9 ) .

عن أبي الأسود الدوئلي قال : قال علي ( عليه السلام ) : ( لقد مكثتْ الملائكة سنين وأشهراً لا يستغفرون إلاّ لرسول الله ولي ، وفينا نزلتْ هاتان الآيتان : ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ ـ إلى قوله ـ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .

فقال قوم من المنافقين : مَن كان مِن آبائهم وذرّيّاتهم الذين أُنزلت فيهم هذه الآيات ؟ فقال علي ( عليه السلام ) : سبحان الله ، أمّا من آبائنا : إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ! أليس هؤلاء من آبائنا ) (6) ؟

* ومنها قوله سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) ( الواقعة : 10 ـ 11 ) .

عن عبد الله بن عبّاس في قوله تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) قال : يوشع بن نون إلى موسى وشمعون بن يوحنا إلى عيسى وعلي بن أبي طالب إلى النبي (7) .

* ومنها قوله عزّ اسمه : ( وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ) ( الواقعة : 27 ) .

عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمّد بن علي قال : ( قال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : أُنزلتْ النبوّة على محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يوم الاثنين ، وأُسْلِمَتْ غداة يوم الثلاثاء ، فكان النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يصلّي وأنا أصلّي عن يمينه وما معه أحد من الرجال غيري ، فأنزل الله ( وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ ) إلى آخر الآية ) (8) .

* ومنها قوله سبحانه : ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ ... ) ( الحشر : 10 ) .

عن ابن عبّاس قال : فرض الاستغفار لعلي في القرآن على كل مسلم . وهو قوله تعالى : ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ ) وهو السابق (9) .

* ومنها قوله تعالى : ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ... ) ( التوبة : 19 ) .

عن أنس قال : قعد العبّاس وشيبة يفتخران ، فقال له العبّاس : أنا أشرف منك ، أنا عمّ رسول الله ووصيّ أبيه ، وساقي الحجيج . فقال شيبة : أنا أشرف منك ، أنا أمين الله على بيته وخازنه ، أفلا ائتمنك كما ائتمنني ؟! فاطّلع عليهما علي ( عليه السلام ) فأخبراه بما قالا . فقال علي ( عليه السلام ) : أنا أشرف منكما ، أنا أوّل مَن آمن وهاجر ، فانطلقوا ثلاثتهم إلى النبي فاخبروه ، فما أجابهم بشيء ، فانصرفوا فنزل عليه الوحي بعد أيّام ، فأرسل إليهم فقرأ : ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) (10) .

ما نزل في شأنه مع النبي ونصرته له :

* فمنها قوله عز وجلّ : ( ... فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ... ) ( التحريم : 4 ) .

قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في قوله تعالى : ( صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال : هو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (11) .

* ومنها قوله عزّ اسمه : ( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي  ) ( طه : 29 ـ 32 ) .

عن أسماء بنت عُميس قالتْ : سمعتُ رسول الله يقول : اللّهمّ إنّي أقول كما قال أخي موسى ، اللّهمّ اجعل لي وزيراً مِن أهلي ، عليّاً أخي ، اشدد به أزري ، وأشركه في أمري ... (12) .

* ومنها قوله سبحانه : ( وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً ) ( الإسراء : 80 ) .

عن عبد الله بن عبّاس في قوله تعالى : ( وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً ) قال : والله لقد استجاب الله لنبيّنا دعاءه ، فأعطاه عليّ بن أبي طالب سلطاناً ينصره على أعدائه (13) .

* ومنها قوله جلّ ذكره : ( وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ ... ) ( الرعد : 4 ) .

عن جابر بن عبد الله ، قال : سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول لعلي ( عليه السلام ) : ( يا علي ، الناس من شجر شتّى وأنا وأنت من شجرة واحدة ) ، ثمّ قرأ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ ) (14) .

