أهمية الخمس وكيفية إخراجه

السؤال:

أُريد توضيحاً عن الخمس ، وكيفية إخراجه ؟

 

الجواب:

قال الله تعالى : ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِالله ِ ) (1) .

الخمس من الفرائض الإسلامية والواجبات الدينية على كلّ مسلم ومؤمن ، ومن منع منه درهماً أو أقل ، أو من كان مستحلاً ذلك كان من الكافرين ، وأنكر ضرورياً من ضروريات الدين ، وأصبح من المرتدّين ، وعليه لعنة الله إلى يوم الدين .

فعن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال عندما قرأت عليه آية الخمس : « ما كان لله فهو لرسوله ، وما كان لرسوله فهو لنا » ، ثمّ قال : « لقد يسّر الله على المؤمنين أنّه رزقهم خمسة دراهم ، وجعلوا لربّهم واحداً ، وأكلوا أربعة حلالاً » ، ثمّ قال : « هذا من حديثنا صعب مستصعب ، لا يعمل به ولا يصبر عليه إلاّ ممتحن قلبه للإيمان » (۲) .

ويبدو أنّ إعطاء الخمس من مظاهر هذا الامتحان الإلهي ، فمن أعطى الخمس بطيب نفسه وابتهاج وسرور ، فإنّ ذلك من علامات الإيمان ، ولا يصبر عليه إلاّ ممتحن قلبه للإيمان .

وعن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) قال : « قال لي هارون : أتقولون أنّ الخمس لكم ؟ قلت : نعم ، قال : إنّه لكثير ، قلت : أنّ الذي أعطاناه علم أنّه لنا غير كثير » (۳) .

فمن أمثال هارون الرشيد الطاغية يصعب عليه الخمس ويراه كثيراً ، فكيف بمن ينكر ويمنع أصل ذلك ؟

والخمس كما في الآية الشريفة للأصناف الستة : لله وللرسول ولذوي القربى ـ وهم الأئمّة الأطهار ـ وما كان لله فهو لرسوله ، وما كان للرسول فهو للإمام المعصوم ( عليه السلام ) .

وقد تعارف بين المتشرّعة وجود سهم في زمن الغيبة الكبرى ، باسم سهم الإمام ، يصرف في ترويج الدين الإسلامي بإذن من مرجع التقليد الجامع للشرائط أو وكيله ، والنصف الثاني من الخمس يعطى للأصناف الثلاثة الأُخرى المذكورين في الآية الشريفة من الهاشميين بدلاً من الزكاة ، لأنّها من غيرهم تحرم عليهم ، ويسمّى هذا القسم : بسهم السادة .

فالخمس من الفرائض المؤكّدة المنصوص عليها في القرآن الكريم ، وقد ورد الاهتمام الكبير بشأنه في كثير من الروايات المأثورة عن أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وفي بعضها اللعن والويل والثبور على من يمتنع من أدائه ، وعلى من يأكله بغير استحقاق .

فمن كتاب لإمامنا المهدي ( عليه السلام ) قال : « ومن أكل من أموالنا شيئاً ، فإنّما يأكل في بطنه ناراً » (۴) .

وقال ( عليه السلام ) أيضاً في كتاب آخر : « بسم الله الرحمن الرحيم : لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على كلّ من أكل من مالنا درهماً حراماً » (۵) .

وقال ( عليه السلام ) أيضاً : « وأمّا المتلبّسون بأموالنا فمن استحلّ منها شيئاً فأكله ، فإنّما يأكل النيران » (۶) .

فيا ترى ، فهل يعيش برغد وسعادة من يمنع الخمس ؟ وأنّى يكون ذلك وصاحب العصر والزمان ( عليه السلام ) يدعو عليه ؟ وطوبى لمن أدّى خمسه ، وشمله دعاء مولاه ، فكيف لا يسعد ولا يوفّق في حياته ، ولا يعيش بهناء في الدنيا ، وجنّات عرضها السماوات والأرض في الآخرة .

وهذا المال ممّن ؟ أليس من الله سبحانه ؟ فلماذا يبخل الإنسان ؟

وإن قيل : إنّما هو بكدّي وعرق جبيني ، فنقول : وممّن الحول والقوّة ؟ وممّن الصحّة والعافية ؟ وممّن التوفيق ؟ فلماذا لا نطيع ربّ العالمين ؟ ولماذا البخل ؟ وما قيمة المال بلغ ما بلغ ؟ فكيف لو كان ذلك موجباً لدعاء صاحب الأمر ( عليه السلام ) عليه ، فيما لم يودّ حقوقه الشرعية ؟ وفي المال حقّ للسائل والمحروم ، وما ثمن المال لو كان عاقبته النيران والويل ، ولعنة الله والملائكة والناس أجمعين .

وجاء في تفسير القمّي عندما يسأل أهل النار > مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ < (7) ؟ فمن أجوبتهم ، يقولون : > وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ < (8) قال : « حقوق آل محمّد ( صلى الله عليه وآله ) من الخمس لذوي القربى ، واليتامى والمساكين ، وابن السبيل ، وهم آل محمّد ( عليهم السلام ) » (۹) .

وجاء أيضاً في قوله تعالى : > وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ < (10) أي لا تدعوهم ، وهم الذين غصبوا آل محمّد حقّهم ، وأكلوا أموال اليتامى وفقراءهم ، وأبناء سبيلهم (۱۱) ، وهذا من التأويل أن لم يكن من التفسير ، فتدبّر وأمعن النظر ، فلا يقل الخمس عن الزكاة في القدر ، ولا في الحكمة والأثر .

وأمّا كيفية استخراج الخمس ، فإنّه مذكور بالتفصيل في الرسائل العملية لمراجعنا الكرام ، فمن لم يستخرج خمسه من قبل ـ أي من سنّ البلوغ ـ إلى يوم إعطاء الخمس ، فإنّه يقيّم جميع ما يملك ، ثمّ يتصالح مع المجتهد أو وكيله ، ثمّ بعد أن يقرّر لنفسه تاريخاً لخمسه في كلّ عام ، في ذلك التاريخ يستخرج خمس أمواله الزائدة عن المؤنة مطلقاً ـ سواء كانت نقدية أو غيرها ، منقولة أو غيرها ـ ولابأس بالمراجعة إلى علماء بلدتك بمن تثق بهم للمحاسبة ، واستخراج الخمس .

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(۱) الأنفال : ۴۱ .
(۲) بصائر الدرجات : ۴۹ .
(۳) بحار الأنوار ۴۸ / ۱۵۸ .
(۴) كمال الدين وتمام النعمة : ۵۲۱ .
(۵) المصدر السابق : ۵۲۲ .
(۶) المصدر السابق : ۴۸۵ .
(۷) المدّثّر : ۴۲ .
(۸) المدّثّر : ۴۴ .
(۹) تفسير القمّي ۲ / ۳۹۵ .
(۱۰) الفجر : ۱۸ .
(۱۱) تفسير القمّي ۲ / ۴۲۰ .