تفضيل الأئمّة(عليهم السلام) على الأنبياء ما عدا نبيّنا

السؤال:

على أيّ أساس أو بماذا يمتاز الأئمّة(عليهم السلام) على الأنبياء دون النبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله)؟

وهل يختلف علماؤنا حول أفضليتهم؟ بأيّ كتاب تنصحوننا يبحث في هذا الموضوع؟

 

الجواب:

الذي عليه أكثر علمائنا المتأخّرين: أنّ الأئمّة الاثني عشر(عليهم السلام) أفضل من جميع الأنبياء(عليهم السلام)، حتّى أُولي العزم، والدليل عليه وجوه.

الأوّل: ما رواه المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): «إنّ الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمّد وعليّ والحسن والحسين والأئمّة(عليهم السلام)، فعرضها على السماوات والأرض والجبال فغشيها نورهم.

فقال الله تبارك وتعالى للسماوات والأرض والجبال: هؤلاء أحبّائي وأوليائي وحججي على خلقي، وأئمّة بريتي، ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليَّ منهم، ولمن تولّاهم خلقت جنّتي، ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري… فلمّا أسكن الله عزّ وجلّ آدم وحوّاء الجنّة… فنظرا إلى منزلة محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة بعدهم(عليهم السلام) فوجداها أشرف منازل أهل الجنّة، فقالا:… فقال جلّ جلاله: لولاهم ما خلقتكما»(۱).

الثاني: ما استفاض في الأخبار من أنّ علم الأئمّة(عليهم السلام) أكمل من علوم كلّ الأنبياء(عليهم السلام)، وذلك أنّ من جملته علم الاسم الأعظم، وهو ثلاثة وسبعون حرفاً، حرف منها استأثر به الله تعالى نفسه، واثنان وسبعون علّمها لرسوله، وأمره أن يعلّمها لأهل بيته.

وأمّا باقي الأنبياء(عليهم السلام)، فقال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ عيسى بن مريم أُعطي حرفين كان يعمل بهما، وأُعطي موسى أربعة أحرف، وإبراهيم ثمانية أحرف، وأُعطي نوح خمسة عشر حرفاً، وأُعطي آدم خمسة وعشرين حرفاً، وإنّ الله جمع ذلك كلّه لمحمّد(صلى الله عليه وآله)…»(۲).

الثالث: إنّ القرآن الكريم أشار إلى أنّ الأنبياء(عليهم السلام) لو بُعثوا في زمان النبيّ(صلى الله عليه وآله)، لما وسعهم إلّا الإيمان به واتّباعه، ومقتضى الإيمان والاتّباع هو الامتثال لكلّ ما يأمر به النبيّ(صلى الله عليه وآله) واتّباعه في كلّ شيء.

فلو فرضنا أنّ الأنبياء موجودون في زمان النبيّ(صلى الله عليه وآله)، ونصّ على إمامة الأئمّة(عليهم السلام) وأمر باتّباعهم، فهل يسع الأنبياء مخالفة ذلك؟

وحينئذٍ نسأل أيّهما أفضل، الإمام أم المأموم؟ والتابع أم المتبوع؟ وإذا ثبتت أفضليتهم في هذا الحال، فهي ثابتة في كلّ الأحوال، فليس هناك ما يمنع من أفضلية الأئمّة(عليهم السلام) على سائر الأنبياء، لا عقلاً ولا شرعاً.

الرابع: إنّ أهل السنّة رووا في كتبهم: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال: «علماء أُمّتي كأنبياء بني إسرائيل»(۳)، أو بمنزلة أنبياء بني إسرائيل، ونحو ذلك، وأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) يفتخر بعلماء أُمّته يوم القيامة، فإذا كان العالم المسلم من أُمّة النبيّ(صلى الله عليه وآله) بهذه المنزلة والمكانة وهو مهما بلغ في علمه فليس بمعصوم، فكيف بمن نصّ القرآن على عصمتهم؟ ونوهّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) بفضلهم، وورثوا العلوم عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) واستغنوا عن الناس في المعارف والعلوم، واحتجاج الناس إلى علومهم ومعارفهم.

الخامس: في صفة منبر الوسيلة من النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنّه منبر يُؤتى به في يوم القيامة، فيُوضع عن يمين العرش، فيرقى النبيّ(صلى الله عليه وآله)، ثمّ يرقى من بعده أمير المؤمنين(عليه السلام)، فيجلس في مرقاة دونه، ثمّ الحسن في مرقاة دونه إلى آخرهم، ثمّ يُؤتى بإبراهيم وموسى وعيسى والأنبياء، فيجلس كلّ واحد على مرقاته من دون المراقي…(۴).

هذا، وقد وقع الخلاف بين علمائنا في أفضلية الأئمّة(عليهم السلام) على الأنبياء(عليهم السلام)، ما عدا جدّهم(صلى الله عليه وآله)، فذهب جماعة إلى أنّهم أفضل من باقي الأنبياء ما خلا أُولي العزم ـ فهم أفضل من الأئمّة ـ وبعضهم إلى مساواتهم، وكما ذكرنا سابقاً فإنّ أكثر المتأخّرين على أفضلية الأئمّة على أُولي العزم وغيرهم، وهو الرأي الصحيح.

وهناك الكثير من الأدلّة على أفضلية الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) على جميع الأنبياء والمرسلين، أعرضنا عن ذكرها خوف الإطالة عليك، وللتعرّف على المزيد راجع الكتب الآتية:

اللمعة البيضاء للتبريزي الأنصاري، أفضلية الأئمّة(عليهم السلام) لمركز المصطفى، تفضيل الأئمّة(عليهم السلام) للسيّد علي الميلاني.

__________________
۱ـ معاني الأخبار: ۱۰۸٫
۲ـ الكافي ۱/۲۳۰٫
۳ـ تاريخ ابن خلدون ۱/۳۲۵، فيض القدير ۱/۲۱٫
۴ـ اللمعة البيضاء: ۲۱۷٫