* ومنها قوله سبحانه : ( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ ... ) ( هود : 17 ) .

عن عبّاد بن عبد الله عن علي ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ) قال : هو رسول الله ، ( وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ ) ، قال : أنا الشاهد (15) .

* ومنها قوله تعالى : ( ... هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ) ( الأنفال : 62 ) .

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : رأيتُ ليلة أُسري بي إلى السماء على العرش مكتوباً : لا إله إلاّ أنا وحدي لا شريك لي ، ومحمّد عبدي ورسولي ، أيّدْتُه بعلي ، فذلك قوله : ( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ) (16) .

* وممّا نزل في ذلك قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) ( البقرة : 207 ) .

وقد ذكرنا رواية ابن عبّاس في سبب نزولها سابقاً .

* ومنها قوله تعالى : ( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) ( المطفّفين : 26 ) .

عن جابر أنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في غزوة الطائف دعا عليّاً فانتجاه ثمّ قال : أيّها الناس ، إنّكم تقولون إنّي انتجيْتُ عليّاً ، ما أنا انتجيتُه ، إنّ الله انتجاه ، ( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) (17) .

* ومنها قوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ( الأنفال : 64 ) .

عن جعفر بن محمّد عن أبيه ( عليهما السلام ) في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ، قال : نزلتْ في علي ( عليه السلام ) (18) .

* ومنها قوله تعالى : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ... ) ( يوسف : 108 ) .

عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) : علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (19) .

* ومنها قوله سبحانه : ( ... إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ( الرعد : 7 ) .

عن ابن عبّاس قال : لمّا نزلتْ ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) وضع يده على صدره ، فقال : أنا المنذر ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، وأومأ إلى منكب علي ( عليه السلام ) ، فقال : أنت الهادي يا علي ، بك يهتدي المهتدي بعدي (20) .

* ومنها قوله تعالى : ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ) ( الإسراء : 81 ) .

عن جابر بن عبد الله قال : دخلنا مع النبيّ مكّة وحوله ثلاثمئة وستون صنماً يُعبَد من دون الله ، فأمر بها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كلّها لوجهها ، وكان على البيت صنم طويل يُقال له : هبل ، فنظر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقال له : يا علي ، تركب عَلَيَّ أو أركب عليك لتلقي هبل عن ظهر الكعبة ؟

قلتُ : يا رسول الله ، بل أركبك ، ونزل فطأطأ لي ظهره واستويتُ عليه ، فو الذي فلق الحبّة وبرأ النَسْمَة ، لو أردتُ أنْ أمسّ السماء لَمَسَسْتُها بيدي ، فألقيتُ هبل عن ظهر الكعبة ، فأنزل الله تعالى : ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ ) يعني قول لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، ( وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ) يعني وذهبتْ عبادة الأصنام ، ( إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ) يعني ذاهباً . ثمّ دخل البيت فصلّى فيه ركعتين (21) .

ما نزل في ولايته :

* فمنها قوله تعالى : ( لاَ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ) ( النبأ : 38 ) .

قال أبو جعفر ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفًّا لاَ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ ) قال : إذا كان يوم القيامة خطف قول : لا إله إلاّ الله عن قلوب العباد في الموقف إلاّ مَن أقرّ بولاية علي ( عليه السلام ) وهو قوله : ( إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ ) يعني من أهل ولاية علي ( عليه السلام ) ، فهم الذين يُؤْذَنُ لهم بقول : لا إله إلاّ الله (22) .

* ومنها قوله سبحانه : ( عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ) ( النبأ : 1 ـ 2 ) .

عن أبي حمزة الثمالي قال : سألتُ أبا جعفر ( عليه السلام ) عن قول الله تعالى : ( عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ) ، فقال : كان علي ( عليه السلام ) يقول لأصحابه : أنا والله النبأ العظيم الذي اختلف فيّ جميع الأُمم بألسنتها ، والله ما لله نبؤٌ أعظم منّي ، ولا لله آية أعظم منّي (23) .

