عقيدتنا في صفات الله

السؤال:

هل الإمامية تنفي الصفات في باب الصفات والذات الإلهية ؟

 

الجواب:

أفضل جواب على استفساركم ما كتبه عالم وباحث الإمامية الشيخ محمد رضا المظفر في كتابه ( عقائد الإمامية ) حيث قال :

( ونعتقد أن من صفاته تعالى الثبوتية الحقيقية الكمالية ، التي تُسمَّى بصفات ( الجمال والكمال ) .

كالعلم ، والقدرة ، والغنى ، والإرادة ، والحياة ، هي كلها عين ذاته ، ليست هي صفات زائدة عليها ، وليس وجودها إلا وجود الذات .

فقدرته من حيث الوجود حياته ، وحياته قدرته ، بل هو قادر من حيث هو حي ، وحي من حيث هو قادر ، لا اثْنَيْنِيَّة في صفاته ووجودها ، وهكذا الحال في سائر صفاته الكمالية .

نعم ، هي مختلفة في معانيها ومفاهيمها ، لا في حقائقها ووجوداتها ، لأنه لو كانت مختلفة في الوجود وهي بحسب الفرض قديمة وواجبة كالذات لَلَزِم تعدد واجب الوجود ، ولانْثَلَمت الوحدة الحقيقية ، وهذا ما ينافي عقيدة التوحيد .

وأما الصفات الثبوتية الإضافية ، كالخالقية ، والرازقية ، والتقدم ، والعِلِّيَّة ، فهي ترجع في حقيقتها إلى صفة واحدة حقيقية ، وهي القَيُّومِيَّة لمخلوقاته .

وهي صفة واحدة تنتزع منها عِدَّة صفات ، باعتبار اختلاف الآثار والملاحظات .

وأما الصفات السلبية التي تسمى بصفات ( الجلال ) ، فهي ترجع جميعها إلى سلب واحد هو سلب الإمكان عنه .

فإن سلب الإمكان لازمة بل معناه سلب الجسمية ، والصورة ، والحركة ، والسكون ، والثقل ، والخفة ، وما إلى ذلك ، بل سلب كل نقص .

ثم إن مرجع سلب الإمكان في الحقيقة إلى وجوب الوجود ، ووجوب الوجود من الصفات الثبوتية الكمالية ، فترجع الصفات الجلالية ( السلبية ) آخر الأمر إلى صفات الكمالية ( الثبوتية ) .

والله تعالى واحد من جميع الجهات ، لا تَكَثُّر في ذاته المقدسة ، ولا تركيب في حقيقة الواحد الصمد .

ولا ينقضي العجب من قول من يذهب إلى رجوع الصفات الثبوتية إلى الصفات السلبية ، لما عَزَّ عليه أن يفهم كيف أن صفاته عين ذاته .

فتخيَّل أن الصفات الثبوتية ترجع إلى السلب ، ليطمئن إلى القول بوحدة الذات وعدم تكثرها .

فوقع بما هو أسوأ ، إذ جعل الذات التي هي عين الوجود ، ومحض الوجود ، والفاقدة لكل نقص وجهة إمكان ، جعلها عين العدم ، ومحض السلب .

أعاذنا الله من شطحات الأوهام وزلات الأقلام .

كما لا ينقضي العجب من قول من يذهب إلى أن صفاته الثبوتية زائدة على ذاته فقال بتعدد القدماء ، ووجود الشركاء لواجب الوجود .

أو قال بتركيبه تعالى عن ذلك .

قال مولانا أمير المؤمنين وسيد الموحدين ( عليه السلام ) :

( وَكمالُ الإِخلاصِ لَه نَفي الصِّفات عَنه ، بِشَهادة كُلِّ صِفة أنها غَير المَوصُوف ، وشَهادة كُل موصوف أنه غير الصِّفة ، فَمَن وَصَفَه سبحانه فَقَد قَرَنَه ، ومن قَرَنه فقد ثَنَّاه ، ومَن ثَنَّاه جَزَّأه ، ومَن جَزَّأه فَقد جَهِلَه… ) ) .