حقيقة العبودية عند الإمام المهدي(ع)

السؤال:

قالوا : ( من صار عبداً صار ربّاً ) ، وقالوا : ( العبودية جوهرة كُنهها الرّبوبية ) .

فما مدى مطابقة هذين القاعدتين لفكر أهل البيت ( عليهم السلام ) ؟

وجوهر السؤال : ( هل قول القائل : إن الإمام المهدي ( عليه السلام ) صار عبداً ، وعندما صار عبداً صار ربّاً ، لأن العبودية جوهرة كنهها الربوبية ) موافق لمُعتقدات أهل البيت ( عليهم السلام ) ، أم لا ؟

 

الجواب:

روي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : ( العُبودية جَوهرة ، كُنهُها الرّبوبية ، فما فُقد من العبودية وُجد في الربوبية ، وما خُفي في الربوبية أُصيب في العبودية [ صاحب كتاب مصباح الشريعة ص 536 ] ) .

وصاحب مصباح الشريعة ينقل جمَلاً كثيرة عن الصوفيَّة ، ولعل هذه الجملة منهم ، وعلى فرض أنها صدرت عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) فهي رواية ضعيفة .

وعلى فرض صحَّة سندها يكون معناها الذي لا يتعارض مع أفكار أهل البيت ( عليهم السلام ) هو كالتالي :

إن العبد إذا التزم بوظائف العبودية لله عزَّ وجلَّ ، وأطاع الله حقَّ الطاعة ، تحصل له مرتبة عظيمة ، ومنزلة كبيرة ، بحيث يكون مصداقاً للحديث القدسي :

( عَبدي أطِعني حتى أجعلك مَثَلي [ أو : مِثلي ] ، تقُل للشيء كُنْ فيكون ) .

بمعنى أنه يفعل ما يشاء ولكنْ بإذن الله وإرادته ، وهذه هو مقام الربوبية ، فلا عجب من نفس أشرقت واستنارت واستضاءت بنور الله أن تتصرَّف في الكون كما تشاء بإذن من الله عزَّ وجلَّ .

وأما العبودية فهي مرتبة عظيمة لا يكاد يتناولها كل أحد ، وحقيقة العبودية هي ما قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) لعنوان البصري حين دخل عليه :

( ليس العلمُ بكِثرة التعلُّم ، إنما هو نور يضعه الله في قلب من يريد أن يَهديه ، فإن أردت العلم فاطلب أولاً في نفسك حقيقة العبودية ، واطلب العلم باستعماله ، واستفهم الله بِفِهمك ) .

وعلى هذا يصح أن نقول :

إن الإمام المهدي ( عليه السلام ) باعتباره عبداً جسَّد حقيقة العبودية ، صارت له القدرة على التصرف في الكون كالقدرة الإلهية ، ولكن القدرة الإليهة مطلقة ، وقدرته ( عليه السلام ) مشروطة بإذن من الله تعالى وإرادته .

وهذا المعنى لا يتعارض مع فكر أهل البيت ( عليهم السلام ) ومعتقداتهم ، وإن أُريد غيره بمعنى أنه ( عليه السلام ) صارَ ربّاً ، وله مقام الربوبية ، فهذا يتعارض مع أفكار أهل البيت ( عليهم السلام ) .