وقال ابن العاص في قصيدته المعروفة بالجلجلية ، مخاطباً معاوية :

نَصَرْنَاكَ مِنْ جَهْلِنَا يَا بْنَ هِنْدٍ = عَلَى النَبَأِ الأَعْظَمِ الأَفْضَلِ (24) .

* ومنها قوله تعالى : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ) ( الصافات : 24 ) .

أخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري أنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قال : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ) عن ولاية علي ( عليه السلام ) (25) .

* ومنها قوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ( الحديد : 28 ) .

عن سعد بن طريف عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ) قال : مَن تمسّك بولاية علي ( عليه السلام ) فله نور (26) .

* ومنها قوله تعالى ذكره : ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) ( الحجر : 92 ) .

عن السُدّيّ في قوله تعالى : ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) قال : عن ولاية علي ( عليه السلام ) (27) .

* ومنها قوله عز اسمه : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ... ) ( إبراهيم : 27 ) .

عن ابن عبّاس قال في قوله تعالى : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ) قال : بولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (28) .

* ومنها قوله تعالى : ( ... وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ) ( إبراهيم : 35 ) .

عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : أنا دعوة أبي إبراهيم .

قلنا : يا رسول الله ، وكيف صرتَ دعوة أبيك إبراهيم ؟

قال : أوحى الله عزّ وجلّ إلى إبراهيم إنّي جاعلك للناس إماماً . فاستخف إبراهيم الفرح ، فقال : يا ربّ ، ومِنْ ذُرّيّتي أئمّة مثلي ؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أنْ يا إبراهيم ، إنّي لا أُعطيك عهداً لا أفي لك به . قال : يا ربّ ، ما العهد الذي لا تَفِي لي به ؟ قال : لا أُعطيك لظالمٍ مِن ذُرّيَتك . قال : ومَن الظالم مِن ولدي الذي لا يناله عهدك ؟ قال : مَن سجد لصنم مِن دوني ، لا أجعله إماماً أبداً ، ولا يصلح أنْ يكون إماماً . قال إبراهيم : ( ... وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ ... ) . قال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : فانتهت الدعوة إليّ وإلى أخي علي ، لم يسجد أحد منّا لصنم قط ، فاتّخذني الله نبياً ، وعلياً وصيّاً (29) .

* ومنها قوله عزّ اسمه : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) ( الشعراء : 214 ) .

عن البرّاء قال : لمّا نزلتْ : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) جمع رسول الله بني عبد المطّلب وهم يومئذ أربعون رجلاً ، الرجل منهم يأكل المسنّة ويشرب العسّ ، فأمر عليّاً برِجْل شاة فآدمها ، ثمّ قال : ادنوا باسم الله ، فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ، ثمّ دعا بقعب مِن لبن فجرع منه جرعة ثمّ قال لهم : اشربوا بـ (باسم الله) ، فشرب القوم حتّى رووا ، فبدرهم أبو لهب فقال : هذا ما أسحركم به الرجل ! فسكتَ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يومئذ فلم يتكلّم ، ثمّ دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ، ثمّ أنذرهم رسولُ الله ، فقال : يا بني عبد المطّلب ، إنّي أنا النذير إليكم مِن الله عزّ وجلّ ، والبشير لِمَا يجيء به أحدكم ، جئتُكم بالدنيا والآخرة فأسلموا وأطيعوني تهتدوا ، ومَن يؤاخيني منكم ويؤازرني ويكون وليِّي ووصيِّي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني ؟ فسكتَ القوم ، وأعاد ذلك ثلاثاً ، كلّ ذلك يسكت القوم ويقول عليّ : أنا ، فقال : أنت ، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أَطِعْ ابنك فقد أمّره عليك (30) !

* ومنها قوله جلّ ذكره : ( هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ... ) ( الكهف : 44 ) .

عن أبي جعفر محمّد بن علي ( عليه السلام ) في قول الله تعالى : ( هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ) قال : تلك ولاية أمير المؤمنين التي لم يُبعث نبيّ قط إلاّ به (31) .

* ومنها قوله تعالى : ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) ( هود : 12 ) .

عن جابر بن أرقم ، عن أخيه زيد بن أرقم ، قال : إنّ جبرئيل الروح الأمين نزل على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) عَشِيّة عَرَفَة ، فضاق بذلك رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مخافة تكذيب أهل الإفك والنفاق ، فدعا قوماً وأنا فيهم ؛ لاستشارتهم في ذلك ، ليقوم به في الموسم فلم ندرِ ما نقول له ، وبكي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فقال له جبرئيل : يا محمّد ، أجزعت من أمر الله ؟ فقال : كلاّ يا جبرئيل ، ولكن قد علم ربّي ما لقيتُ من قريش ، إذ لم يقرّوا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادهم وأهبط إليّ جنوداً من السماء فنصروني ، فكيف يقرّون لعليّ من بعدي . فانصرف عنه جبرئيل ، فنزل عليه : ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ ) (32) .

* ومنها قوله سبحانه : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) ( المائدة : 55 ) .

عن عمّار بن ياسر قال : وقف على علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) سائلٌ وهو راكع في تطوّع ، فنزع خاتمَه فأعطاه السائل ، فأتى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فأعلمه بذلك ، فنزلتْ على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) هذه الآية : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ ... ) فقرأها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ثمّ قال : ( مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ، اللّهمّ والِ مَن والاهُ وعادِ مَن عاداهُ ) (33) .

* ومنها قوله عزّ اسمه : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ) ( المائدة : 67 ) .

عن ابن عبّاس وجابر قالا : أمر الله محمّداً أنْ ينصّب عليّاً ليخبرهم بولايته ، فتخوّف رسول الله أنْ يقولوا حَابَا ابنَ عمّه وأنْ يطعنوا عليه ، فأوحى الله إليه : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ... ) ، فقام رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بولايته يوم غدير خم (34) .

* ومنها قول تعالى : ( ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ... ) ( المائدة : 3 ) .

عن أبي سعيد الخدري : إنّ النبي دعا الناس إلى علي ، فأخذ بضبعَيه فرفعهما ، ثمّ لم يتفرّقا حتى نزلتْ هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) ، فقال رسول الله : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الربّ برسالتي والولاية لعلي ، ثمّ قال للقوم : ( مَن كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاهُ ) (35) .

* ومنها قوله : ( ... وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ... ) ( النساء : 59 ) .

عن سليم بن قيس الهلالي عن علي ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : شركائي الذين قرنهم الله بنفسه وبي وأنزل فيهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ ... ) ، فإنْ خفتم تنازعاً في أمرٍ فارجعوه إلى الله والرسول وأولي الأمر . قلتُ يا نبيّ الله مَن هم ؟ قال : أنت أوّلهم (36) .

* ومنها قوله تعالى : ( وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) ( يونس : 53 ) .

عن جعفر الصادق ( عليه السلام ) عن أبيه في قول الله تعالى : ( وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ ) قال : يستنبئك يا محمّد أهل مكّة عن علي بن أبي طالب أإمام ؟ قل إي وربّي إنّه لحق (37) .

* ومنها قوله سبحانه : ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ( يونس : 25 ) .

عن عبد الله بن عبّاس في تفسير قول الله تعالى : ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ ) يعني به الجنّة ( وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) يعني به ولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (38) .

ما نزل في جهاده :

* فمنها قوله تعالى : ( ... وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ... ) ( الأحزاب : 25 ) .

كان عبد الله بن مسعود يقرأ : ( وَكَفَى اللهُ المُؤمِنينَ القِتَالَ ـ بعليّ ـ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً ) .

وعن ابن عبّاس في قوله : ( وَكَفَى اللهُ المُؤمِنينَ القِتَالَ ) قال : كفاهم الله القتال يوم الخندق بعلي بن أبي طالب حين قَتَل عمرو بن عبدودّ ، وشرح هذه القصّة فيما رواه حذيفة :

قال : لمّا كان يوم الخندق عبر عمرو بن عبدودّ ، حتى جاء فوقع على عسكر النبيّ فنادى : البراز ، فقال رسولُ الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : أيّكم يقوم إلى عمرو ؟ فلم يقم أحد إلاّ علي بن أبي طالب ، فإنّه قام ، فقال له النبي : اجلس ، ثمّ قال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : أيّكم يقوم إلى عمرو ؟ فلم يقم أحد ، فقام إليه علي ، فقال : أنا له . فقال النبي : اجلس ، ثمّ قال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لأصحابه : أيّكم يقوم إلى عمرو ؟ فلم يقم أحد ، فقام علي ، فقال : أنا له ، فدعاه النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فقال : إنّه عمرو بن عبدود . قال : وأنا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فألْبَسَهُ دِرْعَهُ ذات الفضول ، وأعطاه سيفَه ذا الفقار ، وعمّمه بعمامته السحاب على رأسه تسعة أكوار ، ثمّ قال له :

تقدّم ، فقال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لما ولّى : اللّهمّ احفظْهُ مِن بين يديه ومِن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، ومِن فوق رأسه ومِن تحت قدميه .

فجاء حتى وقف على عمرو فقال : من أنت ؟ فقال عمرو : ما ظننتُ أنّي أقف موقفاً أُجْهَلُ فيه ، أنا عمرو بن عبد ود ، فمَن أنت ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب ، فقال : الغلام الذي كنتُ أراك في حجر أبي طالب ؟ قال : نعم . قال : إنّ أباك كان لي صديقاً وأنا أكره أنْ أَقْتُلَكَ . فقال له علي : لكنّي لا أكره أنْ أقتلك ، بلغني أنك تعلّقتَ بأستار الكعبة وعاهدتَ الله عزّ وجلّ أنْ لا يخيّرك رجل بين ثلاث خلال إلاّ اخترتَ منها خلّة ؟ قال : صدقوا . قال ( عليه السلام ) : إمّا أنْ ترجع من حيث جئتَ ، قال : لا تحدّث بها قريش . قال : أو تَدخل في ديننا ، فيكون لك ما لنا ، وعليك ما علينا . قال : ولا هذه . فقال له علي : فأنت فارس وأنا راجل . فنزل عن فرسه ، وقال : ما لقيتُ من أحد ما لقيتُ من هذا الغلام ! ثمّ ضرب وجه فرسِهِ فأدْبَرَتْ ، ثمّ أقبل إلى علي ، وكان رجلاً طويلاً ـ يداوي البعيرة وهو قائم ـ وكان علي في تراب دق ولا يثبت قدماه عليه ، فجعل علي ينكص إلى ورائه يطلب جلداً من الأرض يثبتُ قَدَمَيْه ويعلوه عمرو بالسيف ، فكان في درع عمرو قصر ، فلمّا تشاك بالضربة تلقّاها علي بالترس ، فلحق ذباب السيف في رأس علي ، وتسيّف علي رجلَيه بالسيف من أسفل ، فوقع على قَفَاه ، فثارتْ بينهما عجاجة ، فسُمع عليّ يُكبّر ، فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : قتله والذي نفسي بيده . فكان أوّل مَن ابتدر العجاج عمر بن الخطّاب ، فإذا علي يمسح سيفه بدرع عمرو ، فكبّر عمر بن الخطّاب ، فقال : يا رسول الله قَتَلَهُ .

فجزّ عليٌّ رأسه ، ثمّ أقبل يخطر في مِشْيَتِهِ ، فقال له رسول الله : يا علي ، إنّ هذه مشية يكرهها الله عزّ وجل إلاّ في هذا الموضع . فقال رسول الله لعلي : ما منعك مِن سَلْبِهِ وكان ذو سلب ؟ فقال : يا رسول الله ..... .

فقال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : أبشر يا علي ، فلو وُزِنَ اليوم عملك بعمل أُمّة محمّد لرجح عملُك بعملهم ؛ وذلك إنّه لم يبقَ بيت مِن بيوت المسلمين إلاّ وقد دخله عزٌّ بقتل عمرو (39) .

* ومنها قوله سبحانه : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ) ( الصف : 4 ) .

عن ابن عبّاس في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ ... ) أنّه قيل له : مَن هؤلاء ؟ قال : حمزة أسد الله وأسد رسوله ، وعلي بن أبي طالب ، وعبيدة بن الحرث ، والمقداد بن الأسود (40) .

* ومنها قوله : ( ... وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) ( آل عمران : 144 ) .

عن حذيفة بن اليمان قال : لمّا التقوا مع رسول الله بأُحد ، وانهزم أصحاب رسول الله ، وأقبل علي ( عليه السلام ) يضرب بسيفه بين يدي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مع أبي دُجَانَة الأنصاري حتى كشف المشركين عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فأنزل الله : ( وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ ... * ... وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) عليّاً وأبا دُجانة ، وأنزل الله تبارك وتعالى : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ـ والكثير عشرة آلاف ، إلى قوله ـ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) عليّاً وأبا دُجانة (41) .

* ومنها قوله سبحانه : ( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ) ( النجم : 43 ) .

عن ابن عبّاس قال : أضحك عليّاً وحمزة وجعفراً يوم بدر مِن الكفّار بقتلهم آباءهم ، وأبكى كفّارَ مكّة في النار حين قُتِلوا (42) .

ما نزل في علمه :

* فمنها قوله عزّ ذكره : ( ... قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) ( الرعد : 43 ) .

عن أبي سعيد الخدري قال : سألتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) عن قول الله تعالى ( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) ، قال : ذاك أخي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (43) .

* ومنها قوله تعالى : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) ( الحجر : 75 ) .

عن جابر عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : بينما أمير المؤمنين في مسجد الكوفة إذ أتتْه امرأة تستعدي على زوجها ، فقضى لزوجها عليها ، فغضبتْ فقالتْ : والله ما الحقّ فيما قضيتَ ، ولا تقضي بالسويّة ، ولا تعدل في الرعيّة ، ولا قضيتك عند الله بالمرضية ! فنظر إليها مليّاً ثمّ قال : كذبتِ يا بذيّة يا بذيّة ، يا سلقلقة ـ أو يا سلقى ـ فولّت هاربة ، فلحقها عمرو بن حريث فقال : لقد استقبلتِ عليّاً بكلام ، ثمّ إنّه نزعك بكلمة فولّيْتِ هاربة ؟ قالتْ : إنّ عليّاً والله أخبرني بالحقّ وشيء اكتمُهُ مِن زوجي منذ ولي عصمتي ، فرجع عمرو إلى أمير المؤمنين فأخبره بما قالتْ ، قال : يا أمير المؤمنين ما نعرفك بالكهانة . فقال : ويلك ، إنّها ليست بكهانة مِنّي ، ولكنّ الله أنزل قرآناً : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) ، فكان رسول الله هو المتوسّم وأنا مِن بعده والأئمّة مِن ذرّيّتي مِن بعدي هم المتوسّمون ، فلمّا تأمّلتها عرفتُ ما هي كذا بسيماه (44) .

* ومنها قوله جلّ ذكره : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) ( النحل : 43 ) .

عن الحرث قال : سألتُ عليّاً عن هذه الآية : ( ... فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ... ) قال : والله ، إنّا لَنَحْنُ أهلُ الذِكْر ، نحن أهل العلم ، ونحن معدن التأويل ، ولقد سمعتُ رسول الله  ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : ( أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، ومَن أراد العلمَ فليأتِهِ مِن بَابِهِ ) (45) .

* ومنها قوله سبحانه : ( ... وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) ( الحاقّة : 12 ) .

عن علي بن حوشب قال : سمعتُ مكحولاً يقول : قرأ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) ، فقال : يا علي ، سألتُ الله أنْ يجعلها أُذنك . قال : قال علي ( عليه السلام ) : فما نسيتُ حديثاً أو شيئاً سمعتُه مِن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) (46) .

وعن بريد الأسلمي قال : سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول لعلي : يا علي ، إنّ الله أمرني أنْ أُدْنِيْكَ ولا أُقْصِيْكَ ، وأنْ أُعلّمك وأنْ تعي ، وحقٌ على الله أنْ تعي . قال : فنزلتْ ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) (47) .

ما نزل بشأنه في القيامة :

* فمنها قوله عزّ اسمه : ( وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ... ) ( الأعراف : 46 ) .

قال ابن حجر : أخرج الثعلبي في تفسير هذه الآية عن ابن عبّاس أنّه قال : الأعراف موضع عالٍ من الصراط ، عليه العبّاس ، وحمزة ، وعلي بن أبي طالب ، وجعفر ذو الجناحين ، يَعرفون محبّيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه (48) .

* ومنها قوله عزّ وجلّ : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) ( الرعد : 29 ) .

عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : سُئل رسول الله عن طوبى . قال : هي شجرة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنّة ، ثمّ سُئل عنها مرّة أخرى ، فقال : هي في دار علي ( عليه السلام ) ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنّ داري ودار علي في الجنّة بمكان واحد (49) .

* ومنها قوله جلّ ذكره : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ) ( عبس : 38 ـ 39 ) .

عن أنس بن مالك قال : سألتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) عن قوله : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ) قال : يا أنس ، هي وجوهنا بني عبد المطّلب ، أنا وعلي وحمزة وجعفر والحسن والحسين وفاطمة ، نخرج من قبورنا ، ونور وجوهنا كالشمس الضاحية يوم القيامة ، قال الله تعالى : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ) يعني مشرقة بالنور في أرض القيامة ، ( ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ) بثواب الله الذي وعدنا (50) .

* ومنها قوله تعالى : ( ... أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... ) ( فصلت : 40 ) .

عن عبد الله بن عبّاس في قول الله عزّ وجلّ : ( أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ ) ـ يعني الوليد بن المغيرة ـ ( أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) من عذاب الله ومن غضب الله ؟ وهو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ( اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ) وعيدٌ لهم (51) .

* ومنها قوله تعالى : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ ) ( المرسلات : 41 ) .

عن ابن عبّاس في قوله تعالى : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ ) قال : يعني الذين اتّقوا الشرك والذنوب والكبائر ، وهم : علي والحسن والحسين ( عليه السلام ) ، ( فِي ظِلاَلٍ ) يعني ظلال الشجر والخيام من اللؤلؤ ، ( وَعُيُونٍ ) يعني ماءً طاهراً يجري ، ( وَفَوَاكِهَ ) يعني ألوان الفواكه ، ( مِمَّا يَشْتَهُونَ ) يقول : ممّا يتمنّون ، ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً ) لا موت عليكم في الجنّة ولا حساب ، ( بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) يعني تطيعون الله في الدنيا ، ( إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) أهل بيت محمّد في الجنّة (52) .

* ومنها قوله عزّ اسمه : ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ) ( القارعة : 6 ـ 7 ) .

عن ابن عبّاس قال : أوّل مَن يرجح كفّة حسناته في الميزان يوم القيامة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ؛ وذلك إنّ ميزانه لا يكون فيه إلاّ الحسنات ، ويبقى كفّة السيئات فارغة لا سيّئة فيها ، لأنّه لم يعصِ الله طرفة عين ! فذلك قوله : ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ) أي في عيش في جنّة قد رضي عيشه فيه (53) .

* ومنها قوله سبحانه وتعالى : ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) ( ق : 21 ) .

عن أُمّ سَلَمَة في قول الله عزّ وجلّ : ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) إنّ رسول الله السائق وعليّ الشهيد (54) .

ــــــــــــــــــــــــــ

* اقتباس وتنسيق قسم المقالات في شبكة الإمامين الحسنين ( عليهما السلام ) للتراث والفكر الإسلامي ، من كتاب : على مائدة الكتاب والسُنّة ، تأليف العلاّمة : السيّد مرتضى العسكري ( رحمه الله ) .
(1) البرهان 1 : 92 .
(2) شواهد التنزيل : 2 : 292 .
(3) شواهد التنزيل : 2 : 122 .
(4) شواهد التنزيل : 1 : 197 .
(5) غاية المرام : 434 .
(6) تاريخ دمشق : 37 : 29 .
(7) شواهد التنزيل : 2 : 217 .
(8) شواهد التنزيل : 2 : 220 .
(9) شواهد التنزيل : 2 : 249 .
(10) الدرّ المنثور : ذيل الآية .
(11) كنز العمّال : 1 : 273 .
(12) الرياض النضرة : 2 : 163 .
(13) شواهد التنزيل : 1 : 349 .
(14) المستدرك : للحاكم النيسابوري : 2 : 241 .
(15) شواهد التنزيل : 1 : 276 .
(16) كفاية الطالب : 234 . كنز العمال : 6 : 158 .
(17) شواهد التنزيل : 2 : 325 .
(18) البرهان : ذيل الآية .
(19) تفسير فرات : 70 .
(20) تفسير ابن جرير الطبري : 13 : 79 .
(21) البرهان : ذيل الآية .
(22) تفسير فرات : 202 . شواهد التنزيل : 2 : 322 .
(23) تفسير فرات الكوفي : 202 .
(24) شواهد التنزيل : 2 : 318 في الهامش .
(25) الصواعق المحرقة : 89 .
(26) شواهد التنزيل : 2 : 228 .
(27) شواهد التنزيل : 1 : 325 .
(28) البرهان : 2 : 315 .
(29) أمالي الطوسي : 388 .
(30) شواهد التنزيل : 420 .
(31) شواهد التنزيل 1 : 356 .
(32) البرهان 2 : 210 .
(33) مجمع الزوائد : الهيثمي : 7 : 17 .
(34) شواهد التنزيل : 1 : 194 . مجمع البيان : 3 : 223 . وقال الحسكاني : وهذا الحديث مستقصاة في كتاب دعاء الهداة إلى أداء حق الموالاة في عشر أجزاء ( شواهد التنزيل : 1 : 190 ) .
(35) شواهد التنزيل : 1 : 158 .
(36) شواهد التنزيل : 1 : 148
(37) البرهان : 2 : 187 .
(38) البرهان : 2 : 183 .
(39) شواهد التنزيل : 2 : 5 ـ 7 .
(40) شواهد التنزيل : 2 : 251 .
(41) شواهد التنزيل : 1 : 136
(42) شواهد التنزيل : 2 : 207 .
(43) البرهان : 2 : 303 .
(44) تفسير فرات : 81 .
(45) شواهد التنزيل : 1 : 334 .
(46) أنساب الأشراف : 2 : 121 .
(47) تفسير الطبري : 29 : 56 .
(48) الصواعق المحرقة : 101 .
(49) شواهد التنزيل : 1 : 304 .
(50) شواهد التنزيل : 2 : 324 .
(51) شواهد التنزيل : 2 : 129 .
(52) شواهد التنزيل : 2 : 316 .
(53) شواهد التنزيل : 2 : 367 .

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية